خليـل: المهم قدرة الدولة والحكومة على الالتزام بنسبة العجز في الموازنة

أقرّ مجلس الوزراء في جلسته في قصر بعبدا برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وحضور رئيس الحكومة سعد الحريري مشروع موازنة 2019 على ان يحال إلى المجلس النيابي خلال 48 ساعة.

وقال وزير المال علي حسن خليل في تصريح بعد الجلسة

«أنهينا عشرين جلسة لمناقشة مشروع موازنة العام 2019، وهو أمر غير مسبوق في مناقشة الموازنات ومقاربة كل الملف الاقتصادي والمالي، استجابة للتحديات الكبيرة التي يعانيها البلد على صعيد المال، والاقتصاد، والمؤسسات. وجاءت هذه الموازنة ونقاشها في ظرف اقتصادي ومالي ضاغط جداً، بعدما مررنا في العام 2018 بظروف استثنائية، من تأخير تشكيل الحكومة بعد إجراء الانتخابات النيابية، وضغوط مختلفة، وأزمات المنطقة، أدت كلها الى رفع العجز الفعلي في الموازنة الى ما يقارب 11.4 . وهذه الموازنة جاءت في سياق مالي متضخّم، من دين عام كبير وما زال يكبر، وخدمة دين تكبر بدورها. من هنا كان لدينا تحد كبير جداً بأن نعمل على تخفيض نسبة العجز في هذه الموازنة الى اقصى حد ممكن، وفي الوقت نفسه نعمل على إقرار خطوات إصلاحية بنيوية في المجالات التي تشكل العناصر الأساسية للموازنة».

واضاف: «تعلمون أن نسبة 35 من الموازنة تذهب الى الرواتب والمخصصات ومعاشات التقاعد، و35 خدمة دين عام، و11 عجز كهرباء، وما يقارب 9 انفاق استثماري، والباقي نفقات تشغيلية للدولة. من هنا كان التركيز على معالجة كل النقاط الاساسية في هذه الموازنة. تم بحث موضوع خدمة الدين العام، وإعادة النظر في مجموعة من الامور التي ترتبط بحوافز ومخصصات إضافية وتعويضات غير مبررة. ومن جهة أخرى تمّ إقرار خطة الكهرباء والبدء بتخفيض عجز هذا القطاع. كنا تقدّمنا بمجموعة من مشاريع القوانين المستقلة، ارتأى مجلس الوزراء خلال نقاشاته ان نقتطع بعضاً من موادها لنضمنها في مشروع الموازنة، إضافة الى الأخذ في الاعتبار ببعض المقترحات التي تقدم بها الوزراء. نحن بالمجمل امام تحول استثنائي مهم جداً وأساسي حصل في مشروع هذا العام، على صعيد تخفيض النفقات، وزيادة الواردات والمواد الإضافية في الموازنة التي تؤسس لمعالجة بعض من الخلل في الوضعين الاقتصادي والمالي، وتؤسس ايضاً لموازنة في العامين 2020 و 2021 تكمل ما بدأنا به. لذا علينا ان ننظر الى هذه الموازنة في السياق الذي بدأنا به، بالتحضير لموازنة العامين المقبلين. هناك أمور كثيرة ستستكمل في الموازنات المقبلة، وقرارات في مجلس الوزراء اتفقنا عليها ويجب ان تترجم ايضاً نتائج ايجابية ومباشرة على المستوى المالي والاقتصادي».

وقال خليل: «الإنفاق في هذه الموازنة وصل الى 23340 مليار ليرة لبنانية، نضيف اليه 2500 مليار سلفة لدعم كهرباء لبنان. في المقابل لدينا واردات تبلغ 19016 مليار ليرة، بزيادة ايضاً عما كان مقرراً سابقاً، فتصبح نسبة العجز بالمقارنة مع الناتج المحلي 7.59 ، وهو رقم مرض جداً يعبر عن التزام حقيقي حصل في النقاشات خلال الأسابيع الماضية، ويعكس ايضاً ارادة حقيقية عند الحكومة بأن تسير على طريق تصحيح الوضع المالي.

هذا الرقم مهم بقدر ما يمكن للدولة والحكومة الالتزام به».

وأضاف: سنعمل كوزارة مال بأعلى درجات الجدية للبقاء بحدود نسبة العجز المقدرة تماماً كما وردت اليوم في هذا المشروع، خاصة اننا بنينا هذا الامر على نسبة نمو محدودة تبلغ 1.2 للناتج المحلي، ليصل الى ما يقارب 90 الف مليار 89935 مليار . وبالتالي انا اتوقع ان اي عنصر إيجابي يطرأ على الوضع العام، يمكن ان يساهم في الحفاظ على هذا الرقم، لا بل يمكن أن يحسنه. وفي الوقت نفسه، نحن نرسل رسالة واضحة الى المجتمع الدولي، وكل الصناديق الملتزمة بالوقوف الى جانب لبنان، بأننا جديون في هذا المجال وبالتالي سيترجم هذا الامر بضخ واطلاق مشاريع استثمارية جديدة سيكون لها أثر كبير على تحريك عجلة الاقتصاد».

وتابع نحن في مسار لإقرار مجموعة من القوانين المكملة للوصول الى افضل وأعلى المعايير في الالتزام بما قررناه، اقله عبر اقرار قانونين: قانون الشراء العام والمناقصات، وقد أنجزته وزارة المالية مع دفاتر شروط نموذجية ورفعته إلى مجلس الوزراء، واعتقد انه في اقرب جلسة وبعد التنسيق مع وزارة التنمية الادارية، سيقرّ المشروع ويُحال الى المجلس النيابي. إضافة الى إقرار قانون تحديث الجمارك وفق المعايير التي تسمح أكثر فأكثر بتعزيز الانضباط ومنع التهريب الجمركي. في هذا المجال ايضاً هناك قرارات لمجلس الوزراء وتوصيات صدرت خلال هذه الجلسات، بأن نضع موضع التنفيذ مجموعة من الإجراءات المتعلقة بمجال ضبط التهريب الجمركي الى اقصى حد».

وأضاف وزير المال: «نحن معنيون بأن نعمل بشكل جدي على إجراءات تساعد على التحسين في ميزان المدفوعات، انطلاقا من تحسين العجز في الميزان التجاري. هناك خطوات أقريناها مع بعض الملاحظات والتحفظات عليها، ولكن عليّ ان اذكر ان الحكومة اتخذت هذه الاجراءات، وآمل ان تؤدي الغرض منها، ويجب ان تستكمل بالتركيز على دعم القطاعات الإنتاجية في الزراعة والصناعة، وبالتالي تخفيف التركيز على الاستيراد من الخارج وتقليص حجم استنزاف العملات الاجنبية من لبنان الى الخارج. عجزنا اليوم في الميزان التجاري كبير جداً، فقد استوردنا في العام 2018 ما يقارب 20 مليار دولار، ولم نصدر أكثر من 3.8 مليار دولار، وبالتالي هذا العجز يضغط على الاحتياط بالعملات الاجنبية لدينا. سنكون امام فرصة لتشريح موضوع الموازنة في مناسبات اخرى، لكنني اود القول انه في جلسة اليوم كان هناك عرض سريع لها وجرى الاستماع الى بعض الملاحظات، وتم اقرار الموازنة تماما كما احيلت بعد الجلسة الاخيرة في السراي الحكومي، ولم يطرأ اي تعديل عليها، لا في الارقام ولا في المواد. اقرت كما هي، وعكست الالتزام الذي ابداه الوزراء خلال الاسابيع الماضية».

ورداً على سؤال عن قطع الحساب قال وزير المال إن وزارة المال أحالت على ديوان المحاسبة، منذ اشهر، مشروع قطوعات الحساب منذ العام 1993 وحتى العام 2017. أما في ما يتعلق بموضوع الرواتب، فقد ثبت كما قال خليل ان كل ما اشيع حول هذا الموضوع في الايام الماضية والمس بحقوق العسكريين والموظفين في الادارة والاساتذة وغيرها كان غير واقعي، وأكد ما قلناه ان لا صحة لكل الكلام المتعلق بتخفيض الرواتب والمخصصات لهذه الشريحة».

وعن المخصصات، أجاب: «المقصود بهذا التعبير هو رواتب السلطات. اما ما تم تعديله فهو مجموع التقديمات والاضافات والتعويضات عن العمل الاضافي الذي كانت تقدم وفيها مبالغات كثيرة، وقد تضمن مشروع الموازنة بنداً يحدد سقفها الأعلى بـ75 من راتب الموظف».

حول التدبير رقم 3، والاعتمادات التي اعطيت لوزارة الاتصالات ووزارة المهجرين. اجاب خليل: هذه مسألة تناقش في المجلس الأعلى للدفاع وترفع الى الحكومة لإصدار مرسوم ينظم كيفية توزيع القوى العسكرية والأمنية على التدابير رقم 1 ورقم 2 ورقم 3. ان الموازنة لم تقارب هذا الموضوع إن من الناحية المالية او الصياغة القانونية، أما حول الواردات، فخلال النقاش يتمّ تخفيضها او زيادتها. وفي بداية النقاش، افاد وزير الاتصالات انه لن يكون من الممكن الوصول الى الرقم الموضوع وهو 1900 مليار لوزارته، وتم تخفيض ما يقارب 150 ملياراً. وأنا كوزير مال عليّ أن اتعامل مع الارقام الواردة من الوزارات وفق تقديرها كي لا يكون هناك تقدير لواردات لا يمكن تحقيقها، لأنه اذا اخذنا الاقل وحققنا الاكثر فنكون قد أنجزنا أمراً مهماً دون أي ارباك.

وفي موضوع وزارة المهجرين، لم يحصل اي امر استثنائي، فهناك خطة موضوعة لم يناقشها مجلس الوزراء، ولكن كي لا يتعطل عمل الوزارة، تم تخصيص مبلغ 40 مليار ليرة في موازنة العام 2019 لتعمل بها لأن الخطة هي إقفال هذا الملف، واذا كان هذا المبلغ يصب في هذه الخانة، فيكون عملنا ايجابياً وليس سلبياً».

عن اقتراح التخفيض للجيش وفق الخطة الخمسية؟

أجاب خليل: «هناك إصرار على ما يبدو لدى بعض الصحف من اجل خلق اشكالات. وفي موضوع الجيش، تم إقرار ما أعدته وزارة الدفاع دون تغيير، وكما وافقت عليه قيادة الجيش. اما الاموال التي ارجئت الى السنوات المقبلة في قانون البرنامج، فسبب هذا التأجيل يعود الى وجود مبالغ مدورة من السنوات الماضية لم تنفق، وبالتالي يمكن إنفاقها هذا العام وعقدها وفق الأصول بالكامل، اضافة الى ان قانون البرنامج يتضمن مادة تنص على امكان عقد كامل مبالغ القانون حتى دون توفر الاعتمادات»..

وشدد على أن «تخفيض العجز حاجة وطنية قبل ان يكون مرتبطاً بـ«سيدر» او غيره، ولكن من المؤكد ان هناك نظرة ايجابية من كل المعنيين في الخارج الى ما تم تحقيقه على هذا الصعيد ان لناحية الخطوات الإصلاحية او لجهة مستوى تخفيض العجز».

وكان الرئيس عون طلب في مستهلّ الجلسة، الوقوف دقيقة صمت حداداً على الوزيرين السابقين عبد اللطيف الزين وسامي الخطيب، ثم شكر الوزراء على إنجاز مشروع الموازنة للعام الحالي، داعياً الى مقاربة هذا المشروع من منظار اقتصادي لا سياسي، لا سيما أن المطلوب سد العجز في قطاعات عدة نتيجة التراكمات طوال الاعوام الماضية.

وعرض الرئيس عون لعدد من الملاحظات حول مشروع الموازنة، طالباً من الوزراء المباشرة بإعداد مشروع موازنة العام 2020 كي تحال على مجلس النواب ضمن المهلة الدستورية.

وتحدّث الرئيس الحريري عن جلسات مجلس الوزراء الـ19 التي عقدت خلال الأيام الماضية.

وكانت سبق الجلسة خلوة بين الرئيس عون والرئيس الحريري تمّ خلالها بحث البنود المدرجة في مشروع الموازنة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى