«بدبلوماسية» المنبر الذي أزعج «إسرائيل»

نمر أبي ديب

كشفت صحيفة The Times Of Isreal من خلال أفرادها مقالاً كاملاً عن الحلقة السابعة والثلاثين من برنامج «بدبلوماسية» للكاتب «مايكل باخنر» البعد الحقيقي للقلق الإسرائيلي النابع من أعماق المشهد الوجودي من جوهر الأزمة التاريخية التي يعيشها هذا الكيان مع محيط لا يمكنه التعايش أو التأقلم مع عنصرية دولة بلغت فيها ومن خلالها الهمجية حدود الاستباحة الكاملة للأرض والمقدسات. هذا القلق الحقيقي نابع من خلاصة تجربة كتبتها جبهات المواجهة العسكرية في حرب تموز، من صمود أسطوري رافقه احتضان شعبي مرفق بمناعة داخلية عكست الحضور الحقيقي للمسؤولية الوطنية، من ثقافة انتماء وطني عابر للطوائف والمناطق من نَفَس ممانع مقاوم أعلن من خلاله ضيف برنامج «بدبلوماسية» الطفل اللبناني الزغرتاوي «مارك بو ديب» أن «إسرائيل عدو» في موقف طفولي هزّ «إسرائيل» وأنتج على المستوى الإقليمي والدولي حالة من الاستنفار الإعلامي شملت في الساعات الأولى للحلقة، إضافة للصحيفة الإسرائيلية The Times Of Isreal التي أفردت مقالاً كاملاً عن الحلقة للكاتب «مايكل باخنر».

وكالة سبوتنيك الروسية التي توقفت عند الحلقة وما نقلته الصحافة الإسرائيلية صحيفة The Natoin الأميركية وصحيفة Pakistan defense إضافة لصحف هندية ومواقع عالمية أفردت على صفحاتها مساحات للحديث عن الحلقة التي أزعجت «إسرائيل».

قد يبدو للبعض أن الكلام الصادر عن الطفل اللبناني «مارك بو ديب» في برنامج «بدبلوماسية» توصيف عابر من طفل لا يتجاوز الثماني سنوات، ولكن عندما نعي جيداً حجم التعاطي العالمي مع هذه الحلقة وما نتج عنها من حراك إسرائيلي كبير على شبكات التواصل الاجتماعي ندرك حجم الإصابة البالغة التي حققها «مارك» في موقفه «إسرائيل عدو» والسيد حسن نصرالله «مقاوم» في بنية الوعي الإسرائيلي القابض دائماً على زناد المتابعة الدقيقة للملف اللبناني. فالكلام الصادر عن طفل لا يتجاوز الثماني سنوات القادم من بيئة مختلفة ومساحة جغرافية بعيدة عن رقعة التصادم المباشر مع فلسطين المحتلة عكس البعد التجذّري للنفس المقاوم الموجود في بيئته. وأكد في الوقت نفسه على أن الحالة التي كوّنها «مارك» غير محصورة في بيئة أو منطقة لبنانية، إنما هو نموذج وطني قرأت «إسرائيل» وجوده بتمعّن على مساحة الجغرافيا اللبنانية وحتى في بلاد الانتشار.

مما لا شك فيه أن الاشتباك الصامت أو ما يُسمّى بالحرب الباردة بين المقاومة في لبنان و»إسرائيل» لم تتوقّف يوماً بل دخلت بعد حرب تموز بعداً آخر نتيجة الاحتضان اللبناني لشعب المقاومة، حيث تخطى على أثره الفعل الإسرائيلي دائرة العبث الممنهج في بيئة حزب الله الداخلية إلى العمل بتوجه استراتيجي جديد يهدف إلى إيجاد شرخ عمودي فكري ونفسي بين المقاومة وبيئتها اللبنانية الحاضنة ما يشكل بالنسبة للإسرائيلي لو حدث مقدمة تفكك داخلي تؤمن عوامل التخلي السياسي عن حزب الله وتمهّد لإضعافه ومن ثم الاستفراد به في أي مواجهة عسكرية مقبلة. فماذا كانت النتائج؟

بالنسبة لـ»إسرائيل» حملت كلمات الطفل الزغرتاوي يقين التفوّق النوعي لحزب الله في معركة الوعي الوطني القادر على استيعاب البعد الحقيقي للصراع القائم وملامسة خلفياته التاريخية القادر من خلالها على تحديد العدو وتمييز الصديق في أخطر مرحلة من تاريخ الصراع العربي مع «إسرائيل» مرحلة الهرولة العربية على مسار التطبيع بالتزامن مع الصمت العربي القاتل، وسط حضور عالمي فاعل مؤثر وداعم لصفقة القرن الأميركية.

قدّم «مارك بو ديب» في بطولة العالم للشطرنج للفئات العمرية 8 و10 و12 سنة التي جرت في بلدة سانتياغو دي كومبوستيلا قرب العاصمة الاسبانية مدريد درساً عالمياً في رفض التطبيع استكمله على شاشة OTV في برنامج بدبلوماسية مع الكاتبة السياسية الإعلامية «روزانا رمال» بترجمة فعلية للمعادلة الذهبية «جيش شعب مقاومة» في مشهد أساسي مثمر ومكمل لمسيرة الانتصار التاريخي على «إسرائيل» مشهد أربك الكيان وأدى إلى حالة من الاستنفار الداخلي عكست حجم الخيبة وكشفت عمق الخسارة الإسرائيلية مع لبنان في هذه الجولة.

بالرغم من صغر سنّه أنهى الطفل اللبناني الزغرتاوي «مارك بو ديب» مفاعيل مرحلة طويلة من العمل المؤامراتي الهادف إلى تشويه صورة المقاومة وإفقادها رمزيتها وهيبتها في الداخل اللبناني والخارج حين رفض الاعتراف بوجود «إسرائيل» على طاولة الشطرنج لاعب في صراع الأدمغة وأيضاً حين أكد من على منبر بدبلوماسية بصوته الطفولي الخافت أن «إسرائيل عدو» والسيد حسن نصرالله «مقاوم» لتبدأ مع كلماته مرحلة قلق إسرائيلي جديد نابع من عمق الوعي اللبناني المقاوم القادر على صياغة وتنفيذ مقدّمات النصر في ميادين المواجهة المختلفة من عسكرية وغيرها.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى