لافروف: نأمل بعدم تجاوز نقطة اللاعودة في علاقاتنا مع الاتحاد الأوروبي
اتهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمس الولايات المتحدة بأنها تريد إخضاع موسكو، لكنه أضاف: «لم يتمكن أحد في التاريخ من تحقيق هذا مع روسيا ولا أحد سيمكنه عمل ذلك على الاطلاق».
وقال بوتين في اجتماع مع جماعة مؤيدة تدعى جبهة الشعب «إنهم الولايات المتحدة لا يريدون إذلالنا … بل يريدون إخضاعنا وحل مشاكلهم على حسابنا». وهي عبارة أثارت عاصفة من التصفيق.
وفي سياق متصل، تصدرت الأزمة الأوكرانية محادثات وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ونظيره الألماني فرانك فالتر شتاينماير.
وكان الوزير الألماني قد وصل الى العاصمة الروسية موسكو بعد زيارة قام بها الى كييف، حيث التقى كلاً من الرئيس الأوكراني بيوتر بوروشينكو ورئيس الوزراء أرسيني ياتسينيوك.
وكان شتاينماير دعا في وقت سابق إلى عدم انتظار الكثير من زيارته إلى موسكو، موضحاً أنه لم تكن بينه وبين نظيره الروسي سيرغي لافروف محادثات مكثفة منذ وقت طويل، لذلك فمن غير المجدي الانتظار أن يكون لقاؤهما في موسكو مثمراً جداً.
وأعلن الوزير الألماني خلال لقائه رئيس الوزراء الأوكراني أن إطار مينسك لمفاوضات التسوية في شرق أوكرانيا ليس مثالياً، لكنه يمثل «قاعدة يمكن الاعتماد عليها».
في حين أشار ياتسينيوك أنه يفضّل إطار جنيف، قال: «نعتبر إطار جنيف أفضل لحل الأزمة في أوكرانيا على رغم تجربة الكثير من أشكال المفاوضات ثنائية ومتعددة الأطراف»، مؤكداً أن كييف تثمن دور المستشارة الألمانية أنغيلا مركل وشتانماير نفسه في محاولات تسوية الأزمة.
كما أشار الوزير الألماني إلى أن المحادثات ستتناول «الوضع في أوكرانيا طبعاً»، لكنها لن تنحصر في هذا الموضوع ليتطرق الوزيران أيضاً إلى الأوضاع في الشرق الأوسط والملف النووي الإيراني.
ولفت شتاينماير إلى أنه من الضروري خوض المحادثات مع روسيا لأن لها دوراً معيناً، بما في ذلك ضمن مجلس الأمن الدولي، مضيفاً: «أن فعالية مجلس الأمن ستبقى موضع الشك على أخف التعبير، ما دام هذا الصراع الواسع النطاق قائماً بين روسيا والغرب وبين روسيا والولايات المتحدة حول الشأن الأوكراني».
وقال المتحدث باسم الخارجية الروسية ألكسندر لوكاشيفيتش من ناحيته، إن الوزيرين سيواصلان «تبادل الآراء في شأن الوضع في أوكرانيا وحولها، وآفاق التسوية هناك بمشاركة الأطراف الدولية، واتخاذ خطوات إضافية لوقف إراقة الدماء في أسرع وقت ممكن وضمان الاحتياجات الحيوية لجنوب شرقي البلاد، لا سيما مع الأخذ في الاعتبار قرب حلول فصل الشتاء»، مضيفاً أنه من المقرر بحث العلاقات بين روسيا والاتحاد الأوروبي وقضايا تجديد هيكلية الأمن الأوروبي.
الى ذلك، أعرب لافروف عن أمله في عدم تجاوز روسيا والاتحاد الأوروبي نقطة اللاعودة في علاقاتهما، مؤكداً أن بلاده كانت وما زالت تعتبر الاتحاد الأوروبي شريكاً اقتصادياً كبيراً ومهماً. ودعا في جلسة لهيئة الرئاسة المشتركة لروسيا وبيلاروسيا في مينسك أمس، المفوضية الأوروبية والدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي إلى بدء العمل على تشكيل فضاء اقتصادي وإنساني موحد من الأطلسي إلى المحيط الهادئ.
وقال إن موقف الاتحاد الأوروبي من الأزمة الأوكرانية واستخدامه معايير مزدوجة ومحاولاته الخاصة بتحميل الآخرين المسؤولية عما يحدث وقيامه بفرض العقوبات «كل ذلك يقوض الثقة والاستقرار في قارتنا»، كما رفض الانصياع لمطالب الغرب من أجل رفع العقوبات المفروضة على روسيا، قائلاً إن موسكو «لن تتوسل إلى الغرب» من أجل رفع العقوبات.
وأكد الوزير الروسي عقب اجتماع الهيئتين القياديتين لوزارتي الخارجية الروسية والبيلاروسية في مينسك: «بحثنا علاقات روسيا وبيلاروسيا مع الاتحاد الأوروبي وأكدنا أننا لا نسعى إلى المواجهة»، مضيفاً أن العقوبات هي طريق مسدود ومضرة من ناحية تحقيق نتائج تهدف إليها العقوبات أحادية الجانب. وقال: «العقوبات والمواجهة ليست خيارنا»، مشيراً إلى أن هناك لحسن الحظ أصواتاً أوروبية تدعو إلى السلام وحتى إلى استخلاص دروس من الأخطاء التي ارتكبها الاتحاد الأوروبي.
من جهة أخرى أعرب لافروف عن أمله في أن يدرك الغرب خطورة استئناف كييف عمليته الأمنية في شرق أوكرانيا، مؤكداً أن الأزمة الأوكرانية اندلعت بسبب انقلاب مسلح، وأن البلاد أصبحت نتيجة ذلك على حافة التفكك وانزلقت إلى حرب أهلية.
ودعا لافروف من جديد إلى إقامة حوار أوكراني شامل بمشاركة كافة المناطق وتنفيذ اتفاقات مينسك، مشيراً إلى أن كييف اتجهت إلى خنق جنوب شرقي أوكرانيا وتهدد باستئناف استخدام القوة بدلاً من إقامة اتصالات مع اولئك الذين رفضوا الانقلاب المسلح.
وفي هذا السياق أكد الوزير الروسي أن بلاده ستواصل بذل جهودها من أجل إصلاح منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، مؤكداً رفض روسيا تحويل هذه المنظمة الأوروبية إلى «آلية لدمقرطة الفضاء الواقع إلى الشرق من فيينا». وقال: «نحن قلقون من أن عملية الإصلاح الدستوري لا تعتبر حتى الآن إحدى أولويات السلطات الأوكرانية وفقاً لمشروع الاتفاق حول تشكيل حكومة ائتلافية».
وأشار لافروف إلى أن «هذا المشروع لا ينص على ضرورة إشراك كافة مناطق أوكرانيا والقوى السياسية من دون استثناء كما في بيان جنيف الصادر في 17 نيسان والذي وقّعت عليه كييف»، مؤكداً أن ذلك لا يساعد على تهيئة الظروف لاستعادة ثقة جميع مواطني أوكرانيا والمضي قدماً نحو الوفاق الوطني.
هذا وأعلنت وزارة الخارجية الروسية أمس أن روسيا وبيلاروسيا أكدتا استعدادهما للعمل على تسوية الأزمة في أوكرانيا.
وأشار البيان إلى أن الطرفين أكدا استعدادهما لمواصلة الجهود الرامية إلى تسوية الأزمة في البلاد على أساس اتفاقات مينسك من 5 أيلول الماضي، مشيرة أن المحادثات تناولت أيضاً العلاقات الحالية بين روسيا وبيلاروسيا من جهة، والدول الغربية من جهة أخرى، مضيفاً أن الوزيرين شددا على أن «المواجهة ليست خيار موسكو ومينسك وأن بلدينا مستعدان لحوار متساوٍ ومتبادل المنفعة، بشرط مراعاة مصالحهما المشروعة».
وبحسب البيان، فإن الجانبين أبديا موقفاً منسجماً إزاء مسألة السيطرة على الأسلحة في المرحلة الراهنة، مركزين على القضايا المتعلقة بالدفاعات الجوية والسيطرة على الأسلحة التقليدية في أوروبا.