بشار الجعفري… إيه الحلاوة دي!
ماجدي البسيوني
لا ينكر سوى أعمى أو من في قلبه مرض أنّ الجبهة السورية التي يقودها ـ الكبير ـ بشار الجعفري داخل أروقة الأمم المتحدة طيلة عمر الحرب العالمية ضدّ سورية ـ ما يقرب من أربعة أعوام ـ استطاعت الصمود عن استحقاق وجدارة ليس لكونها تمتلك الحقيقة وفقط، بل لكونها تمتلك كافة أدوات الصمود والمثابرة في مواجهة أعتى القوى العالمية المستبدة، وفي مواجهة خزائن لم يعرف التاريخ مثيلاً لها، ولوّحت هنا وهناك بمنح العطايا والهبات إلى العشرات من مناديب الدول المستضعفة والخانعة التي تحمل عضوية الأمم المتحدة.
الجبهة التي يقودها ـ الكبير ـ بشار الجعفري لم تكن في مواجهة الأمم المتحدة ومؤسساتها فقط، بل في مواجهة أعتى المؤسسات العالمية الضالعة في نهب ثروات وحضارت وأراضي الشعوب، أهمها: الصهيونية العالمية ـ لوبي محتكري صناع السلاح ـ مؤسسات احتكار البترول العالمية، كلّ هؤلاء وأكثر هم من ظلّ الجعفري صامداً في مواجهتهم طيلة السنوات الأربع الماضية، محققاً العديد من الانتصارات التي تشهد عليها فيما لو قارنا ما بين إثبات مصداقية الجعفري وما أكد عليه طوال 1260 يوماً التي باتت واضحة وجلية أمام من ظلت عيونهم وعقولهم مغلقة، أو بدوا كذلك رغماً عنهم نتاج انبطاحهم عرايا من الحق والحقيقة…
حجم الساعات التي وقف فيها الجعفري ـ الكبير ـ أمام الأمم المتحدة ومنظماتها خلال الـ1260 يوماً تستحق أن يتمّ تفريغها وإعادة قراءتها بوعي وإعدادها لتكون وثيقة لكلّ شعوب الدنيا الباحثة عن العدل والاستقلال في مواجهة قوى الشرّ والاستكبار العالمية المتمدّدة على خريطة الأرض الآن وحتى قيام الساعة.
1260 يوماً بما حدث فيها من نهب وقتل وإبادة وما شئت قل، ما كان لها أن تحدث لو كان هناك من يعقل ويسمع ويعي ويعمل على تنمية وتطوير العالم كما تحدّث بشار الجعفري ـ الكبير ـ ولكن كيف وهناك من يعقل ويعي ويعمل على المزيد من النهب والقتل والإبادة وما شئت قل من مؤسسات وأنظمة تعرف تماماً ما تقوم به وما تهدف له؟ وقف الجعفري في مواجهتهم داخل أكبر محفل دولي بمختلف تكويناته يفنّد حجم الجرائم التي يرتكبوها عن قصد، مدركاً أنّ الحلّ يكمن في استفاقة الشعوب بما فيها شعوب دول الاستكبار والشرّ العالمية.
عندما يخرج جو بايدن نائب الرئيس الأميركي أوباما ليعلن أنه لم يعتذر كما نقلت بعض وسائل الاعلان وليس الإعلام، لما سبق وصرّح به من أنّ السعودية وتركيا والإمارات هي من دعمت الإرهاب في سورية… اليس هذا ما أعلنه من قبل بشار الجعفري مراراً على مدى السنوات الأربع الماضية؟
عندما تخرج مؤسّسات دولية عديدة من داخل الدول نفسها التي أنشأت هذا الارهاب لتؤكد أنّ السياسات الاميركية والبريطانية والفرنسية هي من دعمت هذا الإرهاب المنتشر في العالم، وهذا الإرهاب نفسه سيطاول هذه الدول حتماً، وهو ما دفع أغلب الدول والحكومات الأوروبية لأن تعلن تخوّفها من كمّ الإرهابيين الاوروبيين الذين انخرطوا في جماعات الارهاب، سواء في سورية أو العراق، ألم يعلن بشار الجعفري مراراً وتكراراً قراءته الصحيحة لواقع الحال…؟
عندما يقدّم بشار الجعفري ملايين المستندات إلى الأمم المتحدة ومكتب سكرتيرها العام، ويكشف فيها عمّن يموّل الارهاب ويدرّب الإرهابيين، ومن يستخدم الكيماوي، وما هو الدور الأميركي الصهيوني، وكذا حجم إبادة الأطفال والنساء، والذبح الذي يمارس ولا تتحرك المنظمة المسيرة حسبما تريدها واشنطن والمنظمات المتحكمة في القرار الأميركي، بل يستمرّ تجاهل كلّ مواثيق الأمم المتحدة نفسها عن عمد، وها هي تخرج أخيراً بقرارات لا تساوي الحبر الذي كتبت به لتدين «داعش» و«النصرة» كمن يدين المريض ولا يدين من تسبّب في المرض…
من منا لم يلق برأسه على كتفه ضاحكاً وساخراً عندما شاهد مندوبا قطر السعودية وهما يقدمان مشروع قرار لإدانة وضع حقوق الإنسان في سورية، بينما لا يتحمّل النظامان شطراً من بيت لشاعر أو فقرة انتقاد من عالم دين، فيحكمان بالسجن مدى الحياة للشاعر محمد بن الذنب والإعدام للعالم الشيخ نمر النمر.
اختصار عدد الساعات التي وقف فيها د. بشار الجعفري في الأيام القليلة السابقة، ما هو إلا اجتزاء لكمّ ضخم من البرديات… فعندما يفنّد لمندوبة قطر الشيخة ـ هكذا يطلقون على نساء بيت آل حمد ـ علياء أحمد بن سيف آل ثاني ـ رداً قانونياً ماحقاً، فمن المؤكد أنها ستقرّر بعدها الذهاب إلى فصول تعليم الأدب قبل الذهاب إلى مجموعات التقوية في مبادئ القانون الدولي… وعندما يخرس المندوب الصهيوني بإلقاء حقائق شاخصة لمن يريد أن يرى حجم الدماء والإبادة للشعب الفلسطيني، فلا يحق لمن يفعل هذا وذاك، الحديث عن حقوق للإنسان، مؤكداً أنّ أفعالكم هي عنوانكم، ليحقق د. الجعفري نصراً بإدانة 165 دوله للكيان الصهيوني، وعندما تتبنى الجمعية العامة للأمم المتحدة بأغلبية 188 دولة من أصل 193 قراراً يدعو إلى رفع الحصار الاقتصادي والتجاري والمالي الذي تفرضه الولايات المتحدة على كوبا في حين انفردت «إسرائيل» بالوقوف الى جانب أميركا ضدّ القرار وامتنعت ثلاث دول عن التصويت، ليعلن الجعفري في نفس الجلسة وقبل التصويت: اليوم وبعد أن طرق الإرهاب باب الدول التي طالما أنكرت وجوده في سورية فاستغلّ نساء هذه الدول وفتياتها وأصبح فكراً منتشراً بأيديولوجيته المتطرفة والمجرمة، نتساءل: «أما آن الأوان لكي تعيد الدول المنخرطة في هذه الحرب الإرهابية حساباتها الإجرامية وتتوقف عن دعم الإرهاب في سورية؟ ألم يحن الأوان لكبار مسؤولي الأمم المتحدة لإعادة النظر بتشكيكهم بما قدّمته الحكومة السورية لهم من قرائن حول أنشطة المسلحين الإرهابيين الأجانب في سورية؟ اليس حرياً بالجميع اليوم تطبيق قرارات مجلس الأمن بعيداً عن أي قراءة استنسابية أو مزاجية؟
لحظتها وجدتني أقول بلهجتي المصرية الريفية: ايه الحلاوة دي يا جدع.
رئيس تحرير جريدة «العربي» ـ مصر
magdybasyony52 hotmail.com