جعجع أحرج حلفاءه… والحريري ينتظر تحديد جلسة الانتخاب لحسم موقفه
حسن سلامه
مع إنجاز الهيئة العامة لمجلس النواب لسلسلة الرتب والرواتب، على ما هو متوقع اليوم، رغم الحملة الشعواء من الهيئات الاقتصادية والعقارية والتهرّب من دفع الضرائب، ينتظر أن تتجه النظار أكثر فأكثر نحو الاستحقاق الرئاسي، مع قرب دعوة رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى جلسة الانتخاب الأولى المتوقّعة قبل نهاية الجاري، وترجّحها مصادر نيابية بين 25 و30 نيسان.
إلا أن كثراً يترقّبون ما ستؤول إليه الاتصالات والمشاورات بين قوى «14 آذار» حيال الملف الرئاسي، وما إذا كان هذا الفريق سيتمكّن من تبنّي مرشح واحد بغض النظر عن استحالة تأمين إجماع نيابي حوله فالوصول إلى ترشيح هذه الشخصية يمنع انهيار تحالف «14 آذار» بعد التصدعات التي أصابته بسبب الخلاف على المشاركة في حكومة تمام سلام، وبخاصة بين «تيار المستقبل» وحزب «القوات» اللبنانية.
لذلك، فإن السؤال المطروح داخل «14 آذار» هو حول تبنّي مرشح واحد، وتحديداً حيال ترشح رئيس «القوات» سمير جعجع؟
وفق مصادر سياسية من داخل هذا الفريق، فإن تيار «المستقبل» غير مستعجل إلى حسم موقفه من هذا الترشيح، فرئيسه النائب سعد الحريري لا زال «يجوجل» المعطيات الداخلية والخارجية التي تتحكم في مسار الانتخابات، وفي المقام الأول كيفية التعامل مع المرشّحين للرئاسة، وهو لذلك أيضاً لا يريد «حرق المراحل» قبل الآتي:
1 ـ أن يسمع ما تريده السعودية من هذا الاستحقاق، والاتجاه الذي ترى فيه مصلحة لها بدعم هذا المرشح أو ذاك.
2 ـ أن «المستقبل» بدءاً برئيسه سعد الحريري يراقب كيفية تعامل حلفائه من مسيحيي «14 آذار» مع ترشيح جعجع، وما إذا كان المرشحون الآخرون داخل هذا الفريق على استعداد لدعم ترشيح رئيس «القوات» رغم أن بعضهم سيستمر في خوض المعركة حتى لو لم يعلن ترشحه، وبالأخص رئيس حزب الكتائب أمين الجميل والوزير بطرس حرب.
3 ـ أن الحريري ينتظر تمديد الرئيس بري جلسة الانتخاب ليصار في ضوء ذلك إلى دعوة قيادات «14 آذار» لدراسة الموضوع وما إذا كان ممكناً الخروج بموقف موحد.
في المعطيات التي تملكها المصادر السياسية في «14 آذار»، فإن الموقف داخل هذا الفريق من تبني ترشيح جعجع يتوقف على موقف «تيار المستقبل»، لكن المصادر ترى أن مآل الأمور سيذهب في الأسبوعين المقبلين نحو دعم ترشيح رئيس «القوات» انطلاقاً من الاعتبارات الآتية:
ـ الأول أن جعجع وضع المرشّحين الآخرين في فريقه في «الزاوية» بإعلانه قبل نحو أسبوع عن ترشحه رسمياً، ما يعني أن المرشحين الآخرين، خاصة رئيس الكتائب أمين الجميل يدرك أن «المستقبل» لن يتبنّى ترشحه على حساب رئيس «القوات»، وتشير المصادر إلى أن أحد القياديين فاتح الجميل بموضوع ترشّح جعجع فعبّر الأخير عن استياء شديد من هذا الترشح، قائلاً للقيادي: «لا تحرجني فأنا لا أستطيع تبنّي هذا الترشيح».
ـ الثاني أن «المستقبل» سيضطر إلى دعم هذا الترشيح كي لا يؤدي أي موقف آخر إلى فرط التحالف بالكامل، وهو لذلك سيرضي جعجع باتخاذ موقف مماثل، وإن كان مدركاً تماماً أن لا حظوظ أمام جعجع للوصول إلى موقع الرئاسة. وتقول المصادر إن عدة قيادات في «تيار المستقبل» تفضّل وصول شخصية توافقية إلى الرئاسة، خاصة أن رئيسه سعد الحريري يرغب في العودة إلى رئاسة الحكومة بعد الانتخابات الرئاسية والرغبة تتوافر إذا وصل رئيس توافقي لا رئيس تحدّ.
في أي حال، تنقل المصادر عن مرجع سياسي قوله إن جعجع الذي يعرف قبل سواه أنه لن يصل إلى موقع الرئاسة، ويريد مع ذلك السير في عملية الترشيح حتى النهاية إذ لن يخسر شيئاً، بل يعتبر أن هذا الترشيح يمكنه من استثمار أوراق عديدة منها:
ـ أن هذا الترشيح قد يؤدي إلى «تبييض» تاريخه الأسود، وعلى الأقل تقبّل بعض الرأي العام فكرة أن يكون رئيساً للجمهورية.
ـ تقطع الطريق على مرشّحين آخرين، خاصة العماد ميشال عون، من خلال الحؤول دون دعم «المستقبل» لترشيح عون بعد الحوار والانفتاح بين الطرفين.
ـ تجعله ناخباً قوياً في اختيار اي مرشح جدي لرئاسة الجمهورية بعد حصوله على أصوات نواب «14 آذار» أو أغلبهم في الجلسة الانتخابية الأولى التي سيدعو إليها الرئيس بري.