برعم الشعر يرافقها دائماً ويكتبها أحياناً..الشاعرة خلود قانصو: يمكن للإلقاء أن لا يوظّف الكادر الفنّي المنشود للقصيدة ما يضعفها ويبعدها عن ذهن المتلقي قبل أن تصل إليه
حاورها: محمد عمرو
خلود قانصو، شاعرة واعدة، تشقّ طريقها نحو النجاح بخطوات مدروسة، تؤمن بأن لقب شاعرة مسؤولية كبيرة، يحتاج إلى الكثير من الجهد، لكنها تكتب القصيدة لكل إنسان مثلها، فهي لا تكتب الشعر وإنما الشعر هو من يكتبها… وكل أملها أن تلامس قصائدها أرواح المتلقين. تعترف بخجلها على المنبر ولكنها تسعى دوماً نحو الأفضل، لم تحدد موقفها من المشهد الثقافي، ولكنها تقول إنه بحاجة إلى إعادة تأهيل… تؤمن بحرية المرأة ولكن الحرية لا تعني بالنسبة إلبها الانفلات الأخلاقي.
تعرّف عن نفسها بأنها إنسانة مفعمة بالنّور في هذا الكون المُظلِمْ، تُحيي أحلامَها وأحلام غيرها بالكتابة. من على منبر شهرياد كانت البداية مع الشعر حيث تقول: لستُ مَن أُقَدِّم نَفسي كَشاعرة، قصائدُنا وكلماتنا هي الّتي تقدِّمُنا، والمُستَمِعْ كذلك، ليس كلّ من كتبَ يستحقّ لقب شاعر، ما أكثرَ الشّعر وما أقلَّ الشّعراءْ.
والدها شاعِر كان له الفضل في توجهها نحو فنّ الكلمة والقصيدة، وتقول: في صِغري كان يصطحبني معه للأمسيات، ويشجّعني على إلقاء القصائد، لكنّي توقّفتُ فترة طويلة عن الكتابة بعدها. تأثّرتُ كثيراً بقصائد الشاعر السّوري نزار قباني، والشعراء المصريين فاروق جويدة، هشام الجخ، وعبدالله حسن.
تكتب خلود القصيدة لذاتها، وتكتب لكلّ إنسان وجعه يلامس وجعها، وفرحه كفرحها، وأحلامُه مثل أحلامها، وفي أحيانٍ كثيرة تشعر بأنها لا تكتب الشّعرَ، إنما الشِّعر هو الذي يكتبها. والقصيدة، بحسب قولها، إذا نبعت من القلب وتناولت قضايا معينة، الاجتماعية خاصّةً، تحدث الكثير من التغييرات.
وتقول حول المدارس الشعرية والنقد: لا أنتمي إلى مدرسة محددة، أحبّ كافة أشكال الكتابة، قصيدة النثر والتفعيلة، الموزون الفصيح والمحكي، لكنّي أجد نفسي في الشعر الفصيح أكثر.
أتقبّل النقد بكلّ رحابة صدر، الكلّ يحتاج إلى النقد، تستفزني المجاملات والإطراءات الخادعة، ويُعجبني النقد البنّاء. تعرّضت للنّقد في أمرٍ واحد هو خجلي على المنبر، لذا أسعى دائماً نحو الأفضل.
أحياناً لا بل كثيراً بعض القصائد لا ترسخ بذهن المتلقي، حيث ترى خلود أن السّبب وراء ذلك يعود إلى الإلقاء وضعف القصيدة على حدّ سواء، أحياناً تكون القصيدة مفعمة بالكلمات والصور التي يحتاجها المتلقي، لكن الإلقاء لا يوظّف هذه الصور بالشكل المطلوب، وبالتالي ضعف القصيدة يبعدها عن ذهن المتلقي قبل أن تصل إليه.
وتضيف: بعيدة كثيراً عن المشهد الثقافي، فالاقتراب منه يُشعِرُني أحياناً بالإحباط، وأحياناً بالكثير من الجمال، أرى أنّه بحاجة إلى إعادة تأهيل..
وحول مستقبلها الشعري تقول: لا أفكّر في مستقبلي الشّعري، لكن الجملة التي يقولها لي الكثيرون «أمامكْ مستقبل شعري مميّز» تعطيني أملاً وحياةً. لكن أمنيتي أن تُلامِسْ قصائدي أرواحَ المتلقّينْ، لأنّ أفراحنا وأحزاننا واحدة، والقصيدة مهمّتها التعبير عن كلّ ما يختلج النفوسْ. لا أظن أنّ لقب الشاعرة لقب سهل، إنه يحتاج الكثير الكثير من الجهد، وربّما لن أكتسبه، لكن أتمنى ذلك.
وفي حدود القصيدة تقول: القصيدة لا يحدّها حدّ، ولا تقيّدها العادات والتّقاليد، هي نسمة متمرّدة تأخذنا معها إلى الحريّة الخبيئة بين أنامل السّماءْ. أكتب كل ما أشعر أنني بحاجة إلى كتابته دون قيد ولا شرط.
وتعتبر أن المرأة هي قنديلُ الكون، وحريّتها واجب.. فالحرية هي حرية الرّوحْ، أن نكون أحراراً لا يعني أن نتفلَّتَ من الأخلاق، سلاح المرأة ثقافتها وعلمها، وهي النصف الأهم في بناء المجتمع. أن نكون أحراراً يعني أن نحبّ، أن نحلم، أن نبني حياةً بسيطةً تشبهنا.
قصيدة
«وعلى الطّريقِ
هناكَ.. في ظُلُماتِها
كَهلٌ شريدٌ
قد أبادتهُ المِحَنْ
فدنوتُ منهُ
وخلتُ أنّهُ بائسٌ
يرجو طعاماً
أو شراباً
أو سَكَنْ
قلتُ: انتَظِرْ
أهفو إليكَ بكسرةٍ
أو شربةٍ
ترويكَ من ظمأِ الزَّمنْ
قال: اصبري،
ما جئتُ أسألُ عن رغيفٍ
جئتُ أبحثُ عن وطنْ».