الناشف: حكومة المحاصصة الطائفية تفاقم الأزمات التي تدّعي السعي لحلها حردان: دورنا بوجه الإرهاب والتزامنا بالناس أبعد مدى من التغييب الحكومي
كتب المحرّر السياسيّ
على جبهتين كان لبنان ساحة تطوّرات دستورية وسياسية لافتة، فقد تزامن إعلان المجلس الدستوري عن نتائج البتّ بالطعون النيابية، مع الجلسة الأولى للحكومة الجديدة، التي انعقدت على خلفية النقاش السياسي للعلاقة بالدولة السورية في سياق السعي لمعالجة ملف النازحين السوريين، الذي أراد وزراء القوات اللبنانية جعله الطبق الرئيسي على طاولة الحكومة. وفي الملف الأول كانت المفاجأة بلجوء المجلس الدستوري إلى ربط إبطال نيابة النائب في تيار المستقبل ديما جمالي عن المقعد السني الخامس في طرابلس، باعتبار المقعد شاغراً، أي ما يعني إعادة إجراء الانتخابات عن هذا المقعد، على أساس النظام الأكثري، وفي دائرة طرابلس وحدها، وفقاً لنصوص قانون الانتخابات في حال الشغور، مستبعداً خيار إعلان فوز المنافس صاحب الطعن المرشح طه ناجي رغم الإقرار بحصوله ولائحته على الفارق الإيجابي لاحتساب الأصوات، بداعي الفارق الضئيل، وعدم وضوح الكفة الراجحة بما يتيح إعلان فائز، دون أن يعتبر ذلك سبباً لإعادة الانتخابات لكل مقاعد الدائرة، ما يضمن إجراءها مجدداً وفقاً للنظام النسبي والدائرة الموسعة، ويحقق تكافؤ الفرص والتنافس وصحة التمثيل. في الملف الثاني كان اللافت بعد محاولة القوات اللبنانية عبر وزارئها استثارة نقاش مبدئي حول العلاقات اللبنانية السورية، لاستنهاض الشريكين المستقبلي والاشتراكي الصامتين لحسابات مصلحية لكل منهما، كما قالت مصادر القوات اللبنانية في توصيف صمت رئيس الحكومة سعد الحريري ووزراء الحزب التقدمي الاشتراكي، واصفة موقف الحريري بتغليب تقاسم الملفات مع التيار الوطني الحر وحزب الله على حساب التزاماته المبدئية بما تسميه القوات بثوابت السيادة، بحيث يهتمّ بالملف الاقتصادي ويتخلى عن الملفات السيادية لثنائي التيار الوطني الحر وحزب الله. بينما وصفت موقف النائب السابق وليد جنبلاط بالمقايضة بين ملف النازحين وتعيين رئيس أركان الجيش اللبناني وفقاً للترشيح الجنبلاطي فيما قالت مصادر متابعة إن الموقفين الحريري والجنبلاطي لا ينفصلان عن المتغيرات التي يشهدها الموقف العربي، خصوصاً السعودي والإماراتي والمصري المشجّع على عودة العلاقات مع سورية ضمن رسالة تستهدف بلوغ دمشق كتشجيع على مواجهة النفوذ التركي، وتقول المصادر المتابعة إن جزءاً من موقف الحريري وجنبلاط يفسره أيضاً الإطلاع المسبق على درجة الحسم في موقف رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في التعاطي مع ملف النازحين واعتباره ملفه الشخصي الذي لا تهاون فيه. وفي سياق النقاش الذي شهدته جلسة الحكومة برز موقف رئيس الجمهورية الحاسم، بكلام قاطع نقل الملف من كونه واحدة من مسؤوليات الحكومة، إلى جعله ملفاً حصرياً لرئيس الجمهورية كواحدة من مفردات القسم الدستوري الذي يؤديه الرئيس لصيانة وحدة وسلامة البلاد، ولكونه يتصل بمبدأ العلاقات الخارجية والتفاوض على المعاهدات والاتفاقيات، التي تبدأ من رئاسة الجمهورية، ولا تصبح ملكاً للحكومة إلا عندما تصير مشروع اتفاق ناجز يحتاج الإحالة إلى مجلس النواب عبر الحكومة. وقد استخدم رئيس الجمهورية في حسم النقاش باستعراض مندرجات العلاقة بين ملف النازحين ومقتضيات الاستقرار اللبناني من جهة، وباستعراض موازٍ بالمقابل لتسابق دول العالم للتواصل مع الدولة السورية، التي تشكّل وحدها الجوار اللبناني، وعبثية الكلام عن حل لقضية النازحين دون التواصل معها.
الوضع في لبنان والمنطقة كان على جدول أعمال اللقاء الموسّع الذي عقده الحزب السوري القومي الاجتماعي وتحدث فيه كل من رئيس الحزب حنا الناشف، ورئيس المجلس الأعلى أسعد حردان، وكانت عناوين كلمتي الناشف وحردان نوعاً من التقرير السياسي لتحليل المشهدين الإقليمي والداخلي، وتحديداً لموقف القوميين منهما، خصوصاً بعد تشكيل الحكومة الجديدة في لبنان، التي غيّب عنها الحزب السوري القومي الإجتماعي للمرة الأولى منذ حكومات ما بعد اتفاق الطائف، وهو ما اعبتره الناشف وحردان إشارة هامة لتغييب مفهوم حكومات الوحدة الوطنية لحساب حكومة محاصصة ومساكنة طائفية، قال الناشف إن أي تدقيق في مسارها وكيفية مقاربتها للملفات يكشف أنها أعجز من التصدي لما تدّعي السعي لحله من مشاكل، فالمحاصصة الطائفية هي البيئة الحاضنة للفساد والهدر، وهي العائق أمام التوظيف وفقاً لمعيار الكفاءة، بإعطاء الأولوية للمحسوبية والاستزلام، بمثل ما هي العائق أمام حل مشكلات الخدمات وقيام الدولة بمسؤولياتها تجاه مواطنيها. فحكومة المحاصصة عبء على لبنان وعقبة أمام أي سعي جدي لحل مشاكله، بينما اعتبر حردان أن تغييب الحزب السوري القومي الاجتماعي عن الحكومة لا يغيب دوره الفاعل والمتقدّم في مواجهة الإرهاب والتصدي للتحديات التي تطال لبنان والمنطقة من موقعه في الحلف الكبير الذي يقاوم الهجمة الأميركية الصهيونية، التي تشكل سورية ساحة الاشتباك المتقدّم معها ويقف فيها القوميون في خطوط المواجهة الأولى، ورفض حردان ربط موقف القوميين من الحكومة بهذا التغييب إلا من زاوية كونه يطعن بصفتها حكومة وحدة وطنية، فحكومة لا تمثل التيار القومي والعلماني وتقوم على تقاسم الحصص بين ممثلي الطوائف ليست حكومة وحدة وطنية، إلا أن موقف القوميين بربط منحهم الثقة للحكومة بنتائج مراقبتهم لأدائها في الأيام المئة الأولى من ممارستها لمسؤولياتها، أبعد مدى من أن يكون للردّ على تغييبهم، فهو تعبير عن عزم القوميين على متابعة هذا الأداء في مواجهة المعاناة المتعاظمة للمواطنين على الصعد كافة، من التعليم والصحة إلى ما يتصل بدورة الحياة الاقتصادية والمعيشية بكل وجوهها، بينما البعد السياسي المتصل بمسؤوليات الحكومة الدستورية قد غاب كلياً عن بيانها الوزاري، سواء ما يتصل بالشق الإصلاحي من اتفاق الطائف وقانون انتخاب خارج القيد الطائفي، أو ما يتصل بالعلاقات المميّزة بسورية التي تشكّل أحد مرتكزات الوفاق الوطني.
أكد رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي حنا الناشف أننا اليوم أمام حكومة لا تمتّ بصلة إلى الوحدة الوطنية، بل هي حكومة مساكنة طائفية ومذهبية، وهذا النوع من الحكومات يعطّل البلد بالتناقضات والخلافات وعدم الإنتاجية.
وخلال اجتماع إداري لهيئات المنفذيات في لبنان بحضور رئيس المجلس الأعلى النائب أسعد حردان، لفت الناشف إلى أنّ جهودنا في لبنان يجب أن تنصبّ على تحصين الوحدة الاجتماعية، والوقوف مع مطالب الناس المحقة، ورفع الصوت من أجل إيجاد الحلول الناجعة للأزمات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، ولمواجهة سياسات الإفقار والتجويع، والمطالبة بتحقيق العدالة الاجتماعية.
وتابع قائلاً: بكلّ أسف، هذا النوع من الحكومات لا ينتج حلولاً للأزمات المعيشية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية، والاستدانة إنْ لم تقترن بالنهوض الاقتصادي ستشكل عبئاً ثقيلاً على لبنان، في حين أنّ الحلّ يكمن في محاربة الهدر والفساد، ولا نرى نذراً لوقف الهدر ومكافحة الفساد في ظلّ نظام المحاصصة الطائفية والمذهبية، وطالما أنّ النظام الطائفي في لبنان يساوي الفساد.
بدوره أكد حردان أن عدم تمثيل الحزب القومي في الحكومة لا ينتقص من دوره ولا من حضوره، بل يجعل من الحكومة معدمة التمثيل الوطني وكلّ كلام عن أنّ هذه الحكومة هي حكومة وحدة وطنية كلام إنشائي. وقال: للحزب القومي دور أساسي ومحوري لتحصين الوحدة وتحقيق الأمن الاجتماعي وحماية السلم الأهلي في لبنان، ولذلك لن نقف متفرّجين حيال ما يتعرّض له البلد من أزمات ومشاكل عديدة تثقل كاهل الناس.
وتابع: الأمن الاجتماعي في لبنان ليس محصّناً، ففي التربية والتعليم، هناك أزمة حقيقية، نتيجة الأقساط المرتفعة في المدارس الخاصة، يقابل ذلك إهمال يطال المدرسة الرسمية. وهذا بسبب عدم وجود سياسة تربوية تضع في أولوياتها تعزيز التعليم الرسمي وتطويره.
وأشار حردان إلى أنّ الحزب إضافة إلى حمل قضايا الناس، حازم في موقفه لجهة التمسك بمشروع الدولة، لأنه عندما تكون الدولة قوية تكون هناك مؤسسات فاعلة، أما حين تكون الطوائف والمذاهب أقوى من الدولة، فهذا يؤدّي الى الانهيار.
أضاف: نحن حريصون على الوحدة الوطنية، ولا نمارس كيدية سياسية، والثقة المشروطة مئة يوم التي أعطيناها للحكومة، لنؤكد أنّ دور الحزب القومي ليس مقروناً بوجود وزير لنا في الحكومة، بل هو دور أساسي في طبيعة نضالنا القومي ودفاعنا عن مصالح الناس ومصلحة البلد.
واعتبر حردان أنّ الحرب على سورية لم تنته بعد، ولكن سورية دخلت المرحلة الأخيرة في مسار دحر الإرهاب وبسط السيادة على كلّ أرضها. وأشار حردان إلى أنّ المشروع الصهيوني خطر داهم على لبنان وكلّ بلادنا، والحكومة معنية بحماية عناصر قوة لبنان في مواجهة هذا الخطر، ولتحرير ما تبقى من أرض محتلة. وهذا عنوان من عناوين الدور المُنوط بنا.
وختم حردان قائلاً: على أهمية دورنا في الميدان ضدّ الإرهاب والاحتلال، فإننا لن نتوانى عن خوض معركة الوعي لتحصين الوحدة، فثقافة مواجهة الاحتلال والإرهاب لا تقتصر على المواجهة الميدانية، بل تتطلّب تعزيزاً للوحدة وتحصيناً للمجتمع، والقوميون الاجتماعيون مطالبون من شعبنا بهذا الدور وهذا الأداء.
عون يستعين بنابليون…
وكما كان متوقعاً أشعل ملف النازحين السوريين الخلاف داخل مجلس الوزراء، فالأجواء الهادئة التي بدأت بها الجلسة لم تدم طويلاً، فبعد تمرير جدول أعمال الجلسة بأجواء توافقية، انقلبت المعادلة عند فتح النقاش حول الملفات السياسية لا سيما ملف النازحين، فسجل وزراء القوات اللبنانية اعتراضهم على كلام وزير الدفاع الوطني الياس بو صعب في مؤتمر ميونيخ للأمن وزيارة وزير الدولة لشؤون النازحين صالح الغريب الى دمشق. وتحوّل النقاش سجالات ساخنة وعالية النبرة، فما لبث رئيس الجمهورية ميشال عون أن حسم الأمر ضارباً بيده على الطاولة ومستعيناً بالقائد العسكري الفرنسي نابليون في الحديث عن العلاقة مع سورية، خاتماً الجلسة بالقول: « أنا اقسمت اليمين بالمحافظة على الدستور وأعرف أين هي مصلحة لبنان»، قبل أن يرفع الجلسة ما أصاب الوزراء بالذهول، حتى أن وزيري الحزب الاشتراكي أكرم شهيب ووائل أبو فاعور امتعضا من عدم منحهما الإذن بالكلام في نهاية الجلسة.
وتُعدّ مداخلة الرئيس عون الإنذار والتحذير الأخير لمعارضي التواصل مع سورية ومقدّمة لخطوات عملية وتدريجية سريعة لحل أزمة النازحين، وربما تحضير البيئة الوزارية والسياسية لزيارات رسمية الى سورية على مستوى أعلى من وزير دولة لشؤون النازحين وقد تكون لوزير الخارجية جبران باسيل أو على مستوى رئيس الجمهورية، وأشار عون الى أن «النأي بالنفس حسب مفهومنا هو عمّا يحصل في سورية ، وليس عن مليون ونصف مليون نازح سوري يعيشون في لبنان ، ما ألحق تداعيات اقتصادية واجتماعية وإنمائية وأمنية أثّرت على أوضاعنا، خصوصاً مع تلاحق الأزمات الاقتصادية الخارجية والداخلية التي أحاطت بنا»، مضيفاً: «أتذكّر قولاً لنابوليون يقول فيه: السياسة إبنة التاريخ، والتاريخ إبن الجغرافيا، والجغرافيا ثابتة لا تتغيّر. وبالتالي، فإن أي بلد مجاور مثل سورية، لا بدّ أن نقيم معه علاقة خاصة. من هنا، فإن علاقتنا بسورية غير علاقتنا بتركيا أو إيران مثلاً».
وأضاف عون: «لقد أقسمت اليمين على الدستور وعلى المحافظة على السيادة والقوانين. ولا أقبل بأن يكون على أرض وطني هذا العدد الضخم من النازحين»، مشيراً الى أن «اللجوء السياسي يكون لمضطهدين في السياسة ، وليس للهاربين من ويلات الحرب وبداعي الحاجات المفقودة، ومتى عاد الاستقرار فإن على هؤلاء أن يعودوا ولقد رحّب الرئيس السوري بشار الأسد بالنازحين العائدين، وإني أتساءل كيف ننسق انتقال قرابة مليون ونصف مليون نازح من دون التواصل والتنسيق مع الدولة السورية ؟».
ورأى عون أنه «كلما زارنا وفد أجنبي نسمع إطراء عن اهتمامنا بالنازحين إلى درجة أني قلت مرة لهم «رح نصير نحنا النازحين… ما بقا فينا نقعد ببلدنا وكل شبابنا عم يسافروا»، مضيفاً: «أقول لمن يتحدث في موضوع النازحين أن بعضهم غير مدرك للنتائج التي تترتب عن استمرار بقاء النازحين على أرضنا. هذه مسؤوليتي كرئيس للدولة. أنا أقسمت اليمين بالمحافظة على الدستور ولا يمكنني أن أترك هذه المسألة ويقولون انتظروا الحل السياسي»، مشيراً الى أنهم «يقولون إن سورية لا تريد عودة النازحين، وأنا أقول لكم إنها تريد هذه العودة. لقد تمّت حتى الآن عودة 156 ألف نازح سوري تأمنت لهم مساكن موقتة والمدارس لأطفالهم، ولبنان تلقى ضمانات سورية باستقبال النازحين على أرضهم عندما يعودون. اليوم، دول عدة، لا سيما الدول الكبرى تتواصل مع الدولة السورية ورئيسها، فلماذا لا يتواصل لبنان لحل أزمة مليون ونصف مليون نازح سوري على أرضه؟ «قاعدين ببيتي… شو بترك وبفل».
مضيفاً «أنا أعرف مصلحة لبنان العليا، وأنا أحددها، فأنا في مركز المسؤولية وهذه صلاحياتي لأني الوحيد الذي أقسمت يمين الحفاظ على الدستور وقوانين الأمة وسلامة الأرض والشعب، وأرسيت توازناً وطنياً حتى نحقق الاستقرار ونعيد بناء لبنان من جديد. هذا هو مفهومي للمصلحة الوطنية العليا، وأنا مسؤول تجاه شعبي».
وإذ انفرد وزراء القوات في الاعتراض على زيارة الغريب وكلام بوصعب لاذ رئيس الحكومة سعد الحريري ووزراء الاشتراكي بالصمت، إلا أن أبو فاعور أشار في حديث تلفزيوني الى أن «أي زيارة يجب أن تحظى بموافقة مجلس الوزراء أو تكليف من مجلس الوزراء»، مشيراً الى أن «زيارة الغريب شخصية سياسية من جهة حليفة للنظام السوري ولا تلزم مجلس الوزراء بأي أمر».
من جهتها، حاولت الوزيرة مي شدياق تفسير صمت الحريري بأنه ممتعض من كلام عون، وقالت بعد الجلسة إن «لا خلاف على مسألة عودة النازحين السوريين ، ولكن الخلاف على مسألة العلاقة النظام السوري متناسين اتهام النظام السوري لرئيس الحكومة سعد الحريري بالإرهاب »، مشيرةً الى أن «الحريري ممتعض من هذه المسألة ولم يشارك بالنقاش ».
قرار الدستوري ثبّت نيابة جمالي…
وبالتوازي مع سخونة الموقف في بعبدا، خطف قرار المجلس الدستوري الأضواء وأثار جدلاً دستورياً وسياسياً واسعاً واعتراضات من تيار المستقبل والمرشح طه ناجي معاً.
وأعلن رئيس المجلس عصام سليمان في مؤتمر صحافي إبطال نيابة ديما جمالي جراء الطعن المقدم من قبل المرشح ناجي وإعادة الانتخابات في الدائرة لملء المقعد الشاغر في دائرة طرابلس – المنية، خلال شهرين وذلك وفق القانون الأكثري. واشار الى أن ليس هناك ما يستدعي ابطال أي نيابة في دائرة بيروت الاولى، كما رد الطعون في نيابات دائرة بيروت الثانية لعدم تضمنها مبرراً، وفي المتن لاستنادها الى أقوال الصحف. ونفى سليمان كل ما يُقال عن تدخلات سياسية في المجلس الدستوري».
إلا أن المستغرب اعتراض كتلة المستقبل النيابية على القرار وتهجمها على الدستوري، علماً أن القرار جاء لمصلحة التيار الأزرق بإتاحته المجال أمام إعادة ترشيح جمالي وعودتها الى المجلس النيابي.
وأشارت مصادر قناة «أو تي في» الى أن «بعد إبطال المجلس الدستوري لنتيجة قلم قرصيتا، يتبين أن عدد المقاعد التي فازت بها لائحة «المستقبل» هي 4 مع كسر 0.55249. بينما فازت لائحة الكرامة الوطنية بمقعدين اثنين وكسر 0.55256، أي بفارق 0.00007 بين الكسرين يكاد يكون معدوماً ولا يمكن التعويل عليه لإعلان فوز مرشح عن المقعد السني الخامس، ما يعني أن التحقيق الذي تابعه الدستوري يشير الى أخطاء حسابية في عدد من الاقلام ما يمنع الاستناد الى نتيجة الكسر الأعلى لإعلان فوز».
وقال الخبير الدستوري عادل يمين لـ»البناء» إن «أمام المجلس ثلاثة خيارات: رد الطعن وتثبيت نتيجة وزارة الداخلية. قبول الطعن وإعلان فوز المرشح الخاسر الذي يليه بحسب الأرقام وإما إعلان الإبطال والامتناع عن إعلان فوز المرشح الخاسر وإعلان المقعد شاغراً»، مشيراً الى أن للمجلس الحق في اتخاذ أي من الخيارات الثلاثة بمن فيها ابطال نيابة جمالي وفوز المرشح طه ناجي، لكن نظراً لعدم وضوح الأرقام اكتفى بالإبطال وترك المقعد شاغراً على أن تتولى السلطة التنفيذية ملء المقعد الشاغر من خلال مرسوم رئاسي يوقعه الى جانب رئيس الجمهورية رئيس الحكومة ووزير الداخلية، وتجرى الانتخابات بحسب يمين على النظام الأكثري وفي دائرة طرابلس حصراً.
إلا أن السؤال هو لماذا أرجأ الدستوري قراره الى ما بعد تأليف الحكومة ونيلها الثقة؟ وكما كان لافتاً غياب النائب المطعون بنيابتها جمالي عن جلسة اللجان النيابية أمس، وإعلانها من بيت الوسط ترشحها للانتخابات بعد لقائها الحريري ما يعني علمها المسبق بالقرار، وبالتالي وجود تسوية سياسية في طياته، حيث أتى القرار ليثبت ويشرع نيابة جمالي، علماً أن أوساطاً مستقبلية نفت لـ»البناء» اطلاعها المسبق على حيثيات القرار، ملمّحة الى أن الكتلة قد تكون قصدت فريق رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر في وصفها القرار بالغدر والطعن في الظهر، وأورد تلفزيون المستقبل نقلاً عن أحد اعضاء المجلس ان «القاضي أحمد تقي الدين تلقى اتصالاً هاتفياً، خرج على أثره لمدة عشر دقائق من القاعة ليعود ويصوّت ضد نفسه، بقبول الطعن، علماً بأنه أحد معدّي التقرير، والذي أوصى سابقاً برد الطعن، ومع التبدل في الموقف تغيرت نتيجة التصويت، فنال الطعن موافقة سبعة اعضاء من أصل عشرة، وهذا ما يحتاجه حسب القانون ليعتبر مقبولاً».
وإذ أعلن الوزير السابق محمد الصفدي ، أنّه سيدعم الحريري للانتخابات الفرعية في طرابلس والمنية، قالت مصادر طرابلسية في تيار المستقبل لـ»البناء» إن التيار مطمئن الى تحالفه مع الرئيس نجيب ميقاتي والوزير السابق محمد الصفدي وبالتالي النتيجة محسومة لجهة فوز جمالي»، لكنها أشارت الى أنه «في حال ترشّح اللواء أشرف ريفي شخصياً فذلك سيصعّب المنافسة».
لقاء الحريري ـ جنبلاط
في غضون ذلك، وبعد التصعيد الناري بين رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط والرئيس سعد الحريري ، حصل اللقاء المنتظر مساء أمس بين الطرفين، وأكد جنبلاط قبل اللقاء إنه سيناقش مواضيع توافقية وخلافية مع الحريري، ولكن بكل هدوء، ولفت الى أن «التسريبات اليوم تأتي من خلال حملة منظمة لتوتير الأجواء ولست مسؤولاً عنها».
وأكدت المعلومات أن رئيس الاشتراكي هو من طلب اللقاء من الحريري، وقالت مصادر مستقبلية لـ»البناء» إن «الخلاف استعر أكثر بعد تعيين الغريب وزيراً للنازحين، حيث اعتبر جنبلاط أن ذلك إشارة سلبية من الحريري إضافة الى علاقة الحريري بالتيار الوطني الحر حيث يعتبر جنبلاط بأن الحريري تخلّى عنه ولم يسانده في أي من معاركه منذ التسوية الرئاسية حتى الآن»، موضحة أنه وبعد هذا اللقاء ستُطوى صفحة الخلاف ولو ظاهرياً، لكن الخلاف سيبقى ولم لم يعلن».