الحريري: نريدها حكومة أفعال لا أقوال… فضل الله: إلى المعركة الصعبة

في أجواء سياسية هادئة نسبياً، انطلقت جلسات المجلس النيابي أمس، برئاسة الرئيس نبيه بري لمناقشة البيان الوزاري لإعطاء الحكومة الثقة.

وفي الجلسة الصباحية استمع النواب الى رئيس الحكومة سعد الحريري الذي عرض بيان حكومته.

ثم تحدث ثمانية نواب مثلوا معظم الكتل الأساسية وأيدت المداخلات مضامين البيان ولكن العبرة بالتنفيذ.

وتضمّن البيان مقدمة و16 بنداً، حيث أكد الحريري «أن الجميع في مركب واحد والثقوب التي تهدّده معروفة ولم يعد جائزاً تقاذف المسؤوليات، حيث إن الحلول معروفة وواضحة». وتناولت المواد الـ 16 للبيان مختلف جوانب الحياة السياسية والاجتماعية وركّزت على الاستقرار المالي والنقدي وفتح مجالات الاستثمار وتحديث القطاع العام وإحداث إصلاحات هيكلية وقطاعية، كما ركّز على قطاع النفط والكهرباء والنقل والإعلام والثقافة والاتصالات.

وبدأت الجلسة عند الحادية عشرة بتلاوة أسماء النواب المتغيّبين بعذر وهما: جان عبيد وفايز غصن، ثم وقف النواب دقيقة صمت لغياب النائبين السابقين ادغار معلوف وروبير غانم. وقبل تلاوة رئيس الحكومة للبيان تليت مراسيم استقالة الحكومة السابقة وتكليف الرئيس الحريري وإعلان التشكيلة الحكومية.

فضل الله

وبدأ النواب الكلام، حيث وصل عدد المتكلمين الى ستين نائباً على أن تنتهي الجلسات يوم الجمعة المقبل، وكانت الكلمة الأبرز لعضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب حسن فضل الله، حيث أكد أن «الخطوة الأولى التي يجب أن نقدمها للبنانيين هي الرقابة على الوزراء ومدى تطبيقها للقوانين». وأشار الى ان «الوزير الذي لا يحضر الى اللجان النيابية ولا يريد تطبيق القانون لن نوقع الموازنة لوزارته وسنحجبها عنه».

وتمنّى فضل الله على الحكومة ألا تبقى ملفات المباني المستأجرة حبراً على ورق، مشيراً الى «أن هناك ملفات لو تمّ الكشف عنها لأودت برؤوس كبيرة إلى السجن»، وطالب وزير المال بأن «يضع هذا الملف بكامله في عهدة المجلس النيابي كي يرى اللبنانيون كيف تمّ التلاعب بأموال الناس»، متسائلاً: أين الـ11 ملياراً؟

وناشد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون «ان يستخدم صلاحياته الدستورية في إعادة التفاوض حول بنود قرض البنك الدولي، وألا يكتفي بالتحفظ»، وقال: «لم نعد نستطيع الاقتراض بهذه الطريقة». ودعا الحكومة «لحوار جاد مع المصارف بهدف تخفيض كلفة الدين»، مشيراً الى «أن الرئيس الشهيد رفيق الحريري كان قد اتفق في السابق معها».

وطالب فضل الله المدعي العام المالي ان يضع يده على ملف الاتصالات. وسأل: «لماذا لا تريدون الكهرباء من إيران التي تقدّم جودة أعلى وأسعاراً أقل؟». ودعا الى «كشف السرية المصرفية عن الوزراء في هذه الحكومة، لأن البعض يعتبر دخوله الى السلطة جنة»، وقال: «هناك وزراء يتحدثون في مجالسهم الخاصة عن أموال وصفقات وصلت قيمتها إلى 400 مليون دولار».

وتابع: «في موضوع مكافحة الفساد، المسألة ليست شخصية بل تتعلق بكيفية احترام أموال هذه الدولة»، معتبراً «أننا ذاهبون الى المعركة الصعبة لأن مال الشعب مثل دماء الشعب، وخصمنا هو الفاسد ومستعدّون للتعاون مع كل مَن يريد محاربة الفساد».

الجسر

بدوره أعلن النائب سمير الجسر خلال إلقائه كلمة كتلة «المستقبل» منح الثقة باسم الكتلة لحكومة الأفعال، وركز الجسر على جملة مواضيع منها مسألة الموقوفين الإسلاميين، وقال: «نحن لا نتكلّم عمن قتل عسكريين أو مدنيين أو فجّرهم، نحن نتكلم عن الذين حملوا السلاح في طرابلس وفي عكار وفي أي مكان آخر دفاعاً عن أنفسهم يوم تخلّت الدولة عن دورها لسنوات متتالية عن فرض الأمن والأخذ على يد المخلين. والدليل أنه حين تقرّرت الخطة الأمنية انتهى كل شيء في أقل من 24 ساعة ومن دون طلقة رصاص واحدة. إن الأحكام الصادرة بحق الكثيرين من هؤلاء قد ألصقت بهم تهم الإرهاب في حين أنهم كانوا يدافعون عن أنفسهم ولا علاقة لهم بالإرهاب والإرهابيين».

عز الدين

كما اعتبرت عضو كتلة «التنمية والتحرير» النائبة عناية عز الدين أن «العبرة تبقى في التنفيذ الفعلي على أرض الواقع، وعليه يمثل البيان الوزراي سيفاً ذا حدين، وحتى يكون السيف ماضياً في مصلحة البلاد والعباد لا بد من مناقشة محاور أساسية».

وقالت: «في مكافحة الفساد، يلتزم البيان بإقرار استراتيجية للمكافحة وهي استراتيجية طبقتها الحكومة السابقة وكان لي شرف بهذا المجهود، أن هذه الاستراتيجية بأهدافها هي خريطة طريق كاملة لمكافحة الفساد». وسألت: «هل نحن بصدد تكرار تجربة وزارة الدولة لمكافحة الفساد؟»، وقالت: «ان التحول الرقمي هو رافعة لمكافحة الفساد وجذب الاستثمار ومحاربة البطالة وللتنمية المستدامة».

ودعت عز الدين الى «وضع خطة لمعالجة النفايات عبر عملية إعادة التدوير»، وطالبت الحكومة بدمج المرأة في كافة مفاصل الحياة والعمل ورفع الظلم عنها». وأعلنت عز الدين «منح الحكومة الثقة».

مخزومي

بينما اعتبر النائب فؤاد مخزومي أن البيان الوزاري الحالي هو نسخة مطابقة لبيان الحكومة المستقيلة ذات الأداء المخيّب بمعظمه. وأمامنا تشكيلة حكومية يُقال إنها جديدة وهي استنساخ معدل في الشكل، مطابق في المضمون، وربما في المضمر أيضاً. فهل بمقدورنا إعطاء فرصة ثانية لمن وما جرّبنا من مراجع سياسية وبيان لم تثمر بنوده؟».

ورأى أنه «من الواضح أن هذا البيان موجه إلى مموّلي «سيدر» لطمأنتهم والحصول منهم على 11 مليار دولار مخصصة لتطوير البنى التحتية في دعم غير مباشر لليد العاملة السورية في لبنان. تلك فائدة نجنيها اليوم لنخفف من وطأة الوضع القائم. فماذا عن الغد ومشاريع التنمية في لبنان؟».

وقال: «مسألة النازحين موقتة مهما طالت. أما حاجتنا الدائمة فإلى مشاريع تنموية وخطة عمل تنهض باقتصاد البلد وتؤمن فرص عمل لشبابنا اللبناني في وطنه. فأي أمل نعقد على بيان لا جديد فيه، وعلى أيد لا تزال تتحرك بالإرادة التي صنعت تقصير الحكومة السابقة؟».

أبو الحسن

وأعلن النائب هادي أبو الحسن، في جلسة مناقشة البيان الوزاري، أن «الزمن يسابقنا والأعباء تغرقنا والوطن أمام مفترق خطير وماذا بعد؟ فالحل ليس بنص مكتوب وببيان وزاري بل بترجمة النيات بالأفعال كي لا تبقى مجرد أقوال». وسأل: «ماذا نفعل لتحويل مكافحة الفساد من شعار شعبوي إلى نهج فعلي؟». وقال: «نمنح الثقة للحكومة انطلاقاً من مبدأ الشراكة التي شكلت على أساسها الحكومة».

وشهدت الجلسة الصباحية رداً من عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب علي عمار خلال مداخلة له على النائب ميشال معوض، قائلاً: «نحن أمام حكومة وفاق وطني وكلنا ممثلون فيها لذا أتمنى ألا يكون هناك مكان للسجال مع أحد وحزب الله مكوّن من مكوّنات الشعب وجزء من هذه الدولة وليس قبلها شاء مَن شاء وأبى مَن أبى، ومَن يساجلنا يصغر ومن نساجله يكبر».

وفي الثالثة عصراً رفع الرئيس بري الجلسة النهارية.

الجلسة المسائية

واستهلت الجلسة المسائية عند السادسة بكلمة النائب فيصل كرامي الذي أعلن أن «الرئيس ميشال عون يعتبر الحكومة الحالية حكومة العهد الأولى وأراهن على ما قاله وتعهّد به عبر إعلانه الأخير بإطلاق معركة اصلاحية كبرى ضد الفساد كما أؤمن بالخطاب المسؤول الذي نسمعه من رئيس الحكومة بأنه لن يتهاون مع الفساد»، كما حيّا «الحريري على خطابه الوطني الجامع الذي يتميّز به حين يكون مرتاحاً من دون انتخابات ومن دون تشكيل الحكومة»، وفق قوله.

وسأل كرامي «ماذا حلّ بملف التجنيس الذي اختفى من دون ان نعرف عنه شيئاً؟»، وأضاف: «نريد وعداً بألا تكون هناك تلزيمات من خارج دائرة المناقصات وأن تضح الحكومة على خريطة أعمالها التنفيذ الفوري لمشاريع مثل تطوير وتشغيل مصفاة طرابلس وتشغيل معرض رشيد كرامي».

وفي موضوع النازحين اعتبر كرامي ان لبنان ليس كغيره من بلدان النزوح وما يعرقل العودة هي المؤسسات الدولية التي تغري النازحين بالمساعدات المالية إضافة الى العمالة غير الشرعية، كما أكد أن أي تسييس لملف النازحين السوريين يشكّل خطراً حقيقياً على لبنان وعلى علاقته بسورية».

السيّد

وكانت الكلمة الثانية للنائب جميل السيد الذي لفت إلى أن «مجلس الوزراء لم يطلب من النواب الجدد أن يقدّموا سجلاتهم العدلية وأطلب من رئيس الحكومة سعد الحريري أن يقدم تأكيداً على أهلية جميع الوزراء»، مشيراً إلى أنه «لا بدّ من تذكير أنفسنا وتوعية الرأي العام أن الشعب هو مصدر السلطات وصاحب السيادة يعني أن الشعب يملك الدولة ونحن كلنا موظفون عند هذا الشعب».

وقال: «لأنني هنا باسم الناس فسأقول بثقة وضمير مرتاح بأنني لن أعطي الثقة لهذه الحكومة»، لافتاً إلى أن «مَن يريد أن يعطي الثقة لهذه الحكومة فليعطها لكن إن وجدت بعد أشهر عدة أن هذه الحكومة قدّمت للناس فسأعطي الثقة أمام الإعلام وأما اليوم فلا ثقة مسبقة».

واعتبر أن «بيانات حكومات رئيس الحكومة المغيّب سعد الحريري فيها النقاط نفسها عن الإصلاح أما الشيء الوحيد الذي يختلف عن الفترات السابقة بأن هناك زيادة 17 مليار دولار وقناعتي بأنه لو لم يكن هناك 17 ملياراً لما كان هناك حكومة، لأن كل الحماس هو من أجل الـ 17 مليار»، موضحاً أنه «لو لم تضع الدول والمؤسسات المانحة شروطاً لما كان هناك البيان الوزاري لأن البيان وضع من أجل المانحين ليس من أجل الناس».

ولفت السيد إلى أنه «لم يعد من المجدي تقاذف المسؤوليات وليس صحيحاً بأننا جميعاً في المركب نفسه الذي يغرق، بل إن بعض الناس يملكون طائرات يستطيعون الهروب عندما يغرق المركب بالناس».

وسجلت الجلسة المسائية خروج رئيس الحكومة من القاعة تزامناً مع بدء النائب السيد الكلام.

وفور خروجه علق السيد قائلاً «كنت أتمنى من رئيس الحكومة أن يكون جالساً وأن يسمع لأنه يطلب الثقة بحكومته» واصفاً إياه بالـ»الرئيس المغيّب»، واضاف: «من أكتر الاشخاص اللي لازم يسمع مزبوط وشوية ثقافة عن الدولة ما بتضرّ حدا». وقال السيّد: «الإنسان ما بيتغيّر» ولن أعطي الثقة للحكومة. لكن سرعان ما عاد الحريري الى الجلسة مقاطعاً كلمة السيد قائلاً: «دولة الرئيس بدّي قول ظهر الرئيس المغيّب».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى