قالت له
قالت له
قالت له: هل يرتبط الحبّ بآلة موسيقية معنية أو بنغمة موسيقية داخلية نستحضرها في حالة الحب، كما يقولون؟
قال لها: الجواب ممكن عملياً، إذا سألت نفسك عن الحالة وصدقيتها؟
قالت: أنا في حالة الحب أنسجم مع الناي وصوته وحنينه وأشعره يعزف في داخلي.
قال لها: ولماذا وقع الخيار على النغمة الحزينة بل الأشد حزناً، فهل يرمز الحب عندك لروح المأساة ام لروح الفرح؟
قالت له: لا أشعر الناي رمزاً للحزن، بل للشغف والعاطفة والأحاسيس الرقيقة.
قال لها: بل العود والغيتار يرمزان إلى خليط العاطفة والفرح والشغف.
قالت: أشعر أنهما أقرب للموسيقى كموسيقى يقولان ما تريد قوله بينما الناي لا يقول إلا الحنين والحنان.
قال لها: تدخلين في منطقة صعبة تقولبين فيها الوقائع لتناسب التخيلات.
قالت: لكنك لم تقل ما يرمز إليه الحب عندك في الموسيقى وعالم النغمات.
قال: الحب ككل حالة تتسع لمشاعر متنوّعة في كل شعور يعزف لحناً. فالحزن في الحب حزن والفرح فيه فرح والتأمل فيه تأمل والقلق فيه قلق ولكل حالة ما يوازيها حتى الطبل له في نغماته وإيقاعه مكاناً في لحظات الحب.
قالت: وأي النغمات أكثرها حضوراً عندك؟
قال: الناي.
قالت: ألأنك تشعر الحب حزيناً؟
قال: ربما لأنني أتوافق معك.
قالت له: بعد توضيحاتك يحزنني التوافق، لأنك وضعت للناي إطاراً حزيناً.
قال: ظننت سيفرحك أن نتلاقى على التوصيف ذاته.
قالت له: نتلاقى في الشكل لنختلف في المضمون.
قال لها: ولكنني لم أوافق أن اختيارك للناي يعني شيئاً غير الحزن.
قالت: ولم أوفق أن اختيارك له يجعلنا أقرب.
قال: وماذا تقترحين؟
قالت: أن تختار بديلاً ثانياً.
قال: وأنت تفعلين.
قالت: معاً.
قالا معاً: العود.
فقال لها: حسناً ها نحن نعود.
قالت: دائماً نختلف في النسخة الأولى ونتلاقى في البديل الثاني.
قال: خير من العكس.
قالت: والسبب؟
قال: لأن النسخة الأولى سريعة الزوال.
قالت: لكنها العفوية والارتجال.
قال: والاستمرار ليس لهما كما يُقال.
قالت له: ربما بات يكفينا أن نلتقي ولو في سوء الحال.
قال لها: لأننا ندرك أن الاختلاف ليس خلافاً، بل بحث مفتعل عن المحال.
قالت: أتظن كم أظن أنك محتال؟
قال: هكذا تنظرين للرجال.
قالت: وأنت تظنني متقلبة المزاج والأحوال.
قال: وهل اكتفينا من الجدال.
قالت: لا بدّ من وجبة من القيل والقال.
قال لها ضاحكاً: النميمة طريق النساء للكمال.
قالت تضحك أيضاً: والمناكفة تفسد المقال وتبدد الآمال.
وقالا معاً: خير نغمة في الحب طبل وطبّال.