عون: لحلول سلميّة توقف دوامة الحروب والإرهاب راديف: من حقوق لبنان أن يقرّر متى يعود النازحون
التقى الرئيس البلغاري رومان راديف الرؤساء الثلاثة في إطار زيارة رسمية يقوم بها الى لبنان.
وبدأ راديف جولته من بعبدا حيث التقى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الذي أكد على «الإمكانات المتعددة التي تحملها العلاقات اللبنانية – البلغارية»، وتطلعه بشكل خاص إلى «أهمية فتح أسواق بلغاريا أبوابها امام الصادرات اللبنانية وإمكانية استثمارها في قطاع النفط والغاز التي لها فيه إنجازات أساسية».
وخلال مؤتمر صحافي مشترك عقده مع نظيره البلغاري عقب المحادثات الرسمية التي أجراها معه، شدد رئيس الجمهورية على ان «مواجهة اعباء النزوح السوري مسؤولية دولية مشتركة»، ولفت الى «وجوب العمل سريعاً على وضع حد لمعاناة النازحين وتأمين عودة آمنة لهم الى بلادهم»، مؤكداً «ضرورة تبلور حلول سلمية توقف دوامة العنف والحروب والإرهاب التي اشتعلت في العديد من الدول العربية».
وأبدى الرئيس عون خشيته من انه «اذا بقي الحال على ما هو عليه لجهة بقاء النازحين وفي ظل الوضع الضاغط الذي يعيشه اللبنانيون، أن ينتقلوا باتجاه أوروبا»، وقال: «لذلك، فإن مساعدتنا تساهم في حل الكثير من المشاكل بالنسبة إلى أوروبا ولبنان يعيش وضعاً اقتصادياً سيئاً قد يؤدي الى صدامات محلية، فكلما ضاقت وسائل العيش زادت المشاكل».
من جهته، أشار الرئيس البلغاري إلى أن «نداء بلغاريا على صعيد الاتحاد الأوروبي هو إيجاد حل سريع للازمة السورية الداخلية كي يتمكن الملايين من الناس الذين غادروا ديارهم الى انحاء العالم من العودة اليها، ونحن معنيون بضمان الحالة السياسية التي تسمح بذلك».
وأكد أنه «من الحقوق السيادية للبنان أن يقرّر متى بإمكان النازحين الموجودين على أرضه أن يعودوا الى بلدهم، وأنا أعلم أن لبنان يعمل على ذلك باتجاهين: عن طريق العلاقة المباشرة مع سورية والثاني عبر الامم المتحدة، وهو من يقرر اي اتجاه هو الانسب». واعتبر ان «بلغاريا تخسر في التأخير بافتتاح خط جوي مباشر مع لبنان»، متعهداً «افتتاحه في وقت قريب».
وكان الرئيس البلغاري وصل وقرينته السيدة ديسيسلافا راديفا إلى القصر الجمهوري صباح أمس، يرافقهما رئيس بعثة الشرف وزير المهجرين غسان عطالله، حيث كان في استقبالهما رئيس الجمهورية واللبنانية الأولى السيدة ناديا الشامي عون.
وعقد الرئيسان عون وراديف جلسة محادثات ثنائية أعقبتها محادثات موسعة بحضور الوفدين الرسميين اللبناني والبلغاري. وقد تم عرض العلاقات اللبنانية -البلغارية وسبل تطويرها، لا سيما في المجالات الثقافية والاقتصادية وأهمية إقامة خط طيران مباشر بين بيروت وصوفيا وانضمام بلغاريا إلى الدول القريبة من لبنان، لا سيما قبرص واليونان في برامج الرحلات السياحيّة المتنوّعة لا سيما منها السياحة الدينية والثقافية. وكان تأكيد على «اهمية تعاون رجال الأعمال اللبنانيين والبلغار في تحقيق استثمارات مشتركة تتناول مختلف المجالات».
وشدّدا على «التعاون في المجال الثقافي»، حيث اطلع عون ضيفه على مشروع إنشاء «أكاديمية الانسان للتلاقي والحوار»، فاعتبر الرئيس البلغاري أن «لبنان هو نموذج للحوار بين الدول والشعوب».
وتطرّق الجانبان إلى «إمكانية جعل بلغاريا نقطة عبور للبضائع اللبنانية إلى أوروبا، مع الحاجة إلى تنظيم مسألة سمات الدخول بين البلدين». واتفقا على «رفع نسبة التبادل التجاري الذي يميل الميزان فيه لمصلحة بلغاريا».
وفي الشأن السياسي، أكد الرئيس البلغاري وضع امكانات بلاده كعضو في الاتحاد الأوروبي «إلى جانب لبنان لمساعدته على مواجهة التحديات الراهنة، ومنها مسألة النازحين السوريين والاعتداءات الإسرائيلية».
مؤتمر صحافي
وبعد انتهاء المحادثات الموسّعة، عقد الرئيسان عون وراديف مؤتمراً صحافياً مشتركاً، استهلّه عون بكلمة قال فيها: «تطرقنا خلال المحادثات كذلك الى ضرورة تشكيل لجنة من اتحاد غرف التجارة والصناعة والزراعة اللبنانية تنسق ّمع اتحاد غرف التجارة والصناعة البلغارية، ما يشكّل جسر تواصل دائم بين مختلف شرائح بلدينا، خصوصاً اذا ما تم إلغاء تأشيرات دخول اللبنانيين الى بلغاريا، وتسيير خط طيران مشترك بين البلدين الصديقين واغتنمت فرصة هذا اللقاء لأطلع فخامته على المبادرة التي اطلقتها من على منبر الامم المتحدة بانشاء «اكاديمية الانسان للتلاقي والحوار» في لبنان، طالباً دعم بلاده لتحقيق هذا الهدف».
وعلى صعيد التطورات الإقليمية، كان تركيز على ضرورة تبلور حلول سلمية، توقف دوامة العنف والحروب والإرهاب التي اشتعلت في العديد من الدول العربية. واستعرضنا معاً ملف النازحين السوريين الشائك، فأطلعت فخامة الرئيس على الأعباء التي يتحمّلها لبنان نتيجة وجود أكثر من مليون و800 الف نازح على أراضيه منذ اندلاع الحرب في سورية، والتي تضاف الى ملف اللجوء الفلسطيني المزمن. واكدت امام فخامة الرئيس ان مواجهة اعباء النزوح السوري، هي مسؤولية دولية مشتركة، ويجب العمل سريعاً على وضع حد لمعاناة النازحين وتأمين عودة آمنة لهم الى بلادهم.
وأضاف: «أكدت لفخامة الرئيس الصديق ضرورة وقوف بلاده الى جانب لبنان في وجه الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة عليه، وتأكيد حقه باستخراج النفط والغاز ضمن اراضيه ومياهه الاقليمية. وشددت على اهمية الالتزام بتطبيق القرار الدولي رقم 1701 بكل مندرجاته والذي تمعن اسرائيل في خرقه جوا وبرا وبحراً، كذلك، فقد أطلعته على موقف لبنان القائم على اعتبار أن قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب الاعتراف بسيادة «إسرائيل» على مرتفعات الجولان، بعد اعترافه بالقدس عاصمة لـ»إسرائيل»، نقض فاضح لأسس القانون الدولي وللاعراف القائمة بين الدول والشعوب وميثاق الامم المتحدة، والتي تنص على سيادة الدول على اراضيها. وهو امر لا يهدد سيادة دولة شقيقة وشعب شقيق فحسب، بل أيضا سيادة الدولة اللبنانية التي تمتلك أراضي قضمتها إسرائيل تدريجياً، لا سيما في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والقسم الشمالي من بلدة الغجر».
بدوره قال الرئيس البلغاري «تقدِّر بلغاريا تقديرا عاليا وتؤيد جهود لبنان وجهودكم الشخصية في سبيل اضفاء مزيد من التوازن والروح البناءة والبحث عن الحلول السلمية للمشاكل الاقليمية. وننظر الى لبنان بصفته شريكا من اهم شركائنا في منطقة الشرق الاوسط، بل بمثابته بوابة لنا الى هذه المنطقة التي لا تسمح دائما بالوصول اليها».
أضاف: «نقدر تقديرا عاليا النموذج اللبناني للتسامح الاتني والعرقي والطائفي. هناك مصير مشترك ومتشابه بين بلغاريا ولبنان، وهناك علاقات ثنائية اثبتت بانها قادرة على الاستمرار رغم المصاعب التي مرت بها. ويتذكر اللبنانيون ان البضائع البلغارية ظلت تصل الى لبنان حتى في اصعب مراحل الحرب الاهلية، وحتى عندما كانت خطوط النار تعبر مدارج المطار، لم توقف شركة الطيران البلغاري رحلاتها الى بيروت».
تابع: «استعرضنا حالة العلاقات القائمة الآن، ونحن لا نرضى بأن يكون اجمالي قيمة التبادل التجاري بين البلدين 175 مليون دولار. لذا اصطحبنا ممثلين عن الحكومة البلغارية ورجال الاعمال، واتوقع ان نبحث اليوم خلال مؤتمر رجال الاعمال، ولقاءاتي في مجلس النواب اللبناني والحكومة اللبنانية، العديد من الاشكال الجديدة للتعاون، حيث لا يجوز الاستمرار في الاعتماد على التبادل التجاري فقط، بل علينا ان نبحث عن طرق لتنظيم الانتاج المشترك».
وأردف: «بلغاريا بامكانها ان تفيدكم في انجاز العديد من مشاريع المرافق العامة التي ستتحقق في لبنان. فقد أثبتنا خبرتنا في مجال بناء السدود وانظمة الطاقة، وفي الوقت نفسه بإمكان بلغاريا ان تكون بوابة لبنان الى الاتحاد الاوروبي، كما ان لبنان بوابتنا الى الشرق الاوسط».
وتابع: «ناقشنا كذلك المشكلة الكبيرة بالنسبة الى لبنان وهي ازمة اللاجئين، لبلغاريا مشاركة فعالة على صعيد الاتحاد الاوروبي في سبيل تقديم الدعم المالي للبنان، ونحن سنستمر في تعاوننا في هذا المجال. سنعمل ايضاً على توسيع سبل التواصل بين بلدينا من خلال النقل، وهذا ما سيفسح المجال امام مواطنينا ورجال اعمالنا لمزيد من التعاون».
وأكد عون في رده على اسئلة الصحافيين من البلدين. «ان المشاكل الحادة لم تنتقل بعد الى بلغاريا، ولكن أخشى انه اذا بقي الحال على ما هو عليه لجهة بقاء النازحين وفي ظل الوضع الضاغط الذي يعيشه اللبنانيون، أن ينتقلوا باتجاه أوروبا. لذلك، فإن مساعدتنا تساهم في حل الكثير من المشاكل بالنسبة الى اوروبا، ولبنان يعيش وضعاً اقتصادياً سيئاً قد يؤدي الى صدامات محلية، فكلما ضاقت وسائل العيش زادت المشاكل».
اما الرئيس البلغاري فقال: «ابلغت الرئيس عون بمطالبة بلغاريا بتعهد الاتحاد الاوروبي بالمزيد من الجهود لدعم الدول التي تولد موجات اللاجئين. صحيح ان الدعم المالي مهم لكنه غير كافٍ، ويجب على اوروبا الاهتمام بسيادة الأمن في الدول التي ينزح منها اللاجئون. نحن نتعاون مع لبنان في مكافحة الإرهاب والراديكالية والهجرة غير الشرعية والجريمة غير المنظمة وسنستمر في تطوير هذا التعاون».
في عين التينة
ثم انتقل الضيف البلغاري الى عين التينة، حيث التقى رئيس مجلس النواب نبيه بري وجرى عرض للعلاقات الثنائية والمواضيع ذات الاهتمام المشترك بين لبنان وبلغاريا.
وبعدما ودّع ضيفه قال بري للصحافيين: «كان بحث عام تناول الوضع في المنطقة والوضع اللبناني، سواء الوضع الاقتصادي أو موضوع الحدود البحرية والاعتداءات الاسرائيلية. كذلك تناولنا الازمة الناتجة من قضية النازحين وتبادلنا الآراء حول التطورات. وعرضنا الوضع في بلغاريا وعمل البرلمانين في البلدين».
وسئل عن زيارته للعراق وقطر ونتائجهما المهمة، فأجاب: «بقدر ما هي مهمة لا أستطيع أن ألخّصها لكم الآن».
وعن جلسة تشريعية اكتفى بالقول «بعدين، بعدين».
السرايا
كما زار راديف والوفد المرافق السرايا الحكومي وأجرى محادثات مع رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري تناولت آخر المستجدات في لبنان والمنطقة والأوضاع العامة والعلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تطويرها بحضور مستشار الحريري الدكتور غطاس خوري، تخللتها جولة أفق شملت مسار الأوضاع في المنطقة ولبنان تحديداً.
غرفة بيروت
ونظمت غرفة بيروت وجبل لبنان برئاسة الوزير محمد شقير، لقاء اقتصادياً لبنانياً – بلغارياً لمناسبة زيارة رئيس بلغاريا حضره حشد من القيادات الاقتصادية ورجال الأعمال اللبنانيين ووفد رجال الأعمال البلغار. وتركّز البحث على عرض الفرص المتاحة في البلدين والإجراءات المطلوبة لتحقيق نقلة نوعية على مستوى العلاقات الاقتصادية الثنائية.
وأكد شقير أن «الحكومة اللبنانية جادة في تنفيذ مجموعة من المشاريع الكبرى، فهي أقرّت أخيراً خطة لتطوير قطاع الكهرباء، وأطلقت دورة التراخيص الثانية لاستكشاف النفط والغاز في البحر، بما يعزز إمكان مشاركة الشركات البلغارية إقرار قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص». ودعا الشركات البلغارية الراغبة في التوسّع في اتجاه المنطقة الى اتخاذ لبنان مقراً لها، مبدياً «استعداد لبنان لتقديم التسهيلات اللازمة والخدمات المناسبة للشركات البلغارية الراغبة في الاستثمار في لبنان».
وأكد نائب وزير الاقتصاد البلغاري الكسندر مانوليف، «ضرورة العمل لتطوير العلاقات بين لبنان وبلغاريا»، مشيراً الى وجود «أعداد كبيرة من اللبنانيين في بلدنا، ومن شأن ذلك المساهمة في دفع عملية التعاون الثنائي».
وأشار مانوليف الى أن «بلغاريا تشكل بوابة لبنان الى اوروبا، وتحظى باهتمام كبير من الشركات الدولية».
وأكد راديف في كلمته أهمية الصداقة التاريخية بين بلغاريا ولبنان وضرورة استمرار الحوار والتواصل الإيجابي للبناء الى المستقبل، معبراً عن تفاؤله بتطوير التعاون الاقتصادي بين البلدين.
ودعا رجال الاعمال اللبنانيين الى زيادة استثماراتهم في بلاده، مؤكداً «وجود الكثير من الفرص الواعدة، خصوصا أن بلغاريا تشكل بوابة مهمة للشركات اللبنانية الى اوروبا».
وعقد شقير ونائب وزير الاقتصاد البلغاري اجتماع عمل تم خلاله البحث في سبل تطوير العلاقات الاقتصادية بين البلدين.
وأوضح شقير أن البحث تطرّق الى عدد من الإجراءات التي من شأنها تسهيل انسياب السلع اللبنانية الى بلغاريا، وآلية دخول الشركات البلغارية الى لبنان للاستثمار في مشاريع سيدر، وكذلك اعتماد الشركات البلغارية لبنان كمقرّ لها للتوسع في اتجاه المنطقة.