التنّور الطيني.. مهنة صناعية تراثية حضنتها اللاذقية
صناعة التنّور الطيني من المهن الشعبية القديمة في قرى المنطقة الساحلية السورية التي حافظت على تميّزها وحضورها حتى وقتنا الحاضر.
ولا سيما أن الخبز البلدي بنكهته يلقى إقبالاً كبيراً على الرغم من انتشار الأفران الحديثة.
في قرية عين المجوية التي تبعد عن مدينة اللاذقية 30 كيلومتراً تمتهن أم إياد هذه الحرفة اليدوية التي مارستها على مدى أكثر من سبعة عقود وأصبحت تراثاً في عائلتها وتعتبرها مصدراً جيداً للدخل.
تقول أم إياد «إنها صناعة مرهقة وتحتاج إلى الكثير من الوقت والجهد والصبر والممارسة لإتقانها، فالتنّور الطيني لا يحتاج إلى قوالب خاصة أو تصميم هندسي بل إلى يد ماهرة متقنة للعمل بمواد أولية بسيطة».
ووفق أم إياد يمرّ التنّور الطيني بمراحل عدة تبدأ بجمع التراب الخاص بعجينة التنّور وينبغي أن يكون أحمر اللون ثم يُفرد في مكان مخصّص، حيث يُضاف إليه الماء وتتم تنقيته من الأحجار الكبيرة والشوائب الأخرى كجذور الأشجار ويترك ليتخمّر مدة يوم واحد. وفي اليوم التالي يتمّ دق العجينة لساعات طويلة بقطعة خشبية وتسهم هذه العملية في تفتيت الحصى الناعمة التي تمنح التنّور متانته وتماسكه ثم يُضاف إلى الخليط شعر الماعز أو صوف الغنم أو القطن وتُعجن باليد حتى تتجانس.
وحول المدة التي تستغرقها صناعة التنّور الواحد توضح أم إياد أنه يحتاج 15 يوماً إذا ما كانت الأحوال الجوية مناسبة ثم يترك نحو شهر كامل ليجفّ ويتماسك في غرفة خاصة مبنية من الحجارة القديمة تعود لأكثر من 80 عاماً. وتضيف قد تطول الفترة التي يحتاجها للتماسك في فصل الشتاء بسبب الرطوبة والجو البارد لذا يُعَدّ شهر شباط الوقت الأمثل لبدء صناعة التنّور ليكون جاهزاً بحلول فصل الربيع.
وتتفاوت أحجام التنانير من حيث حجمها وسعتها تبعاً لغرض استخدامها وتتراوح أوزانها بين 50 و75 كغ وهناك أنواع من التنّور ذات أحجام كبيرة تستخدم لشواء اللحوم والأسماك ونوع آخر لتحضير الخبز.
وتشهد صناعة التنّور طلباً كبيراً في الآونة الأخيرة ولا سيما من المطاعم والاستراحات الطرقية لإضفاء لمسة تراثية على المكان وتوفير تجربة طعام تعبق بروح الأصالة والعراقة والنكهة الشهية لخبز التنّور. سانا