ديربي الكرة في برج البراجنة … هدوء نسبي كيف سيكون الموسم المقبل مع «ثلاثي الضاحية»؟

ابراهيم وزنه

ستشهد المرحلة الأخيرة من بطولة لبنان بكرة القدم لأندية الدرجة الثانية مباراة من عيار «الديربي» غير المسبوق، باعتبار أن طرفيها هما ناديا البرج وغريمه شباب البرج، الذين ارتقيا إلى مصاف أندية الدرجة الأولى قبل اسدال الستارة على دوري المظاليم الذي شهد سقوط أعرق الندية اللبنانية الهومنتمن إلى الدرجة الثالثة. ومع صعود البرج و «شبابه» ليكونا إلى جانب شباب لساحل من المتوقع ان يشهد دوري الأضواء في الموسم المقبل، إثارة اضافية وحساسية زائدة بين ثلاثي الضاحية الكروي. واليوم ارتأينا فلفشة الصفحات الكروية المضيئة في برج البراجنة.

كرة القدم في برج البراجنة

شعبية لعبة كرة القدم في برج البراجنة قديمة العهد، فمنذ الأربعينيات أطل الفريق الأول للبلدة التي تعتبر التجمّع السكني الأول في الضاحية، أنه فريق «فوج الأمام علي» الذي انطلق من دون ترخيص ومن رحم فرقة كشافة حملت نفس الاسم، وكان من أبرز المؤسسين آنذاك حمزة الحركة، وجمع الفريق غالبية أبناء البلدة الموهوبين وفي مقدّمهم النائب السابق محمود درويش عمّار وشقيقه فضل والد النائب الحالي علي ومحمد حسن جلول «أبو عدنان» وغيرهم، وجميعهم فارقوا هذه الدنيا. خاض الفريق الجامع لأبناء البلدة العديد من المباريات وأكثرها إثارة وندّية مع فريق النسور الشيّاح الذي أسسه موسى وزنه في العام 1935 ، مباراة الكرويين الأوائل من أبناء الضاحية لطالما واكبها حشد كبير من البرج والمريجة والشياح والغبيري.

وفي أواخر الخمسينيات أطلت حقبة كروية جديدة في برج البراجنة، تبلورت معالمها من خلال تأسيس فريق البرج الذي تعلّق فيه أهل البرج كبديل عن فريق «الفوج» الذي ضاعت ملامحه الكروية سريعاً ، وضمّ في صفوفه أسماء رنّانة لها ثقلها في الواقع الكروي أمثال: الشقيقان عباس وسهيل رحال، عبد القادر خير، فاروق الغالي، علي حمود، حسين الحركة، وفيق الشحيمي، حافظ عمار، عادل منصور، عصام عمار وغيرهم، وتوزّع هؤلاء على فرق الراسينغ والشبيبة المزرعة لاحقاً، ونظراً لكثرة الموهوبين الكرويين، وعدم قدرة النادي على استيعابهم، تأسس فريق آخر حمل اسم الارشاد، وضمّ في صفوفه نخبة من اللاعبين الجيدين لكن الشهرة كانت تلاحق «البرجيين» وليس «الارشاديين».

في ضوء توزّع لاعبي برج البراجنة على الفريقين، مع أرجحية جماهيرية للبرج لكونه يحمل اسم البلدة ويعزز روح الانتماء، بدأت تظهر ملامح التعصّب بين أنصار البرج ضد أخوانهم وجيرانهم من أنصار الارشاد، والعكس صحيح، تقاسم الفريقان أوقات التمارين على الملعب الوحيد الذي كان يجمعهم على الرمل العالي، مقابل الحسينية، وكان الارشاد يخوض مبارياته السبت والبرج الأحد. واللافت أن الفريقين لم يتواجها في مباراة واحدة إفساحاً في المجال لمواكبة أبناء البلدة للفريقين في مباراتيهما يومي السبت والأحد من كل أسبوع.

وبحسب العارفين بخبايا الأمور الكروية في برج البراجنة، فقد تقدّم الأرشاد للاستحصال على الترخيص الرسمي بهدف الانضمام إلى عائلة الاتحاد قبل البرج، ولكن الأخير استحصل على رخصته قبل الارشاد بشهرين، كان ذلك في العام 1967، وبناء على العادات اللبنانية حيث تتحكم المصالح والنكايات، فقد دخلت السياسة على الفريقين، دعماً ومواكبة. فكان البرج مدعوماً من النائب والوزير الراحل محمود عمّار الذي كان منتسباً آنذاك إلى حزب الوطنيين الأحرار الذي أسسه رئيس الجمهورية الأسبق كميل شمعون. بالمقابل ارتمى الارشاد في أحضان الجهة المقابلة، أي عند إبن البلدة الأستاذ خضر الحركة الدستوري المقرّب من الاشتراكي كمال جنبلاط والمؤمن بالخط الناصري.

وبالعودة إلى مرحلة ما قبل تأسيس الفريقين، روّج البعض بأن الكابتن سهيل رحال أحد أبرز لاعبي برج البراجنة هو من عمد إلى استبعاد جماعة الارشاد من البرج ، هذا الكلام غير صحيح جملة وتفصيلا، أنما الظروف هي التي أدّت إلى هذا المشهد، والكل يعرف مدى الندية الشديدة بين أي فريقين ينتميان إلى مدينة واحدة أو بلدة واحدة، ومن هنا كانت كلمة «ديربي»، و»الديربيات» في هذه الأيام مشتعلة في معظم أنحاء العالم وتحديداً في العواصم الكروية الأوروبية المعروفة، اتلتيكو وريال في مدريد ، السيتي واليونايتد في لندن، الأنتر وميلان في ايطاليا وغيرها. أما أن يقال في معرض التسابق إلى كسب الجماهير بين عبر رفع شعار «نحن الأصل»، فهذه عبارة ساقطة من قاموس اللعبة الشعبية. للجميع الحقّ بممارسة هذه اللعبة والعمل في ميادينها من منطلق تماسها مع غالبية الناشئين والشباب، وهنا تسقط مقولة «الأصل» و «الفرع» التي يتبادلها حالياً بعض المتعصبين الكرويين في برج البراجنة.

هذا ما حصل يوم افتتاح الملعب!

بعدما تم التوافق على أن يتواجه تفاهم البرج وشباب البرج مع نجوم الكرة اللبنانية في إفتتاح ملعب وقف بلدية برج البراجنة في 5 أيلول الماضي، فجأة تبدّلت الصورة وضاع التفاهم الذي طرحه رئيس اللجنة الرياضية في بلدية برج البراجنة بسام فرحات ليكون إطاراً جامعاً لفريقي البلدة، ويعلّق فرحات على ما حصل قائلاً: «اصطدمت بعرض طرحه القيّمون على نادي البرج ، قضى بأن يلعبوا الشوط الأول والشباب في الشوط الثاني، وهذا الطرح يفرّق ولا يجمع فيما نحن نسعى جاهدين لتبريد الأجواء وتنفيس الاحتقان السائد والملحوظ في الشارع. ومن ثمّ سمعت اعتراضات من بعض مسؤولي فريق الشباب كانت في غير محلها، مع الاشارة إلى أن البلدية وضعت الملعب بتصرف الناديين بالتساوي، واستباقاً للقائهما ضمن بطولة الدوري أناشد المسؤولين في الناديين ان يبادروا إلى اللقاء والتعاون بهدف إخراج المباراة بصورة حضارية رياضية مفعمة بالمحبة وبعيدة عن الكراهية».

غداً، الجمعة سيلتقي سفيرا البرج على ملعب بحمدون في مباراة لن تؤثّر نتيجتها على واقع الفريقين، ومع ذلك يبقى التخوّف عند العقلاء من حدوث أعمال شغب في حال فاز أحدهما على الآخر، المهم أن حفل تقبّل التهاني لنادي البرج في ملعب الوقف سينطلق في تمام الساعة 19.30 ، على أن تحدد إدارة شباب البرج موعداً لتقبّل التهاني بالانجاز التاريخي.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى