ضريبة الشهرة!!
قارورة حياة الشهرة، قارورة فارغة، هي تعدك بالكثير، لكنّها تخذلك في وقت قصير، وتثبت لك بأنّ العمر يرحل، ولا ينالك منه سوى الرائحة..
إنّ مسلسلات حياة أهل الفن تلك التي لا تنتهي هي تجسيد لمسلسلات حياتنا اليومية، بكلّ تفاصيلها الفرحة والحزينة. أسباب البقاء يا قارئي ما عادت تشجّع على الاستمرار، فما بالك عندما تحكم الحياة إغلاق قفصك الصدريّ لتتعطّل الأنفاس، أو لتتنفس أقل.
عندما يتراكم الحزن، وتخيّم سحابة الاكتئاب، لا تتوهّم أنك قد تنجو من العقاب، وليكن عقابك بداية الحياة الجديدة التي ستحياها كما تشاء.
نجم الكوميديا والدراما – روبن ويليامز – أبان عن ولائه لفن التمثيل الذي شغله عن كلّ شيء وقد حصد جائزة أوسكار وأكثر من جائزة فخرية وتقديرية تلقّفها هو اعترافاً بقدرته الكاسرة في حلبة التمثيل. تمضي قافلة الأيام وتترك سؤالاً محيّراً بعد أن تكشف أنباء الغيب عن العثور على – روبن ويليامز – ميتاً، مات المسكين، قتل نفسه مع سابق إصرار، لكن لماذا مات منتحراً؟؟!!
إنّ من غير العدل أن يطفئ الفنان بأصابع قدميه المتسرعتين سنوات النجومية والسخاء الفني الذي عبّد له طريق المجد وفرش له بالورد رصيد الانتشار! وليس مقصدنا فقط الفنان، بل يشمل الكلام كلّ إنسان.
هل هو العناد والتحدّي اللذان يدفعان الإنسان إلى التمرّد بالتصدّي لمواجهة الموت في الوقت الذي يحدده الإنسان بإرادته !
هل هي المنافسة غير الشريفة تلك التي تسرق الأضواء من عتبات الكفاءة وتصفّق للرداءة ولعمليات الحقن والبوتكس!
هل هو تراجع أسهم الحضور في بورصة الفن، كلّ شيء يحضر إلّا الفُرجة الهادفة، الفُرجة التي تبني وتؤسس وتُطمئن، الفُرجة التي تُؤصل وتُؤنْس، الفُرجة التي ترتّب عطاء العقل الإنساني وتُثمِّن!
آخر ينبوع فينا يجفّ، يجفّ الإحساس، وتنكمش مساحة الأنفاس الراغبة في التقاط شيء يذكر ممّا يُحيي الحواس!
الكثير من أذواق الكاميرات التي لا تسلّط الضوء على شيء يستحقّ الكثير من مساحيق التجميل الكثير من قطع الديكور والإكسسوارات والأزياء التي غدا الإنسان أرخص ما فيها!
الانتحار شنقاً ذاك كان مصير روبن – والوسيلة؟ مَن كان ليصدّق أن الحزام الذي كان يضبط ميزان سروال بذلة المجد هو نفسه ما سيتوسّل به المرء في لحظات اختلال الحسابات العقلية ليلفّه حول عنقه مؤذناً بإرسال بريد النهاية على كفّ البرق الواعد بمطر الدموع!
هل هي ضريبة الشهرة التي لا تدوم! نلهث ونتهالك من فرط الركض خلف حصان الحياة الجامحة رغبتنا فيه، ولا ندري كيف ستكون النهاية…
صباح برجس العلي