الخبر الثقافي
اختتمت فعاليات مهرجان السويداء الأول للشعر الشعبي والربابة الذي أقامته مديرية التراث الشعبي في وزارة الثقافة بالتعاون مع مديرية ثقافة السويداء بأمسية شعرية في صالة المركز الثقافي العربي في المحافظة. وقدم الشعراء المشاركون في الأمسية صالح عرابي وعامر أبو عسلي ونسيب سليمان وشاعر الربابة برهان البربور مجموعة من القصائد الشعبية التي تتغنى بأمجاد أجدادنا وانتصاراتهم في مواجهة المستعمرين، بلغة شعرية شعبية جميلة جسدت قيماً حضارية وتراثية أصيلة. ولفت مدير ثقافة السويداء الدكتور ثائر زين الدين إلى الجهود المبذولة لحفظ التراث الشعبي وصونه، إذ بدأت وزارة الثقافة منذ سنوات بمشروع جمع التراث الشعبي في سورية وصونه، مبينا أهمية المهرجان في خلق التنوع الثقافي وضرورة توثيق التراث والتعاون في سبيل الحفاظ عليه.
تضمنت فعاليات المهرجان الذي استمر ثلاثة أيام أمسيات من الشعر الشعبي وندوة حول الشعر الشعبي وآلة الربابة وافتتاح معرض وثائقي وصور يوثق للعادات والتقاليد والتراث في جبل العرب.
شوقي عبدالأمير شاعراً ضيفاً في مسقط
قدم الشاعر العراقي شوقي عبدالأمير أمسية شعرية في سفارة العراق في مسقط حضرها عدد من السفراء والمثقفين العراقيين والعرب والأجانب. وفي بداية الأمسية التي قدّم لها الشاعر عبدالرزاق الربيعي، ألقت د. آمال موسى حسين سفيرة العراق المعتمدة لدى سلطنة عمان كلمة ترحب بالحضور وبالشاعر الذي انخرط في السلك الدبلوماسي من خلال عمله في منظمة اليونسكو خبيرا في العلاقات الثقافية والإعلامية الدولية ومستشاراً في منظمة اليونسكو. وقال الشاعر عبدالرزاق الربيعي في معرض تقديمه للشاعر عبدالأمير إنه من الأسماء العربية البارزة في المشهد الثقافي العربي والعالمي، نظراً إلى مساهماته الإبداعية والفكرية الثرية في هذا المجال، وهو خبير في العلاقات الثقافية والإعلامية الدولية، ويشغل عدة مناصب ثقافية وإعلامية مهمة بينها: المدير الإقليمي لشبكة الإعلام العراقي في أوروبا، مكتب باريس، ورئيس لجنة الإصدار الجديد لصحيفة «الصباح» العراقيّة. كما شغل منصب رئيس مؤسسة «كتاب في جريدة»، وعمل مستشاراً ثقافياً للعراق في منظمة اليونيسكو في باريس.
عام 2004 حاز شوقي عبدالأمير جائزة ماكس جاكوب عن فئة الشعر العالمي في باريس. كما عين مستشاراً ثقافياً لمدير عام اليونيسكو فديريكو مايور مكلفاً بالمنطقة العربية. وانتقل الى مكتب منظمة اليونسكو في بيروت لإطلاق أكبر مشروع ثقافي عربي تساهم جميع الدول العربية فيه ثقافياً وإعلامياً ومادياً وهو «كتاب في جريدة». كما أسس عبدالأمير المركز الثقافي اليمني في باريس وشغل منصب المدير لثلاث سنوات. وعين مديراً لمركز ريمبو العالمي للشعر في منزل الشاعر آرتور ريمبو في عدن، وأصدر السلسلة الإبداعية «رقائم الهجرة» التي تعنى بنشر روائع التراث العربي باللغة الفرنسية. وعمل في السلك الدبلوماسي العربي في باريس مستشاراً ثقافياً لسفارة اليمن الجنوبي وملحقاً إعلامياً. كما أصدر مجلة «سبأ» بالفرنسية، وهي متخصصة في الحضارة العربية القديمة، وكان رئيساً لتحريرها مع المستشرق الفرنسي كريستيان روبان.
إلى الشاعر شوقي عبدالأمير، ملقياً «مقتطفات من مسيرته الشعرية» هي بمثابة «خريطة إبداعية وزمانية ومكانية» لمراحله الشعرية التي مرَّ بها مذ «خربشت» أظافره الصغيرة أول قصيدة شعرية على سطح الورق. وأهدى عبدالأمير القصيدة الافتتاحية في الأمسية تحت عنوان «في الطريق إلى مسقط» للشاعر العُماني زاهر الغافري وزوجته أسمار عبّاس، شاكرًا لهم الفضل الكبير في دعوته إلى زيارة مسقط والإقامة والعمل فيها.
ثم ألقى قصيدة تطرق فيها إلى محنة «عودته إلى بغداد بعد ثلاثين عاما» وهجس فيها بتحولات طالت مشهد البلاد، أفرحه دجلة الذي ما زال يجري، وساءته سامراء بما طالها من حزن. فحكى للجمهور عن «سوء ما رأى»، وضمنها ديوانه «محاولة فاشلة للاعتداء على الموت» وكتاباً نثرياً آخر أسماه «يوم في بغداد» يسجل فيه تداعيات رحلة العائد، يقارن المكان بين ذاكرتين قبل وبعد 35 عاماً من «لوعة الغياب»، لكن عراقه الذي دعي يوماً بلد المليون شاعر ما زال يفرّخ شعراء. وأنهى أمسيته بإلقاء مجموعة من القصائد القصيرة أو يسمى بشعر «الومضة» أو ما يعرف في الأدب الياباني بشعر «الهايكو» غير أنها تميزت بتكنيك المفارقة الصادم أحياناً، والساخر غالبًا.
بعد انتهاء شوقي عبدالأمير من إلقاء قصائده التي استحوذت على إعجاب الجمهور وتصفيقه، اختتمت بجلسة مناقشة شارك فيها الحضور ودار حوار ثري بين السفراء والمثقفين من جانب، والشاعر الضيف من جانب آخر.
وعن سؤال أحد السفراء الأجانب حول الإشكاليات التي يعانيها متحدثو اللغة العربية في التواصل، ردّ عبدالأمير بأن اللغة العربية تتميز عن سائر اللغات الأوروبية والشرقية بعدد من السمات وأهمها أنها «لغة فعلية» و»لغة صوتية» و»لغة اشتقاق»، غير أنَّ من يتحدث بها يحتاج إلى ذكاء للسيطرة على «النظام الصرفي» و»النظام النحوي».
في سياق آخر قال عبدالأمير: «في الواقع، أهم تأثير جاءت به «الغربة» على الكتابة عندي يتمثل في العلاقة مع اللغة في القصيدة. لقد أصبحت أكثر اقتصاداً وتغيّر لديّ منطق الخطاب بكامله. كنّا نكتب بلغة هي نفسها عائمة في محيط شعري، ولذلك كان لا بد من الخروج من هذا الوسط الذي يفرض على القصيدة طقساً خاصاً والانتقال إلى لغة أكثر برودة وصرامة في الوقت نفسه. إن الانتقال إلى لغة أخرى سمح لي بالنظر من جديد إلى اللغة العربية واكتشاف مواطن عبقريتها وضعفها في آن واحد. أما «الغربة» فأضعها بين قوسين دائماً لأنني لا أعتقد بمضمونها السلبي الشائع. إنها اختيار وجوديّ تكوينيّ تأسيسي للشاعر. الشاعر هو المغترب بامتياز وهو غريب أينما كان حتى بين أهله وظهرانيه. الشعر هو غربة ولذلك فإن الحضن العائلي والوطني والقومي يشكّلُ نسغاً مضادّاً للشعر لا بد من كسره والخروج عليه. ومن هنا فإن «كتاب» الترحال والمدن الجديدة والسماوات الغريبة هي الصفحات البيضاء والحقيقية التي عليها تكتب القصيدة».
في ختام الأمسية قدّمت السفيرة العراقية هدية تذكارية إلى الشاعر الضيف تقديراً لجهوده في خدمة الأدب العربي عامة والعراقي خاصة على امتداد رحلته التي أمضى منها أربعة عقود في باريس، ثم متنقّلاً بين صنعاء ومسقط وبغداد، ودوره الفاعل في الثقافة العربية.