إبن سلمان في باكستان ضمن جولة آسيوية وإسلام أباد تعتبرها فصلاً جديداً في علاقاتها مع الرياض
بدأ ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان أمس، جولة إلى جنوب آسيا والصين يقوم خلالها بزيارة إلى باكستان، لكن من المحتمل أن تلقي التوترات المتصاعدة بين الهند وباكستان بظلالها على الزيارة.
تأتي الزيارة بعد أيام من تفجير انتحاري قتل فيه 44 من قوات الأمن شبه العسكرية في الهند في إقليم كشمير المتنازع عليه. واتهمت نيودلهي باكستان بالضلوع في التفجير وتوعّدت بالانتقام لكن إسلام أباد تنفي التورط في الهجوم.
واستقبل رئيس الوزراء عمران خان وقائد الجيش الباكستاني قمر جاويد باجوا ولي العهد على السجادة الحمراء في مطار عسكري في روالبندي القريبة من العاصمة إسلام أباد.
وفي إطار الاستقبال الحافل للوفد السعودي، أرسلت باكستان طائرات مقاتلة لترافق طائرة الأمير محمد، الذي من المقرّر أن يوقع اتفاقيات استثمار قيمتها تزيد على 10 مليارات دولار.
وقال مسؤولون في ماليزيا وإندونيسيا «إن الأمير محمد كان يعتزم أيضاً، زيارة الدولتين خلال جولته الآسيوية لكن الزيارتين تأجلتا، ولم يذكر سبب التأجيل ولا الموعد الجديد للزيارة، لكن ولي العهد سيزور الهند».
وقال وزير خارجية باكستان شاه محمود قرشي لقناة بي.تي.في الحكومية «هذه الزيارة ستبدأ فصلاً جديداً في علاقات باكستان والسعودية… سنبدأ شراكة اقتصادية استراتيجية».
ويعتبر محللون الجولة محاولة من ولي العهد لتحسين صورته في الخارج بعد مقتل الصحفي السعودي جمال الخاشقجي. وألقى كثيرون في الغرب بمسؤولية القتل على الأمير محمد مما تسبب في أكبر أزمة سياسية تواجهها المملكة في عقود. ونفى مسؤولون سعوديون تورط ولي العهد.
وسترحب باكستان التي تعاني من نقص السيولة المالية وتحتاج لدعم الدول الصديقة بولي العهد السعودي ترحيباً حاراً في الزيارة التي يُنتظر أن يوقع خلالها اتفاقات استثمارية بما يتجاوز عشرة مليارات دولار.
وفي الشهور الأخيرة ساندت السعودية الاقتصاد الباكستاني بتدعيم الاحتياطيات الأجنبية المتناقصة بسرعة بقرض قيمته ستة مليارات دولار الأمر الذي أتاح لإسلام أباد فرصة لالتقاط الأنفاس في مفاوضاتها على خطة إنقاذ مع صندوق النقد الدولي.
ويقول محللون «إن إسلام أباد تتعامل مع زيارة الأمير محمد باعتبارها أكبر زيارة دولة منذ زيارة الرئيس الصيني شي جين بينغ في 2015 في أعقاب إعلان بكين خططاً لاستثمار عشرات المليارات من الدولارات في البنية التحتية في باكستان في إطار مبادرة الحزام والطريق العالمية الصينية».
وتمثل الزيارة تعميقا للعلاقات بين البلدين الحليفين اللذين تركزت علاقاتهما سابقاً على دعم السعودية للاقتصاد الباكستاني في فترات الشدة مقابل دعم الجيش الباكستاني القوي للسعودية والأسرة الحاكمة.
وبفضل ولاية الأسرة الحاكمة في السعودية على أهم الأماكن المقدسة في الإسلام فإن لها نفوذاً دينياً واسعاً في باكستان التي يمثل المسلمون أغلبية بين سكانها البالغ عددهم 208 ملايين نسمة.
وقال مشرف زيدي الزميل الباحث في مركز تبادلاب الباكستاني المتخصص في دراسات السياسات العامة العالمية والمحلية «ما يحدث في هذه العلاقة هو تجديد لالتزام باكستان بالمساعدة في حماية الأسرة الحاكمة والنظام القائم في السعودية.
وفي الجانب الآخر هناك تطمين بأن السعودية لن تواصل فحسب العمل كصديق استراتيجي يساعد في دعم الوضع المالي في باكستان عند الضرورة بل ستصبح مشاركة في الاستثمار على نطاق أوسع في باكستان».
وقال الرئيس الباكستاني خان أول أمس، لصحيفة سعودي جازيت «إن بلاده ستدافع عن السعودية في حال تعرضها لأي هجوم».
وأضاف «لطالما قلنا إن مدن الإسلام المقدسة إذا تعرضت للتهديد، فإن باكستان ستذهب كلها للدفاع عنها».
وسيصبح ولي العهد أول ضيف يقيم بمقر إقامة رئيس الوزراء. وكان رئيس الوزراء الجديد عمران خان قد رفض الإقامة في المقر في محاولة لتوفير المال العام.
غير أن وصول ولي العهد يأتي وسط توعد من الهند بعزل باكستان دولياً في أعقاب التفجير الذي كان أكثر الهجمات دموية في كشمير منذ عشرات السنين.
وتطالب نيودلهي باكستان بالتحرك ضد جماعة جيش محمد المتشددة التي تقول الهند إنها تحظى بدعم الدولة الباكستانية. وتنفي إسلام أباد أنها لعبت أي دور في التفجير ودعت إلى إجراء تحقيق.
وقالت مصادر حكومية باكستانية ومصادر في حركة طالبان «إنه كان من المرجح أيضاً أن يجتمع الأمير محمد مع ممثلين للحركة الأفغانية لبحث مفاوضات السلام الرامية لإنهاء الحرب الأهلية المستمرة في أفغانستان منذ 17 عاماً».
لكن مصادر في طالبان شككت في عقد اللقاء بعد إلغاء اجتماع بين طالبان وخان أمس في اللحظة الأخيرة.