أيوب: حضور المعهد وازن في التخطيط والتنفيذ على مستوى الجامعة والإنتاج العلمي نؤيد مطالب الأساتذة وخطواتهم وحرصهم على المكتسبات التي تحققت بفعل النضالات الدؤوبة
عبير حمدان
تبقى الجامعة اللبنانية العنوان الأبرز لبلد مثقل بالكثير من المشاكل، وبين قاعاتها نجد كلّ فئات المجتمع ونلتمس أحلام جيل من خلال نقاشاته وهواجسه وتوقه إلى غد أفضل.
من الصعب اختصار تاريخ الجامعة اللبنانية وما تضمذه من معاهد وكليات، ولكن قد نجد الكثير من المواضيع الجديرة بالاهتمام والتي تحمل رسالة وهدف في معهد العلوم الاجتماعية الذي احتفل بعيده الستين في مدينة الرئيس رفيق الحريري الجامعية، قاعة المؤتمرات ـ الحدث برعاية وحضور رئيس الجامعة اللبناينة البروفسور فؤاد أيوب.
تقدّم الحضور الوزير محمود قماطي، العميد جورج جريج ممثلا رئيس المجلس الأعلى في الحزب السوري القومي الاجتماعي النائب أسعد حردان، د. أنور كوثراني ممثلا الوزير حسن مراد، د. خديجة مراد ممثلة وزير التربية والتعليم العالي أكرم شهيّب، د. فؤاد نخلة ممثلا وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل، جوزيف عون ممثلا وزير المهجرين غسان عطاالله، الوزيرة السابقة منى عفيش، د. ندى عويجان مدير عام المركز التربوي للبحوث والإنماء، د. سناء الحلوة منسق مادة الاجتماع في الإرشاد والتوجيه في وزارة التربية، د. روعة فتفت حلاب مقرّر مادة علم الاجتماع في الامتحانات الرسمية، د. مارال توتليان مدير عام الإحصاء المركزي، المهندس روني لحود مدير عام الاسكان، ممثلة منظمة اليونيسكو في بيروت د. سايكو سوجيتو، أعضاء مجلس الجامعة اللبنانية ومدراء الفروع وممثلو الأساتذة، والطلاب، وفاعليات اجتماعية وثقافية وإعلامية.
قدّمت الحفل الدكتورة لبنى عطوي، وجاء في كلمتها: «نحتفل اليوم بالعيد الستين لمعهد العلوم الاجتماعية، في جامعتنا الأمّ… في هذه القلعة الوطنية الشامخة، التي استطاعت طوال تاريخها، أن توفي القلم حقه، وأن تطلع من جنباتها الزاهرة، أجيالا متنافسة في خدمة الوطن..
أنّ الوطن يحتاج إلى الأبحاث والعقول النيّرة، حاجته إلى سلاح الأشدّاء من جنوده، وإلى معاول عماله، ومناجل حصّاديه.. وإلى البقية من رجائه وضيائه.
وإن كان المعهد عبر مسيرته الزاهرة قد اتخذ، الطابع التعليمي، الأكاديمي، فإنه يعبّر في عمقه عن الالتزام بقضايا المجتمع. ترهّل في هيكل الثقافة، وتكوكب حوله نخبة من المفكرين والأساتذة، الساعين إلى بناء القدرات البشرية وتعزيز الوعي العام لفهم المشكلات التي، تحول دون تحقيق التنمية…»
وألقت د. مارلن حيدر عميدة المعهد كلمة، جاء فيها: «منذ قرابة الثلات سنوات ونيّف، جرى تكليفي بعمادة معهد العلوم الاجتماعية. في المرة الأولى التي وقفت فيها، وللمناسبة، في هذا الموقع بالذات، إبان تخريج دفعة من طلاب المعهد، قدّمت وقتها ما يشبه ورقة العمل والرؤيا في أساسيات حلم تلك المرحلة، لمعهد كانت معرفتي به كبيرة وإيماني بأهميته واسعة. كيف لا، وأنا إبنته وترعرعت معرفياً في كنفه، ومدركة لقدراته وطاقاته، ومؤمنة بأنّ المعهد يمكنه أن يلعب دوراً أكبر بكثير من حصره في التعليم كونه معهد بحثيّ بامتياز وله دور وطني في هذا المضمار».
وأضافت: «كانت التحديات كثيرة، تغيير برامج، هيكلة جديدة للمناهج، دخول واسع إلى ميدان العلوم الاجتماعية المهنية بالإضافة إلى مسؤولية تطوير العلوم الاجتماعية على المستوى البحثي… هذا بالإضافة طبعاً إلى تحديات الإدارة نفسها.
في المقابل، كانت القدرات والطاقات المبدعة حاضرة بروح إيجابية للتعاون والدعم. وهكذا كان، لقد تلاقينا جميعاً على محبة هذه المؤسسة، وأعني الجامعة اللبنانية لا سيما معهد العلوم الاجتماعية، والإيمان بطاقاتها وقدراتها.
لقد عملنا طوال هذه السنوات جاهدين، كفريق واحد، من أساتذة وإداريين، على تحقيق ما خططنا له منذ البداية. ولقد أثبتنا أننا قادرون على السير معاً لتحديد الصعوبات وإيجاد الحلول المناسبة لها لاتخاذ الإجراءات الملائمة لتطوير معهدنا.
وضعنا الأنظمة والمشاريع، ونجحنا بالتشبيك مع الشركاء، وفعّلنا مركز الأبحاث، وعدّدنا مجالات التخصص، ونعمل بجهد لتوفير التعليم الأفضل لطلابّنا لأنهم يستحقونه».
وتابعت: «الاستدامة واجب، ونعترف بأنّ المعهد إذا وصل إلى ما هو عليه اليوم فذلك بفضل الذين سبقونا من قيّمين وأساتذة وإداريين وعاملين. فقرّرنا الاحتفال بعيد الستين للمعهد وتحويل هذه السنة إلى مناسبة لإبراز مسار المؤسسة المؤتمنين عليها. نحن من خططنا وحضّرنا جميعاً لهذا العيد، فأردنا الستين كعمر للاحتفال به، مع وعينا التامّ بأنّ الستين ليست سنة اليوبيل الفضيّ لمعهدنا، ولا هي سنة اليوبيل الذهبيّ، ولا حتى اليوبيل الماسي، لكنها سنة تعكس اتحاداً، وإيماناً بأهمية ما نقوم به، وتطلّعاً جماعياً لغد أفضل لمعهدنا، من خلال رؤية استراتيجية واضحة وخطوات أكيدة وثابتة، تعكس الطموحات والتطلعات التي نريدها لمعهدنا.
وختمت: «نحن بعد احتفالية الستين ليس كما قبلها، ذلك لأننا خططنا ونجحنا مجتمعين، ولأنّ هذه الإحتفالة لنا جميعا أهل المعهد، بدءاً بمن بنوه، ومن تابعوا بناءه، وصولاً إلى من سيحمل شعلة البناء في المستقبل، فشكراً لكم جميعا فرداً فرداً. ولأنّ جامعتنا هي التي احتضنت احتفالنا هذا برمزيّته التعاضديّة وآمنت بنا ودعمتنا برئيسها البروفيسور فؤاد أيوب، وأخيراً لأنّ كثيرين آمنوا بنا وأدركوا أهمية العلوم الاجتماعية ودورها الأكاديمي والبحثي على أكثر من صعيد. وإذا أردت أن أرفع شعاراً آخر لهذا العيد غير شعاره الإحتفالي «ارتقاء وتطوير»، فالجميل أن يكون «عيد التضامن والانتماء»، كونه شعاراً يعكس عملنا كأهل المعهد متّحدين».
«60 ستون عاماً تطوير وارتقاء»
وتحدث د. نزار أبو جودة عن كتاب «60 ستون عاماً تطوير وارتقاء»٬ الذي يؤرّخ لمسيرة المعهد، فقال: «هذا الكتاب هو ذاكرة٬ تؤمّن متعة التجوّل في تاريخ الجامعة اللبنانية عموماً ومعهد العلوم الاجتماعية خصوصاً.
مواضيعه متنوعة: تضمّ٬ مرتكزات معهد العلوم الاجتماعية٬ من رسالة وأهداف واختصاصات ومركز للأبحاث٬ بالإضافة٬ الى سير أكاديمية وأبحاث علمية٬ وجميعها٬ تعطينا فكرة واضحة٬ عن دور المعهد واهتماماته٬ ومعاناته٬ في كثير من الأحيان٬ من أجل الجامعة والوطن.
كتاب من صلب الواقع الاجتماعي يؤرّخ للأحداث وهو جزء من صناعتها يحتك بمشاكل مجتمعنا يحلّل الظاهرات ويرسم طرق التغيير ويضع الحلول».
أضاف: «يصلح هذا الكتاب للعبرة٬ فنعتبر ونتعلم٬ من أبحاث وتجارب الماضي والحاضر. هو فرصة٬ وحافز٬ لكلّ واحد منا٬ كي يراجع ويتأمّل٬ في دوره البحثي والتعليمي٬ وفي المهمة التربوية الوطنية الخطيرة الموكلة اليه والملقاة على عاتق المعهد.
ففي زمن الجزر الحاصل٬ على كافة المستويات٬ نقول٬ إنّه لا حياة لمجتمع٬ ولا ارتقاء الى مرتبة الوطن والمواطنة٬ بدون فهم علمي شامل وعميق٬ للواقع الاجتماعي وظروفه٬ وطبيعة العلاقات الناتجة عنه وبالتالي٬ لا مفرّ من العلوم الاجتماعية٬ لأنها حاجة وضرورة لا مفرّ منها٬ كما هي الأبحاث والنظريات والمفاهيم فيها. كتاب «60 ستون عاماً تطوير وارتقاء»٬ يؤكّد٬ من جديد٬ أنّ لبنان٬ هو نطاق ضمان للفكر الحرّ وأنّ الجامعة اللبنانية هي قلب لبنان وعقله، وتحية لكلّ من قدّم عملاً ورفع اسم الجامعة اللبنانية عالياً. وكلّ الشكر٬ لكلّ من ساهم في إنجاز هذا الكتاب».
كلمة العمداء المكرّمين
وألقى كلمة العمداء المكرّمين الدكتور محمد شيا، وجاء فيها: «اسمحوا لي ان أتوجه بالتحية الى عمداء رحلوا تاركين أثرهم وبصماتهم وهم العمداء الدكاترة رونيه حبشي وفيصل نصر وبشارة الطباع وهاشم حيدر وفوزي عطوي وأسعد دياب، وتحية إلى العمداء الحاضرين الدكاترة ناصيف نصار فردريك معتوق ويوسف كفروني وعبد الغني عماد.
أتشرّف بالحديث باسم العمداء المكرّمين، وهذا تكريم إضافي يشعرني بالمسؤولية حين أتحدث عن زملاء وظيفتهم هي البحث وليس الخطابة ومكانهم الطبيعي هو المكتبة وليس المنبر، ويندر في مجتمعاتنا ان يكرّم من يعمل بعيداً عن المنابر والخطابات.
معهد العلوم الاجتماعية يشدّد على الطابع الملح للمشكلات ويعمل عليها للخروج بنتيجة عملية تفيد الدولة، وهذه الميزة الاستثنائية هي ما جعل البحث العلمي وهم التنمية الشغل الشاغل لأساتذته وباحثيه، وبالتالي تمّ تأسيس مركز الأبحاث الاجتماعية والذي تضمّنته مراسيم التأسيس فتولى تأسيس الفرق البحثية واقتراح خريطة تساهم في رسم الطريق للباحثين».
أضاف: «البحث العلمي والكيفيي الدقيق هو هاجس المعهد أساتذة وفرق بحثية ودكاترة، ولكن بكلّ صراحة المعهد وطروحاته البحثية في واد والدولة ومؤسساتها في واد آخر، والمؤسف أنّ هناك اتكال من قبل الدولة على الشركات الخاصة في ظلّ وجود معهد وطني علمي له أهميته ومكانته.. والمعهد يدرك أنّ نجاحه مرتبط بالجامعة الوطنية والدولة الوطنية ذات الوظيفة الاجتماعية الواضحة بناء على برامج وخطط ودراسة فعلية».
وختم بتوجيه الشكر إلى كلّ ما ساهم وشارك في إحياء عيد المعهد الستين من حضور رسمي وأكاديمي وطلابي.
كلمة رئيس الجامعة
وألقى رئيس الجامعة اللبنانية البروفسور فؤاد أيوب كلمة جاء فيها: «مناسبة من المناسبات التي تنعش الذاكرة باستحضار محطات من النجاحات التي عمرت بها جامعتنا على مدى سنيّ عمرها، رغم ما مرّ عليها من أيام عجاف في ظروف قاسية، لكنها لم تثنها عن رسالتها ودورها، فكانت العزيمة أقوى والإرادة أمتن من أيّة معوقات تعترض درب تطوّرها ونهضتها وفي جميع كلياتها ومعاهدها، ومنها معهد العلوم الاجتماعية الذي نلتقي اليوم في عيد تأسيسه الستين لنبارك له ولأهله وللجامعة كلها بما حققه وما أنجزه من قدرات وعطاءات وما رفد من كفاءات غنية توزّعت في المؤسسات والمجتمعات.
الكل واع لتزايد الحاجة لفهم مجتمعنا، لا سيما في عالم تتسارع فيه المتغيّرات. والكلّ مدرك لعمق تعقيدات مشاكلنا، الفردية منها والجماعية، في زمن كثير التطور، والكلّ خائف على هوياتنا، وعلى ذاكرتنا، والكلّ على دراية بحاجاتنا الشديدة كي نتغلّب على أوجه القصور في بيئاتنا الاجتماعية، ولكي نتمكن من فهم التحديات الحاليّة وتحديد السياسات اللازمة لمواجهتها.
لن أعدّد أكثر فبقدر إدراك أهمية دور معهد العلوم الاجتماعية بتنوّع اختصاصاته المجتمعية، بقدر ما نأسف أنّ دولتنا لم توله الاهتمام اللازم لتحقيق الغاية التي أنشئ لأجلها هذا المعهد والهدف واضح وهو رفد المؤسسات بالدراسات والمسوحات التي تساعدها في رسم سياساتها».
أضاف: «في متابعتي لهذا المعهد، ولهمة تحركاته، ما قبل عيد الستين وخلال هذه السنة الاحتفالية بالعيد، أستطيع التأكيد أنّ وعيه لأهمية دوره في البناء الأكاديمي والبحثي كما المهني، لم يعد ينتظر من الغير أن يعترف له به.
لقد بات هو المبادر في إبراز حضوره، وذلك من خلال تفعيل نشاطاته على أكثر من صعيد: في تغيير البرامج، في التشبيك مع المؤسسات الوطنية والدولية، في إعادة تفعيل مركز الأبحاث فيه، وفي تبيان قدراته المتنوعة، حتى أصبح هذا الحضور وازناً ورقماً من الصعب غضّ الطرف عنه في التخطيط وفي التنفيذ، على مستوى الجامعة وحتى على مستوى الإنتاج العلمي في حقول التخصصات الاجتماعية المتنوعة التي يدرّسها من: علم اجتماع بميادينه المتنوعة، ديموغرافياً، انتروبولوجياً، تنمية واقتصاداً وسياسات اجتماعية، هذا عدا التخصصات المهنية الواعدة التي ينفرد في تعليم معظمها على مستوى الوطن.
من المؤكد أنّ هذا الاصرار في سير المعهد قدماً في تدعيم طاقاته، مستنداً إلى استراتيجية أكاديمية وبحثية واضحة، لم يكن ليحصل لولا تفاعل بناء بين إدارته والجسم الأكاديمي فيه، الحالي وحتى من بنى وحافظ عليه في أصعب الظروف، ونحن نشهد في هذه الاحتفالية على ذلك. وكلنا يترقّب له مستقبلاً ثابتاً قائماً على تطلّع تنموي مستدام، يتخطّى في تنافسيته المؤسسات الوطنية، وذلك من خلال حصوله على الاعتماد الذي يسعى إليه».
وتابع: «مهم أيضاً أن نعي في هذه المناسبة أنّ الجامعة الوطنية هي ليست صرحاً أكاديمياً فحسب، بل هي رسالة وطنية، وكلّ نجاح، سواء كان في معهد أو كلية فيها، هو نجاح لهذه الرسالة، في بلد كلّنا يعرف أزماته، ويدرك أنّ من واجبنا الاصرار والتكاتف لبناء غد أفضل، يعيد ثقة الأبناء في بلدهم ويحقق لهم طموحاتهم».
في هذه المناسبة لا بدّ من الإشارة إلى ما يجري من حراك يقوم به أساتذة الجامعة الذين نؤيد خطواتهم ومطالباتهم وحرصهم على الجامعة وعلى المكتسبات التي ما حصلت عليها إلا بفعل نضالات مستمرة، لا سيما في ما يتعلق بموازنتها وبحقوق أساتذتها ورسالتهم التي يحملونها من أجل بناء مجتمع متعلم راق متقدّم، كما أننا حريصون على مصلحة أبنائنا الطلاب الذين وقفوا ويقفون دائماً مع الجامعة وأهلها، ونؤكد لهم أنّ العام الدراسي سينجز، وسيتمّ تعويض ما فاتهم من ساعات عن الأيام التي أقفلت فيها الجامعة».
هذا وتخللت الحفل وصلة غناية للسوبرانو جورجيت صوايا فرح رافقتها فرقة موسيقى الجيش اللبناني بقيادة الرائد نديم أسطى، وعرض فيلم وثائقي عن المعهد والطلاب. كما تمّ تكريم مجموعة من عمداء راحلين وحاليين، وأساتذة.