الأسد: الحرب لم تنته… وأردوغان إخواني أجير صغير عند الأميركي نصرالله لـ«إسرائيل»: ازددنا قوة… وللداخل: هذا ما عندنا فهاتوا ما عندكم
كتب المحرّر السياسيّ
بينما كان مؤتمر ميونيخ للأمن يكشف هزال مؤتمر وارسو الذي دعت إليه واشنطن لتشكيل جبهة ضد إيران، حيث برز الانقسام حول مفهوم الأمن واضحاً بين الأميركيين والأوروبيين شركاء أميركا في الناتو وفي مجلس الأمن الدولي وفي ما يسمّونه بالعالم الحر، وعنوان الانقسام الأبرز كيفية إدارة العلاقة مع إيران، كانت مقررات مؤتمر سوتشي بالحسم مع جبهة النصرة وتثبيت اتفاق أضنة على الحدود مع تركيا، والإصرار على انسحاب جميع القوات الأجنبية التي لا تملك شرعيتها بموافقة الحكومة السورية، وهي مقرّرات قبلها الرئيس التركي رجب أردغوان على مضض محاولاً التفلت منها، بتصريحات وزير دفاعه في مؤتمر ميونيخ عن العزم على إقامة «المنطقة الآمنة» بعمق 20-30 كلم داخل الأراضي السورية من دون الحاجة لإذن أحد، ما استدعى كلاماً حاسماً من الرئيس السوري بشار الأسد بتأكيد العزم على معاملة كل تحرك تحت هذا العنوان كعدوان على السيادة السورية، واصفاً المنطقة الآمنة بالنسخة المكرّرة للمنطقة العازلة التي سعت أنقرة لإقامتها منذ سنوات وكانت تتسوّل رضى واشنطن لتنفيذها، واصفاً الرئيس التركي بالإخواني الأجير الصغير عند الأميركي. وقد تطرّق الرئيس الأسد في كلمته المفصلة عن الوضع في سورية للشؤون الخدمية والمعيشية والفساد، كما تناول الحرب التي تخوضها سورية على أربع جبهات، هي الحرب العسكرية والحصار الاقتصادي، وحرب مواجهة الفساد وحرب مواجهة مع توظيف وسائل التواصل الاجتماعي، داعياً للانتباه إلى أن الحرب بأوجهها الأربعة لما تنته بعد.
بالتوازي كانت كلمات الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في ذكرى الشهداء القادة، لا تزال موضع قراءة بعناية من المعنيين في الداخل والخارج، بعدما رسم صورة المشهد الإقليمي والدولي والداخلي ومعادلات المقاومة في التعامل معها، فمؤتمر وارسو علامة جديدة على الضعف الأميركي والعجز عن بناء حلف متماسك ضد إيران يفضحه الغياب الأوروبي، وإيران وحلف المقاومة يحققون الانتصارات، وخطر شن الحروب يتراجع، والتطبيع الخليجي المشين مع كيان الاحتلال وصمة عار يجب فضحها، وسورية تتقدّم نحو نصرها مع الانسحاب الأميركي، الذي لا يفسّره النصر على داعش، وهو نصر صنعته سورية بمساندة حلفائها في محور المقاومة وروسيا، كما صنعه الشعب والجيش والحشد في العراق بدعم إيران، فالانسحاب الأميركي إعلان فشل وهزيمة مهما تمت محاولة تغطيته باحتفالات النصر على داعش، ولـ»إسرائيل» كانت رسالة السيد نصرالله واضحة وحازمة، الضغوط المالية لن تغيّر في مقادير قوة المقاومة التي ازدادت أضعافاً في العديد والعتاد والخبرة منذ بدأت المقاومة تحقق الانتصارات، بإمكانات أقل بكثير من اليوم، وعلى قادة كيان الاحتلال أن يضعوا في حسابهم أن المقاومة أكثر قوة وقدرة على مواجهة أي حرب من أي وقت مضى، وقد بات دخول الجليل بعضاً مما يعرف العدو أنها تستطيعه، بمثل ما يعرف عجزه عن دخول الأراضي اللبنانية.
للداخل اللبناني كانت رسائل السيد نصرالله، الدعوة للهدوء وتغليب لغة الحوار، والاعتراف بالاختلافات وتثبيت الأولويات، وهي واضحة للجميع، وهي بالتوازي وقف الهدر ومكافحة الفساد من جهة، وتأمين أولويات الناس الخدمية من جهة مقابلة، وفي المجالين وعد السيد نصرالله أن يقدم حزب الله ما عنده كما فعل حتى الآن، فما تم عرضه من استعدادات إيرانية، للنهوض بقطاع الكهرباء ليس مطروحاً لخوض معركة حوله، بل لحل أزمة مستعصية، والردّ من الآخرين ينتظر بتقديم بدائل أفضل للبنان واللبنانيين، وكذلك في وقف الهدر والملفات التي تشكل عناوينه الكبرى، كالدين العام وقطع الحساب واعتماد التلزيم عبر مناقصات ديوان المحاسبة حصراً، وحصر التعيين والتوظيف بمباريات مجلس الخدمة المدنية.
أول الغيث كان ما قدّمته تجربة وزير الصحة جميل جبق في اليوم الأول بعد نيل الحكومة الثقة، بإعلانه إقفال مستشفى الفنار الذي يفتقر لكل المواصفات الصحية والخدمية، وإصدار قرار بتوزيع مرضاه على المستشفيات، وإحالة ملفه إلى النيابة العامة، بينما تستعدّ الحكومة لاجتماعها الأول الخميس ويستعدّ رئيسها لإطلاق مؤتمر سيدر من اجتماع يعقد اليوم في السراي وتشارك فيه الجهات المعنية.
يفتتح اليوم، الرئيس سعد الحريري العمل الحكومي بعد ان نالت الحكومة الثقة من المجلس النيابي يوم الجمعة، فيعقد اجتماعاً تشاورياً موسعاً، يشارك فيه ممثلون عن الصناديق العربية والأوروبية والدولية والمؤسسات المالية التي التزمت بمساعدة لبنان في مؤتمر «سيدر» ويُخصص للبحث في الخطوات المستقبلية. ولفتت مصادر بيت الوسط لـ»البناء» الى أن التركيز في المرحلة الحالية يقوم على تنفيذ برنامج الإنفاق الاستثماري في البنية التحتية، تنفيذ إصلاحات هيكلية وإقطاعية وتدعيم الاستقرار الماكرو اقتصادي، مشيرة الى ان الاجتماع في السراي اليوم، هو بداية الإعلان عن انطلاق مؤتمر سيدر.
وأكدت مصادر وزارية لـ «البناء» أن اول جلسة حكومية ستعقد يوم الخميس المقبل وستكون بداية العمل وفق الإطار الذي حدده الرئيس سعد الحريري في كلمته في نهاية جلسة مناقشة البيان الوزاري لمعالجة الأزمة الاقتصادية والمالية في البلد. ولفتت المصادر الى اننا جميعاً امام مرحلة جديدة من المفترض ان تؤسس للعمل على إخراج لبنان من وعكته الاقتصادية، مشددة على ان الاهتمام سيركز بداية على إقرار الموازنة وحل ازمة الكهرباء.
من ناحية أخرى أعاد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله تأكيد الحوار والتهدئة فأعلن أول امس في ذكرى القادة الشهداء حرصه على أجواء الحوار والتواصل والابتعاد عن السجالات والكيد السياسي والانفتاح على معالجة الملفات، مشدداً على أن نية الحزب صافية في الموضوع الداخلي.
وشدّد نصر الله على جدية حزب الله في مواجهة الفساد والهدر المالي، لافتاً الى «أننا جهزنا ملفاتنا لخوض هذه المعركة وعلينا حماية مال الشعب اللبناني ومنع اللصوص والجشعين من سرقته». ولفت الى ان النكد السياسي أو الانصياع السياسي أو الجبن السياسي حرم الشعب اللبناني عام 2006 من الكهرباء 24/24 عندما رفضت الحكومة اللبنانية المساعدة الإيرانية في ملف الكهرباء.
وفي هذا السياق، اعتبرت مصادر مطلعة لـ«البناء» أن قبول لبنان «المساعدة الإيرانية الكهربائية» يتوقف على حصول توافق سياسي داخلي حوله، وهذا لا يزال غير متوفر في الوقت الراهن لاعتبارات سياسية، تتصل بالعقوبات الأميركية على ايران، ورجحت المصادر ان يشهد هذا العرض انقساماً على طاولة مجلس الوزراء، مع اشارة المصادر الى ان لبنان يمكن أن يلجأ في التعاون مع ايران الى اعتماد صيغة لا تلحق الضرر بعلاقته مع الولايات المتحدة أسوة بعدد من الدول الاوروبية التي انشأت آلية مالية للدفع مع طهران بطريقة لا تتأثر فيها الشركات بالعقوبات الأميركية.
وكان رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط غرد عبر «تويتر» قائلاً: أما الكهرباء فلنعد إلى عرض الصندوق الكويتي أو شركة Siemens مثلاً. وشددت مصادره على أن الكويت عرضت منذ سنوات تقديم تمويل لأي حل للكهرباء عبر قروض ميسرة لوزارة الطاقة.
وبعيداً عن الثقة النيابية التي حصلت عليها حكومة الى العمل، نفذ الحزب الشيوعي والتنظيم الشعبي الناصري ومنظمة العمل الشيوعي وحزب الطليعة والحركة الوطنية والتيار النقابي المستقل والاتحاد الوطني للنقابات وعدد من منظمات المجتمع المدني، اعتصامهم الثاني أمس، تحت عنوان «لا ثقة» في مسيرة من بشارة الخوري الى ساحة رياض الصلح في وسط بيروت، حاملين شعارات «رفضاً للسياسات الاقتصادية والاجتماعية للنظام اللبناني المعادية لمصالح العمال والموظفين والمزارعين والجماهير الشعبية، وتنديداً بهيمنة القطاع المصرفي على القرار السياسي للسلطة». وشدّدت الكلمات على ضرورة إيجاد حلول للأوضاع المعيشية السيئة التي يعاني منها الشعب اللبناني، والناتجة عن سياسات حكومية متعاقبة.
وعلى خط ملف النازحين السوريين، شددت مصادر وزارية في تكتل لبنان القوي لـ«البناء» على ان مصلحة لبنان تكمن في الحوار مع الحكومة السورية من أجل عودة النازحين السوريين الى ديارهم، لافتة الى أن سياسة المنظمات الدولية والمجتمع الدولي تجاه النازحين لجهة وقف المساعدات لهم في حال غادروا لبنان، هي سياسة خاطئة ومشبوهة لأن ذلك من شأنه أن يدفع بهؤلاء النازحين الى البقاء في لبنان لفترات أطول. وإذ شددت المصادر على ان المبادرة الروسية تحظى باهتمام لبنان الرسمي، أشارت الى ان التواصل مع الحكومة السورية أمر لا بدّ منه من اجل لبنان، لافتة الى ان وزير الدولة لشؤون النازحين سوف يعد رؤية لحل ازمة النازحين، وفق مقاربة يجمع عليها كل الفرقاء.
وشدّد وزير الدفاع الوطني الياس بو صعب على وحدة الأراضي السورية وأكد في ما يتعلق بالمناطق الآمنة أن أيّ حل يجب أن يكون بموافقة الحكومة السورية لافتاً الى أهمية أن تجد الجامعة العربية الحل المناسب. وحذّر في هذا الإطار، من ان اي حل لا يكون بالتنسيق مع الحكومة السورية سيخلق مشكلة جديدة، يمكن تفاديها.
ودعا بو صعب، خلال مشاركته في مؤتمر ميونيخ للأمن، إلى إيجاد حلول وتعزيز وحدة وسيادة الدولة السورية وفق قرارات الأمم المتحدة، مشدداً على وجوب الاستماع الى معاناة الشعب السوري وحقه بتقرير مصيره.
وتطرّق بو صعب لقضية المطرانين المخطوفين وجدد في هذا السياق، مطالبة نظيره التركي خلال الحوار العلني بالمساعدة على كشف مصيرهما.
كما تحدث بو صعب عن خطر عودة المقاتلين الأجانب الى بلادهم، معتبراً ان الحرب العسكرية ضد داعش انتهت وبدأت الحرب الأمنية. ولفت الى تجربته في وزارة التربية حيث تم إدخال الاطفال السوريين الى المدارس بينما كان تنظيم داعش يبذل جهداً من اجل تجنيدهم للقتال في صفوفه.
وعرض بو صعب على هامش مؤتمر ميونيخ مع وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف التعاون الثنائي وخاصة في المجالات الاقتصادية والقضايا الإقليمية ومنها تطورات سورية. ولفت بو صعب لـ«سبوتنيك» الى أنه لمس تفهماً من الجانب الإيراني للوضع في لبنان، وقال: «ليس لديهم أي توجه للضغط علينا باتجاه معين يضرّ بمصلحة لبنان واللبنانيين».
الى ذلك يفتح اليوم المدّعي العام المالي القاضي على إبراهيم تحقيقاً في ملف مستشفى الفنار في المصيلح. ويأتي ما سبق بعد أن أعلن وزير الصحة العامة جميل جبق أن الوزارة ستخلي مستشفى الفنار للأمراض النفسية والعصبية في المصيلح في غضون يومين لكونها غير مؤهلة، على أن يُنقل المرضى فيها إلى عدد من المستشفيات الأخرى على عاتق وزارة الصحة.
وقال جبق بعد تفقده المستشفى: «ما رأيته مأساة أخلاقية اجتماعية صحية، وهذا ليس مستشفى، وكان يجب إقفالها منذ زمن»، مضيفاً: «سنحيل هذه القضية على النيابة العامة للتحقيق فيها».
وشددت مصادر مطلعة لـ»البناء» على أن حزب الله سيولي القطاع الصحي مسؤولية مركزة وسيعمل على تحقيق سياسات صحية مهمة خارج منطقة الحسابات السياسية والصفقات، وسيتابع الوزير جبق ملف المستشفيات كافة بكل شفافية. وقالت المصادر إنّ حزب الله يتّجه إلى تقديم مجموعة من الاقتراحات ستنص على ضبط الإنفاق المالي.