دراما

بسام موسى

منذ بدء التسعينيات من القرن الماضي كان للدراما السورية وجه آخر، حيث سطع نجمها وغزت القنوات الفضائية العربية وكان الإنتاج وفيراً جداً ويصل إلى 60 عملاً في العام وحلّت الدراما السورية الأولى عربياً لسنوات عدة.

كانت تجذب المشاهد لها من المحيط الى الخليج، ودخلت عليها شركات إنتاج خليجية وكان هناك تعاون بين التلفزيون السوري والقطاع الخاص في العام 1990 أصبحت الدراما تنتج أعمالاً متنوعة «كوميدي – تاريخي اجتماعي» وغيرها من الأعمال. لقد فتحت الدراما السورية الطريق أمام ظهور مواهب شابة قدّمت أدواراً وأعمالاً نافست في حصد جوائز المهرجانات العربية والدولية، ولا أحد يستطيع أن ينكر أن الدراما السورية هي التي بصمت وأعطت دروساً وعبراً للجميع.

طبعاً لا توجد مقارنة بين الدراما السورية والمصرية والخليجية واللبنانية، أصلاً ما يعرض في سوق الخليج لا علاقة له بالمسلسلات، أين نحن وأين هم في الدراما الخليجية المال وفير والأعمال هزيلة، كذلك الحال في الدراما المصرية الفرجة غائبة وهناك خطوط حمراء، أما الدراما اللبنانية كان لها عزّ في السبعينيات من القرن الماضي.

عموماً، تؤكّد وتثبت الأعمال السورية التي تقدّم للمشاهد السوري والعربي أن الدراما المحلية ولادة وتعمل بلا انقطاع وحالياً رغم الأزمة السورية العام الحالي هناك 32 عمل إنتاج لشهر رمضان الحالي وجزء كبير منها يعرض الآن على القنوات الفضائية العربية المنوعة من أبرز المسلسلات السورية لعام 2019.

«دقيقية صمت»، «باب الحارة – 10»، «بقعة ضوء»، «كونتاك»، «سلاسل دهب»، «شوارع الشام العتيقة»، «ترجمان الاشواق»، «حرملك»، «هوا أصفر»، «ناس من ورق»، «أثر الفراشة» و»عندما تشيخ الذئاب» وغيرها.

سورية علّمت «الدرامات العربية» ألف باء المسلسلات ففي الأعمال السورية ترى النقد والجرأة في الطرح للفكرة بأسلوب سلس وهادئ يتقبّله المشاهد لنعترف بصراحة وشفافية أن ما يعرض على الفضائيات العربية في الفترة الماضية هو غزو تركي تتحمل مسؤوليّته شركات الإنتاج السورية الخاصة من وراء الدبلجة إلى اللهجة العربية، ما أثّر بشكل سلبي على الدراما. لنرى أن المسلسلات التركية تحتلّ المركز الأول في العرض وتلقى متابعة من المشاهد، فيما غابت الأعمال السورية عن العرض. إن معظم الفنانين السوريين لا سيما نجوم الصف الأول يضعون صوتهم في الدبلجة مقابل مبلغ مادي جيّد. ونحن بهذه الطريقة نعطي الدراما التركية الشهرة ونقضي على الدراما الوطنية، لذلك بات مطلوباً أن نوقف الدبلجة لهذه الأعمال لأن هناك غزواً مقبلاً من شرق آسيا من كوريا الجنوبية حيث شاهدنا مؤخراً أعمال «أيام الزهور»، «أميرتي» علماً بأن هذه الأعمال مدبلجة بلهجة عربية غير سورية وقريباً سنرى أعمالاً مدبلجة بالعربي من الصين – تايوان سنغافورة الهند وغيرها..

من هنا أوجه سؤالاً إلى شركات الإنتاج السورية الخاصة: هل تعلمون إلى أين نحن نسير إذا استمررتم على هذا المنوال؟

ببساطة سوف نقضي على الدراما السورية، لذا لم لا نحافظ على أعمالنا وندعمها، فنحن لا نعاني شيئاً، لدينا المال والكتّاب والفنانون والمخرجون الجيدون، إذاً الأساس والأرضية متوفرة، لذلك نأمل منكم أيها المنتجون دعم الأعمال والكفّ عن الدبلجة التي تحوّلت إلى بهدلة ومهزلة، فالدراما صناعة رابحة للذين يعرفون كيف يوظّفون المال في تقديم أعمال تجذب المشاهد.

أخيراً، أقول إن الدراما السورية بخير وعادت العام الحالي إلى الصدارة بجدارة ونسأل أين هي الدراما المصرية التي تراجعت هذه السنة بشكل مخيف فلا يليق بها ما يقدّم من أعمال مصرية خلال رمضان الحالي. من المعيب عدم وجود عمل محترم بل جميعها أعمال سوقية بلا مضمون أو قصة. نستغرب هذا التراجع ونقول أين هم كتّاب مصر الذين بصموا سابقاً على الرغم من المنافسة مع الدراما التركية التي حلت مكان الدراما المصرية، والتي تراجعت هي الأخرى كثيراً في السنوات الماضية، مع العلم أن آخر عمل مصري لقي متابعة كبيرة كان مسلسل «زهرة وأزواجها الخمسة» للنجمة غادة عبد الرازق.

نحن علّمنا الآخرين أصول وفنّ الدراما والجميع يحاول تقليدنا رغم ضخّ الأموال والإعلام والتسويق التلفزيوني، هم فشلوا بأعمالهم، لأننا نحن شيوخ الكار، وهم ما زالوا تلاميذ عليهم التعلّم… وستبقى الدراما السورية تنتج وتشرق شمسها وتبدع وتحلّق في الفضاء في الحرب وفي السلم.. وإن غداً لناظره قريب.

كاتب سوري

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى