هل تبدأ معركة إدلب بعد لقاءات أستانة؟
حميدي العبدالله
يتساءل كثيرون عن موعد بدء معركة تحرير إدلب، لا سيما بعد أن فشلت تركيا في الوفاء بالالتزامات التي تعهّدت بها بموجب اتفاق سوتشي، وبعد سيطرة جبهة النصرة على المنطقة منفردة، وبعد تصاعد الاعتداءات التي يشنّها الإرهابيون ضدّ مناطق سيطرة الدولة السورية، وبعد النداءات التي وجهها سكان المنطقة للدولة والجيش السوري لتخليصهم من الفوضى المسلحة والفلتان الأمني.
البعض، لا سيما في ضوء التصريحات الأخيرة للمسؤولين الروس، يعتقدون أنّ العملية العسكرية ستنطلق قريباً وستكون قمة أستانة في روسيا التي سوف تجمع الرئيس الروسي برؤساء إيران وتركيا، آخر مهلة معطاة لتركيا، وبعدها ستكون هناك عملية عسكرية روسية تركية، أو عملية روسية – سورية، فهل هذه التوقعات صحيحة؟
أولاً، بالنسبة لاحتمال عملية عسكرية روسية تركية مشتركة لفرض تطبيق اتفاق سوتشي، فإنّ هذا الاحتمال غير وارد على الإطلاق، على الرغم من التصريحات التي تطلق بين حين وآخر على لسان مسؤولين أتراك.
تركيا متواطئة مع جبهة النصرة هذا أولاً، وتركيا لا تريد حسم الوضع في هذه المنطقة وإعادتها إلى كنف الدولة، ثانياً، لأنّ ذلك من شأنه أن ينعكس سلباً على مخططات تركيا في مناطق سورية أخرى وتحديداً في ريف حلب الشمالي وفي منطقة شرق الفرات، وثالثاً، تركيا حزب العدالة والتنمية هي امتداد إيديولوجي للتنظيمات الإرهابية وقاعدة الفريقين مشتركة، ويصعب على النظام التركي القيام بعمل من شأنه إغضاب البيئة الحاضنة لا سيما مع اقتراب موعد الانتخابات البلدية. لكلّ ما تقدّم لا يمكن لتركيا أن تساهم بأيّ عمل عسكري ضدّ تنظيمات تتبنّى مفاهيم إيديولوجية مماثلة للإيديولوجية التي يعتمدها نظام الحكم التركي، وتحديداً عملية مشتركة مع القوات الروسية.
أما العملية العسكرية السورية – الروسية فقد تكون قمة أستانة ولقاء أستانة في جولته الـ 12 مناسبة للتأكيد لتركيا أنها عجزت عن الوفاء بتعهّداتها، وبالتالي أنّ أيّ عملية عسكرية محتملة سورية – روسية ضدّ الإرهابيين في إدلب يتحمّل مسؤوليتها الجانب التركي الذي لم يوف بما تعهّد به في سوتشي، ولكن لن يكون بالضرورة بعد انتهاء لقاءات أستانة، وبعد تبليغ تركيا بهذا الموقف الحاسم، إطلاق العملية العسكرية لتحرير إدلب أو فرض تطبيق اتفاق سوتشي. لحظة انطلاق عملية عسكرية لتحرير إدلب من قبل الجيش السوري وحلفائه بات توقيتها مرتبط بقضايا أخرى، وأهمّها الانسحاب الأميركي المحتمل من سورية والذي وضع جدول زمني له يشير إلى احتمال انتهائه في أيار المقبل، وربما لن تبدأ عملية تحرير إدلب قبل جلاء هذه القضية، إلا إذا كان هناك حدث كبير فرض تسريع توقيت تنفيذ العملية، مثل هجوم تقوم به الجماعات الإرهابية على غرار ما حصل في الغوطة الشرقية العام الماضي.