فلحة: نأمل لاحقاً التخفيف عن كاهل الصحافة عبء ما تعانيه القصيفي: لتبادر الدولة إلى رعاية الصحافيين وفاءً لدورهم المشرّف
أحيت نقابة محرري الصحافة اللبنانية «اليوم العالمي لحرية الصحافة» في مبنى بلدية الحازمية برعاية وزير الإعلام جمال الجرّاح ممثلاً بالمدير العام للوزارة حسان فلحة، وحضور ممثلة وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل مستشارته ألين فرح، ممثل النائب سامي الجميّل جورج شاهين، الوزير السابق زياد بارود، رئيس تحرير «البناء» النائب السابق ناصر قنديل، نقيب المحررين جوزف القصيفي، ممثل نقيب الصحافة عوني الكعكي رئيس تحرير جريدة «الشرق» خليل الخوري، رئيس بلدية الحازمية جان الأسمر، نقيب المصوّرين الصحافيين عزيز طاهر، مدير مكتب اليونيسكو الإقليمي في بيروت الدكتور محمد بن سيف الهمامي ممثلاً بمسؤول البرامج والاتصال جورج عوّاد، مدير التحرير المسؤوب في «البناء» رمزي عبد الخالق وممثلين عن القوى الأمنية وحشد من الصحافيين والإعلاميين.
بدأ الاحتفال بالوقوف دقيقة صمت عن أرواح شهداء الصحافة، ثم كانت كلمة ترحيبية للأسمر، فكلمة للقصيفي قال فيها إنّ «التلازم بين الحرية، والحق والإرادة، هو جوهر الحياة الإنسانية، فلا تضادّ بين هذه الأقانيم، بل تكامل يطلّ على أسرار الوجود».
وأضاف «اللبنانيون، والصحافيون منهم في الطليعة، حبّروا بدمهم، وثيقة الحرية، حتى إذا عفّ لونها، أعادوا صباغها من جديد. وهم أدّوا جزيتها، عندما تقدّمت مواكبهم إلى أعواد المشانق في العام 1916، يجودون بأغلى ما ملكوا: أرواحهم، التي سمت فوق جبروت الموت، وظلوا يغدقون بسخاء حتى يومنا هذا، دماً يستسقي دماً، من أجل أن تبقى رايتها مرفوعة تتحدّى الزمن، وبطش الطغاة، تحكي حكاية الآباء، وشمخة الجبين. إنّ من يمسّ الحرية في لبنان، هو كمن يهوي بفأس على جذع أرزة، ومطرقة على واحد من أعمدة بعلبك. إنّ الحرية محور الحياة الدنيا، حدودها الضمير والقانون والشعور بالمسؤولية، وإلا يكون التحوّل عن غائيتها، معادل لإلغائها».
وتابع «المشكلة اليوم لا تنحصر بثنائية الحرية والمادة. إنها مشكلة قائمة ومزمنة. فالأساس يكمن في الدور والرسالة، كونهما ضمانة القيم الأخلاقية والاجتماعية التي يتعيّن على كلّ إعلامي التحصّن بها. وفي هذا المجال علينا الالتفات إلى الوضع الجديد الذي أوجده التطوّر الرقمي، وما أحدثه من ارتدادات، ما يتطلب التفكير بمقاربات مختلفة لدى البحث في واقع الإعلام ومرتجاه. هنا المعادلة الخطيرة، التي لا بدّ لها من بوصلة تهدي، وتفتح الطريق أمام السير بين الخطوط المتعرّجة، والصحافي هو حامي الحرية، ورأس حربتها، ولأنه كذلك، فمن حقه على دولته أن تكون إلى جانبه، وأن تقف على معاناته، وتحصّنه بالرعاية التي تقيه شرّ العوز، في هذه الأيام العجاف، ليتمكّن من أداء رسالته بتجرّد، والإضاءة على مكامن الخطأ، وما أكثرها، في مجتمعه، ليجتنب الوقوع في الخطيئة».
وأردف «في اليوم العالمي لحرية الصحافة، نشهد للحق والحقيقة، داعين الزملاء إلى الانقياد لمثلها، ليقودوا الناس إليها. وهذا لا يكون إلا بإنقاذ الصحافة والصحافيين»، مؤكداً أنّ الدولة اللبنانية «غير معفاة من واجبها تجاه هذا القطاع الذي يحتضر، لأنّ احتضاره يعني انطواء صفحة مشرقة، لا بل الصفحة الأكثر إشراقاً من كيان الوطن».
أضاف «قلنا الكثير عن الأزمة التي عصفت بالصحافيين ومؤسّساتهم، وطاولت لقمة عيشهم، وموارد رزقهم. وإنّ القليل الذي يحتاجونه لا يوازي معشار ما هُدر، وما يمكن أن يُهدر، فلتبادر الدولة الى رعايتهم وفاء لدورهم التاريخي المشرّف، ونحن متيقنون من تكاتف الجميع لننهض معاً إلى ورشة تعيد إلى المهنة تألّقها. فالأفكار كثيرة، والفعلة ليسوا قليلين، وهم جاهزون لمواجهة التحدّي، والتصدّي للمعوقات، ويجب ألا يقوم بيننا أيّ تصادم».
ثم كانت كلمة لنائبة رئيسة بعثة الاتحاد الأوروبي في لبنان جوليا كوش دوبيولي قالت فيها «لا نستطيع أخذ حقوق الإنسان والقيم الديمقراطية غبّ الطلب لا في أوروبا ولا في لبنان، خاصة عندما يتعلق الأمر بحرية التعبير، لهذا تعقد هكذا ندوات ومؤتمرات، فالأفكار والاقترحات ضرورية لأيّ تقدّم، ولهذا أيضاً نرفع صوتنا عالياً لدعم حقوق التعبير والمعتقد».
وألقى عواد كلمة مدير مكتب اليونيسكو الإقليمي تحدث فيها عن أهمية الاحتفال باليوم العالمي لحرية الصحافة معتبراً إياه «مناسبة لتشجيع وإعداد المبادرات لحرية الصحافة ولتقييم حالة حرية التعبير في شتى أنحاء العالم وتذكير الحكومات بحاجتها إلى الوفاء بالتزاماتها تجاه حرية الصحافة».
وعدّد أنشطة منظمة اليونيسكو ومشاريعها والمؤتمرات التي تعقدها في أكثر من بلد وعن جائزة اليونيسكو، كما تطرق لشراكة اليونيسكو مع المجتمع المدني والمحلي والمعهد الدولي للصحافيين والجامعات والمشاريع التي تقوم فيها طالت المرأة والشباب.
وألقى فلحة كلمة الجرّاح فقال «لا يخفى على أحد أن الصحافة في لبنان كانت في زمن معين، وقبل التحوّلات الأخيرة في المنطقة، تعيش عصراً ذهبياً، مهنياً وفكرياً وتطلعات، وهي كانت تعدّ مدرسة في تعليم الأجيال ممارسة الحرية والديمقراطية بأبهى وجوهها، وعلى تعميم ثقافة الحوار والإنفتاح وتقبّل الآخر بكلّ ما بيننا وبينه من اختلاف في وجهات النظر وفي بعض المفاهيم، لأنّ بناء الأوطان لا يقوم أو يستقيم بإلغاء الآخر».
وأشار الى أنّ «ما تمرّ به الصحافة اللبنانية اليوم من ضائقة اقتصادية هو جزء من كلّ، ولا يمكن بالتالي فصله عما يمرّ به الوطن، وقد باشرنا درس الموازنة العامة، التي نحاول قدر الإمكان أن تكون تقشفية من دون أن تطال ذوي الدخل المحدود، علّ وعسى نستطيع تجاوز محنتنا الإقتصادية والمالية، على أمل التوصل إلى ما يؤمّن الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي، من خلال وضع حدّ للفساد المستشري، ومن خلال مشاريع مؤتمر «سيدر».
و أمل «التوصل لاحقاً، بالتعاون بين الدولة اللبنانية ونقابتي الصحافة والمحررين، إلى ما يخفف عن كاهل الصحافة عبء ما تعانيه».
بعد ذلك قدّم رئيس الاتحاد الدولي للصحافيين العرب درعاً تكريمية للنقيب القصيفي. تلا ذلك ندوة بعنوان «حرية الصحافة بين القوانين والممارسة» شارك فيها الوزير السابق زياد بارود، مدير البرنامج في الاتحاد الدولي للصحافيين منير زعرور، الأستاذ الجامعي د. لويس حنينة، عضو مجلس نقابة المحررين واصف عواضة، وأدارها الخبير الإعلامي كميل منسى.
من جهة أخرى، اعتبر القصيفي في حديث لـ»النشرة» «أنّ وضع حرية الصحافة في لبنان هو الأفضل مقارنة بوضعها بالشرق الأوسط ومقبول على المستوى العالمي»، لافتاً الى انه يمكن حتى الحديث أحياناً عن فائض بالحرية يصل الى حدود الالتباس لدى البعض لجهة تفسير ما هو مباح وما هو غير مباح».
وأشار إلى أنه «كان للنقابة أخيراً، مواقف صارمة مرتبطة بموضوع التقيّد بقانون المطبوعات الذي يقول بوجوب مثول الصحافيين أمام محكمة المطبوعات وليس أمام أيّ محكمة أخرى، وكانت هناك نتائج إيجابية لتحرّكنا في هذا الاتجاه».
وعن الدور الذي يلعبه مجلس النقابة الجديد، قال القصيفي «لقد أصبحنا في قلب المشهد الإعلامي وتحوّلنا إلى رقم أساسي في المعادلة، وأصبحنا على جهوزيّة للتعامل مع كلّ الاستحقاقات، علماً أننا نُستشار وأحياناً يكون لنا رأي ومبادرات وهذا أمر مهمّ جداً، وهو دور لم تقم به النقابة بما يكفي من قبل».
أضاف «نحن لا نزال في أول الطريق، وننكبّ حالياً على التحضير لمؤتمر عام للإعلام وإنقاذ الصحافة في لبنان وهناك الكثير من العمل والدراسات التي نقوم بها، لأننا أمام واقع لا يُستهان به ولا نريد أن يكون عملنا كلامياً ودعائياً فحسب لذلك نحضّر لمشاريع ورؤى وطروحات لتحسين وضع الصحافة والصحافيين عموماً».
وأشار إلى أنّ «النقابة تنتظر البت بمشروع القانون الذي عملت عليه مع وزارة الإعلام لجهة توسيع قاعدة الانتساب اليها إضافة إلى مزايا أخرى، عدا أنّ لدينا مبادرات سنتقدّم بها قريباً الى وزارة العمل لجهة شمول الصحافيين المنتسبين إلى النقابة من غير المضمونين بخدمات الضمان الاجتماعي، باعتبار انّ ذلك يحقّق الحدّ الأدنى من الضمانات المطلوبة، لننتقل بعدها لمحاولة إقرار مشاريع أخرى حين تصبح لدينا القدرة على ذلك». ورداً على سؤال حول الصندوق التقاعدي، قال «يبقى هذا المشروع حلماً بالنسبة إلينا وهو يتطلب إمكانات ضخمة وأعداداً أكبر من المنتسبين. وهنا لا بدّ من الإشارة الى مسؤوليّة الدولة التي عليها الدور الأساسي لتقوم به لتحقيق ذلك».