عون: نتطلع لتغيير في الموقف الأوروبي لعودة النازحين لئلا نجبر على خطوات تنظيم العودة مع سورية
أعرب رئيس الجمهورية العماد ميشال عون عن أسفه «لان الاتحاد الاوروبي لا يتخذ موقفاً مشجعاً بالنسبة الى عودة النازحين السوريين الى بلادهم، على الرغم من ان اسباب العودة متوافرة بعد استتباب الامن والاستقرار في معظم الاراضي السورية واعلان المسؤولين السوريين ترحيبهم بهذه العودة وتقديمهم كل الرعاية للعائدين».
وابلغ عون وزير الخارجية الإسباني وشؤون الاتحاد الاوروبي والتعاون الإسباني جوزف بوريل فونتييس خلال استقباله في قصر بعبدا، ان «لبنان أمّن حتى الآن العودة لـ 194 الف نازح سوري من اراضيه ولم ترد معلومات عن تعرضهم لاي مضايقات، وهذا ما اكدته تقارير المنظمات الدولية الموجودة في سورية»، مشيرا الى ان «لبنان يتطلع الى تغيير في الموقف الاوروبي يسهل هذه العودة تحت رعاية المجتمع الدولي، لئلا تشتد تداعيات هذا النزوح على الاوضاع كافة في لبنان، ونجبر على اتخاذ خطوات لتنظيم العودة مع الحكومة السورية».
ونوه عون خلال اللقاء بـ»أهمية العلاقات الثنائية بين البلدين على مختلف الصعد وضرورة تعزيزها»، شاكراً لمساهمة إسبانيا في القوات الدولية العاملة في الجنوب «اليونيفيل»، لافتاً الى ان «خط الطيران المباشر بين بيروت ومدريد الذي افتتح في شهر حزيران الماضي، حقق نتائج مهمة وسهل الربط مع دول اميركا الجنوبية، والرحلات الجوية بين البلدين الى ازدياد، وسيكون لها التأثير الإيجابي على الواقع السياحي في لبنان».
ولفت عون الى «اهمية الدور الذي يلعبه الطلاب اللبنانيون في الجامعات الإسبانية»، معرباً عن رغبته «في ان تشارك الشركات الإسبانية في الاستثمار في لبنان، لا سيما في جولة التراخيص الثانية لاستخراج النفط والغاز»، مشيراً الى «عمق العلاقات بين البلدين، ومن دلائلها تعاطف الشعب اللبناني مع إسبانيا يوم وقع الاعتداء الارهابي في برشلونة في شهر آب من العام 2017، بحيث رفع الجيش اللبناني علم إسبانيا على إحدى التلال المحررة من تنظيم «داعش» الإرهابي، وردت إسبانيا برفع علم لبنان في مدريد خلال العرض العسكري الذي اقيم لمناسبة اليوم الوطني في تشرين الاول 2017».
وكان الوزير الإسباني اشاد بـ «الجهود التي يبذلها الرئيس عون في سبيل النهوض بلبنان اقتصادياً وإنمائيا واجتماعيا»، مؤكدا وقوف بلاده «الى جانبه وتضامنها معه في موضوع عودة النازحين السوريين الى بلادهم»، لافتاً الى ان «مشاركة إسبانيا في «اليونيفيل» خير دليل على التزامها الامن والاستقرار في لبنان ودعمها لتحقيق النهوض الاقتصادي».
وأكد فونتييس ان بلاده «ترى في قرارات وتوصيات مؤتمر «سيدر» فرصة للبنان، تدل على ثقة المجتمع الدولي به وبإمكاناته»، مشيراً الى ان بلاده «تؤيد المبادرة الرئاسية اللبنانية بانشاء «أكاديمية الانسان للتلاقي والحوار»، وان وزير الخارجية الإسباني السابق ميغيل انخل موراتينوس، عين ممثلاً شخصياً للامين العام للامم المتحدة لشؤون الحوار، ما سيساعد على التعاون على التعاون مع لبنان في هذا المجال».
عين التينة
كما زار فونتييس عين التينة والتقى رئيس المجلس النيابي نبيه بري وعرض معه العلاقات الثنائية والأوضاع في لبنان والمنطقة.
في الخارجية
كما التقى الوزير الإسباني على رأس وفد وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل وبعد المحادثات، عقداً مؤتمراً صحافياً مشتركاً أكد خلاله باسيل أن «النزوح الذي تعرض له لبنان ويدفع ثمنه غالياً جداً، لم ولن يسلم منه أي بلد خصوصا، إذا كان مجاورا او قريبا مثل البلدان الاوروبية التي سنشهد فيها المزيد من التداعيات بسبب ما يحصل من ازمات نزوح في اوطاننا. وقد تكلمت مع الوزير الضيف بكل صراحة في هذا الموضوع، ونبهت مجددا الى أن المجتمع اللبناني ما دامت لديه المناعة والقدرة على الصمود سيبقى يستثمر الكثير من الانسانية والحفاوة بإخواننا السوريين، ولكن إذا استمررنا في هذه الضائقة الاقتصادية فلن يستطيع أحد تحمل هذا العبء. وعلى اوروبا، وخصوصاً إسبانيا المتفهمة جداً للخصوصية اللبنانية ان تستدرك هذا الامر وتسعى بسرعة الى مساعدة لبنان على اعادة النازحين السوريين الى بلدهم حماية للبنان وحماية لأوروبا. فهناك 25 الى ثلاثين في المئة من البطالة، وواحد في المئة من النمو و25 مليار دولار أميركي من الخسائر الاقتصادية لا يستطيع تحملها بلد صغير مثل لبنان، ولا بد ان تفيض تداعيات هذه الازمة الى اوروبا المجاورة».
وتابع باسيل: «بحثنا أيضاً في مواضيع عديدة منها العلاقات التي تميز بلدينا، وهناك الكثير من أوجه الشبه بين البلدين، وعلى هذا الاساس يجب أن يستمر تعاوننا السياسي. وإسبانيا تساعد لبنان من خلال مشاركتها في قوات اليونيفيل الدولية العاملة في الجنوب، وهي مشكورة على ذلك. التعاون الاقتصادي مطلوب، لكن هناك عجز في الميزان التجاري بين البلدين لمصلحة إسبانيا، لذا نتمنى فتح الاسواق الإسبانية في مجالات الزراعة والصناعة وغيرها. ولبنان افتتح خطاً مباشراً للطيران بين بيروت ومدريد، ما يعزز العلاقات، وهو بوابة من بوابات الدخول الى اميركا اللاتينية تجب الاستفادة منها».
وقال: «كلنا نسعى الى حل سياسي في سورية يرتضيه السوريون والذي يساعد في تسريع العودة، إنما هو ليس شرطاً للبدء بالعودة. كذلك لبنان متخوّف مما يُحكى عن صفقة العصر في موضوع الحل الفلسطيني، لأنه معني بوجود اللاجئين الفلسطينيين على أرضه ومعني أكثر بما يتهدده من ازمات مالية واقتصادية، ووضعه تحت عبء الديون أو التلميح له بإمكانات مساعدته في هذا المجال، هو أمر مهم جداً بالنسبة لنا هو كياني ووجودي ولا بدّ من التنبيه منه».
وأكد أن «مواجهة مشاريع كهذه ستكون من لبنان في كل الازمات، ولكن المطلوب من أصدقائه المساعدة أيضا في كل المجالات».
بدوره قال فونتييس: «إن إسبانيا مدركة تماماً للتضامن والكرم الذي يبديه شعب لبنان وحكومته تجاه النازحين الذين تدفقوا اليه بسبب الازمة في سورية. ونحن نعلم تماما ان لبنان يستقبل اكبر عدد من النازحين مقارنة بعدد سكانه، وندرك تماماً تبعات هذا النزوح ليس فقط من الناحية الاقتصادية بل ايضا الاجتماعية».
أضاف: «إن إسبانيا شاركت في مؤتمر بروكسيل والتزمت مالياً تجاه لبنان من خلال تقديمها له مساعدة اقتصادية بقيمة 25 مليون أورو، ولكن نعرف ان المشكلة ليست اقتصادية فحسب. طبعا نحن مهتمون بمعرفة متى وكيف سيعود النازحون السوريون الى بلادهم. وقد بحثنا مع الوزير باسيل في مسألة تقديم حوافز للنازحين لتشجيعهم على العودة، وندرك أهمية العمل على هذا المستوى، مع احترام كل المعايير الدولية ومعايير الامم المتحدة، ولكن العمل ضمن هذا السياق لتقديم الحوافز للنازحين لتشجيعهم على العودة».
وتابع: «بحثت ايضاً مع الوزير باسيل في المساهمة الإسبانية في حفظ الأمن في لبنان، ولاسيما ان القوات الإسبانية تشارك في قوات حفظ السلام، اي اليونيفيل في الجنوب اللبناني منذ ثلاثة عشر عاماً، ونحن نعمل هناك في منطقة الخط الازرق، وهذه المساهمة مهمة ليس فقط بالنسبة الى الحدود بل ايضاً لجهة تعزيز قدرات الجيش اللبناني. وسأزور غداً القاعدة الإسبانية العسكرية في مرجعيون، وسنستمر في البحث مع الحكومة اللبنانية في هذا الخصوص».
في السراي
كما التقى الوزير الإسباني رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري في السراي الحكومي، على رأس وفد، بحضور الوزير السابق غطاس خوري.
وجرى عرض للمستجدات وسبل تعزيز العلاقات بين لبنان وإسبانيا والمهمات التي تقوم بها كتيبة بلاده ضمن إطار قوات الطوارئ الدولية العاملة في جنوب لبنان.