القضية الفلسطينية تفرض حضورها على قمم مكة بدلاً من مواجهة إيران الموازنة نحو مناقشات حامية نيابياً… وساترفيلد لن يخدع لبنان لا براً ولا بحراً!

كتب المحرّر السياسي

باءت بالفشل كل الحشود السياسية الأميركية إلى المنطقة لمواكبة الحشود العسكرية بفصائل متقدمة دبلوماسياً وجعل الأولوية لقمم مكة الخليجية والعربية والإسلامية المواجهة مع إيران، والترويج لصفقة القرن من بوابة الحشد لحضور مؤتمر البحرين تحت عنوان الاستثمار في السلام، فكل المؤشرات تدلّ على انتصار القضية الفلسطينيّة بتصدّر جداول أعمال المؤتمرات الثلاثة في ظل حرج خليجي شديد من ظهور أي معارضة نوعاً من التآمر الذي تسعى العواصم الخليجية لتفاديه، فخرج الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي ليعلن أن القضية الفلسطينية لا تزال أولوية المنظمة التي تشكلت في أعقاب إحراق المسجد الأقصى عام 1969، وهو المسجد الذي سيصبح تحت سيادة إسرائيلية قانوناً بموجب إعلان القدس عاصمة لـ»إسرائيل». وهذا أحد مرتكزات صفقة القرن التي جاء الأميركيون للتبشير بها، وأعلنوا الحرب السياسية والاقتصادية مع إيران لتغطية مشروعهم لتصفية القضية الفلسطينية، سواء بتهويد القدس أو بإلغاء حق العودة للاجئين الفلسطينيين. ويتوقع أن يشهد اليوم مؤتمر وزراء خارجية الدول الإسلامية عشية التحضير للقمة الحضور البارز للقضية الفلسطينية والمخاطر التي تتعرّض لها.

بالتوازي كانت الصفعات لصفقة القرن تتالى حيث أصيب المستوى السياسي الإسرائيلي بنكسة تمثلت بالفشل المتمادي في تشكيل ائتلاف حكومي جديد، ما أدى إلى التصويت إيجاباً على حل الكنيست لنفسه والإعلان عن الذهاب إلى انتخابات مبكّرة في أيلول المقبل، وهذا يعني بقاء كيان الاحتلال بدون قيادة فعلية حتى ذلك التاريخ. وبالتالي فقدان القدرة على تقديم أي دعم سياسي أو عملي يحتاجه الأميركي لمنح صفقة القرن ومشروعه لإنجاح الحركة باتجاه تسويقها المصداقية اللازمة.

لبنانياً، تسلك الموازنة طريقها إلى بدء المناقشات النيابية، مع توزيع نسخ من مشروع الموازنة على النواب مرفقاً بفذلكة الموازنة التي يفترض أن تصل للنواب يوم الإثنين، في ظل مناخات نيابيّة تحدثت عن نقاشات حامية تنتظر مشروع الموازنة، خصوصاً في بندَي الضرائب على الرواتب التقاعدية والرسوم على المستوردات، وفيما توقعت بعض المصادر النيابية أن تنتهي هذه المناقشات بإلغاء البنود المعترض عليها واستبدالها بعائدات زيادة رسوم أخرى، كرسم التخابر الذي تمّ صرف النظر عنه في مناقشات الحكومة، توقعت مصادر أخرى ربط هذه البنود بمهلة زمنية لسنتين أو ثلاث بموجب وضع تعهّد حكومي في محضر المناقشات بإلغاء هذه البنود بعد نهاية المدة باعتبار أن الموازنة أصلاً سنوية ولا تتضمن التزامات لأكثر من سنة، فيما قالت بعض المصادر الأخرى إن النقاش سيفتح الباب على تحويل رسوم المستوردات إلى سلسلة متحرّكة للرسوم الجمركية لحماية الإنتاج الوطني برسوم مناسبة على البضائع المنافسة قد تتخطى نسبة الموازنة الـ2 ويجري إلغاء الرسوم عن السلع التي لا إنتاج محليّ يعوضها وتنافسه في آن، بينما يجري إلغاء الضريبة على الرواتب التقاعدية، واستندت المصادر إلى ان تحالف كتلتي أمل وحزب الله سيجد حلفاء آخرين للسير في هذا الاتجاه.

على مسار التفاوض مع مساعد وزير الخارجية الأميركية ديفيد ساترفيلد، قالت مصادر متابعة إن الانتباه اللبناني على مستوى الرئاسات والوزارات المعنية، وخصوصاً وزارتي الخارجية والدفاع، يقظ لأي مكر أو خداع أو تلاعب سواء في الشكل أو في المضمون، وأن كل مفردة يجري عرضها من الجانب الأميركي سواء كمقترح منه أو نقلاً عن الجانب الإسرائيلي خصوصاً يجري تمحيصها وتدقيقها تحسباً لأن تتضمن فخاخاً يراد منها تضييع الوقت أو التفاوض للتفاوض أو استدراج لبنان إلى مواقع تفاوضية تبتعد عن الهدف المرجو من عملية تثبيت الترسيم لحدود مرسمة وموثقة لدى الأمم المتحدة، وتسمّيها القرارات الأممية بالحدود الدولية للبنان مرفقة بها الخرائط التي توضح كل التفاصيل.

نواب: الموازنة ليست منزلة…

بعد إحالة مشروع موازنة 2019 من الحكومة الى المجلس النيابي تتجه الأنتظار الى ساحة النجمة، حيث من المتوقع أن تبدأ لجنة المال والموازنة اولى جلساتها لدرس الموازنة الاثنين المقبل، على ان تعقد جلسات متتالية حتى لو اقتضى الأمر جلستين في اليوم صباحية ومسائية بعد عطلة عيد الفطر. وقد تسلم رئيس المجلس النيابي نبيه بري 30 نسخة ورقية من المشروع بالصيغة التي أقرّها مجلس الوزراء على أن تطبع 128 نسخة وتوزع على النواب.

إلا أن مصادر نيابية أوضحت لــ»البناء» أن «الموازنة ليست منزلة ولا تتوقع الحكومة أن يبصم المجلس النيابي عليها كما هي، بل لديه الحق الكامل في درس ومناقشة كل بند ورفض بعض البنود أو تعديلها أو تقديم مقترحات جديدة للحكومة»، مشيرة الى أن «كتلاً سياسية عدة سجلت رفضها وتحفظها على العديد من البنود لا سيما المتعلقة بتخفيض الرواتب وفرض ضرائب جديدة»، علماً أن «المجلس ليس لديه الحق بزيادة أرقام الموازنة بل لديه الحق بتخفيضها وعند حصول خلاف مع الحكومة يمكن للمجلس أن يعيد أي بند للحكومة لإعادة درسه».

كما توقعت المصادر النيابية ان يتم تعديل بنود عدة كما أظهرت المناقشات داخل مجلس الوزراء، في اشارة الى كلام الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله من أن نواب كتلة الوفاء للمقاومة سيناقشون في كل بند ولن يوافقوا على كثير من البنود وإن التزموا قرار الحكومة رغم تحفظهم. وفي سياق ذلك أشارت مصادر نيابية في كتلة التنمية والتحرير لـ»البناء» الى أن «الكتلة سترفض في المجلس بنوداً ضريبية عدة لا سيما ضريبة الدخل على الرواتب التقاعدية و2 في المئة على السلع المستوردة والرسوم النوعية على بعض المنتجات المستوردة، لأنها ستطال بشكل أو بآخر المواطنين من ذوي الدخل المحدود، موضحة أن «وزراء حركة أمل اعترضوا في نقاشات مجلس الوزراء ومعهم وزراء حزب الله والمردة على هذه الأنواع من الضرائب والكتلة متمسكة بهذا المبدأ في المجلس النيابي وستصوت ضد الضرائب الجديدة»، إلا أنها « أوضحت أن «نسبة العجز المحققة حتى الآن جيدة في ظل الظروف الحالية»، لكنها شككت في «إمكانية التزام الحكومة بأرقام الموازنة نفسها وبألا تعود الى الإنفاق العشوائي ولديها سوابق في هذا المجال»، كما لفتت الى أن «آلية مساهمة المصارف في سد العجز في الخزينة وتخفيض الدين العام يلحظه مشروع الموازنة لا سيما رفع الضريبة على الودائع والمصارف من 7 الى 10 في المئة اضافة الى الزام المصارف والمصرف المركزي الاكتتاب بسندات الخزينة بفائدة 1 في المئة على أن تشملها ايضاً الضريبة على الودائع».

وأكد الرئيس بري في لقاء الاربعاء النيابي ان «المجلس سيقوم بواجباته ويمارس دوره كاملاً في درس الموازنة. وقال ان النقاش مفتوح في اللجنة ثم في الهيئة العامة للموازنة وبنودها وسيأخذ مداه، ونقل زوار بري عنه قوله لـ»البناء» إنه «مرتاح الى انتهاء النقاشات في الحكومة وارسال المشروع الى المجلس»، مشيراً الى انه اعطى توجيهاته من اجل ان تعقد لجنة المال اكثر من جلسة في اليوم. واكد ان المجلس النيابي قادر على عقد جلسات تشريعية ورقابية خلال مناقشة الموازنة في لجنة المال، متوقعاً عقد مثل هذه الجلسات.

ونقل الزوار «وجود تفاهم بين الرؤساء الثلاثة ميشال عون ونبيه بري وسعد الحريري على التنسيق والتعاون لإقرار الموازنة بأسرع وقت ممكن لتحسين صورة لبنان أمام المجتمع الدولي وتحسين الوضع الاقتصادي وللاستفادة من موسم السياحة المقبل».

وأشارت مصادر «البناء» الى أن التقرير الخاص بقطع الحساب عن عام 2017 سينجز خلال عشرة ايام وتقدم نسختان منه الى مجلسي النواب والوزراء لمناقشته مع موازنة 2019 على أن يتولى ديوان المحاسبة التدقيق بقطع الحساب من العام 1993 حتى 2018».

وتوقعت مصادر أن تشهد «الجلسات كباشاً كبيراً ومداخلات كثيفة للنواب لا سيما أن الجلسات ستنقل مباشرة على الهواء ما سيضع النواب والكتل والحكومة أمام مواجهة مباشرة مع الرأي العام والقطاعات الوظيفية وعامة المواطنين، كما توقعت أن يشهد الشارع اعتصامات وتظاهرات بالجملة بالتزامن مع انعقاد الجلسات».

وفي سياق ذلك، عقدت الجمعية العامة للقضاة اجتماعاً أمس غداة دعوتهم من قبل رئيس الجمهورية الى فك إضرابهم، انتهى من دون اتخاذ أي قرار بخصوص تعليق الاعتكاف، ما يعني تالياً انه مستمر في ظل عدم صدور أي بوادر إيجابية من السلطتين التشريعية والتنفيذية تجاه مطالب القضاة التي يعبر عنها هؤلاء في جمعياتهم العامة. ما دفع وزير العدل ألبير سرحال الى التعبير عن أسفه لرفض القضاء التجاوب مع تمنيات رئيس البلاد.

وأعرب الرئيس عون عن امله في ان يتم إقرار الموازنة في مجلس النواب في اسرع وقت، لافتاً الى ان عملية النهوض الاقتصادي انطلقت وسيكون للبدء بالتنقيب عن النفط والغاز بداية العام المقبل الأثر الإيجابي على الاقتصاد الوطني. وفيما اشار الى ان اقرار مجلس الوزراء لمشروع موازنة 2019 ترك ارتياحاً في الاسواق المالية، رأى ان تطبيق الإجراءات والتدابير المنصوص عنها في الموازنة الجديدة من شأنه خفض العجز والتأسيس لموازنة 2020، حيث سيباشر الوزراء رفع موازناتهم الى وزير المالية للمباشرة بدرسها وإحالتها ضمن المهلة الدستورية الى مجلس النواب. واكد أن مشروع موازنة 2019 يتضمن إجراءات تعزز قطاعات الإنتاج في لبنان ولا سيما منها الصناعة والزراعة، بهدف الانتقال المتدرج الى الاقتصاد الإنتاجي بدل الاقتصاد الريعي الذي اعتمدته الحكومات المتعاقبة.

بري: الورقة الموحّدة هي الضمانة

على صعيد آخر، تناول الرئيس بري آخر ما يتعلق بتحرك مساعد وزير الخارجية الاميركية السفير دايفيد ساترفيلد الذي غادر بيروت، فأوضح ان الموضوع ليس ترسيم الحدود فحسب، بل تثبيت الترسيم. وقال إن الورقة اللبنانية الموحدة شكلت وتشكل الضمانة في هذه العملية، وانه ليس بإمكان لبنان التنازل عن أي شيء فيها. واوضح ايضاً ان الموقف الرسمي هو ان لبنان ضد تحديد مدة للمفاوضات في هذا الشأن، مؤكداً ان لبنان يتعامل بكل دقة وانتباه مع هذه المسألة.

وأوضحت مصادر بري لـ»البناء» أن «رئيس المجلس عبر عن حذره إزاء الطروحات الاميركية نظراً للسوابق غير المشجعة في هذا الاطار»، مضيفة أن «لبنان اعطى موافقته المبدئية على شكل المفاوضات وفق الآلية المعتمدة بالاجتماع الثلاثي في الناقورة برعاية الامم المتحدة على أن يشارك الاميركي كوسيط»، ولفتت الى أن «الخلاف الحاصل هو حول مهلة التفاوض، حيث رفض لبنان الالتزام بمهلة معينة مدة ستة شهور كما يريد الاسرائيلي بل يريدها مهلة مفتوحة حتى التوصل الى اتفاق لا سيما أننا أمام عدو يستخدم المكر وتضييع الوقت لتمرير أهداف معينة»، وتضيف المصادر أن «الانتصار الذي حققه لبنان هو تسمكه بوحدة موقفه الذي أبلغه للاميركي بتلازم المسارين البري والبحري وبدء المفاوضات بالآلية التي طرحها لبنان»، مشددة على تمسك لبنان بالنقطتين ب 1 وب 2 في البحر الذي يعتمد عليهما كمنطلق للمفاوضات اضافة الى النقاط الـ 13 في البر، كاشفة أن «وحدة الموقف هذه فاجأت الأميركيين والإسرائيليين ما دفعهم الى التراجع الى الوراء خطوات». ونفت المصادر أن يكون ساترفيلد طرح مع بري ربط التفاوض بمصير سلاح حزب الله مشيرة الى «أن اي تفاوض خارج الإطار المتفق عليه هو أمر مرفوض من قبل لبنان»، وعلمت «البناء» أن ساترفيلد «سيعود خلال ايام الى لبنان من فلسطين المحتلة لاستكمال البحث مع المسؤولين اللبنانيين».

ونقل زوار عين التينة عن بري قوله «ان ما حققته وساطة ساترفيلد مجرد إيجابيات لا تغني من جوع. فالرجل حتى الآن لا يزال في موضع التساؤل والافتراض. اما الحديث عن شكل الوفد اللبناني المفترض لإجراء المفاوضات فمبكر جداً وقبل هذا وذاك على اسرائيل التجاوب او الاعتراف بالطرح اللبناني او الآلية المطروحة».

سجال التيار – القوات

في غضون ذلك خرج الخلاف بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية الى العلن بعدما بقي داخل جلسات مجلس الوزراء المغلقة، وذلك على خلفية ملفات الموازنة وأموال المهجرين، وسط معلومات عن وساطات بُذلت لوقف السجالات وإعادة المياه الى مجاريها تبدو باءت بالفشل.

فبعد سجال نائب القوات أنيس نصار ونائب التيار سيزار ابي خليل دخل رئيس القوات سمير جعجع على الخط، مهدداً بكشف ملفات الحرب الأهلية، وقال في مؤتمر صحافي له بعد اجتماع تكتل القوات «هناك أماكن لا نريد أن نتجه اليها ولكن إن جبرتونا سنتجه وسنقول الحقائق كما هي. فالتحلي بالمسؤولية يضر أحياناً». اضاف: «إذا أرادوا ان نتحدث بالحرب نحن من نملك أسرار الحرب، لا «تزكزكونا» وإلا ستسمعون الجواب، ولم ننجز مصالحة مع «التيار الوطني الحر» لنعود عنها وإن هاجمنا أحد سنرد عليه ولن نتجه لمشكلة مع التيار كتيار».

على صعيد آخر، أكدت وزيرة الطاقة والمياه ندى بستاني ، في تصريح عبر وسائل التواصل الإجتماعي أن «التخفيضات على رسوم الاشتراكات الجديدة هي بداية لسلسلة من الخطوات التي ستتّخذ لتسهيل تطبيق خطة الكهرباء ».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى