قائد الجيش: لن نرضى المسّ بحقوق ضباطنا وجنودنا ولا بكرامتهم
أكد قائد الجيش العماد جوزاف عون، أننا لن نرضى المس بحقوق ضباطنا وجنودنا ولا بكرامتهم مشيراً الى أن حقوق العسكريين ليست منّة من أحد، واستهداف معنوياتهم هو جريمة بحق الوطن.
موقف عون جاء خلال زيارة له الى متحف الرئيس فؤاد شهاب في جونيه، تلبية لدعوة الرئيس العام للرهبانية المارونية الأباتي نعمة الله الهاشم، بحضور شخصيات وفاعليات.
وأشار مؤسس المتحف الأب وديع السقيم في كلمة الى أنه «في خضم هذه المرحلة الضبابية والتي تلقي بثقلها الأمني والاقتصادي والاجتماعي، تبقى مؤسسة الجيش الضامن الوحيد للبنانيين».
بعدها جال قائد الجيش في أرجاء المتحف ووقع على السجل الذهبي، وتسلم درعاً تذكارية من الهاشم، وزرع شجرة أرز حملت اسمه في باحة المتحف.
ثم ألقى كلمة جاء فيها: «يؤسفنا ويؤلمنا، أن نشهد اليوم، ما يتعرّض له جيشنا من حملات تستهدف بنيته ومعنويات عسكرييه. لا نكشف سراً، ولا نقول جديداً، بأن الجيش هو العمود الفقري للبنان، ولا نغالي اذا قلنا إنه ضمانة أمنه واستقراره، وإن مهمته لا تختصر بزمن الحروب والصراعات فقط، لأن تحصين الاستقرار والسلام يتطلب جهودا تفوق أحياناً متطلبات الحروب. وربما غاب عن بال البعض بغير قصد أو بقصد، أنه رغم الاستقرار الأمني الذي ننعم به حالياً، فالتحديات لا تزال كبيرة سواء عند حدودنا الشرقية والجنوبية والبحرية، أم في الداخل، وبالتالي فإن الوضع الأمني والاقتصادي والاجتماعي لا يزال بحاجة الى جهوزية كاملة، والا فمن يتحمل مسؤولية كشف أمن الوطن؟».
واضاف قائد الجيش: «لا شك في أن المؤسسة العسكرية، وهي جزء من البنية الاقتصادية اللبنانية، ليست بمنأى عن أي تقشف قد يتطلبه الوضع الاقتصادي، وقد كنا السباقين اليه منذ فترة، اقتناعاً منا بأن المال العام هو أمانة، وعلينا المحافظة عليه. اعتمدنا منذ نحو عامين سياسة مالية مدروسة تحدّد النفقات وفقاً للحاجات الضرورية فقط، رغم المتطلبات الكثيرة نتيجة التحديات الداخلية والإقليمية، والتي تفرض جهوزية عسكرية قصوى وما يرتبط بها من أمور لوجستية وإدارية وطبية. وأعدنا العام الماضي جزءاً من موازنة الجيش الى خزينة الدولة».
وأكد عون أننا «لن نتوقف عند تقييم النوايا أو محاسبتها، ولكن، ومنذ انطلاق مناقشة الموازنة التي بدت مجحفة بحق مؤسسة أقسم عسكريوها على الولاء للوطن والوفاء لقسمهم بالذود عنه، تكشفت نوايا استهداف طالت من هم في الخدمة الفعلية ومن تقاعدوا بعد أن قدّموا حياتهم خدمة لبزة الشرف والتضحية والوفاء». مضيفاً: «لم يترك للجيش خيار تحديد نفقاته، وباتت أرقام موازنته مباحة ومستباحة من قبل القاصي والداني، وعرضة للتحليلات والنقاشات، وكأن المقصود إقناع الرأي العام بأن الجيش يتحمل سبب المديونية العامة».
وتابع: «حتى أن توزيع مهام الجيش وتحديد الأفضلية في التدابير العسكرية أصبح مادة جدلية تتم مناقشتها على المنابر وفي الصالونات، علماً أن قيادة الجيش هي وحدها من تقرر ذلك، لا بل أكثر، فكل وحدات الجيش سواسية بالنسبة لها، لأن القتال يحتاج الى خدمة القتال، فجندي الحدود لا يمكنه تنفيذ مهمته بنجاح دون زميله في الطبابة واللوجستية والإدارة».
ولفت العماد عون الى «أن ما أنجزته المؤسسة العسكرية مؤخراً في محاربة الفساد والرشاوى والتدخلات في شؤونها الداخلية، وذلك برضى تام وتشجيع من قبل كل الأطراف والجهات السياسية، يجب تحصينه وحمايته واستثماره في خدمة لبنان ومستقبله. ولكن ما أفرزته الموازنة حتى الآن من منع التطويع بصفة جنود أو تلامذة ضباط ومنع التسريح، ينذر بانعكاسات سلبية على المؤسسة العسكرية بدءاً من ضرب هيكليتها وهرميتها، مروراً بالخلل في توازنات الترقيات وهو أمر مخالف لقانون الدفاع».
وحذر عون من «أن ما ذكر يؤسس لسلوك متعمد لتطويق المؤسسة العسكرية بهدف إضعافها وضرب معنويات ضباطها وجنودها ومنعهم من الحصول على أبسط حقوقهم. حقوق العسكريين ليست منّة من أحد، واستهداف معنوياتهم هو جريمة ليس فقط بحقهم إنما بحق الوطن. إن معنويات هؤلاء الأبطال، العاملين بصمت، أهم من أي راتب أو رتبة، وخدمة وطنهم هو شرف. لن تنال من عزيمتهم أي مواقف مسيئة ولن تثنيهم عن خدمة وطنهم أي حملات تحريضية».
واضاف: «عهد ووعد منا: لن نستكين. لن نرضى المسّ بحقوق ضباطنا وجنودنا، ولا بكرامتهم. كونوا على ثقة بأنه لن تثنينا محاولات إضعاف المؤسسة، من الضغط باتجاه استمرار المطالبة بحقوقنا».
بدورها رأت «رابطة قدماء القوى المسلحة»، في بيان، أن ما قاله قائد الجيش «صرخة مدوية يطلقها حامل أمانة الدفاع عن حدود الوطن وأمنه واستقراره، بعدما باتت أرقام موازنة الجيش مباحة مستباحة وكأن المقصود إقناع الرأي العام بأن الجيش يتحمل سبب المديونية العامة، على حد ما جاء في كلمة القائد».
وإذ أيدت كلمة العماد عون «بكل تفاصيلها ودقائقها»، أعلنت «باسم جميع العسكريين المتقاعدين أنها تقف وراءه وتشدّ على يده، وهي رهن إشارته في مسيرة الدفاع عن حقوق العسكريين في الخدمة الفعلية والمتقاعدين وعن معنوياتهم التي هي أغلى من أي راتب».