يا جندياً من جيش بلادي بالبندقية والرغيف وقطرة الماء أعطيت الطمأنينة والحياة
اياد موصللي
تحية لك وأنت تتعطي خبزك لفتاة يتيمة بائسة متسوّلة وتطفئ جوعها وتسقي ظمأها، كما سقيت أرض وطنك بدمائك النقية وبروحك السخية.
انت المؤمن بأنّ الدماء التي تجري في عروقنا، هي وديعة شعبنا ووطننا عندنا متى طلبتها وجدها…
تحية لك وأنت ترى فتى متسوّلاً يبحث عن طعام يسدّ به جوعه وجوع أهله وعائلته وكنت عائداً الى بيتك بعد انتهائك من أداء واجبك حاملاً ما يحتاجونه من خبز وطعام من حاجتك. سددت حاجة طفل متسوّل من فمك. ملأت فمه أعطيته ما كنت تحمل ليذهب به الى أهله. ما أروعك وأروع قيادتك التي أكبرت فيه ما فعلت فكافأتك مسلكياً.. فنحن جيش يصنع الحياة ويحميها. يصون القيم والمثل، الجندي هو ابن مدرسة الحياة مصنع الرجولة، مؤسسة الجيش التي أعطت لهذا الوطن قدوة قلّ نظيرها أثبتت لنا عبركم أنّ فينا قوة لو فعلت لغيّرت تاريخ المآسي والحقد والتفرقة وصانت الكرامة…
أحببت الأرض التي تمشي عليها وهي تهتزّ تحت وطأة خطواتك الواثقة تشرئب روحك وينتصب جسدك فأنت نسيج الآلهة.. وهبت الروح والذات، سهرت الليالي ويدك على الزناد، ليهنأ أطفالنا ولنطمئن في الرقاد..
أصلي لك، ابتهل كلما وضعت رأسي على الوسادة وأقول:
سر في دربك، فأنت لا تعرف سواه درباً… الصبر والثبات والشجاعة في الهجوم كما خلف المتراس، شجاعة المقاتل وشجاعة المواطن المتخلق بالعفة والنخوة والنجدة وعشق الأرض والعطاء من أجلها سلماً وحرباً. المنتصر على أهواء النفس ومذلة الولاء للساسة والزعماء، المترفع على مغريات العيش المؤمن انّ مغانم الحياة هي التضحية حتى الشهادة وسحق للأنانية وحب الذات.
كم أنت عظيم يهتف باسمك أطفالنا وتهفو نحوك قلوبنا وتدمع العين بابتسامة الفرح لرؤياك.. نصلي لك بترانيم الحب رغيف الخبز وقطرة الماء التي سدّت جوعاً وروت عطشاً هي صورة كبيرة لمعنى عظيم. لقد عرفناك بطلاً سخياً تطعم الجائع وتسقي العطشان.
لقد غيّرت الكثير من الصور وبدّدت الكثير من رواسب النفوس، رسمت أمامنا أفقاً جديداً لمستقبل نبتسم له وهو يلقانا بإشراقة فجره. ليس وأنت تقابل عصابة وعدواً بل بتقديم دمك لحماية طفل وامرأة وشيخ كان بإمكانك الهدم والتدمير والسحق والقتل للقضاء على حفنة مجرمة ولكنك كنت جندياً إنساناً تحمي شرفك ومواطنيك واللائذين بحماك ولو دفعت الثمن غالياً.
ما أعظمك يا جندياً من بلادي ستكون مثلاً ومدرسة وكتاباً، ستكون غرسة باسقة لجيل جديد..
ما صنعته هو من خصال الأسخياء، تعلمت كيف تعطي بسخاء بالروح والجسد والطعام والماء. أخلاق تعلمتها في مدرسة الرجولة مدرسة الجيش.
لقد انتصرت على النفس فسيطرت على الزناد ولم تطلق إلا حيث هدفك واضح لئلا يسقط ضحايا وأبرياء، وسقطت أنت بطلاً نشأنا ونشأ وسينشأ أولادنا وهم يرون فيك بطلاً في الملمات ملاك رحمة وإسعاد.
هكذا كان في كلّ ميدان لجيشنا وجود عبر الحاضر والماضي، وجود فرضه بروحه السخية بعطائه وتضحياته، وأشعرت مواطنيك بالدفء والطمأنينة ولسان كلّ فرد في الجيش يردّد:
بلادي بلادي فداك دمي.. لك روحي وكلّ ما أملك في كلّ ميدان، لجيشنا وجود عبر الماضي والحاضر، وجود سجله بسخاء النفس وكرم العطاء بالروح والزند على الحدود وفي المدن.. يفرض الأمن ويهبّ منجداً منقذاً إذا حصلت الكوارث.. سخيّ الجهد في مجابهة غدر الطبيعة والزمان.. لا نزال نذكرك في المدن والقرى والأودية والجبال تهبّ زاحفاً لإنقاذ أهلك ومواطنيك يوم الزلزال العنيف المدمّر الذي ضرب لبنان في الخمسينات..
قاومت أخطار الطبيعة مسعفاً الجرحى منقذاً الأحياء تحت الدمار عاملاً لرفع الأنقاض..
استبدلت ثياب القتال بأثواب الممرّضين وأصبحت بين الأسرّة في المستشفيات تضمّد وتمرّض. ستبقى أنشودتنا وأملنا وحلمنا بمستقبل واعد.. قيادتك ومؤسّستك مدرسة الحياة. هذه المؤسسة الشامخة رسمت خطى أولادنا في وطن يحمل عزتنا ونصون برحابة كرامتنا..
انتم تستحقون كلّ تكريم ليس لأنكم قدّمتم رغيف خبز وقطرة ماء فقط بل لأنكم قدمتم لنا الدماء أزكى شهادة في الحياة.
تحية لقيادة أتقنت بناء الجسد والروح…