هل ما زال الانفتاح العراقي على سورية موجوداً؟
حميدي العبدالله
بعد أن أعلن العراق موعداً لاستئناف الخطوط الجوية العراقية رحلاتها إلى سورية، وقبل ساعات من الاحتفال الذي كان مقرّراً لتدشين هذا الافتتاح، أعلن عن تأجيله، وفي الحقيقة التأجيل هو أقرب إلى الإلغاء منه إلى أيّ شيء آخر، لأنه لم يعلن عن موعدٍ جديد، ولو كانت الأسباب مرتبطة بالاستعداد فقط وليس هناك حسابات سياسية لأعلن موعدٌ بديل لاستكمال الاستعدادات.
أيضاً تمّ تحرير معبر البوكمال القائم على طرفي الحدود منذ سنتين، ومع ذلك لا يزال الطريق البري بين العراق وسورية مغلقاً، على الرغم من أن ليس هناك، على الأقلّ من الجانب السوري، أيّ موقف يرغب ويريد تأجيل فتح المعبر لأيّ سبب كان، بل أعلن أكثر من مسؤول سوري، وأكثر من مرة، أن دمشق جاهزة لفتح معبر البوكمال القائم، وهي اتخذت كافة الإجراءات اللازمة من أجل ذلك.
إذن، من لا يريد الانفتاح على سورية براً وجواً هو العراق وليس أيّ جهة أخرى، فما الذي يدفع العراق إلى اتخاذ مثل هذا الموقف، علماً أنّ فائدة الانفتاح العراقي على سورية يعود نفعها بالتساوي على البلدين؟
واضح أنّ الضغوط الأميركية على الحكومة العراقية هي التي تمنع الانفتاح وإذا كانت الحكومة العراقية تتذرّع لتأجيل فتح معبر البوكمال – القائم باحتمال شنّ داعش هجمات على القوافل التي سوف تسلك الطريق الدولي الذي يربط العراق بسورية، وأنها ليست جاهزة الآن لفتح المعابر، قبل إحكام سيطرتها على الطريق البري داخل الأراضي العراقية، فهل داعش قادر على تهديد خطوط النقل الجوي العراقي إلى سورية لو استأنفت شركة الطيران العراقية رحلاتها إلى سورية؟
واضح أنه على صعيد عودة الخطوط الجوية العراقية إلى سورية، ليس هناك أيّ تهديد على الإطلاق، لا سيما أنّ شركة الطيران الإيرانية تواصل رحلاتها بين سورية وإيران.
السبب الحقيقي لتراجع العراق عن استئناف الرحلات الجوية لشركة الطيران العراقي إلى سورية، هو الضغط الأميركي، وبالتالي امتثال الحكومة العراقية للضغوط الأميركية، التي طالما قالت الحكومة العراقية إنها لا ترضخ لهذه الضغوط وإنها مستقلة في قراراتها بعيداً عن الوصاية الأميركية.
لا شك أنّ ما حدث لجهة التراجع عن استئناف رحلات شركة الطيران العراقية إلى سورية يؤكد من جديد أنّ العراق لا يزال خاضعاً للوصاية الأميركية، وأيّ ادّعاء آخر غير صحيح، ويحتاج إلى تأكيده بالممارسة لا بالتصريحات الكلامية التي لا تقدّم ولا تؤخّر.