دير مار موسى الحبشي.. مقصد للصلاة وإشراقة على التاريخ

على إحدى الهضاب شرق مدينة النبك وفي مشهد يدعو الناظر إلى التأمل والتفكر كناسك متعبّد بعيداً عن الضوضاء يتوضّع دير مار موسى الحبشي.

الدير الذي يبعد نحو 15 كيلومتراً عن النبك على ارتفاع 1320 متراً عن سطح البحر يعود تاريخ بنائه للقرن الثاني الميلادي، حيث كان برجاً أنشأه الرومان لمراقبة الطريق الواصل بين دمشق وتدمر وتحول إلى دير للرهبان قبل نحو 1500 عام أي في القرن السادس الميلادي بينما بُنيت كنيسة الدير في القرن الحادي عشر الميلادي على نمط البازيليك الذي كان شائعاً في تلك الفترة.

الراهب في الدير جهاد يوسف أشار إلى أن الدير مكرّس للصلاة والعمل اليدوي واستقبال الزوار مقدماً لمحة عن تاريخ الدير وتفاصيل الرسوم الجدارية الفريسك المنتشرة في كنيسته.

واستقر الراهب مار موسى الحبشي في الدير قادماً من الحبشة في رحلة بحث عن ملكوت الله ليعيش حياة الرهبنة وفق يوسف الذي يلفت إلى أن الرسوم التي تزين جدران الدير تعود إلى ثلاث مراحل تاريخية لكل منها أسلوبه الفني الخاص.

وبيّن يوسف أن أولى تلك المراحل تعود إلى ما بين عامي 1058 و 1095 ويبدو تأثير الفن الهلنستي واضحاً في الرسوم، ومما تبقى من هذه المرحلة لوحة للنبي إلياس معطياً عباءته للنبي اليشع، لافتاً إلى أن لوحات المرحلة الثانية تأثرت بالفن البيزنطي ومما تبقى منها لوحة تظهر معمودية السيد المسيح وأخرى للقديس سمعان العمودي وبعض الكتابات باللغة العربية إضافة إلى جرن المعمودية الأثري.

أغلب اللوحات تعود للمرحلة الثالثة نحو العام 1200 ميلادي ويوضح يوسف أنها رسوم ذات طابع سرياني تظهر واحدة منها مشهد بشارة ولادة السيد المسيح بينما تظهر أخرى مشهد الدينونة يوم الدين والتي تقسم إلى أربعة مستويات أعلاها يحوي العرش الإلهي.

زوار الدير من مختلف الأعمار والأطياف بعضهم جاء للصلاة وآخرون بدافع الفضول للاطلاع على تاريخ المنطقة، حيث بين عدد من الشبان أنهم جاؤوا من مدينة النبك للترويح عن أنفسهم وهم يتسابقون لصعود السلالم الحجرية أمام الدير البالغ عددها 345 درجة، بينما جاءت الشابة حنين ديب مع أسرتها من دمشق لزيارة الدير والتعرف إلى تاريخه.

الدير رمم مرات عديدة بدءاً من منتصف ثمانينيات القرن الماضي وهو مجهّز بالمياه والسخانات الشمسية ومنشآته مفتوحة للزوار مجاناً. سانا

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى