رئيس الجمهورية لنقابة المحررين: نرفض انتظار الحلّ السياسي لعودة النازحين

استغرب رئيس الجمهورية العماد ميشال عون «ما يُثار حول حصول خلافات داخل الحكومة الجديدة حتى قبل اجتماعها أو على الأقلّ إعطائها مهلة أيام قليلة»، مشدّداً على أنها «ستكون حكومة ناجحة».

كلام الرئيس عون جاء في خلال استقباله نقيب المحررين جوزف قصيفي على رأس وفد من مجلس النقابة الجديد، وضعه في صورة برنامج عمل النقابة للمرحلة المقبلة.

وجدّد الرئيس عون «رفض لبنان انتظار الحلّ السياسي في سورية من أجل إعادة النازحين لأنه أمر غامض، وقد عانى لبنان في هذا السياق مع الفلسطينيين الذين لا يزالون ينتظرون الحلّ السياسي منذ سبعة عقود من الزمن ولا أفق له. وذكّر بالتجربة القبرصية حين استقبل لبنان أعداداً من النازحين القبارصة خلال النزاع الذي دار في العام 1974 في قبرص، لكنهم عادوا فور الإعلان عن وقف إطلاق النار، فيما لا يزال الحلّ السياسي للأزمة القبرصية غائباً منذ 45 عاماً».

أضاف: «اما القول إنّ عودة النازحين السوريين إلى بلدهم غير آمنة، فهو أمر مبالغ فيه. فقد تمّت إعادة 156 ألف نازح من لبنان، ولم يتعرّض أيّ منهم لمضايقات، ولا سبب يدعو لذلك طالما أنّ المصالحات في سورية تمّت مع الذين بقوا وحملوا السلاح، فكم بالحري مع الذي نزح لتأمين سلامته ولقمة عيشه والابتعاد عن الحرب؟» لافتاً إلى أنّ «الذين عادوا بملء إرادتهم حتى اليوم هم من غير المسجلين في دوائر المنظمات الدولية»، مشيراً إلى «ما نشهده على حدودنا الجنوبية لجهة قيام كيان قومي يهودي، والذي يبرّر ما يمكن ان يحصل في سورية»، معتبراً انّ «ما قاله وزير الدفاع الياس بو صعب لجهة رفض قيام الحزام التركي الآمن في شمال سورية، هو كلام منطقي لأنّ مثل هذا الحزام قد يؤدّي إلى التقسيم، وهو أمر من شأنه منع عودة النازحين واللاجئين. وهذا أمر خطير جداً، وعلينا قراءة الأحداث على المدى البعيد وعدم الاكتفاء بمواكبتها أو اللحاق بها وخصوصاً في الدول الصغيرة».

وعن زيارة وزير الدولة لشؤون النازحين صالح الغريب إلى سورية، اعتبر الرئيس عون انّ «عدد النازحين السوريين في لبنان يتخطى المليون ونصف المليون نازح، وقد رحب الرئيس بشار الأسد بعودة النازحين جميعاً، ونحن في لبنان نعاني من الموضوع. ألا يحق للبنان أن يرتاح من مشكلة ألقيت على عاتقه دون ان يؤذي بتدبيره هذا أيّ بلد آخر؟ هذا أمر غير منطقي بتاتاً لأنه من مصلحة لبنان إعادة النازحين إلى بلدهم، خصوصاً انّ السلطات السورية أبدت كلّ رغبة في استقبالهم».

واستغرب الرئيس عون «موقف بعض الدول الكبرى التي لا تعمل على إعادة النازحين ولا تريدنا في المقابل أن نعمل لتحقيق هذه العودة».

ورداً على سؤال عن مخاوف من تقسيم المنطقة، رأى الرئيس عون انّ «المخاوف من تقسيم سورية جدية، وما حصل مع القضية الفلسطينية دليل على ما يمكن أن يحصل، فاليوم أصبحت تلك القضية منسية، وأكاد أكون وحيداً في الدفاع عنها أينما حللت».

وإذ لفت الى الأزمة الاقتصادية والمالية التي يمرّ بها لبنان في ظلّ ما ورثه من دين عام وتأثره بالأزمات الدولية المتلاحقة وحروب المنطقة، بالإضافة إلى انعكاسات ازمة النازحين السوريين عليه، فإنه أعاد التأكيد على انّ «بإمكانه تجاوز هذه الأزمة»، مشدّداً على «خطورة الشائعات التي كانت تطلق حول الوضعين المالي والاقتصادي وضرورة الابتعاد عن كلّ ما يؤدي إلى إلحاق الضرر بهما».

وشدّد رئيس الجمهورية في ما خصّ مسألة ضمان الشيخوخة، على أنه «سيأخذ طريقه الى التنفيذ ولم يعد سراً وجود دعوى لدى القضاء حول مخالفات الضمان، ولن نتحدث عن الموضوع الى ان يبتّ به القضاء المختص».

وعن موضوع التحذير الأميركي من «مخاطر حزب الله» ونفوذه في الحكومة الحالية، أوضح رئيس الجمهورية أنّ «هذه هي الرؤية الأميركية وهي تختلف عن الواقع، فحزب الله حافظ على وجوده السياسي السابق في الحكومة، وليس صحيحاً انّ نفوذه على لبنان يزداد، وما يُقال في الأوساط السياسية أحياناً في هذا السياق هو مجرد «مزايدات». وحتى على المستوى الأمني حيث يُقال انّ للحزب نفوذاً في الجنوب والبقاع، فلا سلطة أعلى من سلطة الجيش والقوى الأمنية التي قامت مؤخراً بعمليات أمنية كبيرة في المنطقة وأرست الأمن والاستقرار».

ورداً على سؤال حول مطالبة ألمانيا لبنان بتسلّم مدير المخابرات الجوية السورية جميل حسن من لبنان، نفى الرئيس عون علمه بما قيل في هذا المجال، مشيراً الى أنّ «الأجهزة الأمنية لم تطلعني على دخول حسن الى لبنان. أما في حال دخوله خلسة، بسبب صعوبة ضبط الحدود، فيجب التحرّي والتدقيق كي نعرف حقيقة وجوده في لبنان من عدمها».

ورداً على سؤال حول عدم تطبيق بعض القوانين اللبنانية واستبدال بعضها الآخر بقرارات بمزاجية، «ما يؤدّي الى إرباك»، أشار الرئيس عون الى انه مطلع على الأمر «وقد وضعت لائحة طويلة بمثل هذه المخالفات»، مشيراً الى أنه يتابع الأمر عن كثب وهو طلب «إجراء جردة بمخالفة القوانين على مستوى الوزارات ليتمّ بحث الأمر».

ورداً على سؤال يتعلق بمعرفة أين وصل الرئيس عون في تطبيقه لشعار محاربة الفساد الذي نادى به منذ البداية، أجاب رئيس الجمهورية: «هناك 5 قضايا على الأقلّ بتهمة الفساد امام القضاء، وهناك أيضاً قضية كبرى مماثلة يتابعها القضاء منذ نحو شهر وفيها 21 ضابطاً وعنصراً من قوى الأمن الداخلي، ولكن بعض الإعلام لا يتابع الأمر بل يتمسك بالشائعات وبتبادل الاتهامات. أنا أفتش عن هذه القضية في الإعلام فلا أجدها».

وسئل عن رده على مناشدة البعض له لتفعيل مبادرته من أجل إنهاء ملابسات ما جرى في منطقة الشويفات، أشار رئيس الجمهورية الى انّ «الأزمة على طريق الانتهاء»، وقال: «علينا التوفيق بين الطرفين، وإنْ كانت هناك بعض الصعوبات في الشكل. ونحن نريد الوئام والوفاق بين جميع اللبنانيين، واول ما قمت به كان في هذا الاتجاه».

وعن مصير تلفزيون لبنان، أشار الرئيس عون الى العمل من أجل «إعادة تنظيمه». وأكد «دور الإعلام ككلّ في بلورة الرأي العام، بالإضافة الى الدور الأساسي الذي تضطلع به الصحافة المكتوبة على وجه الخصوص في تثقيف المواطنين»، مشيراً إلى «ما يواجه الإعلام راهنا من تحديات وما يعتريه من شوائب». وقال: «إنّ الفضيحة حيث وجدت يجب ان تقال كما هي. ولأنّ الحرية بطبيعتها مطلقة، فانّ على الإنسان عندما يريد استعمالها احترام حدودها التي هي الحقيقة، كما عليه إثبات هذه الحقيقة من دون التستر عليها أو إطلاق الاتهامات جزافا».

وتطرق رئيس الجمهورية الى ما تشهده مواقع التواصل الاجتماعي احياناً من إطلاق السباب والشتائم، واندفاع البعض للدفاع عن الحرية إزاءها، متسائلاً: «هل الحرية هي من أجل السباب وإطلاق الشتائم»، وقال: «فليكن الفصل بين الشتيمة والحرية، وليحافظوا على حرية مطلقة في النقد المفيد، انْ في السياسة او في غيرها من الأمور والابتعاد عن الشتيمة».

واعتبر انّ «الشتيمة يجب أن تحال إلى قانون العقوبات لا إلى قانون المطبوعات، خصوصاً أنّ القانون الجزائي بإمكانه حسم قضايا من هذا النوع، فيما تبقى في معظم الأحيان القضايا المحالة استناداً إلى قانون المطبوعات سنوات دون البتّ بها وتنتفي معها ايّ قيمة للتدبير المتخذ بموجبه».

وجدّد الرئيس عون موقفه من انّ «الصحافة الحرة هي التي تساعد الحاكم في حكمه إذا ما أراد ان يحكم بعدل وصوابية»، لافتاً الى انّ «الحرية تقيّد الحاكم اذا لم يحكم بالطريقة الصحيحة»، مشيراً الى أنّ «علينا ضبط الاعلام لا في حريته لكن ضمن سقف الحقيقة».

وكان الرئيس عون استقبل وزيرة الداخلية والبلديات ريا حفار الحسن التي شكرته على الثقة التي أولاها إياها لتسلمها حقيبة الداخلية في الحكومة الجديدة، وعرضت لأولويات عملها في الوزارة من النواحي كافة.

وأشارت الوزيرة الحسن الى أنها تداولت مع الرئيس عون «في عدد من المواضيع التي تهمّ المواطنين وتسهّل لهم حاجاتهم اليومية، إضافة الى الأوضاع الأمنية في البلاد».

واجرى رئيس الجمهورية مع الوزير السابق النائب جان عبيد جولة أفق تناولت الاوضاع المحلية والاقليمية.

وفي قصر بعبدا، سفير لبنان لدى الولايات المتحدة الأميركية غابي عيسى الذي عرض مع الرئيس عون العلاقات اللبنانية – الأميركية وسبل تطويرها في المجالات كافة، لا سيما في ما يتعلق بتسليح الجيش بالإضافة الى ملف النزوح السوري والقطاع المصرفي.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى