باسيل: «إسرائيل» العدو… وفلسطين البوصلة وعاصمتها القدس… والجولان سوري الشارع يتأهّب للتحرك أمام إرتباك السياسة… وخليل: ذوو الدخل المحدود خط أحمر
كتب المحرر السياسي
في دمشق كان الاجتماع الذي ضمّ الرئيس السوري بشار الأسد ووزير الخارجية الإيرانية محمد جواد ظريف محطة تقييم لتطورات الحرب على سورية وحولها، والتطورات الإقليمية ومسارات استانة، والمبادرات الأممية مع المبعوث الأممي الجديد غير بيدرسون لتشكيل اللجنة الدستورية، ومستقبل المواجهة مع الإرهاب وخصوصاً الوضع في إدلب، ووفقاً لمصادر متابعة فإن اللقاء كان مناسبة لبلورة أجوبة منسّقة على التحديات بعدما بلغ الكثير منها مراحل مفصلية، وقد استنفدت معه مهل الانتظار كما هو الحال في إدلب، أو بلغ درجة النضج للسير في خطوات سياسية نوعية كما هو حال اللجنة الدستورية بالتنسيق مع المبعوث الأممي، ووفقاً للمصادر نفسها لم تغب عن الاجتماع تداعيات القرارات الأميركية بتصنيف الحرس الثوري الإيراني على لوائح الإرهاب، وتشديد الحصار الاقتصادي والمالي على دول وقوى المقاومة، وكيفية مواجهتها بإجراءات مشتركة تحدّ من آثارها الهادفة إلى زعزعة علاقة البيئة الحاضنة للمقاومة وخيارها بقياداتها.
لبنانياً، كان الموقف الذي أطلقه وزير الخارجية جبران باسيل من موسكو في اجتماع وزراء الخارجية العرب مع وزير الخارجية الروسية في إطار اللقاء العربي الروسي، عنواناً لتمسك لبنان بثوابت عربية تخلت عنها دول عربية كبرى، مسايرة لواشنطن أو تفادياً لإغضابها، فذكر باسيل بأهمية حضور سورية وعودتها إلى مكانها ومكانتها بين العرب، وأعاد تأكيد أن «إسرائيل» هي العدو وفلسطين هي البوصلة، وان فلسطين عربية وعاصمتها القدس وأن الجولان سوري ومزارع شبعا لبنانية، وقال باسيل «لم يعد مقبولاً اليوم هذا التمادي في إهدارالحقوق العربية تمهيداً للإعلان عن صفقة العصر، التي انتظرناها حلاً وتمنيناها أفقاً جديداً للأجيال الجديدة لتعيش بأمن وسلام، فوجدناها سلسلة تلف حول عنق القضية لخنقها، فتضيع معها القدس والجولان وشبعا وتنتهي القضية، شعباً مشرداً وأرضاً مسلوبة ونظاماً دولياً منهاراً بضياع الحقوق وتكريس مفهوم الاغتصاب بدل العدالة، وكأن بنا نعود قرونا لنعيش نظام العبودية بدل أنظمة حقوق الإنسان».
في الشأن الداخلي سبقت التحركات الشعبية إعلان الموازنة العامة في ظل التسريبات التي كشفت نيات المساس برواتب القطاع العام، حيث بدأ العسكريون المتقاعدون تحركهم أمس ويليهم اليوم الموظفون بإضراب تحذيري، في ظل ارتباك سياسي يُخفي خلاله المسؤولون حقيقة النيات ويتحدث كل منهم بلغة مختلفة عن الآخر، بصورة ترفع منسوب الارتياب من وجود نيات خفية للنيل من مكتسبات حققتها سلسلة الرتب والرواتب، وتباين الاجتهادات التي تحملها مواقف المسؤولين في الدولة حول معالجة العجز، بصورة حولت الموازنة إلى مجرد اجتهادات متعددة لم تستقر بعد على رؤية موحدة يمكن مناقشتها، ما دفع بالقيادات النقابية إلى الاعتقاد أن عملية جس نبض تجري لطبيعة ردود الأفعال ليتم حسم القرار بصدد مد اليد على الرواتب ما يستدعي وفقاً لهذه القيادات تحركاً استباقياً يرفع الصوت التحذيري عالياً منعاً لأي التباس ناجم عن التريث، بينما يؤكد وزير المال علي حسن خليل بصفته مسؤولاً عن إعداد الموازنة وبصفته من قيادة حركة امل أن لا وجود لسبب للقلق لا من مضمون ما تم إعداده في الموازنة ولا من فرضية تمرير إجراءات مالية تصيب ذوي الدخل المحدود، لأن حركة أمل بقيادة رئيس مجلس النواب نبيه بري تعتبر هذه الإجراءات خطاً أحمر ممنوع تخطيه.
في لبنان لا صوت يعلو صوت الموازنة وما سيرافقها من إجراءات صارمة ستطال الموظفين من إداريين وعسكريين بدأت القوى السياسية التلميح لها بهدف جس نبض الشارع الذي تحرك أمس، رفضاً للمس بالرواتب سواء للمتقاعدين أو الذين ما زالوا في الخدمة الفعلية. فقطع العسكريون المتقاعدون عدداً من الطرق رفضاً للمسّ بمخصصاتهم، على ان تنفذ اليوم هيئة التنسيق النقابية ومعلمو المدارس الخاصة واساتذة الجامعة اللبنانية وموظفو الادارات العامة والبلديات اعتصاماً احتجاجياً في ساحة النجمة. في حين سجّلت زيارة لافتة قام بها قائد الجيش العماد جوزف عون الى عين التينة، تناولت ما يطرح من أفكار تصب في خانة تخفيض التقديمات للعسكريين.
واكدت مصادر مطلعة في تكتل لبنان القوي لـ»البناء» أن التكتل لديه مجموعة مقترحات سلمها الى وزير المال علي حسن خليل وتنص على خفض التهرب الضريبي وتخفيض العجز، لافتة الى ان سد العجز يمكن تحقيقه من خلال معالجة أزمة الكهرباء، تخفيض الرواتب العالية التي تشكل نسبة 10 من الموظفين، مشددة على ان التيار الوطني الحر عندما يتحدث عن تخفيض الرواتب للقطاع العام يتحدث عن فئة محددة وليس عن الفئات الدنيا، ولافتة الى ان كل الطروحات في ما خص رواتب الموظفين لا تمس الراتب الأساسي انما تتصل الامتيازات التي اعطيت من تقديمات تتصل بالمنح المدرسية وسواها، وخلصت الى ان العجز يفترض ان ينخفض الى 6 في المئة.
في مقابل ذلك، فإن للنائب شامل روكز رأياً ينسجم مع موقفه الوطني، وشدد في حديث لـ «البناء» على ضرورة البحث عن مصادر تسد العجز في الدولة وما أكثرها بعيداً عن المس برواتب العسكريين الحاليين والمتقاعدين. وقال لا يجوز الاقتطاع من راتب العسكري بعد تقاعده، قائلاً كيف يجوز الاقتطاع من رواتب عسكريين شهداء تستفيد عوائلهم من رواتبهم بعدما قدموا حياتهم دفاعاً عن لبنان. وشدّد روكز على أن الأمور لن تنتهي عند هذا الحد وما حصل في الشارع هو تحرك استباقي لما قد تقدم عليه الحكومة، مشدداً على انه سيكون الى جانب تحركات العسكريين وموظفي القطاع العام واعتصامهم في الشارع ضد اي قرارات ستتخذ بحقهم، لا سيما ان «العسكريين وموظفي القطاع العام لم يتسببوا بالعجز، فهناك مزاريب للهدر والفساد الجميع، يعلم المعنيون مكامنها ولا يقتربون منها.
في الموازاة، أشار رئيس لجنة الادارة والعدل النائب جورج عدوان إلى أن جلسة اللجنة تمّ تخصيصها للاستماع لوزير المال علي حسن خليل، باعتبار أنه المسؤول عن كل إيرادات الدولة وللاطلاع على حقيقة الوضع المالي، والتدابير التي من الممكن اتخاذها، وعلى التفاصيل التي يجب أن تتواكب تشريعياً لكي نتجاوز الأزمة الاقتصادية الحادة.
وفي ما يتعلق بتخفيض 15 من رواتب القطاع العام، كشف النائب عدوان عن تأكيد وزير المال أن الأرقام المطروحة والمقاربات التي يتم الحديث عنها غير صحيحة وغير دقيقة، وهناك احتمالات عدة لكثير من الخطوات ولكن ليس بالطريقة التي تطرح فيها الأمور، كاشفاً أن لجنة الادارة والعدل مع وزارة المال على تعاون وطيد في هذا الملف، خصوصاً أن الأزمة الحالية تتطلب أن نتعاون جميعاً ومعالجة جدية لا تتطرق إلى الطبقات غير الميسورة، مشدداً على أنه لا يمكن أن نتكلم عن تخفيض بالرواتب قبل أن نعالج مشكلة التهرب الضريبي والشركات الكبيرة التي لا تدفع، وأن نوقف التهريب في الجمارك وغيره من أماكن الهدر في أي وزارة أو جمعية كان، فهناك اولويات لا بد أن نبدأ بها قبل أن نصل للكلام عن خفض الرواتب، على حد تعبيره.
وليس بعيداً تشدد مصادر مطلعة لـ»البناء» على ان الحكومة عليها أن تبدأ بالمصارف قبل ان تمس معاشات الموظفين، مشيرة الى ضرورة ان تقوم المصارف بتمويل سندات الخزينة من دون فائدة والالتزام بإصلاح النظام الضريبي، في المقابل سارع تيار المستقبل عبر وزيره جمال الجراح الى الدفاع عن القطاع المصرفي، لافتاً الى ان «هذا القطاع بات محل استهداف وكأنه هو المسؤول عن كل هذا العجز وكل هذا الدين وكل التردي في الوضع الاقتصادي، في وقت حمل هذا القطاع الدولة ومسؤولية تمويلها على مدى سنوات، ولا يزال قادراً على حمل هذه المسؤولية لسنوات طويلة»، محذراً من «اللعب ومن عدم المسؤولية في مقاربة هذا الملف لأنه من أخطر ما قد يكون على اقتصادنا وعلى ماليتنا العامة وعلى استمرار اقتصادنا الحر الذي يحمل بذور التطور والإصلاح والنجاح».
الى ذلك تعقد اليوم عند الحادية عشرة جلسة عامة بدعوة من رئيس مجلس النواب نبيه بري، لدرس وإقرار 18 اقتراح ومشروع قانون مدرجة على جدول الأعمال. ولعل البند الثالث على جدول الأعمال هو الأهم لكونه يتصل بتنظيم قطاع الكهرباء ووضع آلية خاصة بتلزيم مشاريع بناء معامل تعتمد طريقة التصميم والتمويل والإنتاج والتشغيل والتسليم الى الدولة بعد فترة زمنية، فضلاً عن اقتراح القانون المعجل المكرر الرامي الى تعديل قانون سرية المصارف واقتراح القانون المعجل المكرر الرامي الى تعديل المادة 16 من قانون تبييض الأموال، واقتراح قانون قدمه النائب حسن فضل الله يدعو إلى إلغاء بعض فقرات المادة 61 من قانون الموظفين.
وفيما تنص المادة الثالثة من مشروع القانون الذي ستحيله الحكومة إلى المجلس بتمديد العمل بالقانون 288/2014 على أنه يستثنى في مراحل إتمام المناقصات تطبيق أحكام قانون المحاسبة العمومية وسائر النصوص ذات الصلة بأصول التلزيم التي لا تتفق مع طبيعة التلزيم والعقود موضوعها، تخوفت مصادر نيابية أن تكون هذه المادة مقدمة للقفز على إدارة المناقصات وتجاوز ملاحظاتها على دفتر الشروط.
من ناحية أخرى شدد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون على أن القضاء يجب أن يبقى فوق الشبهات، وسلطة دستورية مستقلة، تنقّي ذاتها بذاتها وفق الآليات المعتمدة قانوناً، من دون تشهير او ابتزاز او استغلال من أي كان. وأضاف: «القضاء لن يكون في عهدنا منظومات مرتهنة لأحد بل سلطة تمارس رسالتها بوحي من ضمير القاضي الحر والنزيه والمحايد». ولفت إلى دعوته لمؤتمر يبحث شؤون القضاء في لبنان سيعقد قريباً في القصر الجمهوري تحت عنوان «من أجل عدالة أفضل»، هدفه إطلاق حوار وطني صريح بين جميع المكوّنات المعنيّة بالعدل والعدالة، للإضاءة على مكامن الخلل في الوضع القضائي الحالي وأسبابه وكيفية استنهاض السلطة القضائية المستقلة.
الى ذلك، أعلن وزير الخارجية جبران باسيل تأييده المبادرة الروسية القاضية بعودة النازحين الى بلدهم، مؤكداً أن لبنان بحاجة الى حلّ مستدام وليس الى مساعدات دائمة. واعتبر باسيل، خلال اللقاء العربي -الروسي للتعاون في دورته الخامسة، في موسكو، ان لبنان اليوم مسؤولية عربية ودولية، وليست مسؤولية روسيا وحدها مساعدته على تحقيق العودة، قائلاً «لا حلّ بمعزل عن الحضن العربي، أعيدوا سورية الى الجامعة، ولنعمل معاً لإعادة النازحين الى سورية، ولتكن الجامعة العربية أم الصبي والمبادر الأول لمعالجة المشاكل العربية ونطلب عندها مساعدة روسيا، ومَن يريد مساعدتنا، على إيجاد الحلول وليس على خلق المشاكل».
وفي السياق، وضع مدير عام الأمن العام اللواء عباس إبراهيم البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، في صورة العمل المستمر من أجل عودة النازحين السوريين الى بلادهم إضافة الى عمل جهاز الأمن العام. وكان إبراهيم التقى سفير سورية في بيروت علي عبد الكريم علي، وبحث معه الأوضاع العامة، وشؤون النازحين السوريين في لبنان.