نصرالله: غضب الولايات المتحدة يزيدنا يقيناً بسلامة خياراتنا
وصف الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الاعتراف الرسمي الأميركي بالسيادة «الإسرائيلية» على الجولان المحتلّ، بأنه «حدث مهمّ جداً ومفصلي في تاريخ الصراع العربي – الإسرائيلي وفي المخاطر التي تتهدّد حقوقنا»، داعياً القمة العربية التي ستنعقد في تونس إلى الردّ على هذا الاعتراف بسحب المبادرة العربية للسلام.
وأكد «أنّ حزب الله جزء أساسي في صنع معادلة الاستقرار والسلام والازدهار في لبنان»، لافتاً إلى «أنّ لبنان ينعم بالأمن ببركة صواريخ المقاومة التي تمنع أميركا الجيش اللبناني من الحصول على مثلها»، وفنّد أهداف زيارة وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو إلى لبنان مشيراَ إلى «أنّ أكبر مجرم وإرهابي ومهدّد للدول والشعوب في العالم أتى ليتحدث ويحرّض على حزب الله».
كلام السيد نصرالله جاء في كلمة متلفزة أمس، تناول فيها التطورات السياسية في لبنان والمنطقة، وحيّا في مستهلها «صمود أهلنا في قطاع غزة أمام العدوان، ولمواجهتهم لهذا العدوان بكلّ شجاعة»، كما حيّا أهل الضفة وشهدائها «خصوصاً الشهيد الشجاع رغم صغر سنه، عمر أبو ليلى والأسرى الفلسطينيين في السجون الذين خاضوا مواجهات خلال الأيام الماضية».
وحيّا «صمود وبطولات الشعب اليمني وكلّ من يقف معهم وأنصار الله ومقاتليهم، مع بداية العام الخامس للحرب العدوانية المفروضة عليهم»، مشيراً إلى أنّ «التظاهرات تعبير عن هذا الصمود والإرادة والإيمان».
كما عزى «الشعب العراقي مرجعية وقيادة وحكومة وشعباً وقوات مسلحة وحشداً وفصائل مقاومة، بالكارثة التي حلت في الموصل على راكبي العبّارة».
إهانة أميركية
ووصف الإعتراف الأميركي بالسيادة «الإسرائيلية على الجولان وضمّه إلى الكيان «الإسرائيلي»، بأنه «حدث مهمّ جداً ومفصلي في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي والمخاطر التي تهدّد حقوقنا ومقدساتنا ومستقبلنا»، معتبراً أنّ «عبارات الإدانة والشجب لم تعد تنفعنا».
وقال «هناك دلالات لهذا الإعتراف الأميركي والمسارعة إلى التوقيع الرسمي، أولاً الاستهتار بالعالمين العربي والإسلامي، إذ يوجد إجماع لدى الحكومات والدول والشعوب ومئات ملايين العرب والمسلمين وعشرات الدول وكثير منهم اجتمع بهم الرئيس الأميركي دونالد ترامب في الرياض، وكلهم مجمعون على أنّ الجولان أرض سورية محتلة من قبل إسرائيل، ترامب استهان واستهتر بكلّ هولاء ولم يعنه أنّ هؤلاء انزعجوا وأنّ هذا الأمر يسيء إليهم، ولم يكن له قيمة أو اعتبار بحسابات ترامب، وهذه نقطة إجماعية بمعزل عن الخلاف مع القيادة السورية، وكثير من هذه الدول»، داعياً «الجميع في العالمين العربي والإسلامي ليعرفوا ما هي قيمتهم الحقيقية لدى الولايات المتحدة وترامب».
أضاف «ثانياً، هناك استهانة واستهتار من قبل أميركا وترامب بكلّ ما اسمه قانوناً دولياً، قرارات دولية، مؤسسة دولية، مجتمع دولي، وإجماع دولي، كلّ العالم كان مجمعاً على أنّ الجولان أرض سورية محتلة، والوحيد الذي خرق هذا الإجماع هو ترامب أيضاً من أجل إسرائيل، وهذا يؤكد لنا أنّ الإدارة الاميركية ومن موقع الطغيان والإستكبار هي في نفسها لا تعترف بالأمم المتحدة ولا قرارات دولية ولا مجلس الأمن، وتستخدم هذه المؤسسات بقدر ما تخدم مصالحها، وعندما تعجز المؤسسات أو القرارات عن خدمة المشروع الأميركي يقومون بتجاوزها بكلّ بساطة».
وأردف «هذا يؤكد أنّ القرارات والمؤسسات الدولية ليست قادرة على حماية أيّ حق من حقوق الشعوب بما فيها استعادة أرض محتلة، ولا يمكن أن يفعلوا شيئاً سوى الإدانة والإستنكار، ولهذا الأمر عبرة ودلالات مهمة».
وتابع «الدلالة الثالثة هي الأولوية المطلقة لأميركا وللحكومات المتعاقبة خصوصاً الحالية، هي إسرائيل، ولا مصالح تحترم في المنطقة عندما تتعارض مع مصالح إسرائيل لا يمكن أن يكون هذا الداعم المطلق لإسرائيل راعياً لما يسمى عملية السلام أو وسيطاً نزيهاً، وهو وجه ضربة قاضية لعملية السلام القائمة على أساس الأرض مقابل السلام».
ولفت إلى أنه «عندما سمح العالم لترامب أن يصادر القدس ويعلنها عاصمة أبدية لإسرائيل، العالم بسكوته وفي مقدّمه العربي والاسلامي فتح الباب أمام كلّ تجاوز من قبل الأميركي وترامب»، مشيراً إلى أنّ «الردّ الحقيقي من العالم العربي كان يجب أن يكون في موضوع القدس هو ما سأدعو إليه في موضوع الجولان. بعد فترة هناك قمة في تونس، لا أطلب إعلان الحرب، هناك شيء اسمه المبادرة العربية للسلام والإسرائيلي لا يعترف بها، ولكن أضعف الإيمان إذا كان هناك بقية حياة وشرف أو ضمير لدى الدول العربية أن تقوم قمة تونس بسحب المبادرة العربية للسلام التي تقرّرت في قمة بيروت عام 2002 والعودة إلى النقطة الصفر».
ولف إلى أنّ «أميركا تحاول بالتهديد والترهيب وبالتهويل أن تفرض خياراتها في الوقت الذي تجرّ ذيول الفشل والخيبة في الكثير من الساحات».
ازددنا يقيناً بسلامة خياراتنا
وعن زيارة وزير الخارجية الأميركي مايكل بومبيو الأخيرة إلى لبنان، قال السيد نصر الله «في الشكل شاهدنا وزير خارجية أقوى دولة في العالم يقرأ نصاً مكتوباً بعد لقاءاته وزيارته، وقد ذكر اسم حزب الله 18 مرة وإيران 19 مرة في دقائق معدودة»، مشيراً إلى «أنّ بومبيو أتى وكأنه يريد أن يعطي بلاغاً ويمشي وهو ضعف في المنطق ويبرهن عن استعلاء واستكبار».
وجزم «أنه يسعدنا ولا يخيفنا أن يذكر وزير خارجية أقوى دولة مستكبرة في العالم اسم حزب الله وأن تكون إدارة ترامب غاضبة من حزب الله إلى هذا الحدّ، موضحاً أنّ «غضب الولايات المتحدة منا يجعلنا نطمئن ونزداد يقيناً بسلامة موقعنا وخياراتنا».
وإذ أشار إلى أنه لم يجد في نص بومبيو جملة صحيحة أو صادقة ومطابقة للواقع، كما أنه خلا من أيّ اشارة إلى «إسرائيل» واعتداءاتها وخروقاتها وتهديداتها، نبّه السيد نصرالله إلى «أنّ زيارة بومبيو تأتي في سياق المعركة التي تخوضها أميركا لمصلحة إسرائيل».
وأوضح أنّ بومبيو «جاهل بما يجري في لبنان وما ذكره في كلمته من معطيات قدّمت له من خونة»، منوّهاً إلى «أنّ الشعب اللبناني يحلم بسلامه الداخلي واستقراره وأن لا يكون هناك دولة فيها نهب وهدر مالي»، لافتاً إلى «أنّ من يقف عائقاً أمام تحقيق اللبنانيين أحلامهم، هو إسرائيل ومن يدعمها».
وشدّد «على أنّ المقاومة ومنها حزب الله هي التي دافعت عن الشعب اللبناني واستعادت الأرض، وأنّ حزب الله جزء من قوى في لبنان يعلق عليه الآمال وهو ممثل في البرلمان» ، معتبراً «أن توجه بومبيو في كلمته إلى البيئة الحاضنة للمقاومة في لبنان يعبّر عن حماقة وأنّ ذهابنا إلى سورية كان لحماية كلّ الشعب اللبناني وليس أبناء منطقة بعينها».
وتوجّه السيد نصر الله إلى بومبيو بالقول «أنتم الذين تنشرون الدمار في المنطقة والعالم يا سيد بومبيو وليس حزب الله»، مشيراً «إلى أنّ اللبنانيين يعرفون جيداً ماذا كان سيحصل في لبنان لو سيطر داعش وجبهة النصرة على سورية، وأنّ الشعب اللبناني لمس بالمحسوس أنّ معادلة الجيش والشعب والمقاومة فرضت ردعاً في وجه إسرائيل».
وأكد «أنّ حزب الله جزء أساسي في صنع معادلة الاستقرار والسلام الداخلي والازدهار في لبنان، وأنّ لبنان ينعم بالأمن ببركة صواريخ المقاومة التي تمنع أميركا الجيش اللبناني من الحصول على مثلها»، مؤكداً «أننا في حزب الله أشدّ الناس حرصاً على الاستقرار والسلام الداخلي والازدهار في لبنان، وإيران معنا في هذا الأمر»، متسائلاً «هل عندما تقوم إيران بعرض تزويد لبنان بالكهرباء والمساعدات تريد ضرب الازدهار اللبناني؟ وهل عندما نطالب بمكافحة الفساد نشارك في ضرب الاستقرار الداخلي؟».
وقال «إنّ تحريض بومبيو اللبنانيين على بعضهم البعض يكشف السبب الحقيقي لزيارته. فالمطلوب أن نخوض كلبنانيين بدماء بعضنا البعض لكي يرضى عنا بومبيو والسيد ترامب»، مضيفاً «أنّ الأميركيين منزعجون لأنّ لبنان يعيش الاستقرار في حين أنهم شاركوا في تدمير دولنا»، لافتاً إلى «أنّ أكبر مجرم وإرهابي ومهدّد للدول والشعوب في العالم أتى ليتحدث ويحرّض على حزب الله».
لولا حزب الله لما اعترف بومبيو بلبنان
وحذّر السيد نصر الله «من أنّ العين الأميركية على إثارة فتنة وحرب أهلية في لبنان لمصلحة «الإسرائيلي»، ورأى «أنه لولا وجود حزب الله لما اعترف بومبيو بلبنان ولا أتى لزيارته، وأنّ مشكلة بومبيو وأميركا مع إيران وحزب الله أننا عقبة في وجه صفقة القرن وتصفية القضية الفلسطينية».
وأشاد السيد نصر الله «بوقوف إيران إلى جانب الشعب الفلسطيني في المحافل الدولية والموقف الميداني والثقافي والتسليح، في حين أميركا تعمل على خنق وتجويع هذا الشعب»، مؤكداً «أنّ إيران والحاج قاسم سليماني لهما فضل كبير في مساعدتنا على حماية الشعب اللبناني حين قاتلنا داعش، وأننا بالأسلحة الإيرانية قاتلنا الجماعات الإرهابية التي اوجدها الأميركيون وحرّرنا أرضنا من إسرائيل».
ولفت السيد نصر الله إلى أنّ بومبيو كذب حين تحدث عن استعداد الولايات المتحدة للمساعدة في عودة النازحين السوريين، مشيراً إلى «أنّ السوريين في مخيم الركبان يريدون العودة إلى قراهم والدولة والسورية وافقت على ذلك، لكن الأميركيين يعرقلون ذلك».
شكر لعون وبري وباسيل
وقال السيد نصر الله «حسبما نُقل إلينا، فإنّ بومبيو قال إنّ إسرائيل لن تشنّ حرباً على لبنان»، مشدّداً على «أنّ الذي يمنع ذلك فعلاً قوة الردع عند المقاومة، فالأميركيون جاهزون لتغطية أيّ شيء تقوم به إسرائيل إذا كان لمصلحتهم».
وتوجّه السيد نصر الله بالشكر للرئيسين ميشال عون ونبيه بري ووزير الخارجية جبران باسيل على «ما قالوه لممثل الشيطان الأكبر»، معتبراً «أنّ موقف باسيل مهمّ جداً حيث قاله مباشرة على الإعلام في وجه بومبيو بشكل يتماهى مع موقف الرئيسين عون وبري».
كما توجّه السيد نصر الله بالشكر إلى القوى «التي لا نتوقع أن تدعمنا لا في العلن ولا في السر لكن عندما لا تتجاوب مع التحريض وتقدّم المصلحة الوطنية على التحريض الأميركي فنشكرها على مواقفها»، مؤكداً أنّ من يمنع إسرائيل من شنّ حرب على لبنان وحدة الموقف اللبناني والمعادلة الذهبية».
ودعا اللبنانيين «للحفاظ على السلم الأهلي والتعاون لبناء دولة مقتدرة والاستفادة من مواردها»، وقال أنا «أشدّ اقتناعاً بمسارنا وأشدّ التزاماً باستقرار لبنان والتعاون والوحدة الوطنية وتجاوز الخلافات».
ونبّه السيد نصر الله إلى «أنّ قلب أميركا لا يخفق لأحد من اللبنانيين ولا يعنيها أحد منهم وما يعنيها هو إسرائيل فقط لأنها جزء من الهيمنة الأميركية»، وقال « إذا أراد الأميركي استكمال موضوع العقوبات فليكمل طالما لا يمس لبنان ونحن نتحمل التبعات».
… والتقى وفد «حماس»
أعلنت العلاقات الإعلامية في حزب الله، في بيان، أنّ الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله، استقبل عصر أول من أمس، وفداً من قيادة حركة «حماس» برئاسة نائب رئيس المكتب السياسي صالح عاروري، حيث «جرى البحث في آخر المستجدات في فلسطين والمنطقة، خصوصاً ما يجري الآن في قطاع غزة من عدوان إسرائيلي، وتم البحث في التعاون الثنائي وتنسيق المواقف تجاه مختلف التطورات».