مقابلة السيد نصرالله… أول قائد عربي بعد عبد الناصر يستحوذ الاهتمام «إسرائيلياً» وعربياً
حسن حردان
احدثت مقابلة الأمين العام لحزب الله، سماحة السيد حسن نصرالله، على قناة «الميادين»، في حوار العام، ما يشبه الزلزال في كيان العدو الصهيوني.. فقد شغلت اهتمام المعلقين والمحللين الصهاينة، واحتلت مساحة مهمة من التغطية في وسائل الإعلام «الاسرائيلية» والعربية والعالمية على نحو غير مسبوق.. وأجبرت الجمهور الصهيوني وقادة العدو على التسمّر امام شاشات التلفزة لمدة تقارب الثلاث ساعات لمتابعة المقابلة والاستماع لكلّ كلمة يقولها قائد المقاومة.. حتى يمكن القول انّ السيد حسن نصرالله هو أول قائد عربي يستحوذ على مثل هذا الاهتمام لما يقوله، بعد الرئيس الراحل جمال بعد الناصر.. وطبعاً يعود ذلك إلى المصداقية التي يتمتع بها، ودوره القيادي وتأثيره في صنع الأحداث باعتباره أحد قادة محور المقاومة الذي نجح في صنع الانتصارات المتتالية وتغيير المعادلات وموازين القوى في الصراع العربي الصهيوني، وفي الصراع ضدّ القوى الاستعمارية ووكلائها من التنظيمات الإرهابية التي هُزمت في سورية ما أدّى إلى إلحاق هزيمة استراتيجية كبرى بالمشروع الأميركي «الإسرائيلي»، وإيجاد بيئة استراتيجية جديدة في المنطقة لمصلحة محور المقاومة تحاصر كيان العدو الصهيوني المحتلّ لفلسطين وأجزاء من جنوب لبنان والجولان العربي السوري، وذلك على نحو غير مسبوق في الصراع العربي الصهيوني.. إلى جانب إضعاف النفوذ الأميركي الغربي الاستعماري وإجبار الولايات المتحدة على الانكفاء والتراجع واتخاذ قرار الهروب من سورية خوفاً من التورّط في حرب استنزاف كبرى طويلة لا قدرة لها على تحمّل تكاليفها المادية ولا تحقيق النصر فيها، فيما هي لا تزال تعاني من تداعيات نتائج هزيمتها في العراق وأفغانستان اللتين كلفتا عدة تريليونات من الدولارات كما قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب..
على انّ كلام السيد حسن نصرالله أكد انتصار محور المقاومة في سورية.. والهزيمة الاستراتيجية لـ «إسرائيل»، وعكس في الوقت نفسه الثقة العالية بقدرات محور المقاومة وامتلاكه الجهوزية الكاملة لخوض أيّ حرب قد يجرّ إليها نتنياهو المنطقة، اذا أخطأ في حساباته.. وأثبت سماحة السيد أنه أستاذ في الحرب النفسية يعرف كيف يلتقط نقاط ضعف قادة العدو ويحرّض الجمهور الصهيوني ضدّهم.. عندما أظهرهم بأنهم يكذبون على هذا الجمهور… ويدّعون أنهم حققوا انتصارات وهمية في ما أسموه عملية درع الشمال، او في الاعتداءات على سورية، التي لم تنجح في منع وصول الصواريخ الدقيقة الينا، كاشفاً بأنّ قادة العدو إنما يسعون من وراء كلّ ذلك الى تحقيق مصالحهم الخاصة.. مؤكداً انّ المقاومة باتت تملك كلّ ما تحتاجه، في ايّ حرب مقبلة، من صواريخ دقيقة وغير دقيقة.. وعلى جدول أعمالها السيطرة على الجليل في شمال فلسطين المحتلة..
ويمكن القول إنّ محاولات قادة العدو رسم الأوهام لدى الرأي العام الصهيوني، حول صحة قائد المقاومة، تبدّدت وأدّت إلى نتائج عكسية مع إطلالة السيد نصرالله والتغطية الإعلامية الاستثنائية الواسعة التي حظيت بها مقابلته بعد أشهر من الصمت.. وتجلى ذلك في الخلاصات التالية:
أولاً: تركيز المعلقين والمحللين الصهاينة على حديث السيد نصرالله على الفشل الإسرائيلي الاستخباراتي، والقول انّ أيزنكوت ويعالون والجميع من القيادات العسكرية والسياسية يكذبون على الإسرائيليين…
ثانياً: أنّ أمين عام حزب الله «لم يتلق صفعة عام 2006 وأنه نجح في خلق معادلة ردع مقابل إسرائيل تمنعها من شنّ هجوم بسبب الخوف من حرب أخرى والقصف العنيف من حزب الله على اسرائيل».
ثالثاً: إنّ السيد حسن نصرالله «عندما ينوي احتلال تحرير الجليل سيعطي الأمر وانّ الأمر ليس معقداً..
رابعاً: تفاعل الرأي العام على مواقع التواصل بشكل استثنائي مع كلّ موقف وكلمة في الحوار لا سيما الإشارة إلى الآية المعلقة التي ظهرت في مكان المقابلة «سندخلها آمنين»…
أما الصحافة الغربية، لا سيما الأميركية والبريطانية والفرنسية، فقد كان لافتاً أنها ركزت في تغطيتها للمقابلة على مسألة الاكتشاف الإسراىيلي للأنفاق وسخريتة من الأمر الذي عدّه فشلاً استخباراتياً، وان محور المقاومة سيردّ على الاعتداءات «الاسرائيلية» في سورية وانّ الردّ سيطال تل أبيب..
من الواضح أنّ كلام السيد فعل فعله، ليس فقط في داخل كيان العدو الصهيوني، بل أيضاً في العالم العربي، وهو بالقدر الذي أدّى إلى النجاح في تعميق الشرخ وعدم الثقة بين قيادات العدو والجمهور «الإسرائيلي» وزاد من قلقه من عدم قدرة الجيش «الإسرائيلي» على حمايته من تأثيرات أيّ حرب مقبلة خصوصاً بعد أن سمع من السيد حسن نصرالله بأنّ المقاومة باتت تملك القدرات الكافية لضرب أيّ هدف في فلسطين المحتلة من الشمال إلى الجنوب مروراً بالوسط، فإنّ قائد المقاومة نجح أيضاً في استنهاض الجمهور العربي ورفع معنوياته بأن عزز الثقة لديه بقدرات المقاومة ومحورها على تحقيق المزيد من الانتصارات، والجاهزية لمواجهة أيّ حرب صهيونية قد يقدم عليها رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو هرباً من أزمته الداخلية، والاستعداد لدى المقاومين لتحرير الجليل في شمال فلسطين المحتلة في مؤشر إلى أنّ قوة المقاومة قد ازدات بعد الحرب الإرهابية الكونية على سورية وانّ الجيش السوري أصبح أكثر قدرة قتالية وتسليحية وخرج من الحرب أقوى مما كان عليه قبل عام 2011 وقد بات يملك قدرات ردعية في مواجهة العدوانية الصهيونية تشل قدرة الطائرات الصهيونية على تحقيق أهدافها وصولاً إلى إسقاطها وهو ما يثير قلق قادة العدو الصهيوني ويجعلهم في حالة من التخبّط والاضطراب والخوف من نتاىج ومضاعفة ذلك على مستقبل وجود الكيان الصهيوني، لا سيما مع تراجع النفوذ الأميركي في المنطقة والعالم…
كاتب وإعلامي