اعتصامات عسكرية ومدنية في بيروت والمناطق روكز: الموازنة مرفوضة لأنها قائمة على حقوق القطاع العام
نفّذ العسكريون المتقاعدون منذ الخامسة صباح امس سلسلة اعتصامات شلّت مداخل العاصمة للتحذير من المسّ بحقوقهم المالية في مشروع الموازنة العامة.
وانطلق العسكريون من ساحة رياض الصلح متوجهين إلى أكثر من نقطة، فمنهم من توجه إلى مصرف لبنان في شارع الحمراء، وقسم إلى وزارة المالية وقسم آخر الى مرفأ بيروت حيث أقفلوا جميع مداخله. وقامت قوى الأمن بقطع الطريق الممتدة من الدورة باتجاه مرفأ .
ففي المرفأ توزع المحتجون على المداخل 3 و4 و14، ومنعوا دخول وخروج السيارات. وحصل إشكال بين موظف في الجمارك ومجموعة من العسكريين المتقاعدين الذين منعوه من الدخول إلى المرفأ.
وتفقد رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الأسمر المعتصمين عند مدخل المرفأ الباب 14، وقال «ندعم كلّ تحرك يطالب برفع الظلم عن الطبقة العاملة في القطاع العام او القطاع الخاص، عبر تخفيض الأجور والتقديمات أو عبر ضرائب جديدة تفرض»، مشيراً إلى أنه «يؤيد كلّ تحركاتهم التي ترفع الصوت عالياً، في وجه المسّ بمكتسباتهم وحقوقهم».
وتجمّع عدد من العسكريين أمام مصرف لبنان، وتوزعوا على مجموعات، وتولت كلّ مجموعة إقفال مدخل من مداخل المصرف. وتحدث باسم المعتصمين رئيس الهيئة الوطنية للمحاربين القدامى العميد المتقاعد مارون خريش، فقال «الاعتصام مستمر إلى أن تصدر إشارة واضحة إيجابية بإلغاء جميع المواد التي تتعلق بتخفيض رواتبنا أو تعويضاتنا أو التقديمات الاجتماعية عن مجلس الوزراء المنعقد في بعبدا».
أضاف «نبعث برسالة الى مجلس الوزراء والى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس مجلس الوزراء سعد الحريري والى الوزراء الذين يمثلون كتلهم بأننا اذا تبلغنا بأنهم أخذوا قراراً بتخفيض رواتبنا لن نقبل بذلك، وسنبقى في الشارع مع خطوات تصعيدية قد تكون مؤلمة». ثم توجهوا إلى مبنى الـTVA ، وأعلنوا أنهم لن يخرجوا من الشارع إلى حين تلبية مطالبهم بعدم المساس بمستحقاتهم.
وتوجه قسم من المعتصمين الى مبنى الواردات التابع لوزارة المالية في شارع بشارة الخوري. وتحدث خلال الوقفة الاحتجاجية الناطق بإسم الهيئة الوطنية للمحاربين القدامى العميد سامي الرماح، وقال «لسنا الفئة الوحيدة المهدورة حقوقها، بل كلّ الشعب اللبناني مهدورة حقوقه». وأوضح أنّ «هناك 3 طرق لاستعادة قيامة الدولة، هي: رفع السرية المصرفية، إلغاء الحصانات عن كلّ المسؤولين وإقرار قانون استعادة الأموال المنهوبة. فليذهبوا إلى مزاريب الهدر في الكهرباء و»أوجيرو» والأملاك البحرية والنهرية والمرفأ».
وانضمّ عضو تكتل «لبنان القوي» النائب شامل روكز إلى المعتصمين، وقال «الموازنة مرفوضة من البداية لأنها قائمة على حقوق القطاع العام والعسكريين ونأمل ان توضع اليوم خلال جلسة مجلس الوزراء النقاط على الحروف». وتساءل «هل يكافأ العسكري الذي دافع عن لبنان وفدى الوطن بدمه ووقف بوجه إسرائيل بهذه الطريقة؟». وناشد الرئيس عون «بي العسكر» ومجلس الوزراء وضع يديهما على الموضوع وأن يكونوا منصفين مع العسكريين».
من جهته، رفض النائب جان طالوزيان «أن يكون سدّ العجز عبر المسّ برواتب العسكريين وحقوق المواطنين».
وفي السياق، أشار العميد المتقاعد جورج نادر إلى أنّ «إقفالنا مرفأ بيروت ومدخل مصرف لبنان هو رسالة تحذيرية وفي حال لم يسحب موضوع الحسم على رواتب العسكريين من التداول في الموازنة، فلن تنعقد جلسة لمجلس النواب».
إلى ذلك واصل مياومو الضمان الإجتماعي في طرابلس إضرابهم الذي بدأوه منذ أسبوع أمام مبنى الضمان الإجتماعي بمشاركة الإتحاد العمالي في الشمال. وزار رئيس «تيار الكرامة» النائب فيصل كرامي خيمة المعتصمين وشاركهم بوقفة تضامنية، وقال «أتينا إليهم كي نقف مع المظلوم ضدّ الظالم، وهؤلاء الموظفون مظلومون وما قاموا به خلال سنة ونصف السنة تعجز عنه الكثير من الدوائر التي فيها فائض من الموظفين»، مضيفاً «أقف أيضاً الى جانب العسكريين المتقاعدين، وكلّ أصحاب الحقوق ضدّ هذه الدولة الظالمة، التي تحاول مدّ يدها الى معاشات الناس وتحرم فئة أخرى من الناس من معاشاتهم لأسباب ما عدنا نعرف ما هي»، محذراً من «استبدال ابناء طرابلس بآخرين من خارجها».
أساتذة الجامعة: كذلك، أعلنت لجنة الأساتذة المتعاقدين بالساعة في الجامعة اللبنانية في بيان «الإضراب التحذيري الشامل والأخير يوم الأربعاء في الثامن من أيار، والمفتوح ابتداء من الخامس عشر منه، وذلك في جميع فروع الجامعة، وكلياتها، بالتزامن مع الاعتصامات المكثفة، ومقاطعة الامتحانات بما فيها وضع الأسئلة، والمراقبة، وتصحيح المسابقات والاستمرار في الإضراب إلى حين رفع الملف من مجلس الجامعة إلى وزير التربية».
من جهتهم، التزم موظفو هيئة إدارة السير والآليات والمركبات الاضراب في كلّ فروع النافعة، مطالبين الحكومة بإقرار سلسلة الرتب والرواتب اسوة بباقي المؤسسات.
وفي صيدا، نفذ موظفو مستشفى صيدا الحكومي اعتصاماً أمام باحة مدخل الطوارئ تحت عنوان «إضراب حتى اشعار آخر»، وامتنعوا عن استقبال المرضى باستثناء حالات غسيل الكلى، وذلك بسبب عدم استجابة المعنيين لدفع رواتبهم المتأخرة، ونفاذ المواد الاساسية من المستشفى.
الخطيب
وحيّا أمين عام «جبهة البناء اللبناني» ورئيس «مركز بيروت الوطن» الدكتور المهندس زهير الخطيب تحرك متقاعدي المؤسسة العسكرية «رفضاً لمسّ السلطة برواتبهم التقاعدية بحجة تحجيم عجز الموازنة» وأكبَر فيهم «التوحّد الوطني ترجمة لحقيقة المؤسسة العسكرية التي برغم الإجحاف التي لاقته عبر السنوات في تجهيزهها وعديدها بقيت وإن وحيدة، المؤسسة الدستورية المعبّرة عن وحدة وحصانة وحماية لبنان، شعباً وأرضاً ومصالح إنسانية».
ورأى الخطيب في بيان «أنّ إيصال طبقة الفساد الحاكمة البلد إلى الإفلاس المالي والشعب إلى البطالة والفقر الذي تئنّ منه اليوم غالبية شرائح الشعب اللبناني طوائف ومناطق، لا يمكن أن يعالجه من تسبّب به هدراً وسرقةً ولا حلّ للإنهيار بمزيد من الإستدانة من الخارج وبالاستمرار بتسليم رقبة الدولة لمرابي المصارف، بل يكون بقطع جميع أبواب الهدر بين متشاركي السلطة والرشوة السياسية والحزبية من المال العام».
ودعا إلى «تحمّل أطراف معادلة الجيش والشعب والمقاومة المسؤولية التاريخية لمنع ضياع الوطن ومقدراته باسترجاع الأموال المسروقة من الفاسدين المعروفين ومن أقاربهم إضافة إلى وقف الهدر لتسديد الدين العام وإنهاء كلّ مبرّر للإنتقاص من الحقوق المكتسبة قبل فوات الآوان والبكاء على الأطلال».
الأسعد
ورأى الأمين العام لـ «التيّار الأسعدي» المحامي معن الأسعد «أنّ تحرك العسكريين المتقاعدين هو بداية مطلوبة، خصوصاً، أنّ حراك اليوم كشف عن الخروج من الانتماءات الطائفية والمذهبية والحزبية، والوقوف صفاً واحداً في مواجهة الطبقة السياسية الحاكمة»، داعياً النقابات والاتحادات العالمية والشعبية إلى الاقتداء بتحرك المتقاعدين والتظاهر والاعتصام أمام المقار الرسمية ومكاتب الرؤساء والوزراء والنواب، مشدّداً على «رفضه إقفال الطرق أمام المواطنين الساعين إلى أرزاقهم وأعمالهم».
وأعلن مشاركة التيار الأسعدي وأنصاره في تحرك الأول من أيار، مشدّداً على «توحيد المواقف والشعارات ورفع العلم اللبناني من دون سواه».
فتوحي
بدوره، أيّد رئيس الحزب اللبناني الواعد فارس فتوحي مطالب العسكريين المتقاعدين، مشدّداً «على وجود العديد من الأبواب المتاحة أمام الحكومة لخفض الإنفاق بدءاً من الأملاك البحرية، مروراً بالمباني المستأجرة وصولاً إلى الموظفين أصحاب الرواتب المرتفعة، وأصحاب الرواتب المكرّرة، عدا عن الجمعيات والمجالس التي تخصّص لها ميزانيات كبيرة من دون أن تقوم بأيّ عمل، حيث اللائحة تطول جداً».
ودعا فتوحي في بيان «الحكومة إلى وضع موازنة تنصف المواطن اللبناني وتريحه وتتيح أمامه فرص العمل قبل البحث عن إرضاء الجهات المانحة والصناديق الدولية، التي إنْ مدّت يد العون إلى لبنان ستكون على شكل قروض أيّ بمعنى آخر المزيد من الديون على خزينة الدولة».
وفي هذا السياق، أبدى فتوحي ثقته «بأنّ رئيس الجمهورية لن يسمح بأن تمتدّ اليد إلى جيوب الفقراء ومحدودي الدخل، ولا سيما العسكريين، ويدرك أهمية إنصاف الذين بذلوا انفسهم دفاعاً عن الوطن».
ومع البدء بمناقشة مشروع الموازنة العامة في القصر الجمهوري في بعبدا أمس، تمنّى فتوحي «على الوزراء أن يغلبوا المصلحة الوطنية البحتة قبل أيّ مصلحة أخرى».