كرم: أمة سعاده لا تخضع لإرهابٍ أو احتلال مهما عظمت التضحيات

أحيت منفذية الكورة في الحزب السوري القومي الاجتماعي عيد تأسيس الحزب، فأقامت حفل عشاء في مطعم «أوكتاغون» في كفرحزير، بحضور عميد الاذاعة والاعلام وائل الحسنية ممثلاً رئيس الحزب النائب أسعد حردان، والعمُد حسان صقر، عبد الباسط عباس، جورج ضاهر، ناموس المجلس الأعلى جورج ديب، المندوب السياسي للحزب في الشمال زهير حكم، منفذ عام الكورة د. باخوس وهبة، منفذ عام عكار ممتاز الجعم، وعدد من المسؤولين.

كما حضر الحفل د. وسام عيسى ممثلاً رئيس تيار المرده النائب سليمان فرنجية، رامي لطوف ممثلاً الوزير السابق فايز غصن، جورج عطا الله ممثلاً التيار الوطني الحر، رئيس اتحاد بلديات الكورة كريم بو كريم، رئيس بلدية أميون غسان كرم، مدير التعليم المهني في الشمال عبد الرحمن قوطة، مأمور نفوس الكورة سعاد العمود، وعدد من رؤساء البلديات والجمعيات والنوادي، ومختارون وشخصيات وجمع من المواطنين والقوميين.

استهلّ الحفل بالنشيد الوطني ثم نشيد الحزب، فكلمة ترحيب وتعريف من ناظر التربية والشباب في منفذية الكورة نضال ضاهر، أكدت فيها أنّ مدرسة سعاده عمرها الحقيقي من عمر هذه الارض، لأنّ كتبها ومناهجها تدرّس ثقافة الأرض والعطاء والجمال والقتال والصراع لمجد أمة عظيمة.

ثم ألقى عبد الله عبد الله قصيدة من وحي المناسبة.

كلمة المنفذية

وألقى كلمة منفذية الكورة ناظر الاذاعة والإعلام الدكتور هنيبعل كرم وفيها قال: «منذ اثنتين وثمانين سنة، أسّس سعاده الحزب السوري القومي الاجتاعي. فبدأ منذ ذلك الحين تاريخ الأمة الذي ضاع لزمن طويل بين طيات الحوادث التاريخية. منذ ذلك الحين وضعنا أيدينا على المحراث ووجهنا نظرنا إلى صناعة الحياة الجديدة لمجتمع سليم معافى من الأمراض الاجتماعية والطائفية والنّفسية، ووضعنا خطة نظامية على أسس عقائدية للخروج من حالة الفوضى والجهل والتشرذم إلى حالة الدولة العظمى في هذه المنطقة من الشرق، دولة القانون والمؤسسات وصيانة حقوق الناس والوطن، دولة الأمة القادرة التي تستطيع بمواهب أبنائها وبخيرات أرضها وبحرها وجوها أن تكون رائدة مبدعة مشرقة بين دول العالم المتطورة».

وأضاف: «هذا المشروع، وهذه الرؤية، جوبها بالاعتقالات والملاحقات والسّجون والاغتيالات، وقد اغتيل مؤسّس الحزب الشهيد أنطون سعاده بمحاكمة صورية غير مسبوقة في تاريخ لبنان».

وقال كرم: «غريبٌ أمر هذا البلد، غريبٌ أمر أبنائه والمسؤولين فيه والقيّمين على حقوقه المهدورة، غريبٌ أمر الأنظمة المتعاقبة عبر التاريخ، التي تآمرت على العقل والعلم والحلم… على ما هو الأفضل والأجود، على المشروع الريادي لإرساء أسس الدولة والمواطَنة على مفاهيم علمية عصرية.

لقد لوحق الحزب وأفراده وقادته الذين نذروا أنفسهم لشفاء مجتمعٍ ولاسترداد حقِ أمّةٍ مقدّسة وكرامتها، فيما نرى اليوم نوّاباً ومسؤولين في الدولة يدعمون الإرهاب ويتحدّثون بلسانه ويحرّضون على قتل الجيش. الجيش الوطني الذي نعتزّ به وبإنجازاته، ويدمّرون ثقافة الوحدة الوطنية، ويهيّئون للاقتتال والتناحر المذهبي، والأرض خصبة، من دون أن يرفّ لهم جفن، أو يعلو في وجههم صوتٌ أو قرار أو تصريح رسميّ… غريبٌ أمر هذا البلد، غريبٌ كلّ شيء! ثم نسأل: لماذا يدفنُ الشبابُ عمرَهم في حقائبَ عمياء… ويرحلون؟!».

وتابع: «منذ اثنتين وثمانين سنة، والقوميون يجاهدون، تحت كلّ الظروف، فلا الاعتقالات أخافتهم، ولا السّجون أرهبتهم، ولا الضغوط استطاعت النيل من عزيمتهم، ولم تزدهم دماء الشهداء إلا إصراراً ورغبةً شديدين للقتال لأجل حقّ طبيعي وكرامة أمّة صرعتْ تنانين كثيرة على شواطئها وأقدام جبالها، وهي مستعدة لتصرع المزيد، لأنها أمة تؤمن أنّ القبر لن يكون يوماً مكاناً لها تحت الشمس».

وأكّد كرم أنّ سعاده لما يزل سعاده القدوةَ والمعلّمَ، وأننا نستلهمُ فكره ونضجه وطروحاته لمواجهة الآتي الذي يتطلب إرادة للحياة غير اعتيادية، يتطلب سواعد قوية، وقلوباً لا تعرف الضّعف، وأقداماً راسخة في أرض عزيزة على قلوبنا، يتطلب شجاعة وتضحيات جسيمة وقناعة بتقديم المزيد من التضحيات والمزيد من القدرة لمواجهة التنين الجديد والتنانين القديمة، من تركيا إلى أميركا إلى «إسرائيل»، إلى صناعاتها الجديدة، من «داعش» إلى «النصرة»، إلى باقي العصابات الإرهابية المتطرّفة.

وقال: «لقد بذل القوميون الاجتماعيون الغالي والرخيص في سبيل أمتهم المقدسة، وتراثهم الروحي والنفسي المادي، وهم مستعدون ليبذلوا اليوم، وهم يبذلون، أرواحهم وما يملكون لدحر هذا التنين المتوحش الذي ينال من مساجدنا وكنائسنا وثقافتنا وآدابنا وأخلاقياتنا ومقدساتنا، هدفُه الخرابُ والدمارُ ومزيدٌ من التفتيت والشرذمة، وإضعافُ دول المقاومة وحركاتها وأحزابها.

لهذه المجموعات الإرهابية، لهذا المشروع الصهيوني الأميركي نقول إنكم نسيتم أننا من أمة نزفتْ فاستشهدتْ ثم قامت، ثم نزفتْ واستشهدت ثمّ قامت من جديد وتغلبت على جراحاتها، ثم كانت أسوداً، لن تستطيع مجموعات متوحشة متخلفة أن تجعلها تركع أمام سكّين!

سنبتسم كما ابتسم سعاده العظيم، ونردّ هؤلاء الغزاة إلى أوكارهم التي خرجوا منها جثثاً مهترئة لن تكون إلا طعاماً لنمل الارض. إن الامة التي وقف فيها أنطون سعاده مبتسماً لرصاص الغدر يمزّق جسده، ووقف فيها حزبُه مقاوماً صامداً، ووقف فيها يوسف العظمة على صهوة جواده هازئا بالرّدى، ووقف فيها الرئيس بشار الأسد مواجهاً حرباً كونيّة على الشّام، ووقف فيها السّيد حسن نصر الله رافعاً يمينه بشجاعة مباركة مضرّجة بالدّماء… إنّ أمة أنجبت هؤلاء القادة الشجعان الأبطال، هي أمة حتماً لن يكون القبر مكانا لها تحت الشمس».

وتطرّق كرم إلى الكورة، حيث يعلّم الحزب الثقافة النهضوية الرائدة، ثقافة الحق والخير والجمال. «في الكورة هذه المنطقة الوديعة الجميلة، أمور عدّة كبرى علينا أن نتوقف عندها، وهي بمجملها أمور حيوية ذات صلة بحياة الناس واستقرارهم وسعادتهم وصحتهم. بغياب الدولة، وبغياب من انتدبهم قسم من الكورانيين لتمثيلهم ومصالهم، ولا نراهم إلا في الحملات الدعائية للانتخابات… نحن لا ندري لماذا كل هذا الاستهتار والاستخفاف بالكورانيين، وهم الوحيدون أو من بين القلائل، على امتداد مساحة لبنان، الذين يدفعزن ما يتوجب عليهم للدولة، ويلتزمون احترام القوانين وتطبيقها. والكورة هي المنطقة الاولى في لبنان، من حيث قلة الجرائم والمشاكل والمخالفات والتجاوزات… لكن أموراً خطيرة تحدث من حولنا وتطالنا جميعاً وعلينا التنبّه إلى خطرها ومواجهتها بالمُتاح من السّبل… لن أتوقف عند الطرقات الرديئة المليئة بالحفر، وأعمال الحفر التي يتأخر إنجازها، وعندما تنتهي أعمال التعبيد والترميم يصبح وضع الطرقات مأساوياً… ولن أتوقف عند مطمر أو مكبّ النفايات، وقد نقل إلى شكا، ولا عند مشاكل مياه الشفة في بعض القرى… وكلها أمور حيوية نودّ أن نلفت نظر البلديات ورئاسة اتحاد بلديات الكورة إليها… وهم أصلاً منتبهون ويعالجون ويتدخلون مشكورين، ولكننا ننقل اليهم دائماً ملاحظات الناس وانزعاجهم من تأخر الأعمال أحياناً ومن بعض الإهمال غير المقصود أحيانا أخرى… ما أودّ التوقف عنده بشكل أدقّ، أمران خطيران يهدّدان الكورانيين:

معمل «الجفت» في بزيزا بما فيه من خطر وسوء وتشويه وموت، إذ يستعمل في أفرانه مواد سامّة تؤثر على القرى المحيطة بالبلدة، من دون حسيب ولا رقيب. والأمر الثاني يتمثّل بمشاريع تهديم الجبال والتلال في بلداتنا وتراثنا لمصلحة شركة الاسمنت والترابة في شكا، هذه الشركة التي تسبّب منذ عشرات السنين تلوثاً بيئيا خطِراً مسؤولاً عن إصابة المئات في قرانا بأمراض سرطانية ـ في بلدة فيع وحدها أكثر من مئة إصابة ـ هذه الشركة تتقدم اليوم بمشروع جديد بِاسم شركة «نور» وهي شركة رديفة، تحت عنوان مشروع استصلاح وإفراز سكني في حرج القرن ـ زكرون، ما بين فيع وزكرون وقلحات والبلمند، لها في هذا الجبل حوالى 750 ألف متر مربع، وتحت ذريعة تجميل المنطقة وتحسينها ستقوم بأعمال الحفر والتكسير والجرف، كما فعلت منذ أقلّ من سنة في زكرون، إذ أزالت جبلاً بكامله، وكما تفعل منذ عشرات السنين في منطقتَيْ شكا وكفرحزير، إذ حوّلت الجبال والتلال الخضراء إلى أرض جرداء ميتة لا تصلح لشيء».

وأردف كرم: «نحن نشكك بنواياها اليوم استناداً إلى سلوكها الماضي والحاضر. وهي التي ترفض أصلاً أن تلتزم أبسط الشروط الصحية كتركيب مصافٍ لأفرانها تقلّل من نسبة انبعاث السّموم، وهناك من يقول إنها تستعمل أحياناً كثيرة دواليب الكاوتشوك لإشعال أفرانها».

وفي هذا السياق قال: «نرفع صوتنا إلى معالي وزراء الصحة والداخلية والبيئة والثقافة والسياحة والزراعة بأن اهتمّوا من فضلكم وامنعوا استمرار هذه الكارثة البيئية والصحية المستمرة منذ عهود… دعوهم يتوقفون عن قتل أبنائنا وقتلنا أجمعين. لأننا وبكل صراحة، لن نهدّد بقطع طريق ولا بإرباك الجيش أو الدولة أو القوى الامنية، لكننا نستعيذ بمعاليكم وبالقانون الانساني والاخلاقي، لا بالقانون العادي الذي يقف إلى جانبهم أحياناً، لتوقفوا هذه المجزرة، لأنه إن لم يحصل ذلك فنحن نبلغكم منذ الآن بأنّ الغضب في المنطقة أصبح عارماً وبأنّ اليدَ والجرافةَ والآلةَ والخريطةَ الهندسية التي ستمتدّ إلى هذه المنطقة في الكورة، ستدفن تحت صخورها وترابها إلى الأبد. المجتمع السليم والوطن السليم، والمقاومة السليمة تفرض علينا أن نرفع الصّوت عالياً وأن نتحرك على هذا المستوى».

وختم كرم قائلاً: «في عيد تأسيس الحزب، يعاهدُ القوميون أمّتهم على مضاعفة الجهد وعلى الجهاد والصراع لأجل انتصار قضية الامة. القوميون الذين يبذلون الشهداء والدماء في ساحات القتال وحيث يدعوهم الواجب القومي، القوميون الذين لن يستطيع إرهابُ العالم كلّه، ولا جيوشُه ولا سلاحُه، أنْ يُسكت هتافُهم مع سعاده: إن الدماء التي تجري في عروقنا عينها ليست ملكاً لنا، بل هي وديعةُ الأمة فينا، متى طلبتها وجدتها».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى