الأطراف تجمع على أن لا تمديد للمفاوضات النووية والاتفاق قد يكون في «الدقيقة 90»
تتواصل المفاوضات النووية في جولتها الأخيرة بين إيران ومجموعة «5+1» في العاصمة النمساوية فيينا لليوم الثالث وحتى يوم الاثنين المقبل في 24 تشرين الثاني الجاري، الموعد المحدد لانتهاء هذه المفاوضات.
صعوبة التكهن بنتائج المفاوضات بخاصة أن الهوة لا تزال عميقة بين الجانبين، لا تمنع من التوصل إلى اتفاق نهائي في المهلة المحددة، في ظل تسريبات إعلامية عن أن الاتفاق سيكون في «الدقيقة التسعين» من المفاوضات، وسط تصريحات متضاربة تخرج من المشاركين بين الحين و الآخر.. آخرها كان الحديث عن إحراز تقدم وتقارب في وجهات النظر بين الوفدين الإيراني والأميركي في ما يخص عدد أجهزة الطرد الموافق عليها من دون تحديد جيلها.
في حين صرّح مصدر في الوفد الإيراني المفاوض أن طهران لا تريد تمديد المفاوضات وتسعى إلى حل وسط في الموعد المحدد، مشيراً إلى أن مسألة تمديد المفاوضات لم تطرح أثناء الجولة الحالية على رغم ورود تقارير بهذا الشأن في وسائل إعلام غربية، وأكد إمكان عقد اجتماع على مستوى الوزراء نهاية الأسبوع في إطار الجولة.
أما الحليف الروسي، فحذر على لسان نائب وزير خارجيته سيرغي ريابكوف من تفويت فرصة توقيع اتفاقية بين السداسية وإيران قبل 24 الجاري واصفاً ذلك بالخطأ الجسيم. وقال من فيينا: «المفاوضات تجرى في أجواء متوترة… الوقت يمضي بسرعة». وأضاف: «في الوقت الحالي يبدو وكأن التوصل إلى الاتفاق أمر صعب، ولكن تضييع الفرصة ممنوع».
وشدد ريابكوف على أن بلاده لا تنوي تمديد المفاوضات الجارية إلى ما بعد الموعد المحدد، وتصر على توقيع اتفاقات نهائية، قائلاً: «حتى الآن لا يتحدث أحد في المفاوضات عن تمديد فترة العملية التفاوضية».
ورداً على سؤال عن إمكان تبني وثيقة مرحلية جديدة بين إيران والسداسية، قال الدبلوماسي الروسي إن هذا الأمر يتطلب هو أيضاً أن يجرى التوافق حوله، ما يبدو مستحيلاً إذا ما لم تُحل المشكلات الجدية العالقة بين الطرفين.
من ناحية أخرى، نفت واشنطن الحديث عن أي مسعى للتمديد، وأعلنت الخارجية الأميركية أن الولايات المتحدة لا تبحث مع شركائها في مفاوضات «السداسية»، إمكان تمديد هذه المفاوضات.
وقال المتحدث باسم الخارجية جيف راتكي إن واشنطن لا تزال متمسكة بالرابع والعشرين من الشهر الجاري كموعد أقصى للتوصل إلى اتفاق شامل مع إيران، وأنها لا تجري أية مناقشات مع الدول الشريكة لها بشأن إمكان تغيير هذا الموعد.
ويأتي ذلك في وقت أشارت فيه مصادر فرنسية إلى أن الرياض تضغط على باريس من أجل عدم التوقيع على اتفاقٍ نهائيٍ حول الملف النووي الإيراني، وحذرت السعودية باريس من تجميد صفقات لشراء أسلحةٍ فرنسية في حال جرى التوقيع على الاتفاق.
المصادر نفسها أضافت أن باريس في وضعٍ لا تحسد عليه فهي من جهةٍ تواجه ضغطاً سعودياً، وفي الوقت نفسه لا تستطيع مواجهة دعوة أميركية إلى عدم التوقف عند مشيئة السعودية.
من جهة ثانية، قال السفير الفرنسي في الأمم المتحدة جيرار أرو في تغريدةٍ على تويتر: «إن فرنسا ستقف ضد أي اتفاقٍ سيئ مع إيران، وهي غير متحمسةٍ لتوقيع اتفاقٍ بأي ثمنٍ مع الإيرانيين».
ومن باريس التي يزورها أعلن أمس وزير الخارجية الأميركي جون كيري أن الطريق للتوصل إلى اتفاق نووي مع إيران «لا يزال طويلاً» مؤكداً عزم السداسية على غلق جميع الفجوات في المفاوضات.
لكن كيري قال خلال مؤتمر صحافي قبيل توجهه إلى فيينا التي وصلها مساء أمس إنه «لا تزال هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق مع إيران بشأن برنامجها النووي» مشيراً في الوقت نفسه إلى أن «لا شيء متفق عنه حتى اللحظة».
وفي وقت سابق، كشف وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس، في مؤتمر صحافي مع نظيره الإيطالي باولو جنتيلوني أنه لاتزال هناك مسائل مهمة يتعين حلها تتعلق بالبرنامج النووي الإيراني، إلا أنه أعرب عن أمله في التوصل إلى اتفاق بحلول 24 من الجاري.
وفي السياق، أعلن المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية يوكيا أمانو أن إيران فشلت في تقديم تفسيرات رداً على مزاعم بإجراء أبحاث محتملة خاصة بالقنبلة الذرية.
ونقلت وكالة «رويترز» عن أمانو قوله خلال اجتماع لمجلس محافظي الوكالة الذي يضم 35 دولة «أدعو إيران لزيادة تعاونها مع الوكالة ولأن تسمح بالوصول في وقت مناسب لكل المعلومات ذات الصلة والوثائق والمواقع والمواد والأفراد». داعياً طهران إلى زيادة تعاونها في تحقيق تجريه الوكالة منذ فترة طويلة بهذا الخصوص.
في حين حثّ الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أمس جميع الأطراف في المحادثات النووية على إبداء مزيد من المرونة من أجل حل النزاع المستمر منذ 12 سنة بشأن برنامج طهران النووي.
وقال المكتب الصحافي للأمين العام في بيان «يدعو الأمين العام كل المشاركين إلى إبداء المرونة اللازمة والتحلي بالحكمة والتصميم لدفع المفاوضات نحو نهاية ناجحة تبدد مخاوف وبواعث قلق كل الأطراف».
وأضاف البيان: «الأمين العام مقتنع بأن مثل هذا الاتفاق يمكن أن يسهم في تعزيز السلام والأمن الإقليمي والدولي في وقت تدعو الحاجة إلى تعاون عالمي ربما أكثر من أي وقت مضى». وتابع أن بان يأمل في أن يؤدي الاتفاق إلى «استعادة الثقة في الطبيعة السلمية لبرنامج إيران النووي».
إلى ذلك، قال مساعد رئیس الجمهوریة رئیس منظمة الطاقة الذریة الإیرانیة علي أكـبر صالحي، إن خبر نقل الوقود النووي إلی الدول الأخری بما فیها روسیا، كـاذب ولا أساس له من الصحة، وإن وقود المحطات النوویة ینتج في إیران وفقا للعقد الموقع مع روسیا.
ولفت إلی قرار مجلس الشوری الإسلامي الذي یقضي بإنتاج 20 ألف میغاواط من الطاقة الكهروذریة في إطار الخطة التنمویة العشرینیة تنتهی فی 2025 وأضاف أنه بعد محادثات صعبة أجریناها مع روسیا وقعنا الأسبوع الماضي بروتوكـولاً في موسكـو لإنشاء 4 محطات جدیدة في بوشهر.
أكد صالحي أن بلاده لن تقبل بأي تفتيش خاص ومختلف لمنشآتها النووية، مضيفاً أن الجانب الإيراني قدم خلال المحادثات مع المجموعة الدولية استدلالات قوية جداً في ما يخص مفاعل آراك، وأكد أن لا مجال للحديث مجدداً في هذا الشأن.
في السياق، قال رئیس مجلس الشوری الإسلامي علي لاريجاني أن الحلول الإیرانیة للملف النووي كـانت دائماً عادلة ومنطقیة، مضيفاً أن المفاوضات عبارة عن تعامل بین جانبین لذلك تستغرق كـل هذا الوقت.
و قال لاريجاني أن «علیهم أن یستفيدوا من الفرصة لأن الوقت لیس في مصلحتهم»، وأضاف أن «علیهم إلا یجعلوا إیران تیأس من الطریق التي اختارتها». وأكد أن تمديد المفاوضات النووية لا يصب في مصلحة الغرب، واعتبر أن أسلوب الأميركيين في المحادثات أشبه بالمساومة التجارية، وهي السبب في إطالة أمد المفاوضات.
وكانت محادثات يوم أمس بدأت على مستوى الخبراء بين وفود إيران والمجموعة الدولية، وسط ضغوط غربية كبيرة تمارس على الوفد الإيراني المفاوض، الذي أكد أنه ليس لديه المزيد بعد ما قدمه على سبيل التوصل إلى اتفاق، ما يعني أن الجانب الإيراني متمسك بمطالبه، ولن يرضخ للضغوط الأميركية والغربية.
وقد جمع لقاء استغرق أكثر من 90 دقيقة مساعدي وزیر الخارجیة الایراني عباس عرقجي ومجيد تخت رونجي بمساعد وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف، في حين عقد خبراء إیران ومجموعة 5+1 برئاسة حمید بعیدي نجاد المدیر العام للشؤون السیاسیة والأمنیة والدولیة بالخارجیة الإیرانیة واستیفان كـلمینت المساعد الخاص لكاثرین آشتون، اجتماعاً استمر لأكـثر من ساعة.
كذلك جمع لقاء صباحي وزیر الخارجیة محمد جواد ظریف مع منسقة المفاوضات كـاثرین آشتون ونائب وزیر الخارجیة الأميركـیة ولیام بیرنز.