قمم قمم… والحصاد سخرية الأمم!
محمد ح. الحاج
قمم قمم، إبل على غنم! بالإذن من الشاعر مظفر النواب .
قمم ثلاث في أيام ثلاث، رقم يجب أن يدخل سجلات غينيس، الأمر غاية في الأهمية!
أصيبت أنابيب النفط فسال دمها الأسود على الرمال، الدم الأسود غال جداً، أثمن من أنهار الدماء الحمراء التي تسيل منذ سنوات طويلة لتروي تراب الأرض، طيران التحالف يمطر المدنيين في الشام والعراق وليبيا واليمن، تتفجر الأوردة والشرايين دماء غزيرة، لكنها حمراء بلا ثمن، وحدها الدماء السوداء والزرقاء لها أثمانها في البورصة العالمية، بني سعود من طاقم خدام البورصة.
طائرات صغيرة مسيّرة وحمولتها بسيطة ألحقت جروحاً وحروقاً بأوردة النفط ارتفع الآذان وتنادت القوى حي على الجهاد ، دعا السلطان هبل إلى قمم يحضرها العملاء والأدوات، الخطباء مبرمجون والكلمات مكتوبة حتى لا يتعبوا، المداولات مسبقة الصنع وكذا البيان الختامي، محور واحد لاهتمام وحيد يستهلك البنود الرئيسة العشرة، وفي ذيل آخرها تذكروا الاهتمام بفلسطين الموضوعة على منصة التصفية، وتذكير بقرارات قمم سابقة! – متى كان لقرارات قمم الأعراب وزن عند العدو؟ وحدها أصوات الانفجارات المرعبة بين المستوطنات ودخول الملاجئ لها وزن واعتبار.
بيان البنود العشرة تركّز على «الحوثي وصواريخه» لم يعد هناك يمن ولا دولة يمنية، ولا جيش يمني، اختزلوها فأصبح المقلب الآخر «شرعية عبد ربه منصور» يمن بني سعود وإمارات العار، أما الصواريخ البالستية فقد حملت خاتم إيران مقابل صواريخ بني سعود التي لم تعد أميركية ولا فرنسية ولا بريطانية بعد أن غسلوها ببول البعير وقرأ عليها شيوخ السلطنة آية التحويل والمباركة لتكون أعرابية نقية الحشوة لا يجوز القتال بمصنوعات الملحدين والكفرة و «المجوس»، أوساط الإماراتيين تقول إنّ الصواريخ الحوثية تحمل صور الرئيس بشار الأسد، إذاً من حق الجيش اليمني وليس الحوثيين وحدهم استخدامها والردّ على المعتدين.. هذا إذا لم يعتبروا الصناعة السورية كافرة ملحدة، قاسية هذه السخرية جدا!
«إجماع عربي أم أعرابي؟»
قرارات القمة الأعرابية صدرت بالإجماع! لكنه ليس إجماع عربي فقد غابت سورية وليبيا والجزائر واليمن وتحفظ العراق، هؤلاء هم صفوة العرب وليس الأعراب، وكان على الأردن المتضرّر من خطط الأعراب أن يتحفظ على الأقلّ وأيضاً الكويت ولبنان، لكنه المال الخليجي والعصا الأميركية، مصر ليس مسموحاً الاتكال على نفسها وإنتاجها بالتعاون مع السودان لإشباع شعبها، لهذا تفرض قيادتها على نفسها التسوّل والبقاء تحت سطوة وشروط المعونات التي يذهب الكثير منها إلى جيوب الفاسدين والمفسدين، العاملين على تدجين أغلبية الشعب والسيطرة عليه عنوة وقهراً، الشعور الوطني محكوم بالإعدام… من يجرؤ؟ إنها الفرادة في خدمة القرابة!
إجماع واسع النطاق على أنّ عمليات الأضرار بناقلات النفط وبعض بواخر الشحن في الخليج مسرحية فاشلة غير متقنة، وإذا كان بولتون يشير إلى إيران فالأمر عادي جداً مع سلسلة أكاذيب بولتون وشهرته فيها، في حرب الخليج قبل حوالي ثلاثة عقود، استولت البحرية الأميركية على الكثير من الألغام التي انتشرت في مياه الخليج، لكن الألغام لا تحمل الخاتم الإيراني، ربما قام بولتون وجماعته برفع البصمات فوجدوا أنها إيرانية، وإذ قدّموها لشركة أمنية مع مخطط العملية فقد أمكن لهم إلصاق التهمة بإيران غير المهتمة أصلاً باتهاماتهم، إيران أصبحت في عداد الدول المصنّعة للأسلحة ويمكنها أن تقدّم هدايا أو تبيع لمن تريد، روسيا وأميركا والكثير من دول الغرب لم يحظروا بيع الأسلحة المصنّعة في مستعمرة فلسطين، استطراداً القانون الدولي لا يستطيع المنع، الأخلاق وحدها تتحكّم بذلك تبعاً لاستخدام السلاح، أكان دفاعاً عن النفس كما في حالة سورية والمقاومات الفلسطينية واللبنانية واليمنية، أم عدواناً كما تفعل القوة الصهيونية وتركيا ودول التحالف في أماكن عديدة من العالم، هل الحرب السعودية المتحالفة مع كلّ المرتزقة هي دفاعية؟
اليمنيون «حوثيون وغيرهم» يمارسون حالة من الدفاع المشروع عن النفس، ونداء القمة الأعرابية الموجه إلى دول العالم للوقوف بوجه إيران و… «أدواتها» يبعث على السخرية والاستهجان، مشكلة هكذا دول، السعودية والإمارات والكيان الصهيوني، وحتى أميركا أنهم يتسلحون حتى التخمة، بعضهم بأنياب نووية، لكنهم يطالبون بتجريد العالم من السكين حتى لا يتعرّض بعضهم للجروح، هل بقي نوع من الأسلحة المدمّرة لم تحصل عليه السعودية، فلماذا تستغرب حصول اليمنيين على أبسطها مع الفارق الهائل في ميزان القوة، وتستنكر تطويرهم لأدواتهم الدفاعية، بل تستنجد عليهم بقوى العالم الكبرى!
الغالبية من ضباط القيادة السورية، قديماً وحالياً لم يستغربوا حصول السعودية ومن حولها على الأسلحة الحديثة المتطورة، كانوا يعلمون يقيناً أنها مشروطة وتحت المراقبة الدقيقة، وحديثاً فتحت أميركا أبواب تسليح مصر التي ترفع شعار.. لا حرب مع «إسرائيل» بعد مخيم داوود، التأكيد يأتي من جديد على لسان رئيس مصر موجهاً كلامه للصهاينة: نحن حريصون على أمنكم! وهو توجه بالرجاء أن تسمح الإذاعة الصهيونية ببث كلامه تكراراً، ولتذهب كلّ الحقوق إلى الجحيم، حتى ما جاء في اتفاقيات الاسطبل جرى مسحه، طبعاً ما يخصّ الحقوق الفلسطينية واستكمال عملية السلام مع بقية الدول! بعد السادات المقتول، تكفل مبارك ومرسي وأخيراً ابن مليكة بتنقية الاتفاقيات من كلّ البنود المزعجة لأخواله في تل أبيب.
القمة الخليجية صفحة المقدّمة في قمة العربان، فما مصير القمة الإسلامية، وهل خلوّ بيان القمة الأعرابية من أيّ نقد أو ذكر للعدوان التركي على كلّ من سورية والعراق وليبيا هو توطئة لكسب موقف تركي ومعه الدول الدائرة في الفلك ذاته على قاعدة التأييد والحشد ضدّ إيران؟ ولكن ماذا عن العلاقات التركية الإيرانية، والإيرانية الآسيوية لدول المحيط الإسلامية وحتى باكستان وأفغانستان رغم وقوعهم تحت الوصاية الأميركية، الأرجح أنّ ميزان العلاقات البينية لن يسمح بتحقيق أحلام بني سعود كاملة. لا تنسوا اندونيسيا وماليزيا.. القدس تعني لهم الكثير.
لن تقف نتائج القمم المنعقدة عند حدود الدول المعنية، هناك ترقب ومتابعة دولية واسعة النطاق يبدو أنّ الخليجي لم يضمّنها حساباته، أغلب المتابعين والمراقبين في دول العالم ينظرون إلى سطحية وضحالة المطالب الأعرابية بعين السخرية! القوة السعودية التي تتبجح بالقدرة على مسح إيران عن الخريطة، تستنجد العالم لمواجهة «الحوثيين»، الأفضل أن يقولوا إنهم يواجهون دولة اليمن وهذه يدعمها الكثير ممن يرفضون هيمنة بني سعود وغرورهم، وخدمتهم وعمالتهم الذليلة، مستهترين بالدماء الحمراء الطاهرة، همّهم حماية الدم الأسود الذي أفسد المنطقة والعالم.
وعدت صديقي بالمشاركة في نبش قبر محمد حسنين هيكل وإحراقه إنْ لم تتحقق نبوءته كاملة… اليمن سيهزم السعودية وستكون هزيمة مجلجلة.
اليمنيون مجتهدون، قرأوا النبوءة ويعملون على تحقيقها، لا يصدّق قادة السعودية أنّ اليمنيين يصنّعون صواريخهم وأنهم عباقرة… مرحبا بكم يهود الخزر… في ديار قرابتكم بنو قريظة وقينقاع فهم أصول عقيدتكم المستجدة.. بن مرخان هو المرحب…!