رئيس أركان جيش الاحتلال يردّ على نتنياهو ويؤكد صدقية تهديدات نصرالله «الفول صار بالمكيول»… وإعلان ولادة الحكومة ينتظر «قطع حبل السرّة»
كتب المحرّر السياسيّ
كشفت التقارير الصادرة عن وكالة المخابرات الأميركية حول سورية وإيران في التقييم السنوي للتحديات الاستراتيجية، الذي تصدره الوكالة بعد ورشات عمل تقيمها خلال الشهور الأخيرة من كل عام ويشارك فيها أبرز قادتها السابقين، وخبراء من الوكالة ومن فرق التحليل والتفكير في مراكز الدراسات الكبرى، النقاب عن فشل السياسات الأميركية في كل من سورية وإيران، فتحدثت عن نهاية قريبة لمشروع الانفصال الكردي في سورية، وبسط الدولة وجيشها سيطرتهم على منطقتي إدلب وشرق الفرات قبل نهاية العام 2019، بينما أشارت إلى فشل المحاولات الأميركية لتأمين حشد دولي بوجه إيران التي نجحت بإثبات التزامها بالإتفاق النووي رغم الانسحاب الأميركي منه وفرض عقوبات قاسية على إيران، ما حرم الاتهامات الأميركية لإيران بالسعي لامتلاك أسلحة نووية من المصداقية، التي حازها الموقف الإيراني بإثبات التمسك ببرنامج نووي سلمي وصارت العقوبات الأميركية بين خياري الهشاشة بأحادية غير فاعلة، أو إصابة الحلفاء بالعقوبات واستجلاب المزيد من الأزمات في العلاقات الأميركية على الساحة الدولية. وأشارت تقارير وكالة المخابرات الأميركية إلى أن طهران لن تغير سياساتها ولن يتغير النظام فيها بضغط العقوبات التي تسببت بتعقيد الوضع الاقتصادي الإيراني لكن لا تبدو لها مفاعيل سياسية راهنة أو في المدى المنظور، بل ربما تخلق ديناميات ومسارات استقلالية اقتصادياً عن الحركة المصرفية وعن الأسواق الأميركية يصير التراجع عنها مستحيلاً لاحقاً.
الرئيس الأميركي دونالد ترامب عبّر بغضب عن موقفه من التقارير الاستخبارية، داعياً مديرة الوكالة جينا هاسبل للعودة إلى مقاعد الدراسة، بينما كانت وزارة الخارجية الأميركية تدرس خياراتها تجاه مؤتمر وارسو بعد فشل تحقيق حضور يمنحه دور الجبهة العالمية بوجه إيران، فيما كانت روسيا والعراق يسيران نحو بلورة أشكال تنسيق ثلاثية روسية عراقية سورية تحت شعار الاستعداد لمواجهة خطر الإرهاب بعد الانسحاب الأميركي من سورية.
في مسار موازٍ لقيام المخابرات الأميركية بتكذيب الرئيس دون تسميته، كان رئيس الأركان الجديد لجيش الاحتلال الإسرائيلي أفيف كوخافي، في ما بدا رداً على رئيس حكومة الإحتلال بنيامين نتنياهو دون أن يسمّيه، يعلن تأكيداته صحة ومصداقية تهديدات الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، سواء لجهة القدرة على إصابة وتهديد أي مواقع في كيان الاحتلال أو لجهة الاستعداد لخطة دخول الجليل كفرضية من فرضيات القتال في أي حرب مقبلة، بينما حذّر رئيس الاستخبارات الوطنية الأميركية دان كوتس «إسرائيل» من المبالغة في الرهان على عدم تعرّضها لردّ موجع على إغاراتها في سورية لأن إيران وسورية وحزب الله قد يكونون في دائرة التفكير بالردّ، إذا تواصلت الغارات.
في لبنان تقاطعت المناخات الإيجابية في المسار الحكومي عند تأكيد الانتهاء من عقدة تمثيل اللقاء التشاوري وحصر البحث بممثله بين اسمَيْ عثمان المجذوب وحسن مراد، على أن يحسم رئيس الجمهورية اسماً من بينهما عند صياغة مراسيم التأليف، بعدما تمّ التفاهم على تمثيل الوزير للقاء التشاوري ومواقفه، من غير أن يحول ذلك عدم حضوره اجتماعات تكتل لبنان القويّ، بينما لا تزال عملية توزيع الحقائب تحتاج لبعض الاتصالات، لتأمين بديل لحقيبة البيئة لحركة أمل بعدما تمسك اللقاء الديمقراطي بحقيبة الصناعة. وكانت مصادر متابعة قالت إن لا قلق ولا خطر بالعودة إلى الوراء، فـ «الفول صار بالمكيول»، والولادة تمّت والإعلان عنها ينتظر «قطع حبل السرّة».
الحكومة: «ما تقول فول ليصير بالمكيول»…
بلغت موجة التفاؤل الحكومي ذروتها يوم أمس، الى حد الحديث عن 48 ساعة للإعلان عن ولادة الحكومة بعدما تم التوصل الى حل لعقدة تمثيل اللقاء التشاوري للسنة المستقلين، بحسب أكثر من مصدر. فهل تصدق التوقعات ويصعد الدخان الابيض من بعبدا أم ستضاف المهلة الجديدة الى المُهل السابقة التي خالفت التوقعات؟
مصادر حركة أمل وحزب الله أشارت لـ«البناء» إلى أنه «لم يعد هناك من عقد أمام تشكيل الحكومة»، مؤكدة أن «عقدة تمثيل اللقاء التشاوري شبه منتهية وما يجري الآن من مشاورات يهدف الى اعادة توزيع بعض الحقائب بين ثلاث قوى سياسية»، مرجحة ولادة الحكومة في عطلة نهاية الأسبوع أو مطلع الأسبوع المقبل كحد أقصى». بينما أوضح نائب رئيس المجلس النيابي إيلي الفرزلي أنّ «الأمور الحكومية متّجهة إلى خواتيمها، والرئيس نبيه بري متفائل، لكنّنا باقون على عبارته «ما تقول فول تيصير بالمكيول». إلا أن مصادر « بيت الوسط » أفادت لقناة «المنار» أن «هناك إيجابية مستقرة ورئيس الحكومة المكلف سيكون حاسماً خلال الساعات المقبلة». فيما لفت مرجع كبير إلى أن «ما تحقق بشأن تمثيل « اللقاء التشاوري » جيد، لكن ليس كافياً لإنجاز التشكيل حتى الآن».
أما الحل المتداول في الاعلام فتم إخراجه في الاجتماعات الباريسية بين الرئيس المكلف سعد الحريري والوزير جبران باسيل وخلال المشاورات بين حزب الله وأمل مع اللقاء التشاوري على قاعدة «لا يموت الذيب ولا يفنى الغنم»، حيث أظهر الحل تشارك جميع الأطراف في تقديم التنازلات، فتكتل لبنان القوي وفريق رئيس الجمهورية تنازلوا عن الوزير الـ11 بشكل كامل واللقاء التشاوري تنازل عن حرية القرار الكاملة في التصويت في مجلس الوزراء، بل بتنسيق مع رئيس الجمهورية، لكن المؤكد هو تثبيت تمثيل اللقاء كفريق سني وطني مقاوم في الحكومة وكسر احتكار الحريرية السياسية لتمثيل الطائفة السنية، ما يُعدّ سابقة كرّست تمثيل الأطراف النيابية السنية خارج تيار المستقبل في الحكومات المقبلة».
وأكدت مصادر نيابية في اللقاء التشاوري لـ«البناء» التوصل الى حل لعقدة تمثيلهم «على أن يكون الوزير من بين الأسماء التسعة وممثلاً للقاء ويحضر اجتماعاته، ولكن لا مانع من أن يحضر اجتماعات تكتل لبنان القوي وينسق مع رئيس الجمهورية في مجلس الوزراء»، موضحة أن الأهم أننا انتزعنا حقنا في التمثيل بحسب حجمنا النيابي بعدما حاول البعض تجاهلنا». غير أن مصادر «البناء» تحدثت عن تحفظات لدى بعض أعضاء اللقاء على الاتفاق في نقطتين: اسم الشخصية ويسأل هذا الفريق: «إذ أصر بعض أعضاء اللقاء على أن يكون من الستة لا من الثلاثة فقط». والنقطة الثانية تموضع الوزير، فإذا كان ممثلاً حصرياً للقاء فلماذا يحضر في تكتل لبنان القوي إذا سلمنا جدلاً بأن تنسيقه مع رئيس الجمهورية أمراً طبيعياً؟».
وعلمت «البناء» أن «الرئيس نبيه بري نصح النائب فيصل كرامي خلال لقائهما الأخير بإبداء مرونة لناحية الوزير الذي يمثلهم نظراً لتفاقم الأوضاع الاقتصادية والمالية في البلد جراء التأخير بتأليف الحكومة، كما نصح بري الحريري وفريق رئيس الجمهورية ايضاً بملاقاة تنازل اللقاء بتنازل مقابل، كما تلقى اللقاء التشاوري نصائح من حزب الله خلال الاجتماع الأخير مع المعاون السياسي للأمين العام للحزب حسين الخليل بضرورة القبول بحلول تُعتبر مقبولة لديهم وتُثبت تمثيلهم في الحكومة العتيدة والحكومات المقبلة».
وإذ تسلم رئيس الجمهورية الأسماء التسعة، أعرب عضو اللقاء النائب عبد الرحيم مراد عن تفاؤله بـ»قرب تشكيل الحكومة خلال 48 ساعة»، وأكد أنه سيصار الى اختيار أحد هذه الأسماء خلال الساعات الـ 24 المقبلة، «لافتاً إلى ان «التوجه هو لتوزير ممثل للقاء التشاوري يصوّت مع اللقاء ويلتزم بكل مواقفنا على أن يشارك في اجتماعات تكتل لبنان القوي شكلياً». وفي حديث تلفزيوني أوضح مراد: «في الأمور الاستراتيجية نحن فريق واحد مع التيار الوطني الحر، ولكن في الأمور الداخلية نختلف في بعض المواضيع، ولكل فريق حق في التعبير عن رأيه»، مشيراً الى أن «باسيل التقى بنا وتحدّث بكلام لطيف وهو مقتنع بضرورة تسمية وزير من بين التسعة»، مشدداً على ان «إعادة تعويم اسم جواد عدرا غير واردة لدى باسيل».
وإذ كشفت مصادر مطلعة لقناة الـ»أو تي في» عن «حصر اسماء من سيمثل اللقاء في الحكومة من 3 إلى 2 ليصبح الخيار بين عثمان مجذوب وحسن مراد»، رجحت مصادر «البناء» أن يكون عثمان هو الاسم المرجح وهو مدير مكتب النائب كرامي وهو أكثر مقبولية لدى الرئيس المكلف.
التفاوض على الحقائب مستمر
وإذ تمكن التيار الوطني الحر من استعادة وزارة البيئة، بحسب ما أكدت مصادر مستقبلية، إلا أن مصادر عين التينة نفت لـ«البناء» أن يكون الحريري أبلغ بري الوزارة التي ستنالها حركة أمل مقابل تخلّيه عن البيئة، مشيرة الى أن المشاورات والعروض مستمرة ولم تستقرّ على شيء نهائي». بينما أكدت مصادر «الاشتراكي » أن «اللقاء الديمقراطي مشاركته في الحكومة مربوطة بوزارتي التربية والصناعة».
ما يعني أن المفاوضات انتقلت جدياً الى مسألة توزيع الحقائب بعدما تم الانتهاء من عقدة تمثيل اللقاء التشاوري، لكن أي اتفاق نهائي لم يحصل حتى ساعات متأخرة من ليل أمس، حيث استمرت المشاورات والاتصالات على خط بيت الوسط عين التينة كيلمنصو ومعراب ومع حزب الطاشناق لتذليل آخر العقد، وطرح استبدال الإعلام بالسياحة، الواردة في حصة الطاشناق »، غير أن مصادر الأخير نفى «ان تكون المبادلة بين وزارتي الإعلام و السياحة موجودة فلم يتحدث احد مع الطاشناق بهذا الموضوع».
بري: الجلسة مرهونة بالحكومة
ونقل النواب عن الرئيس بري في لقاء الأربعاء النيابي، أن بري «قام في اليومين الماضيين بكل ما يلزم في سبيل تسهيل تأليف الحكومة كما فعل في مرات سابقة». وقد وضع النواب في أجواء اجتماع هيئة مكتب المجلس ، مشيراً الى ان «هناك 9 بنود على جدول اعمال الجلسة العامة التي سيحدد موعدها لاحقاً».
وكان بري ترأس اجتماع الهيئة للبحث في عقد جلسة عامة للمجلس والمواضيع التي ستطرح على جدول الأعمال، من بين المشاريع والاقتراحات المحالة للهيئة العامة وعددها 21 بالإضافة إلى 13 اقتراح قانون معجلاً. وبعد الاجتماع، أكد الفرزلي أنه «تمّت مناقشة جدول أعمال جلسة نيابية محتملة، وتمّ خلق شبكة أمان كبدائل في حال لم تتشكل الحكومة». وأضاف: «تهيأ المكتب لاتخاذ كل القرارات اللازمة في حال تشكلت الحكومة أو لا».
وقالت مصادر في كتلة التنمية والتحرير لـ«البناء» إن «عقد الجلسة التشريعية مرهونة بمسألة تأليف الحكومة، فإذا تجاوزنا مطلع الأسبوع المقبل بلا حكومة، فالرئيس بري سيدعو حتماً الى جلسة تشريعية حيث سيعمد بري الى توزيع جدول أعمال الجلسة على النواب قبل عقد الجلسة بأيام لا سيما الأمور التي تتعلق بالموازنة والتشريعات المالية الضرورية». وأكدت المصادر أن «الرئيس بري تواصل مع مختلف الأطراف ووضعهم في هذا الأمر وأبدوا موافقتهم المشاركة في الجلسة».
وفي غضون ذلك بدت لافتة زيارة مساعد وزير الخزانة الأميركية لشؤون مكافحة تمويل الإرهاب مارشال بيلينغسلي الى لبنان، حيث يلتقي خلالها المسؤولين السياسيين والماليين الكبار في البلاد.
وفي السياق، أبلغه رئيس الجمهورية، ان «لبنان يشارك بفعالية في الجهود الدولية لمكافحة تمويل الإرهاب وغسيل الأموال، وان القوانين اللبنانية تعاقب مرتكبي أي نشاطات مماثلة جزائياً ومالياً، ويتم تطبيق هذه القوانين بحزم ودقة وذلك بشهادة المؤسسات المالية الدولية». واشار الى ان لبنان «أنشأ لجنة التنسيق الوطنية لمكافحة تمويل الإرهاب، اضافة الى لجنة مماثلة لمكافحة تبييض الاموال»، لافتاً الى ان «لبنان يقوم ايضاً بالإجراءات التشريعية المطلوبة لمواكبة القوانين الدولية المتعلقة بمكافحة الإرهاب، لا سيما بعد الإنجاز الذي حققه الجيش اللبناني بالقضاء على التنظيمات الإرهابية في الجرود الشرقية».
وقالت مصادر مطلعة لــ«البناء» إن «زيارة المسؤول الاميركي تأتي في سياق التحضير لسلة عقوبات جديدة تطال شركات ورجال أعمال مقربين من حزب الله، بحسب زعم الإدارة الأميركية، مشيرة الى أن «إدارة الرئيس الأميركي ستواصل الضغط على حزب الله وإيران انطلاقاً من الصراع القائم في المنطقة بين المحورين»، بينما لاحظ مراقبون اشتداد وطأة الضغط المالي والاقتصادي الأميركي على إيران وحزب الله لدفعهما للخروج عسكرياً من سورية»، كما جاءت الزيارة عقب إطلالة السيد حسن نصرالله قبل أيام والمواقف الهامة التي أطلقها لا سيما في ما يتعلق بالمعادلات العسكرية الجديدة في سورية وسقوط المشروع الأميركي الإسرائيلي بمقايضة انسحاب القوات الأميركية من سورية بانسحاب القوات الايرانية وحزب الله.
وكان المسؤول الأميركي أكد «حرص الولايات المتحدة على التعاون مع المؤسسات المالية والمصرفية للدولة اللبنانية والمصارف، لمكافحة تمويل الارهاب وتبييض الاموال»، متمنياً ان «تتمكن الحكومة اللبنانية بعد تشكيلها من مواجهة التحديات المالية والاقتصادية الراهنة في لبنان».