سلامة: المصارف بخير… لكن تصديق الشائعات الكاذبة يقلق السوق المالية زمكحل: أيّ خضة مالية تُهدّد الاستقرار المالي سيدفع ثمنها كلّ اللبنانيين
أعلن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة أنّ «تصديق الشائعات الكاذبة من هنا وهناك، يخيف السوق المالية من دون أيّ مبرّر، فضلاً عن جعل المودعين يسحبون إيداعاتهم من دون أيّ مبرّر تخوّفاً من أمر ما، فيما الحقيقة أنّ المصارف بخير ولا خوف على سيولتها كما لا خوف على الليرة».
التقى سلامة في المقرّ الرئيسي للمصرف، مجلس إدارة تجمّع رجال وسيدات الأعمال اللبنانيين في العالم برئاسة الدكتور فؤاد زمكحل، ومشاركة أعضاء مجلس الإدارة والمجلس الإستشاري، وهم: الأمين العام إيلي عون، القنصل جورج الغريب، الشيخ فريد الدحداح، د. رياض عبجي، أنيس خوري، د. فادي عسيران، عماد فواز، جو كنعان، نديم حكيم، بيار فرح، رونالد فرا، سمير حمصي، سوسن وزان جابري ود. طلال المقدسي.
بداية تحدث د. زمكحل وقال «إنّ الزيارة هي في سياق التأييد والدعم الكامل للحاكم ولمصرف لبنان في كلّ الأزمات الراهنة، وكيفية العمل يداً بيد لحماية لبنان من كلّ المخاطر المالية والاقتصادية التي يواجهها، والاطلاع من الحاكم على كيفية التمكّن من تمويل استحقاقات الدولة لعام 2019 خصوصاً أنّ أيّ حلّ يُتخذ يكون عنوانه رفع الفوائد، سيشكّل عائقاً حيال الشركات اللبنانية في ظلّ الأزمة الاقتصادية الراهنة» وفق بيان التجمّع.
أضاف: فوجئنا بالهجوم الموجّه ضدّ حاكمية مصرف لبنان، ونتساءل ما هو أساس وأهداف هذا الهجوم الهدّام لاقتصادنا وبلادنا؟ في هذا السياق، لن نقول أنه ينبغي أن يكون الجميع دائماً موافقين على السياسة النقدية التي يتخذها مصرف لبنان المركزي، لكن في الوقت عينه نقول إنه يُمكن أن نناقش هذه السياسات المالية ضمن مجالسنا الإقصادية وفي اجتماعات بنّاءة وشفافة وفي تبادل للآراء الإيجابية في المنصات الاقتصادية وليس عبر وسائل الإعلام، والاتهامات والشائعات المضرّة لاقتصادنا واستقرارنا.
أضاف: الحملة ضدّ الحاكمية في نظرنا ليست ضدّ شخص الحاكم أو السياسة المالية التي ينتهجها فحسب، ولكن ضدّ لبنان واقتصاده واستقراره. فنحن في لبنان لدينا مؤسسة ناجحة جداً هي مصرف لبنان المركزي إلى جانب مؤسسة الجيش، ومن واجبنا أن نكون إلى جانب الحاكم، لأنه حامي الإقتصاد الذي هو العمود الفقري للبلاد. فكل حجرة تُرمى على مصرف لبنان، هي صخرة تُضرب على المؤسسات اللبنانية في لبنان والعالم وعلى كلّ الرياديين وعلى رجال وسيدات الاعمال اللبنانيين في العالم. لذا، إنّ أيّ خضة مالية تُهدّد الإستقرار المالي سيدفع ثمنها لبنان وإقتصاده وكلّ اللبنانيين وكلّ الشركات.
وتابع: عرضنا في هذا الإجتماع كلّ هواجسنا للحاكم، ومشكلاتنا الكبيرة وتكلمنا بكلّ شفافية في الأمور الإيجابية والسلبية التي يعانيها رجال وسيدات الأعمال اللبنانيين في العالم، لكن في جو إيجابي واحترام كلّ الآراء، وتبادل الأفكار وطرح الحلول وليس بجو تخريبي أو تصادمي. كذلك تكلمنا عن السيولة في الاقتصاد اللبناني لا سيما حيال الأموال التشغيلية، وخصوصاً الفوائد المرتفعة جداً والتي لا يستطيع تحمّلها الاقتصاد ولا الشركات. كما تحدّثنا مع الحاكم عن السبل حيال أن نقوم بنقل قسم من الديون الى استثمارات في رأس المال، وتنفيذ مشروعات وإصلاحات «سيدر» الذي يهدف إلى جذب الإستثمارات الخارجية وإعادة النمو الذي هو الحلّ الوحيد للحدّ من مشكلة العجز المزمن.
ورأى أنّ «لبنان والاقتصاد اللبناني يمرّان في ظروف صعبة، لكن لسنا في حال إفلاس كما تدور الشائعات المتكرّرة، فيما بالنا كرجال وسيدات أعمال لبنانيين في العالم قلق على المستـــقبل، الذي يبدو حتى الآن من دون أفق. فلا نزال موعودين بنتائج مؤتمر «سيدر». علماً أننا لسنا متأكدين إلى أيّ مشاريع ستذهب أموال «سيدر». لكننا سنبقى داعمين للإصلاحات التي قام بها مؤخراً الحاكم والتي تساعد على تقدّم المشروعات الإنمائية في لبنان».
ثم تولى أعضاء مجلس التجمع اللبناني العالمي، كلّ على حدة، تقديم قطاعه والتحدث عن معاناته نتيجة التداعيات التي يشهدها القطاع الخاص اللبناني ولا سيما قطاعات: البناء، التطوير العقاري، الصناعة، التجارة، شركات الاستيراد والتصدير، الموارد البشرية، الهندسة الاستشفائية وغيرها…
من جهته طمأن الحاكم سلامة إلى أنّ «الليرة اللبنانية بخير ولا خوف عليها. علماً أنّ عاملَي الثقة والاستقرار يشكلان عنصراً قوياً لضمان قوة النقد والاقتصاد الوطني، فنضمن عندها المستثمرين وجذب الإستثمارات، ونحافظ على أرقام التحويلات من الخارج بالدولار بدل أن تنخفض ، وتالياً يتحرك القطاع العقاري وتدور العجلة الإقتصادية التي ينجم عنها النمو. ما عدا ذلك فإنّ البقاء في تصديق الشائعات الكاذبة من هنا وهناك، يؤدّي إلى تخويف السوق المالية من دون أيّ مبرّر، فضلاً عن جعل المودعين يسحبون إيداعاتهم من دون أيّ مبرّر تخوّفاً من أمر ما، فيما الحقيقة أنّ المصارف بخير ولا خوف على سيولتها كما لا خوف على الليرة كما سبقت الإشارة».
وبعدما شكر سلامة تجمّع رجال وسيدات الأعمال اللبنانيين في العالم برئاسة زمكحل على الثقة التي يضعونها في مصرف لبنان المركزي وتحديداً حيال حاكمية المصرف المركزي، «والتي تؤكد تطلع المستثمرين في لبنان المقيم والمغترب نحو ضرورة نهوض لبنان من الركود السائد، وأن لا خوف على لبنان من الإفلاس، وأنّ الشائعات الكاذبة والحملات على المركزي لن تصيب هدفها»، شدّد سلامة على «أنّ مهمة مصرف لبنان المركزي هي المحافظة على الثقة، وأن تبقى الفوائد معقولة، في ظلّ ارتفاع العجز في المالية العامة من نحو 3 مليارات دولار إلى 7 مليارات دولار، والعجز في التجارة الخارجية، وتأثير النزوح السوري على الحركة الإقتصادية في لبنان، إضافة إلى عنصر مهمّ جداً وهو انخفاض السيولة في المنطقة لا سيما في الدول المنتجة للنفط. وهذه هي المرة الأولى التي تشهد فيها هذه الدول أزمات بالسيولة بخلاف ما كان سابقاً».
أضاف: لا شك في أنّ منذ مطلع السنة الجارية انخفضت الودائع المصرفية لدينا، لكن المصارف اللبنانية بقيت مستعدة لمواجهة السحوبات. وصمد القطاع المصرفي اللبناني ولا يزال وسيبقى صامداً في وجه أزمات عدة تعرّض لها لبنان مؤخراً بينها تأخير تأليف الحكومة لمدة تسعة أشهر، استقالة الرئيس سعد الحريري من السعودية في 4 تشرين الثاني 2017، وخروج أموال من لبنان. كلها عناصر ومؤشرات انعكست تداعيات سلبية على القطاع المصرفي والاقتصاد اللبناني عموماً.
وأشار سلامة إلى أنّ «المؤشرات السلبية المُشار إليها، لم تثنِ مصرف لبنان ولا الحاكمية عن حماية الاقتصاد اللبناني، فأطلقنا مؤخراً رزمة للعام 2019، مفادها 500 مليون دولار للقطاعات الإنتاجية، و220 مليون دولار مدعومة من البنك المركزي، و100 مليون دولار للمهجرين، ونحو 170 مليون دولار من الكويت ، يعني بات لدينا نحو نصف مليار دولار لدعم الإسكان في لبنان».
ولاحظ سلامة أنّ «أزمة القطاع العقاري بدأت منذ العام 2012، حيث استمرّ الطلب يتراجع، فتجمّدت كتلة مالية قوامها 12 مليار دولار، من دون أن تُمسّ في القطاع المذكور. فيما الحاجة إلى تسييل الأموال من خلال إعطاء الخطاب البنّاء في البلد، بعيداً عن التشنج»، مشيراً إلى أنّ «نحو 60 من أموال المصارف اللبنانية بالدولار، وهذه ظاهرة استثنائية في المنطقة، فيما القروض المشكوك بتحصيلها في لبنان تبلغ نحو 4,5 وهي نسبة منخفضة ومطمئنة مقارنة بتركيا والخليج بنسبة 50 – 60 .
وخلص إلى أنّ «الأموال لا تزال موجودة في لبنان، ولا خوف على السيولة، وإنْ خفّت في بعض الأوقات، لكن في الوقت عينه علينا أن نمنح الاقتصاد عامل الثقة والاستقرار كي ينهض مجدّداً، فيطمئن المستثمرون على أموالهم، وتدور العجلة الاقتصادية وينتعش القطاع الخاص الذي يعاني ضغوطاً اقتصادية لا نجهلها. علماً أنّ إصلاح الكهرباء والتنقيب عن الغاز والنفط سيفرضان تحسّناً ملحوظاً في الاقتصاد اللبناني، وفي التخفيف من عجز الموازنة ورفع النمو».
وختم: إنّ موجودات مصرف لبنان بالعملات الأجنبية هي من الأكبر، مقارنة بموجودات البنوك المركزية في المنطقة، وهذا مدعاة فخر للبنان ولمصرف لبنان المركزي.