رجل الصدفة..
تنتهي معه الأشياء تماماً حيث تبدأ
كما تطفو النوافذ المضيئة خلف الدخان الكثيف
يتدحرج العمر على ملامحه
كما تعوم حبات الثلج
على سطح تلك المدينة الحزينة
بخطاياها وبؤسها وأسرارها الباهتة
وكم بدت المدينة صغيرة حينها
عندما لفها كلها حولي وشاحك..!!
رجل المسافات..
كان يعرف تماماً كيف يعبث بحبال اللذة
فيتركها وحيدة تتمطّى بداخلي
بشراسة غابةٍ استوائية..
يعرف كيف يمرّر الكلمات على جسدي قبل يديه.
وأما روحي فكانت خفيفة كغبارٍ يتتطاير بأنفاسه
وما من شيء قد يمتصني قبل
أن أتحول هواء سوى شفتيه..
ولكأنه يريد أن يلتهم العمر كله دفعةً واحدة
بقبلة !
ويتركني أنا لارتباكي
ولكأنني للتوّ اكتشفت معه شفتيّ..!!
تتحنط الأسماء بذاكرتنا كتماثيل عتيقة
وتتوالى الزلازل والانهيارات في عوالمنا
لكنها تنجو.. بعضٌ منها ينجو رغماً عنا
بغبارها بجمالها بعبثيتها تنجو
هي تنجو فقط..
كصديقتي التي ظلت تنصحني
بتمزيق أصابع الملل بقطف فطر الكانتاريل الذي تُحب
حتى تركها الزمن وحيدة كسلةٍ منسيةٍ في ركنٍ مهمل..
صديقتي الهولندية العذبة كناي من قصب السكر
التي تملك من الحب ما يكفي
لرتق ثقوب الروح كلها إذا باغتني الحزن..
تجلس على كرسيها الخشبي كل ليلة
تحلم بالحب وكأس نبيذٍ أبيض ورجلٍ يُدرك
يُدركها فحسب..
ريم البندك