وكالة أميركية تكشف أهداف السعودية بإعادة التواصل مع «عدوّها القديم» العراق؟

الحدود بين المملكة العربية السعودية والعراق عبارة عن خطّ في الرمال «يقول الكثير عن عدم الاستقرار في الشرق الأوسط خلال العقود الثلاثة الماضية»، بحسب تقرير لوكالة «بلومبرغ» الدولية.

تمّ إغلاق الحدود في عام 1990 بعد غزو صدام حسين للكويت الذي أدى إلى حرب الخليج الثانية. واقترح السعوديون بناء حاجز بقيمة 7 مليارات دولار لغلقها في عام 2006 مع تصاعد العنف الطائفي. ثم دفع صعود تنظيم «داعش» الإرهابي المملكة إلى تعزيز الحدود التي يبلغ طولها 900 كيلومتر.

وتقول «بلومبرغ»، إنه مع طرد المتطرفين من العراق، تستعد المملكة العربية السعودية لإعادة فتح المعبر البري للتجارة هذا العام بسبب الصراع الأخير الذي يهيمن على المنطقة: حربها بالوكالة مع إيران.

وتضيف الوكالة الدولية ومقرها أميركا، أنه «في انعكاس صارخ للسياسة، اختارت المملكة العراق كحليف في الوقت المناسب لكبح نفوذ عدوها «الإيراني»، بحسب تعبيرها.

وتقول «بلومبرغ»: «كان السعوديون يستعرضون عضلاتهم الدبلوماسية والمالية. إذ زار وفد وزاري ورجال أعمال العراق الشهر الماضي وخرج بتعهد باستثمار مليار دولار في مشاريع التنمية وفتح قنصلية في بغداد. وقد استخدمت المملكة العربية السعودية أيضًا تكتيكات أخرى للقوة الناعمة مثل عرض بناء ملعب رياضي».

وتشير «بلومبرغ» إلى أنه «خلال زيارة إلى الرياض الشهر الماضي، أشرف رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي على توقيع 13 اتفاقية تعهّدت بموجبها المملكة العربية السعودية بضخ مليار دولار في اقتصاد جارتها. وكانت ذروة الدبلوماسية التي بدأت في أكتوبر/ تشرين الأول 2017 عندما أنشأ البلدان مجلساً تنسيقياً وأعلنا عزمهما على إعادة فتح الحدود عند معبر عرعر، المقرر في أكتوبر من هذا العام».

وقال عبد المهدي قبل زيارته: «نشهد تحولًا كبيرًا في العلاقات مع المملكة». وقال محمد حنون، المتحدث باسم وزارة التجارة العراقية، «يمكن استخدام رأس المال السعودي للمساعدة في إعادة بناء البلاد بعد هزيمة داعش ويمكن لخبرتها في مجال الطاقة والزراعة أن تساعد في تطوير الصناعات العراقية». وأضاف: «الباب مفتوح على مصراعيه».

وتقول «بلومبرغ» إن «مقاومة وجود إيران في العراق سيثبت صعوبة، رغم أن السعوديين لديهم المال. وهناك أيضًا دعم من الولايات المتحدة، التي لا تزال لديها قوات متمركزة في العراق».

وتشير الوكالة إلى «قيام وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو برحلة غير معلنة إلى بغداد يوم الثلاثاء لحث الزعماء العراقيين على توخي الحذر من القوات والحلفاء الإيرانيين».

وزادت واشنطن العقوبات على إيران بعد الانسحاب من الاتفاق على تطوير قدراتها النووية. وقالت الحكومة في طهران إنها ستستأنف تخصيب اليورانيوم إلى ما وراء الحدود المتفق عليها في 60 يومًا إذا لم تستطع أوروبا إيجاد وسيلة لضمان أنها تستطيع بيع النفط والتجارة إلى العالم.

وبحسب «بلومبرغ» قال جيمس م. دورسي، زميل كلية «س. راجاراتنام للدراسات الدولية» ومعهد الشرق الأوسط التابع لها، إن السعوديين «حققوا نجاحًا نسبيًا» في العراق. «لكنهم بحاجة إلى متابعة الوعود والاستفادة من حقيقة أنهم، على عكس الإيرانيين، لديهم الأموال اللازمة للقيام بذلك».

وتقول الوكالة إن «العراق مشبع بالتأثير الإيراني، من اقتصاده إلى السياسة والميليشيات الشيعية القوية».

وقامت الجمهورية الإسلامية بتصدير أكثر من 1.66 مليار دولار من الطماطم وحدها إلى العراق في عام 2017 وهي المصدر الرئيس لكل شيء في البلاد. وقفزت إيران من خامس أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم العربي في عام 2016 إلى أكبر دولة مصدرة للنفط في عام 2017، متجاوزةً الصين. وغالبًا ما يتم تخزين أرفف المتاجر العراقية بمنتجات تركية وإيرانية رخيصة.

وقال النحاس إن المملكة حاولت شق طريقها مع رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي، الذي كان في السلطة بين عامي 2006 و2014 ، ولكن دون جدوى. وقال «كان يعمل من أجل أن يكون العراق جزءًا من إيران».

وفي الوقت الذي تضغط فيه الولايات المتحدة على العراق لوقف شراء الغاز الطبيعي والكهرباء من إيران، إذ يريد الرئيس حسن روحاني تخفيف العقوبات الأميركية. وقال روحاني خلال زيارة دولة لبغداد استمرت ثلاثة أيام في آذار/ مارس: «إن الوجود في العراق يبدو وكأنه في بلدنا». «إنها ليست حلقة يمكن إضعافها ونحن حريصون دائمًا على جعلها أقوى».

ووقع البلدان اتفاقيات نقل وتجارة وأعلنا عن إنهاء رسوم التأشيرة للمواطنين الآخرين. وقال روحاني إن المسؤولين يعتزمون زيادة التجارة الثنائية إلى 20 مليار دولار من 12 مليار دولار الحالية.

وقال محمد اليحيى رئيس تحرير موقع قناة العربية الإنجليزية الذي تملكه السعودية «لا أعتقد أن هناك أي وهم في الرياض بأن العراق سيقطع علاقاته مع إيران».

وتقول «بلومبرغ» إن «المفتاح هو الطاقة. وبالنسبة للسعوديين، فإن سعي العراق لإعادة تأهيل صناعته التي دمّرتها الحرب ليصبح ثالث أكبر منتج للنفط الخام الجديد بحلول عام 2030 يمثل سوقًا غير مستغل للمنتجات والشركات السعودية».

وقالت الوكالة الدولية للطاقة إن هناك استثمارات تقدر بنحو 15 مليار دولار في التنقيب عن النفط والغاز وإنتاجهما كل عام بين عامي 2018 و 2030.

وبحسب ما تقول الوكالة فإنه «كجزء من تواصلها مع العراق، خففت المملكة العربية السعودية من موقفها من «الإسلام الشيعي»، الذي يُعتبر نقيضًا للعقيدة الوهابية الرسمية للمملكة». كما تخطط الرياض لفتح قنصلية في مدينة النجف العراقية المقدسة، والتي يسافر إليها الكثير من الشيعة السعوديين للحج».

على الصعيد الميداني، ضبط اللواء 313 في الحشد الشعبي، العشرات من العبوات الناسفة وقذائف الهاون شمال العاصمة بغداد.

ونقل موقع «الحشد الشعبي»، إن «هندسة المتفجرات التابعة للواء 313 بالحشد نفذت عملية مسح ميداني في منطقة البو جروب جنوب غرب مدينة سامراء»، مبيناً أن العملية أسفرت عن العثور على عدد كبير من العبوات الناسفة والقذائف من مخلفات «داعش» الإجرامي». وأضاف الموقع، «أن هندسة المتفجرات تمكنت من تفكيك العبوات بشكل تام وتفجيرها بشكل آمن».

ويكرر تنظيم «داعش» بين فترة وأخرى استهداف المناطق التي فقد السيطرة عليها خلال عمليات التحرير، إلا أن القوات الأمنية تحبط غالبية تلك العمليات وتوقع خسائر بين عناصر التنظيم.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى