أحمد الحرباوي يروي حكاية حبّ فلسطينيّة
صدرت رواية «الحب يموت في كانون حيا!»، باكورة أعمال الكاتب الفلسطيني أحمد الحرباوي، لدى «دار فضاءات للنشر» في عمّان. رواية قصيرة مكثفة ذات حدث واحد تروي تفاصيله بطلتها «ندى»، الطالبة الجامعية التي تدرس الآثار في جامعة الخليل في البداية، ثم الموظفة في دائرة الآثار في الخليل.
يقوم الحدث الرئيسي في الرواية على حكاية حب من طرف واحد بطلته «ندى»، في سرد استذكاري تفضي فيه بأسرار علاقتها وحبها لـ«وائل» الذي يحمل شهادة الماجستير في الآثار من إسبانيا، ويعمل مديراً لدائرة الآثار في الخليل. تعرفت إليه وشغفت به خلال مشاركتها قبيل التخرج، في دورة تدريبية يشرف عليها، لكنها لم تطمئن في البداية إلى حقيقة مشاعرها حياله، رغم أنه تظاهر بالتجاوب معها، وتعترف بأنها أعجبت بتمرّده وجرأته وأسلوبه اللطيف في التنديد بثقافة العيب التي تسود مجتمع مدينة الخليل. وتشاء الظروف أن تتعمّق علاقة «ندى» بـ«وائل» حين يرافقان وفداً سياحياً أوروبياً في رحلة إلى شمال فلسطين، ويتبادلان الحديث عن الحب، لكن وائلاً يظل مراوغاً وغير صادق معها، يخفي أسراره عنها، إلى أن تكتشف أنه متزوج من امرأة إسبانية من أصل عربي، وله منها طفل عمره سبع سنين، فتتخلى عنه وعن ذكراه إثر لقائه لآخر مرة في حفل تكريم في رام الله دعيت إليه لتكريمها على كتاب نشرته، وكان وائل نفسه بين الأشخاص المكرّمين على كتاب حول الآثار أيضاً وأحضر معه للحفل زوجته وابنه.
الجانب الاجتماعي والعاطفي في الرواية يرافقه منحى سياسي، كتحصيل حاصل لحدث يحصل في بلد محتل، واحتكاك شخوص الرواية بسلطة الاحتلال، مثل تعرض بطلة الرواية إلى الرشق بالحجارة وكسر كاميراها على يد بعض المتطرفين اليهود خلال قيامها برحلة تدريبية في أطلال «تلّ رْميدَة»، وهو كنز أثري يمتد تاريخه إلى ألوف السنين وعمدت سلطة الاحتلال إلى إجراء حفريات فيه بحثاً عمّا يثبت أنه أثر عبري وليس كنعانياً ولا عربياً. وكذلك اعتقالها وإجراء تحقيق قاس معها ومصادرة هاتفها المحمول إثر تصويرها بعض الاحتجاجات في بلدة «لفتا» التابعة للقدس، وقيامها بإزالة علم «إسرائيلي» رفعه المستوطنون فوق أحد البيوت. وتتعرض خلال التحقيق إلى التهديد ومحاولة إرغامها على التعاون مع الاحتلال مقابل المال، لكنها ترفض الخيانة، وفي النهاية يطلق سراحها.
تهيمن الرؤية الأنثوية للعالم المسرود على الرواية كون بطلتها وساردتها في آن واحد امرأة تُخضع جميع المواقف لوجهة نظرها، ويبدو بوحها محملا بمشاعر الأنثى ووعيها ورغباتها وإحباطاتها وأسلوبها، فالقارئ لا يتعرف إلى الشخوص الأخرى ولا يقرأ الوقائع والصراعات، ولا الحوارات إلاّ من خلال تصوراتها وانطباعاتها.