أوباما: روسيا ستبقى معزولة إذا واصلت زعزعة استقرار أوكرانيا الاتحاد الأوروبي لا ينوي فرض عقوبات جديدة ضد روسيا
أعرب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن قناعته بأن الاضطرابات في العالم ستستمر إلى أمد طويل ما لم تحترم الأطراف الدولية مصالح بعضها بعضاً.
كلام الرئيس الروسي جاء خلال مؤتمر صحافي عقده في مدينة بريزبن الاسترالية في اختتام أعمال قمة العشرين أمس، إذ أكد أن الوضع في أوكرانيا يملك فرصاً وآفاقاً واسعة للتسوية، مشيراً إلى أنه بحث المسألة الأوكرانية خلال لقاءات ثنائية مع عدد من قادة الدول المشاركة في القمة، ولفت إلى أنه تسنى خلالها التوصل إلى فهم مشترك.
وفي سياق تداعيات الأزمة الأوكرانية على روسيا وما تبعها من عقوبات غربية، أكد بوتين أن مسألة العقوبات لم تبحث خلال اجتماعات القمة لكنه جدد الإشارة إلى أن «العقوبات تعيق الجميع ويجب الابتعاد منها».
في سياق متصل، أكد بوتين أن أسعار النفط الحالية لم تؤثر سلباً في الاقتصاد الروسي، وشدد على أن «جميع عوائد الذهب الأسود في هذا العام ستكون مضمونة بغض النظر عن تأرجح سعره». وأعلن أنه ستُدخل تعديلات على حجم الإنفاق في الموازنة الروسية، في حال انخفاض أسعار النفط العام المقبل، من دون أن يمس ذلك التزامات الدولة الاجتماعية، معبراً عن ثقته بأن «العام المقبل سيشهد تصحيحاً في أسعار النفط».
كذلك استهجن الرئيس الروسي قرار نظيره الأوكراني بيوتر بوروشينكو بفرض حصار اقتصادي على مناطق لوغانسك ودونتيسك شرق البلاد. وقال: «علمت من وسائل الإعلام بأن الرئيس الأوكراني أصدر مرسوماً يفرض حصاراً اقتصادياً عملياً على الأقاليم – دونيتسك ولوغانسك. أظن أن هذا خطأ كبير لأنهم بأيديهم يفصلون هذه الأقاليم، لمإذا؟». وأضاف: «اللبارحة فقط جرى الحديث خلال اللقاء مع الشركاء الأوروبيين عن ضرورة عدم السماح بتطور الأحداث بهذا الشكل». لكنه أكد في الوقت نفسه أن القرار «ليس قاتلاً، وآمل في تدخل الحياة والتجربة تعديلاتها على الواقع»، داعياً بهذا الصدد إلى تذكر الأحداث المأسوية في القوقاز.
وأوضح بوتين قائلاً: «حتى في أكثر الأيام والأشهر والسنين صعوبة، لم نكن نقلص تمويل جمهورية الشيشان، وقد كنا ندفع ليس الرواتب التقاعدية والمعونات فحسب، بل وندعم الاقتصاد. وقد بدا ذلك سخيفاً للوهلة الأولى، لأن الأشخاص الذين كانوا يسيطرون على الوضع هناك لم يسرقوا الأموال فقط بل وكان بمقدورهم استخدامها لأهداف غير نبيلة، لكن مع ذلك كنا نفي بالتزاماتنا المالية والأخلاقية أمام الناس»، لافتاً إلى أن قرار الحكومة الروسية بهذا الشأن أثبت في نهاية المطاف أنه كان صائباً.
وقال الرئيس الروسي: «الناس في النهاية، بما في ذلك بجمهورية الشيشان، قدروا ما فعلته روسيا من أجل دعم الإنسان البسيط حق قدره، وربما كان هذا في المحصلة أحد العوامل الإضافية التي ساهمت في أن السلطات المركزية في روسيا والأشخاص الذين كانوا يشغلون آنذاك مواقع محورية في الشيشان استطاعوا الاتفاق والخروج إلى طريق التسوية النهائية والكاملة، وقضوا سوية على ممثلي الإرهاب الدولي الذي كان يتسرب إلى هذه الأرض من الخارج». وأشار إلى أن «قرار بوروشينكو يمكن تفسيره ورده إلى رغبة كييف بتوفير المال… لكن هذا ليس الحدث أو الوقت المناسبين للتوفير».
من جهة أخرى، قال الرئيس الأميركي باراك أوباما أمس إن روسيا ستبقى معزولة داخل المجتمع الدولي إذا ما واصل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين انتهاك القانون الدولي والاتفاقات التي تهدف إلى إنهاء الصراع في أوكرانيا وذلك في واحد من أكثر تصريحاته حدة بشأن الأزمة.
وقال أشار الذي وصف اجتماعاته مع بوتين الأسبوع الماضي بأنها جافة إنه أوضح أن روسيا ستبقى معزولة إذا ما استمرت في تقديم الدعم للمتمردين الانفصاليين. وأضاف: «نحن متمسكون بضرورة التزام المبادئ الدولية الأساسية. ومن بين هذه المبادئ ألا تغزو دولة دولة أخرى أو تمول وكلاء أو تساندهم بوسائل تؤدي إلى تفكك دولة لديها آليات للانتخابات الديمقراطية».
وفي السياق، قال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون إن أوروبا والولايات المتحدة أرسلتا رسالة واضحة إلى الرئيس بوتين بأن المجتمع الدولي سيعزل روسيا إذا لم تحل الأزمة في أوكرانيا.
وأضاف كاميرون للصحافيين خلال قمة مجموعة العشرين في برزبين بأستراليا: «أعتقد أن روسيا بحاجة إلى أن تعرف أن هناك وحدة هدف حقيقية بين أميركا والاتحاد الأوروبي للتأكد من عدم وجود شكل من أشكال الصراع الدائم في قارة أوروبا». وتابع: «وإذا حدث هذا فلا أعتقد أن العلاقة بين روسيا من ناحية وبريطانيا وأوروبا وأميركا من الناحية الأخرى يمكن أن تظل كما هي».
وحذر رئيس الوزراء البريطاني من أن مخاطر استمرار الصراع في أوكرانيا أكبر من مخاطر فرض مزيد من العقوبات الاقتصادية. وقال: «أتمنى أن يسلك الرئيس بوتين طريقاً مختلفة حتى في هذه المرحلة المتأخرة»، وأضاف: «بإمكانه أن يرى أنه يقف في مفترق طرق».
واصطف رؤساء الولايات المتحدة واليابان واستراليا معاً ضد روسيا وتعهدوا معارضة التوغل الروسي في أوكرانيا، وأشار الرؤساء الثلاثة إلى أنهم سيعارضون «ضم روسيا المزعوم للقرم وأعمالها لزعزعة استقرار شرق أوكرانيا» وأبدوا التزامهم «محاكمة المسؤولين عن إسقاط الرحلة الجوية إم إتش 17».
وفي شأن متصل، أعلن وزير الخارجية الألماني فرانك شتاينماير أن الاتحاد الأوروبي لا ينوي فرض عقوبات جديدة بحق روسيا على خلفية الوضع في أوكرانيا. وقال إنه «من غير المنتظر ذلك الآن».
وأكد رئيس المجلس الأوروبي هيرمان فان رومبوي أن وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي سيلتقون الاثنين في بروكسيل لبحث الخطوات اللاحقة حول تسوية الأزمة الأوكرانية. بينما أعلنت رئيسة الدبلوماسية الأوروبية فيديريكا موغيريني أن وزراء الخارجية الأوروبيين سيبحثون الأسبوع المقبل توسيع العقوبات على روسيا.
وكانت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل لمحت السبت حول إمكان فرض عقوبات جديدة على روسيا، وأوضحت أن العقوبات المحتملة ستمس «القائمة السوداء» فقط للشخصيات الروسية الممنوعة من دخول أوروبا ولن تطاول القطاع الاقتصادي.
ونقلت وكالة «رويترز» عن مصادر دبلوماسية قولها إن وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي لن يتخذوا على الأغلب قراراً بتوسيع العقوبات ضد روسيا.
وأعلن مسؤول في الحكومة الألمانية طرد دبلوماسية ألمانية تعمل في موسكو بعد وقت قصير من طرد دبلوماسي روسي يعمل في مدينة بون الألمانية وسط تقارير إعلامية بأنه كان جاسوساً. وقال مسؤول ألماني في بيان بعدما أوردت مجلة «دير شبيغل» نبأ طرد الألمانية رداً على طرد الدبلوماسي الروسي «نأسف لهذا التصرف غير المبرر وعبرنا عن ذلك للحكومة الروسية».
وكانت الدبلوماسية الألمانية تعمل في سفارة بلادها بموسكو. وقالت المجلة الألمانية إن الدبلوماسي الروسي المعني كان تحت مراقبة وكالة مكافحة التجسس في ألمانيا لأشهر عدة.
وفي شهر تموز الماضي أمرت برلين رئيس وحدة وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية في برلين بمغادرة البلاد بسبب شكوك حول نشاط الوكالة في ألمانيا بما في ذلك الكشف عن جاسوس أميركي مشتبه به داخل وزارة الدفاع الألمانية.