وصول أردوغان إلى حائط مسدود يحتم المساعدة من حلفاء أستانة
د. هدى رزق
أكدت الهام أحمد ممثلة «قوات سورية الديمقراطية» التي زارت واشنطن انها تقف ضدّ المنطقة ألآمنة لأنّ الأكراد يعرفون كيف ستبدو هذه المنطقة الآمنة، بعد ان غزت تركيا منطقة عفرين ذات الأغلبية الكردية التي كانت تسيطر عليها الوحدات وقامت بتطهير عرقي.
فيما صرح أحد قادة مجلس سورية الديمقراطي انه بعد إكمال الولايات المتحدة انسحابها من البلاد التي مزّقتها الحرب يمكن أن تكون القوات ايّ «قسد» جزءاً من الجيش السوري.
إدارة دونالد ترامب لم تعترض على فتح الأكراد السوريين مفاوضات مع دمشق. قالت أحمد يقولون دائماً إنّ هذا شأن سوري. لكنهم يحثون الأكراد على التمسك بموقف واضح وقوي أثناء هذه المفاوضات.
لم يشر البنتاغون الى اي خطط أميركية محتملة لحماية الأكراد… ما يطلبه هؤلاء هو الحفاظ على سلامة واستقرار المنطقة كذلك لا يوجد ايّ اتفاق مع البنتاغون على إعادة الأسلحة التي تمّ تسليمها إلى قوات سورية الديمقراطية خلال الحملة ضدّ الدولة الإسلامية، على الرغم من أنّ مسؤولي وزارة الدفاع قالوا إنه كان شرطًا من شروط الدعم الأميركي المسلح.
موسكو من جهتها لا تزال على خلاف مع أنقرة حول المنطقة الآمنة في شمال سورية. وأعلنت في مناسبات عديدة في الأيام والأسابيع الأخيرة أنه على قوات النظام السوري أن تتحرك إلى المنطقة بمجرد انسحاب القوات الأميركية، فيما اكد جاويش اوغلو وزير الخارجية التركي أنّ روسيا ليست من حيث المبدأ ضدّ فكرة هذه المنطقة، لكنه أضاف أنه إذا ما سيطرت قوات النظام على شمال سورية فإنّ هذا الأمر لن يلغي المخاوف الأمنية لأنقرة «لأنّ النظام ووحدات الحماية الكردية يمكن أن يتوحدوا القوى ضدّ تركيا».
تشجع روسيا النظام في سورية ووحدات حماية الشعب في الشمال على التوصل إلى اتفاق، كما أوضحت أنّ النظام لا يمانع في منح بعض الحقوق للأكراد السوريين، بينما تقول أنقرة إنّ وحدات حماية الشعب لا تمثل الأكراد ومع انه ليس لديها خلاف مع الأكراد لم تستطع التوصل الى تفاهم بأيّ طريقة ملموسة معهم، الأمر الذي يوحي باحتمالين: الأول، أن «رهاب الأكراد» لديها يمتدّ إلى جميع الأكراد السوريين، اما الثاني، أنها لا تجد أكراد أصدقاء للتواصل معهم في سورية لأنّ غالبية الأكراد مؤيدون لوحدات حماية الشعب.
وكان قد أكد مسؤول من قوات الديمقراطية السورية، أن جميس جيفري المبعوث الأميركي لشؤون سورية قال لإلهام أحمد وأكراد آخرين أنّ تركيا مهتمة بالحوار معهم وفي الوقت عينه، نقل دبلوماسيون أميركيون لأنقرة بأنّ «وحدات حماية الشعب» مهتمة بالحوار معها، وهي طريقة لإيهام الأتراك بأنّ الوحدات سوف تتراجع مما يؤخر المفاوضات مع روسيا، وبالتالي المفاوضة مع نظام الرئيس الأسد. لا توجد أية مؤشرات على استعداد تركيا لتقديم أيّ تنازلات أو المفاوضة مع وحدات حماية الشعب، أقله قبل الانتخابات البلدية التي من المقرّر إجراؤها في أواخر آذار/ مارس.
هي تريد السيطرة على منبج وتسوية وضع مئات الآلاف اللاجئين السوريين في تركيا – والذين بدأوا يشكلون عبئاً اجتماعياً واقتصادياً ثقيلاً على البلاد يرى العديد من المحللين أنّ أنقرة تهدف إلى تأسيس موطئ قدم قوي في شمال سورية من أجل كبح جماح جميع التطلعات الكردية لتشكيل الحكم الذاتي في المنطقة.
قد قدمت نتائج عمليتي «درع الفرات» و «عملية الزيتون» التي أطلقتها في عامي 2016 و 2018 على التوالي بعض النتائج في هذا الصدد. ومع ذلك، فإنها لم تكن كافية لتحويل ميزان القوى لصالح تركيا في ما يتعلق بأهدافها الأوسع في سورية.
تتطلب تلك الأهداف أن تحصل تركيا على السيطرة العسكرية الكاملة على منبج وأراضي شرق الفرات. إلا انّ الولايات المتحدة أعربت علناً عن معارضتها لوجود عسكري تركي في المنطقة، فضلاً عن تصميمها على حماية وحدات حماية الشعب ضدّ الهجمات التركية.
تواجه تركيا صعوبات جمة في إدلب، حيث حاولت منذ أشهر منع العمليات الروسية – السورية هناك. لكن موسكو استمرت في الشكوى من أنّ المذكرة المتفق عليها بين أردوغان والرئيس الروسي فلاديمير بوتين في أيلول/ سبتمبر 2018 حول إدلب لا تعمل وفقاً للبرنامج الذي كان مطروحاً، تركيا التي لها تواجدعسكري في المقاطعة – كانت تهدف إلى تحييد هيئة تحرير الشام التي تعهّدت موسكو ودمشق بالقضاء عليها.
ترى روسيا انه لا يتمّ تنفيذ اتفاق إدلب، وانّ هيئة تحرير الشام قد سيطرت على 70 من المحافظة وهي تهدّد أمن قواتها مما أدّى إلى استئناف الضربات الروسية والسورية هناك إدراكاً منها للصعوبات المتزايدة التي تواجهها في إدلب، أنقرة بدأت تتهم الغرب بدعم هيئة تحرير الشام من أجل تقويض المذكرة التركية – الروسية.
لكن هذه الحجة لا تساهم كثيراً في حلّ معضلة أنقرة في إدلب. تبدو أنقرة بعد فشل سياستها مع الولايات المتحدة حريصة على موازنة علاقتها مع موسكو لذلك ليس بعيداً عنها تسهيل مهمة روسيا في إدلب والتحاور بشأن نهائية تأليف اللجنة الدستورية. لكنها لا تتراجع عن التنديد بالغرب وعلاقته مع الوحدات كمدخل أمني لحشد أنصارها في الانتخابات المحلية التي تعتريها مشاكل ليس أقلها التراجع الاقتصادي.
أردوغان يبجث عن انتصار ما يوظفه في الداخل الانتخابي فما هي الورقة التي سيقدّمها بوتين وإيران له خلال اللقاء المرتقب منتصف شهر شباط/ فبراير الحالي؟