حردان: المسؤولية القومية الأولى هي حفظ وحدة المجتمع لأنها أهمّ نقاط القوة في بلادنا
أكد رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي النائب أسعد حردان، أنّ للحزب رؤية ودوراً، والطلبة والجيل الجديد هم نبض الحزب، كما كل المناضلين القوميين المرابطين في كل ساح. وقال: الطلبة معنيون بترجمة الرؤية والقيام بالدور المطلوب، فهم النبض الممتلىء فعلاً وحيوية، وهم يصنعون الحدث، والفعل يجب ألا يقتصر في نطاق منفذيات الطلبة بل في متحداتهم الاجتماعية أيضاً.
ولفت حردان إلى أنّ ما يميّز الطلبة القوميين أنهم ليسوا جسماً منفصلاً عن حركة الحزب النضالية، فعلى مرّ تاريخ الحزب كانت منفذيات الطلبة تنشط في المجالات الثقافية والإذاعية والاجتماعية والحوار الفكري، وكانت تشارك في معارك الحزب الكبرى، ذلك لأنّ الطلبة هم جزء من تكوين الحزب العام، ومهامهم النضالية مضاعفة. وتابع: نحن نعلم جيداً طبيعة دورنا في مواجهة هذا العدوان الإرهابي، متكئين على ثقافتنا الوحدوية، وعلى الأجيال التي تؤمن بأنها ستنتصر بصمودها وتضحياتها.
وشدّد على ضرورة أن يكون لمنفذية الطلبة الجامعيين في بيروت هذا العام بصمة في الحياة الحزبية والحياة العامة، فتنجز برنامجاً ناجحاً، بكثير من التعاون، لترجمة إرادتنا وأخلاقياتنا وتصميمنا وفعلنا، لنتمكن من إعطاء أفضل النتائج.
كلام حردان جاء خلال لقاء حواري نظمته منفذية الطلبة الجامعيين في بيروت بمناسبة عيد التأسيس، استهل بنشيد الحزب الرسمي، وحضره العمد: صبحي ياغي، هملقارت عطايا معن حمية، ووكلاء العمد: داليدا المولى وأحمد مرعي، ومنفذ عام الطلبة وسام سميا وأعضاء هيئة المنفذية، وقدّم سميا رئيس الحزب بكلمة ترحيبية.
العدوان الأشرس
وأشار حردان إلى أنّ أمتنا تتعرّض لعدوان هو الأشرس منذ سنوات طويلة، عدوان يستهدف كلّ شعبنا، ويستهدف تقسيم بلادنا مجدداً بما هو أسوأ من «سايكس ـ بيكو»، بهدف تفكيك القدرات وتقويض مكامن القوة التي تعززت في السنوات الماضية، وعبّرت عن أهميتها وفعاليتها من خلال مقاومة العدو الصهيوني ودحره.
ولفت إلى أنّ أساليب العدوان موزعة بين حرب مباشرة، وأخرى بالواسطة، فالقوى الخارجية تغزو بلادنا وتضرب مكامن قوتنا، بمساعدة أدوات داخلية تُستخدم غطاءً للإرهاب المتعدّد الجنسيات الذي يعيث تخريباً وتدميراً وإجراماً، بهدف تفتيت وحدة المجتمع.
وقال: إنّ وحدة المجتمع هي أهم نقاط القوة والمناعة في المواجهة، لذلك فإنّ خطاب الحزب هو التأكيد والتشديد على الوحدة الاجتماعية، فالحزب هو التجسيد الفعلي لهذه الوحدة، وقد خضع لامتحانات عدة منذ تأسيسه إلى اليوم، وأثبت أنه يشكل النموذج الوحدوي الصلب.
وأكد حردان أنّ الحزب بات يشكل اليوم أملاً وملاذاً لأبناء شعبنا، فالإقبال كبير على الحزب، خصوصاً من الجيل الشاب، في الشام وفلسطين ولبنان والعراق وفي الاغتراب، وهذا يرتب علينا مسؤوليات ومهام كبرى، وعلى مختلف الصعد، لا سيما على صعيد العمل لتعزيز وحدة النسيج الاجتماعي، لأنّ عناصر القوة والفعل التي نمتلكها لا تتعزّز ولا تتطوّر إلا بالوحدة الروحية والاجتماعية.
بدعة «النأي بالنفس»
وقال حردان: الحرب الآن تُشن على كلّ شعبنا في مختلف كياناته، لذلك فإنّ بدعة «النأي بالنفس»، التي هي تعبير مادي لرأي عام دولي، كانت مبرّرة في نظر البعض، حين كانت الحروب تشنّ على كلّ كيان على حدة، أما اليوم فالجميع مستهدف بالحرب، والجميع مُطالب بالانخراط في المواجهة.
وأردف حردان قائلاً: نحن ندرك أنّ الكيانات السياسية لن تتوصل إلى قرار موحّد بالمواجهة، وأنّ انخراط الجميع في هذه المواجهة يتطلب المرور في مراحل تأسيسية، لذلك بادر حزبنا إلى طرح فكرة إقامة مجلس تعاون مشرقي، وقدّمنا إلى الحكومات في الدول السورية مذكرة تتضمّن الأسباب الموجبة لقيام هذا المجلس بوصفه ضرورة وطنية وقوميـــة.
وتابع حردان: الدول الخليجية أقامت مجلس تعاون في ما بينها، فيه اقتصاد وتنمية وسياحة ودفاع مشترك، وبالتالي أسّسوا لنوع من الوحدة، فلماذا لا نؤسّس مجلس تعاون مشرقياً، وهو ما تفعله معظم دول العالم التي تعمل على إيجاد تجمّعات كبرى لتتساند في ما بينها لمواجهة مواضيع التنمية والاقتصاد، بينما بلادنا تواجه أخطاراً وجودية، وتخوض حرباً يتقرّر فيها بقاؤها من عدمه.
وأضاف: بمجرد أن تعقد الحكومات في بلادنا لقاءً واحداً حول هذا العنوان، فإنها ترسل إشارة قوية بأننا لسنا ساحة قابلة لأن تكون ملعباً، بل هي قابلة للحياة المشتركة بين أبنائها وهي مستعدة لمواجهة خطر واضح تعرف تماماً من يقف خلفه، ونحن نعرف جيداً أنّ الأب الفعلي لهذه الأخطار التي تتعرّض لها أمتنا، هو العدو «الإسرائيلي» الغاصب لأرضنا، والذي يحاربنا مباشرة، أو بالواسطة الدولية أو المحلية، وهو يخطط للهجوم على أمتنا وبزخم دولي وإقليمي وتمويل عربي ودولي، حتى تسقط هذه المنطقة ويتسنى له تصفية المسألة الفلسطينية.
وأشار حردان إلى أنّ الولايات المتحدة استهدفت العراق بالتفتيت والتدمير لأنه بلد غني بالنفط، وسورية تستهدف منذ أربع سنوات بالإرهاب والتطرف لأنها تشكل حاضنة المقاومة وعقدة الطرق، وهي الأهمّ على مستوى الجغرافيا في المنطقة والتاريخ، والعين دائماً على لبنان لأنه يشكل البوابة إلى الداخل السوري، ودعوتنا أن تتعاضد هذه الدول وتتوحد اقتصادياً وعلى كل المستويات.
ترحيب بمبادرة الحزب
وأكد حردان أنّ مبادرة الحزب حظيت بالترحيب لكنها لم توضع على سكة الترجمة الفعلية، مشيراً إلى أنّ هناك معاهدة واتفاقيات ولجاناً وزارية مشتركة بين لبنان وسورية، وكذلك هناك لجان وزارية مشتركة بين سورية والأردن، وبين العراق وسورية، وبين الأردن وفلسطين يوجد أكثر من لجنة، فلماذا لا يتم تفعيل هذه اللجان في إطار عام؟
ومن بوابة خطر الإرهاب والتطرف، تطرق حردان إلى موضوع العلاقات اللبنانية ـ السورية، فقال: إنّ خطر الإرهاب يشكل هاجساً لجميع الدول، والأميركيون أقاموا تحالفاً دولياً في مواجهة الإرهاب، بالرغم من أنّ شكوكاً كبيرة تحيط بهذا التحالف ووظيفته، والسؤال: لماذا لا يكون هناك لقاء في الحدّ الأدنى بين لبنان وسورية لمواجهة هذا الخطر المشترك؟
وقال: في ظل حالة الانقسام في لبنان لا توجد رؤية واحدة حول مصلحة لبنان، ولا إرادة موحدة في التصدي لخطر الإرهاب الذي يهدّد وحدة لبنان واستقراره، وما هو مستغرب أنّ الحكومة اللبنانية تمارس قطيعة مع الحكومة السورية، في حين تتقبّل ضمناً مطالب المجموعات الإرهابية التي تريد مقايضة العسكريين اللبنانيين الذين تختطفهم بمعتقلين في السجون السورية! فكيف يمكن فهم موقف الحكومة اللبنانية في ظل امتناعها عن التواصل مع القيادة السورية؟ وأضاف: للبنان مصلحة أكيدة في التنسيق مع سورية لمواجهة الإرهاب ونستغرب انعدام الإرادة عند قيادات اللبنانية للسير في هذا الاتجاه.
وعن مبادرة الحزب لقيام جبهة شعبية لمواجهة الإرهاب، قال حردان: لقد وضعنا أسس المبادرة وسنعقد مؤتمراً صحافياً لإعلان آلياتها في لبنان والشام والأردن والعراق، وهذه المبادرة تستهدف تأطير كلّ شرائح المجتمع الفكرية والثقافية والاقتصادية والأهلية في إطار موحّد لمواجهة الإرهاب والتطرف، كاشفاً عن أنّ حراك الحزب في هذا الاتجاه، جعله الحزب الوحيد المشارك في مؤتمر مكافحة الإرهاب الذي نظمته الدولة العراقية وشاركت فيه خمسون دولة، بينها أميركا وروسيا ودول الاتحاد الأوروبي، وقد أعلن الحزب موقفه خلال المؤتمر مؤكداً أنّ منبع الإرهاب هو «إسرائيل» المدعومة من الولايات المتحدة الأميركية.
وأكد حردان أنّ الحزب لن يألو جهداً في سبيل التعبير عن أفكاره ورؤيته الإصلاحية، مذكّراً باقتراح قانون الأحوال الشخصية الذي تقدم به الحزب إلى المجلس النيابي، وباقتراح قانون الانتخابات النيابية، وهي قوانين إصلاحية تسهم في تعزيز الوحدة بين الناس.
وقال: إنّ قانون الانتخاب هو الذي يأتي بالمجلس النيابي، المؤسسة الأمّ للتشريع العام في لبنان، وبالتالي يؤسّس المجلس لمسار قانوني كبير. وإذا أنتجنا هذه العقلية، يمكن أن تؤدّي إلى نتائج ذات طابع تعديلي جذري في مسار الحياة السياسية. وانّ قانوناً اختيارياً للزواج المدني هو حلّ لمشكلة المواطنة في لبنان، ويكسر الحواجز بين الناس، لذلك المطلوب أن تتحوّل منابر الطلبة في كلّ المناطق، إلى منابر للنقاش ولطرح المواضيع التي تهمّنا وتهمّ شعبنا بشكل عام، كالإرهاب ومحاربته، النظام السياسي في لبنان وضرورة جعله نظاماً مدنياً. هذه العناوين يجب أن تكون حاضرة في كلّ حواراتنا وندواتنا ولقاءاتنا، لأنّ نضالنا يستهدف وضع حدّ لمصائب النظام السياسي الطائفي وإقامة الدولة المدنية الديمقراطية.
معنيون بكلّ شرائح شعبنا
وتطرق حردان إلى دور الحزب في الشام، فلفت إلى أنّ الحزب معني بالدفاع عن القرى والمدن، والقوميون الاجتماعيون الذين انتظموا في تشكيلات حزبية خاضوا مواجهات قاسية ضدّ الإرهاب والتطرف من كسب إلى درعا، وقد حقق الحزب انتصارات وإنجازات، وسقط له شهداء وهذه التضحيات تعبير عن أنّ هذا الحزب حزب عملاق ومعنيٌّ بكلّ شريحة من نسيجنا الشعبي الذي يتعرّض لمخطط إرهابي لم تنتهِ فصوله بعد.
وأضاف: لا يكفي أن نوصّف العدو بل علينا مواجهته، وتقديم التضحيات من أجل الانتصار عليه، فلو اكتفينا بتوصيف الهجوم على قرانا ومدننا في الجمهورية العربية السورية، من دون مواجهته، لتهجّرنا مع الناس أو قُتلنا، لكنّ اتخاذنا خيار الوقوف والصمود وصدّ العدوان في الجغرافيا الممكنة، جعلنا ننتصر في أغلب المناطق، التي شاركنا فيها بعمليات قتالية، إلى جانب الجيش السوري والقوى الحليفة.
وبعد أن أجاب الرئيس على الأسئلة، تسلّم حردان درعاً من منفذ عام الطلبة، وشارك الطلبة في قطع قالب الحلوى بمناسبة عيد التأسيس.