وفد إيراني في دمشق… ماذا عن الرسائل!؟

هشام الهبيشان

تزامناً مع زيارة نائب الرئيس الإيراني إسحاق جهانغيري والوفد المرافق له إلى دمشق، والتي تمّ من خلالها توقيع 11 اتفاقية ومذكرة تفاهم وبرنامجاً تنفيذياً لتعزيز التعاون بين البلدين في المجال الاقتصادي والعلمي والثقافي والبنى التحتية والخدمات والاستثمار والإسكان، كان من الواضح انّ هذه الزيارة بتوقيتها وبمضمون الاتفاقيات المعلن عنها، جاءت لتحمل تأكيد طهران على دعمها المستمر للدولة السورية.. بعد كلّ الأقاويل والشائعات التي تحدثت عن تغيّر ما في موقف السوريين اتجاه الإيرانيين أو العكس، بعد حملة ضغوط أميركية مركبة الأهداف والعناوين اقتصادية سياسية على سورية. فدمشق وطهران خلال الفترة الأخيرة، كانتا مسرحاً لمجموعة لقاءات ثنائية، ومنطلقاً لطرح مجموعة رؤى، لكيفية التعامل مع ملف الإرهاب وملف إعادة الإعمار في سورية.

هذه الرسائل وترابط ثنائية الهدف والمنظور للأبعاد المستقبلية، للمشروع التكاملي الإيراني ـ السوري، تُظهِرُ في شكلٍ واضح، مدى التقارب في المواقف السياسية والأمنية والعسكرية والاقتصادية، بين الدولة الإيرانية والدولة السورية، وهذا ما ظهر جلياً من خلال زيارة الوفد الرسمي الإيراني الأخيرة إلى دمشق، والتي من المتوقع أيضاً أن تتبعها قريباً، زيارات أخرى متبادلة وعلى مستويات رسمية عليا، للتأكيد على حجم التقارب في الآراء وثبات الموقف الإيراني في خصوص الحرب على الدولة السورية، لدحض جميع الشائعات التي كانت تطلقها بعض وسائل الإعلام والصحف في الفترة الأخيرة، والتي كانت تروّج لإشاعات عن وجود تغيّر في الموقف الرسمي السوري اتجاه الوجود الإيراني في سورية، وخصوصاً بعد حديث إدارة ترامب وبضغط صهيوني ومن بعض الأنظمة العربية عن نيتها سحب قواتها من سورية، للضغط على الإيرانيين بخصوص وجودهم في سورية، وما هذا إلا محاولة ابتزاز وضغط على إيران لجلبها إلى مسار جديد وتفاهمات جديدة بخصوص ملفات المنطقة، يكون أحد أهمّ بنوده الدور الإيراني المستقبلي في سورية.

في المحصلة فإنّ زيارة الوفد الإيراني الأخيرة لدمشق، أتت لتؤكد ولتحمل مجوعة رسائل:

أولى هذه الرسائل وجّهت إلى الداخل السوري، ومفادها أنّ إيران ما زالت في صفّ الدولة الوطنية السورية بكلّ أركانها، وهي مستمرة في دعم الدولة السورية، عسكرياً وسياسياً واقتصادياً، وستبقى دائماً في صفّها، وإلى جانب شعبها وجيشها، لتدحض كلّ الشائعات التي اختلقها بعض الأقلام المأجورة ووسائل الإعلام التي كانت تشيع بأنّ إيران بدأت بمراجعة موقفها من دعم الدولة السورية، بعد الضغط الأميركي عليها بخصوص ملفها النووي.

إمّا الرسالةُ الثانية، والأهمّ، فهي موجهة إلى حلفٍ دولي، كان يسعى وما يزال إلى إسقاط الدولة السورية بكلّ أركانها، ومفاد هذه الرسالة أنّ أيّ حلّ لملف الحرب على الدولة السورية يتجاوز حقّ الشعب السوري في تقرير مصيره، هو حلّ غير مقبول، ولا يمكن للدولة السورية كما الإيرانية أن تقبل به، بصفتها حليفة للدولة السورية، ما يعني أنّ الحلول المستوردة والمُصنّعة غربياً في مطابخ حلفٍ دولي، ما زال يسعى إلى إسقاط الدولة السورية بكلّ أركانها، لا يمكن لها أن تحظى بقبول الدولة السورية ولا حلفائها.

الرسالة الثالثة، والتي أكّد عليها نائب الرئيس الإيراني اسحاق جهانغيري، هي رسالة مهمة جدّاً وموجهة إلى دول الإقليم المشاركة في الحرب ضدّ سورية، ومفادها أنّ إيران ما زالت في خندق الدولة السورية، وستدعم وباستمرار شرعية القيادة السورية التي ولدت من رحم صناديق الاقتراع يوم 3 حزيران عام 2014، وستستمر في هذا الدعم إلى حين تعافي الدولة السورية من آثار الحرب المفروضة عليها.

إمّا الرسالةُ الرابعة، فموجهة إلى حركات وقوى المقاومة في المنطقة والإقليم ككلّ، ومفادها كما أعلن الوفد الإيراني، أنّ طهران ما زالت في صفّ كلّ قوى المقاومة في المنطقة العربية، وما زالت تدعم كلّ مشاريع التحرّر الهادفة إلى التحرّر من فوضى وإرهاب المشروع الصهيو ـ أميركي، وما زالت تقفُ وبقوّة في صف كلّ حركات المقاومة لهذا المشروع التقسيمي والتدميري في المنطقة.

ختاماً، إنّ رسم معالم واضحة لطريقٍ مستقبلي شاق، تخطوه خطوة بخطوة كلّ من دمشق وطهران.. يحتاج إلى مزيد من تمتين الروابط بين البلدين، وهذا ما جاء واضحاً في الفترة الأخيرة تحديداً، فهذه اللقاءات المشتركة والمتبادلة بين دمشق وطهران، تؤكد تصميم دمشق وطهران على تجاوز هذه الأزمة بكلّ تجلياتها المؤلمة، والسعي إلى بناء مشروع تجديد أممي محوري بالشراكة مع حلفائهم الأمميين، يهدف إلى استكمال بناء مشروع تحرّر، هدفه الأساسي تأمين ولادة ميسّرة لمشروعٍ أممي، يهدفُ إلى إسقاط يافطة القطب الأوحد الأميركي، وما سيتبعُ ذلك من انهيار وسقوط مدويين لكلّ أدوات المشروع الأميركي في المنطقة العربية والإقليم، وعلى رأس هؤلاء الكيان الصهيوني.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى