إضاءة على الحياة الكروية للوزير قماطي: اعتزلت الملاعب من أجل الملعب الأكبر
ابراهيم وزنه
… ونحن بانتظار ولادة الحكومة الأخيرة، بدأ اسم الحاج محمود قماطي يُطرح في الإعلام من ضمن حصّة حزب الله الوزارية، ومن ثم تداولت الصحف اسمه كوزير محتمل لوزارة الشباب والرياضة… ووسط هذه الأجواء انطلقت بعض التعليقات المتسائلة عن تاريخ قماطي الرياضي ومدى قدرته على التأقلم مع واقع الشباب والرياضة، جملة من التساؤلات ليست في محلها سعى مطلقوها إلى تضليل الرأي العام والتقليل من شأن الرجل في مقاربته لهذا الملف.
إلى أن حُسم الجدل وبقيت وزارة الشباب والرياضة من حصّة حزب الله، ليواصل زميله في كتلة الوفاء للمقاومة الحاج محمد فنيش دوره الريادي على رأس الوزارة التي تعنى بالأجيال وتشجّعها على تألقها الرياضي، فيما أنيطت بالحاج محمود وزارة الدولة لشؤون مجلس النوّاب.
وبناء على ما تقدّم، ارتأيت تسليط الضوء «الرياضي الكروي» على حياة من يُعتبر من الطاقم المؤسس لحزب الله في لبنان، على أمل أن يتراجع البعض عن هوايتهم في تغليب التعصّب والجهل على حساب المنطق والواقع.
تاريخ كروي حافل
كثيرون يعرفون الحاج محمود قماطي السياسي، بحكم موقعه كنائب لرئيس المجلس السياسي في حزب الله، لكن قلّة تعرفه لاعباً كروياً لامعاً تميّز بالسرعة والنشاط، وهو الذي ترك بصماته في الملاعب التي لازمها لسبعة أعوام 1968 ـ 1975 .
استهوت كرة القدم الحاج محمود قماطي في صباه، ليبدأ مسيرته الكروية مع فريق المدرسة الحرش ومنه الى منتخب المدارس، فنادي الوفاء الغبيري وصولاً الى التضامن بيروت ومن ثم الاعتزال القسري إثر اندلاع الحرب الأهلية.
وخلال سنواته الكروية، ومن منطلق خوفه على شباب منطقته من الانحراف، أسّس الحاج محمود نادي الإيمان الغبيري وتولّى بنفسه عمليتي التدريب والتثقيف طيلة خمس سنوات من دون كلل أو ملل حتى تجاوز عدد لاعبيه في العام 1973 المئة لاعب في ثلاث فئات عمرية، ومن ثوابت النادي الرسالي، أنّ اللاعب الأكثر التزاماً هو من يحمل شارة الكابتن، وللخلوق داخل الملعب وخارجه جائزة شهرية، لذا كانت خطّة قماطي إرشادية وإيمانية بحت، وكوني كنت لاعباً في صفوف الفريق، فما زلت أتذكر بأننا كنا نخوض المباريات بنيّة القربى الى الله تعالى.
من دفتر الذكريات
يقول الحاج محمود: «أفضل مواسمي الكروية كان في العام 74، يومها كان فريقنا التضامن بين فرق المقدّمة ولطالما أحرجنا النجمة والراسينغ الأبرز في تلك الأيام «…
من لحظة مضى عليها 44 عاماً، بدأ الحاج بفلفشة أبرز ذكرياته في الملاعب مضيفاً: «ذات يوم وخلال مباراتنا مع فريق النجمة، نجحت في الحدّ من تحرّكات وخطورة اللاعب المميّز محمد حاطوم ، ويومها راحت الجماهير النجماوية تسأل عن اسمي وهي التي تعرفني بالرقم 8.
وبعد أسبوع كنا على موعد مع فريق الراسينغ، يومها وبسبب مرضي، توقّعت الصحف بأن يكون لغيابي تأثير سلبي على أداء فريقي، واثر شيوع خبر غيابي عن المباراة اتهمني البعض بالخيانة، وبحجة الاطمئنان إلى صحتي حضر وفد من إدارة نادي النجمة الى بيتنا… طبعاً للتأكد من الخبرية، لكن بعد فوزنا على الراسينغ هدأت عاصفة الشكوك».
الاعتزال القسري
استساغ الحاج محمود عبارة الاعتزال القسري لمطابقتها واقع حاله مع كرة القدم، وقال: «لما وجدت أنّ الظروف الأمنية لم تعد تسمح لي باللعب وجدت نفسي مبتعداً ثم موغلاً في العمل السياسي وتحديداً في الحالة الإسلامية الناهضة التي كانت بمثابة النواة الأساسية لحزب الله لاحقاً».
لافتاً إلى أنّ العديد من القيادات العسكرية في الحزب سبق ان لعبت في صفوف فريق الإيمان، مؤكداً وبفخر «لقد خرّجنا أبطالاً ومقاومين وشهداء في مقدّمهم السيّد ذو الفقار مصطفى بدر الدين ».
لم يأسف قماطي لتفضيله العمل السياسي على الرياضي لكنه يعترف بأنه يتابع الأخبار الرياضية والمحلية والدولية وهو من أنصار الكرة البرازيلية.
فلسفته الرياضية
الرياضة عنصر مهمّ وأساسي في حياة الإنسان ومن خلالها يجب أن يتمّ الارتقاء بالأخلاق والتلاقي تحت عنوان المنافسة الشريفة، هذه هي فلسفة الحاج محمود في الرياضة عموماً، لذا أعرب عن أسفه إلى ما آلت اليه أوضاع الرياضة اللبنانية التي باتت تنخرها السياسة والطائفية والعصبية، معتبراً انّ هذه الآفة تعيق التطوّر وترهق الرياضيين وتبعد الرياضة عن غايتها الأساسية.
وفي إسقاط لمركزه في الملعب خط وسط على طبيعة عمله السياسي، قال قماطي: «لاعب الوسط هو العقل المدبّر للفريق، فهو يجيد الدفاع والهجوم في آن واحد وهكذا أعمل في السياسة مدافعاً ومهاجماً، ما يؤكد بأنني استفدت من واقعي الرياضي في عملي السياسي».
أسماء في البال
عن الأسماء الكروية التي ما زالت عالقة في ذاكرة الحاج محمود الذي ودّع الملاعب منذ 44 عاماً، يقول إنها كثيرة ويغمض عينيه متذكّراً: «أحمد السروجي، خالد غزيل، حسن عاشور، هاني وزنه، أحمد مصطفى، أحمد ابو الروم، مصطفى حمدان، حسين شعيب، خضر حمدان، باسم بدران، محمود عوالي، محمد غرابي، جاد عبد الفتاح، عبدالله سعد وغيرهم… أسماء معظم اللاعبين في ذاكرتي ووجوههم في البال أيضاً».