حرب القلمون الثالثة تقترب… وحوار حزب الله ـ المستقبل

كتب المحرر السياسي:

يضع الرئيس سعد الحريري فريقه المصغر في أجواء النجاح الذي حققه، كما في ترشيح الرئيس السابق ميشال سليمان بترجيح كفة العماد جان قهوجي لرئاسة الجمهورية، ويشرح لفريقه معنى التركيز على تكرار تعبير صفة المرشح القوي، مع إضافة جملة «بصفاته القيادية»، وأن هذا التفاهم جرى مع السعودية وفرنسا ونال الضوء الأخضر لطرحه في التداول من واشنطن، من دون التزام أميركي بالثبات أو بالأحادية، لكن بإعطاء الفرصة لتسويق الاسم وإعلان القبول إذا تم النجاح بإنضاج الطبخة الرئاسية على اسمه.

يتوقع الحريري أن يكون النائب وليد جنبلاط إيجابياً بعدما ثبت أن الفيتو على العسكر عنده كان مجرد سلاح بوجه العماد إميل لحود، وإعادة التذكير به بمواجهة العماد ميشال عون متحدثاً عن رفضه لرئيس من أصول عسكرية.

الحريري ليس واثقاً من تجاوب حزب الله والرئيس نبيه بري، على رغم قوله إن معلوماته بأن لا فيتو لأحد على الجنرال قهوجي، بعدما صححت معركة طرابلس صورته في عين حزب الله، إثر شكوك أثارتها معركة عرسال، وأن موقف قهوجي الإيجابي من الهبة الإيرانية لتسليح الجيش، على رغم عدم حرارته تجاهها كحال الهبة السعودية، ربما يجعل الإيرانيين يتبنون الترشيح أو يدفعون لإعادة النظر بالموقف من ترشيح الجنرال قهوجي.

العقدة عند الحريري هي في موقف العماد ميشال عون وربما قائد القوات ونسبياً رئيس الكتائب، وبسبب موقف عون لن يكون النائب سليمان فرنجية متجاوباً، فالأربعة الموارنة الأقوياء، برأيه سيجعلون الأمر صعباً نسبياً، لكن موقف بكركي الذي يتحدث الحريري بثقة عن وقوفه مع هذا الترشيح سيوفر التغطية المسيحية اللازمة ويفتح الطريق للبحث الجدي به كخيار.

الاستعداد للقنوات الرئاسية، على رغم عدم ربطها حريرياً بما يجري من تفاوض إيراني أميركي، وانفتاح خطوط التسويات، خصوصاً في الملف السوري، يطرحه المصريون كأفق لا يملك مقدمات راهنة، ولا يوجد حتى في مسقط من سمع كلاماً أميركياً إيرانياً عن لبنان، على رغم المناخات التي تسود القاهرة ومسقط عن الحاجة لولادة ثنائية، بين العاصمتين، تضبط من الجهة المصرية، التشاور مع خط واشنطن الرياض، بينما تضبط من مسقط خط واشنطن طهران.

مسقط مصر ثنائية عاصمة صغيرة ودولة كبيرة، تختصرها الميم ميم المرشحة لوراثة معادلة سين سين، كما يقول سفير عربي مخضرم في بيروت، فأزمات اليمن، وسورية ولبنان، تحتاج هذه الثنائية.

اقتراب خط التسويات في قوس الزمن المتبقي من هذا العام، يتزامن مع اقتراب الثلوج من التساقط في منطقة القلمون التي بدأت عمليات التسخين العسكري فيها تتناسب عكساً مع درجات الحرارة المنخفضة التي تفرضها الطبيعة، وبصورة تتناسب عكساً أيضاً مع الارتفاعات التي يتمركز فيها المسلحون التابعون لـ«النصرة» و«داعش».

نصف العدد هناك من أبناء مدينة القصير وجوارها، ويوجهون الإنذارات لقادتهم، ما لم يكن هناك أفق لبلوغ المناطق الدافئة وتأمين خط إمداد مفتوح نحو عرسال أو سواها، فهم سيكلفون أهاليهم بفتح قنوات التفاوض لتسوية أوضاعهم مع الدولة السورية، وهذا سيعني انهيار هذه القوة وتشظيها.

الخروج بتشكيلات عسكرية لمحاولة تقدم شاملة تضع هذه القوة أمام مخاطرة الدمار الشامل ما لم تكن الخطة محسوبة، والرهائن العسكريون لن ينفع الاحتفاظ بهم لشراء أمن العملية، ولا التخلص منهم سيحفظ أمن المسلحين ومستقبلهم، لذلك كان الرهان على إشغال ذي قيمة للجيش والمستوى السياسي اللبناني في العمق، بدءاً من الشمال أو الجنوب، وبات واضحاً أن الأفق مسدود لتكرار المحاولة. ويؤكد مرجع أمني رفيع لـ «البناء» أن الوضع تحت السيطرة على جبهات طرابلس والشمال، كما في جبهة شبعا والعرقوب، وأن رسائل الردع التي وجهتها المقاومة والجيش تتكفل بجعل القوى المتمسكة بالقرار 1701، تتحمل مسؤولياتها أيضاً لمنع أي عبث «إسرائيلي» لأنه سيعني سقوط القرار كما تبلغت هذه القوى الدولية مباشرة.

لذلك يصير الخيار المتاح لمسلحي القلمون تسخيناً شاملاً لخطوط التماس مع الجيشين اللبناني والسوري وحزب الله، والبحث بالنار عن نقاط ضعف، تسمح بأي اختراق، وتتوقع مصادر عسكرية أن تتواصل وتتصاعد هذه السخونة لتفرض مطلع الشهر المقبل استحقاقاً لا مفر منه هو حرب القلمون الثالثة.

حرب القلمون الثالثة تقترب، ومعها خطوات إيجابية لبدء الحوار بين تيار المستقبل وحزب الله، بعد الدعوة العلنية التي وجهها الأمين العام لحزب الله، تحت هذا العنوان في خطابه الأخير، لا شروط مسبقة، هو شرط الحوار الوحيد، لا شروط تتصل بالأزمة السورية وتداعياتها ولا بالرئاسة وترشيحاتها، وينطلق الحوار، كما تتوقع مصادر متابعة قبيل انفجار حرب القلمون الثالثة، وربما على إيقاع تصاعد نيرانها.

في الأثناء يبدو أن التحضيرات جارية لعقد الحوار المرتقب بين حزب الله وتيار «المستقبل» على رغم الأخير يتصرف على أن هذا الحوار لا يزال ينتظر إجراء الانتخابات الرئاسية. وعلى عكس ذلك، أكدت مصادر التيار لـ«البناء»: «أننا نسعى فعلياً للحوار مع حزب الله»، مشيرة إلى «أن التحضير لهذا اللقاء يتم عبر الاتصالات التي يجريها رئيس المجلس النيابي نبيه بري مع الحزب ومع الرئيس سعد الحريري عبر رئيس كتلة المستقبل النائب فؤاد السنيورة، مدير مكتب الحريري نادر الحريري». وألمحت المصادر إلى «تراجع في شروط «المستقبل»، لجهة تدخل حزب الله في سورية، فبعد أن كان التيار يدعو الحزب إلى الانسحاب الفوري من سورية، أصبح يريد وعداً من الحزب بأن لا يبقى في سورية إلى الأبد».

وأشارت المصادر إلى «أن الحوار غير مرتبط بالتفاهم الإيراني الأميركي، فصحيح أن التفاهم سينعكس إيجاباً على لبنان، إلا أن عدم التفاهم من شأنه أن يضغط من أجل الحوار لإبقاء الأوضاع مستقرة في لبنان لما فيه مصلحة للقوى المحلية والإقليمية».

حزب الله: الحوار مصلحة للجميع

من جانبها، أكدت مصادر مطلعة في حزب الله لـ«البناء» أننا كلنا معنيون بخطاب جديد وحوار جديد، وأن الحوار في طور الإعداد له عندنا وعند تيار المستقبل الذي يبدي استعداداً منذ الآن لبدئه»، لافتة إلى «أن الإبداع هو في محاولة إيجاد ما هو مشترك بيننا وبين المستقبل، فالحوار مصلحة للجميع وليس لطرف دون آخر».

وأكدت المصادر «أن الرئيس بري يلعب دوراً أساسياً في هذا الإطار» ، مشيرة إلى «أن لقاءه الأخير مع الرئيس السنيورة، كان قد سبقته لقاءات عدة بين الرجلين بحثت في ضرورة التواصل بين حزب الله وتيار المستقبل».

ورفضت مصادر «الحزب» ربط الحوار بالتخلي عن تبني ترشيح رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون لرئاسة الجمهورية. وذكّرت بـ«أن اللقاءات التي حصلت بين الرئيس الحريري ووزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل لم توصل إلى انتخاب رئيس للجمهورية، إلا أنها ساهمت في تشكيل حكومة من فريقي 8 و14 آذار في لحظة انقسام حاد»، مشددة على «وجود الكثير من الأمور العالقة التي بالإمكان التفاهم حولها، فموضوعات الحوار ليست متوقفة على رئاسة الجمهورية».

ورأت المصادر «أن من مصلحة تيار المستقبل أن يتعاطى مع قاعدته الشعبية بخطاب مختلف اتجاه شركائه في الوطن، لا سيما بعد أن تحول في مرحلة من المراحل إلى بيئة حاضنة للإرهاب الذي ذهب ضحيته عشرات الشهداء والجرحى من الجيش والمدنيين».

في الموازاة، أعلن نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم «أن الفترة المقبلة ستشهد جملة من اللقاءات والحوارات بين أطراف لم تكن تلتقي سابقاً بسبب بعض التشنجات أو بعض الاختلافات في الرؤى، وهذا يمكن أن يفتح الطريق لمرحلة جديدة إذا ما توافرت الإرادة الجدية».

وأشار إلى «أن مسار الرئاسة المتاح محدد ومعروف، ويمكن إنجازه بسرعة، وإلا سيطول الفراغ كثيراً بحسب ما هو ظاهر».

وفي السياق، جدد السفير الأميركي ديفيد هِلْ دعوة مجلس النواب إلى «انتخاب رئيس للجمهورية في أقرب وقت ممكن وبما يتوافق مع الدستور اللبناني». وأضاف: «إن انتخاب رئيس هو قرار يعود إلى اللبنانيين وحدهم، ولكن يجب عليهم أن يتخذوه». وشدد على «أن الولايات المتحدة ملتزمة الشراكة القوية مع الشعب اللبناني في المواجهة المشتركة لخطر التطرف».

ورأى السفير الأميركي في حوار مع اقتصاديين «أن مواجهة تنظيم داعش يجب ألا تقتصر على الحرب الميدانية، إذ أن الأهم منها محاربة العقيدة المتطرفة، من خلال نسف أسس التطرف والعنف وتوطيد القيم الإيجابية».

تفجير عبوة إرهابية بآلية للجيش

وفي موضوع متصل، تعرض الجيش أمس لاعتداء إرهابي جديد في عرسال، من خلال استهداف آلية عسكرية تابعة للفوج الخامس في عين عطا، وأسفرت عن إصابة 3 عسكريين بينهم ضابط برتبة مقدّم بجروح طفيفة.

وأوضحت قيادة الجيش أنه عند توجه دورية برفقة الخبير العسكري للكشف على موقع الانفجار، تعرّضت لإطلاق نار من قبل مسلحين في جرود عرسال، فردت عناصرها على مصادر النيران بالمثل، وقامت بملاحقتهم حيث فروا في اتجاه التلال والمرتفعات المحيطة بالبلدة.

وفي وقت لاحق، فكك الجيش عبوتين معدتين للتفجير بالقرب من مكان العبوة التي انفجرت صباحاً عند وادي الرعيان ووادي عطا، وزنة كل عبوة 3 كيلوغرامات.

في الأثناء كان لوزير الداخلية نهاد المشنوق موقف لافت تضمن تهويلاً من تداعيات الشهادات التي تدلى أمام المحكمة الدولية الناظرة في اغتيال الرئيس رفيق الحريري. واستبق المشنوق تلاوة الشهادات الجديدة قائلاً في مؤتمر حول إصلاح الأمن: «اليوم وغداً وبعد أسبوع سنسمع شهادات من المحكمة الدولية من أصعب ما يمكن علينا سماعها ونتمنى أن نتمكن من احتوائها في الداخل من دون أن تسبب أزمات جديدة»، مشيراً إلى أنه قرأ أمس أن الرئيس السوري بشار الأسد كان خطه المباشر على اتصال مع أرقام المتهمين باغتيال الحريري!

أبو فاعور: لوقف العهر السياسي والتجاري

إلى ذلك بقي الأمن الغذائي في دائرة الاهتمام وتابع وزير الصحة وائل أبو فاعور ملاحقة المؤسسات المخالفة وجديدها في بيروت وضاحيتها الجنوبية. وأشار أبو فاعور في مؤتمر صحافي من مصلحة الأبحاث الزراعية في الفنار إلى أنه «بعد الفجور الذي بدأ بعد إعلان نتائج فحص الغذاء كان المطلوب الاعتذار من المؤسسات الكبرى لأننا تكلمنا عن الموضوع»، لافتاً إلى أن «عدداً كبير من العينات تم رفضها والنتائج تم إعلانها عن عينات مستوفية الشروط وهي عينات سليمة مئة في المئة».

ولفت إلى أنه «تم الاتفاق مع مختبر الجامعة الأميركية وفي اليومين المقبلين سيتم العمل 24 ساعة لفحص المزيد من العينات».

وتمنى أبو فاعور «توقف العهر والفجور السياسي والعهر والفجور التجاري الذي يتم مواجهة الحملة فيه»، مضيفاً: «لم نستهدف أحداً من المؤسسات ومن لديه نتائج غير مرضية ليراجع الوزارة لإعادة الكشف وتبرئة ساحته وعدم المواجهة بالرشى والضغوطات»، مؤكداً أن «ما صدمه أن الكارثة الكبرى توجد في مزارع الدجاج».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى