سجال التيارين الأزرق والبرتقالي يتصاعد… ويحجب الردود على نصرالله اليوم تفتتح «المال والموازنة» النقاشات النيابية… وبعد العيد يبدأ الجدّ

كتب المحرر السياسي

بينما كانت اليابان وسويسرا تعلنان رسمياً القيام بالوساطة بين واشنطن وطهران، كان الرئيس الأميركي دونالد ترامب يكرّر لغته الإيجابية تجاه القيادة الإيرانية، وتأكيد عدم وجود أيّ نية عدائية تجاه النظام في إيران، ولا النية بالذهاب إلى الحرب معتبراً قضايا الخلاف شؤوناً للتفاوض، مبدياً الاستعداد للحوار عندما ترغب إيران بذلك، وكان وزير خارجيته مايك بومبيو يعلن من سويسرا أنّ حكومته مستعدة للتفاوض مع إيران دون شروط مسبقة، وذلك بعدما كانت التصريحات الأميركية بما في ذلك تصريحات ترامب وبومبيو لوّحت بالحرب وبتغيير النظام والعداء للقيادة الإيرانية، ووضعت لائحة من إثني عشر شرطاً اعتبرت القبول بها شرطاً لأيّ حوار أو تفاوض، وجاء التعليق الإيراني على الكلام الأميركي على لسان الرئيس الشيخ حسن روحاني بالتشكيك بصدقية الدعوات الأميركية لأنّ من خرج من التفاوض هي واشنطن وليس طهران، ولأنّ من لا يتصرف كدولة تحترم المواثيق والتفاهمات والقانون الدولي والهيئات الدولية هي واشنطن وليس طهران.

مصادر إيرانية متابعة وصفت اللغة الأميركية الجديدة بمحاولة التهدئة سعياً لتجنيب سوق النفط المزيد من الإهتزازات بعدما تبيّنت محدودية القدرة الأميركية والخليجية في التعامل مع أحداث كالتي شهدتها المنشآت النفطية الخليجية في الأيام الماضية، وجاءت القمم التي شهدتها مكة خليجياً وعربياً وإسلامياً أقرب إلى المسرحية المدبّرة، بدأت الانسحابات من نتائجها المهرّبة بعيداً عن شراكة المدعوّين، وثبت انّ الحشود العسكرية الأميركية لا تستطيع التورّط في مواجهة قابلة للتطور تحت شعار تنفيذ وعودها وتهديداتها بإستهداف إيران إذا تعرّضت مصالح حلفاء واشنطن للإستهداف من قبل حلفاء إيران، وقالت المصادر انّ ما يجري هو توجيه رسائل لطمأنة زائفة كي تسترخي إيران فيما العقوبات مستمرة، ولذلك فإنّ الموقف الإيراني العلني والضمني الذي تبلغه الوسطاء هو عدم التعامل مع الأقوال بل مع الأفعال، والمقياس سيبقى بالنسبة لإيران في عودة واشنطن لمظلة القانون الدولي كحكم، وفي نيل إيران الحقوق التي قام على تثبيتها التفاهم النووي مقابل التزامات إيران النووية، وبخلاف ذلك فطهران تعتبر أن لا شيء يستحق التعليق.

في عواصم الخليج بدا القلق سيد الموقف من التصريحات الأميركية فحشدت الفضائيات الخليجية محللين وسياسيين لتفسير المواقف الأميركية وطمأنة الرأي العام الخليجي بأنّ واشنطن لم تتخلّ عن حلفائها الخليجيين ولن تذهب لصفقة من وراء ظهرهم مع إيران كما فعلت في التفاهم النووي في عهد الرئيس السابق باراك أوباما.

لبنانياً طغى السجال بين التيار الوطني الحر وتيار المستقبل، بمشاركة قادة التيارين ووزرائهما على المشهد السياسي الداخلي، على خلفية كلام الوزير جبران باسيل حول المارونية السياسية والسنية السياسية، واستمراراً لتداعيات حكم المحكمة العسكرية في قضية المقدم سوزان الحاج، وتولت قناة تلفزيون المستقبل تناول مواقف باسيل، وكذلك فعلت وزيرة الداخلية ريا الحسن، باتهامه بتوتير الأجواء، بينما تولى الأمين العام لتيار المستقبل الردّ على كلام وزير الدفاع الياس بوصعب في قضية المحكمة العسكرية، لكن البارز كان كلام باسيل عن مدير عام قوى الأمن الداخلي وترخيص الكسارات وردّ المستقبل بالتساؤل عن نصيب التيار الوطني الحر والوزير باسيل من هذه التراخيص، ورغم محاولات داخلية وخارجية لاستصراح شخصيات للتعليق على كلام الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في يوم القدس العالمي بقي سجال التيارين الأزرق والبرتقالي طاغياً. في شأن الموازنة ومناقشاتها النيابية يرتقب افتتاح النقاش اليوم في لجنة المال والموازنة بكلمة لوزير المال يقدّم خلالها فذلكة الموازنة، فيما توقعت مصادر في اللجنة أن تبدأ المناقشات الفعلية بعد عطلة عيد الفطر.

لم يعلّق رئيس الحكومة سعد الحريري شخصياً على كلام وزير الخارجية جبران باسيل، وإذا كانت الردود قد أتت من بعض وزراء ونواب تيار المستقبل، فان الرئيس الحريري قرر أمس، الدخول على خط الردّ المركزي المنضبط من خلال منسق عام تيار المستقبل أحمد الحريري ومن خلال مقدمة قناة المستقبل التي فتحت هجوماً على الوزير باسيل، معتبرة أن اسلوبه في مخاطبة اللبنانيين قد يأتيه ببعض المصفّقين من الأنصار، لكنه بالتأكيد يستدعي حالات من التذمر لدى قطاعات واسعة من الناس ، وهناك مَن يعتبر أنه صار عبئاً على العهد، ويضع رئاسة الجمهورية في مواجهة العديد من المكونات السياسية .

وشدّدت مصادر نيابية في تيار المستقبل لـ«البناء» على أن ما قام به باسيل لا يعني سوى الخروج عن التسوية وقواعد الاستقرار، مشدّدة على أن تيار المستقبل لن يقف مكتوف الأيدي أمام ما يجري من تجاوزات وتخطٍّ للخطوط الحمر من قبل التيار الوطني الحر ورئيسه، وكان الأخير يريد أن ينسف الاستقرار وكل ما يقوم به الرئيس سعد الحريري. واعتبرت المصادر أن التعويل يبقى على الرئيس ميشال عون لوضع حد لتجاوزات الوزير باسيل التي من شأنها ان تضرب العهد قبل اي أحد آخر، لافتة الى ان الطموحات الشخصية لا بد أن تقف عند حدود المصلحة الوطنية.

في المقابل، حاول وزير الخارجية أمس، ومن الشياح تفسير مواقفه مؤكداً عدم رغبته بالعودة إلى المارونية السياسية، قائلاً: «البلد لن يقوم عليها ولا على السنية السياسية ولا على الشيعية السياسية». وقال خلال لقاء شعبي في مجمع الشياح: «نحنا نتحدث بالميثاقية ونجاهر بها وحققنا بها شراكة واستعدنا حقوقًا». وأضاف أمامنا «عصفورية» جنّت ولا يمكنهم أن يبتزونا بشيء وسنقوم بمشكلة مع كل من يحاول مد يده علينا وعلى البلد، وكلما تكاثروا سنكون أكثر وكلما صاروا أقوياء سنكون اقوى». ولفت رئيس التيار الوطني الحرّ إلى أنّه لم يتحدث يومًا عن تغيير المدير العام لقوى الأمن الداخلي، مؤكّدًا في الوقت عينه أنّه لا يحق لأحد أن يكون أعلى من رئيس الحكومة، ولا يقبل أن يُمارَس عليهم التهويل. وأوضح أنّ دور رئيس الحكومة ورئيس الجمهورية هو كشف الفساد وليس تغطيته، مشدّدًا على أنّ التيار الوطني الحرّ سيُبرهن أنّه لن يغطي فاسدًا.

وفي السياق نفسه، شددت مصادر لبنان القوي لـ«البناء» أن التسوية السياسية مع الرئيس الحريري صامدة ولا أحد يريد القضاء عليها، فالتباينات والخلافات لا تفسد في الود قضية بين تيار المستقبل والتيار الوطني الحر، معتبرة أن الخلاف مع المدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء عماد عثمان، ليس شخصياً ولا يجوز وضعه في خانة الخلافات الطائفية. فالتيار الوطني الحر لديه علامات استفهام حول أداء اللواء عثمان وملف رخص الآبار الارتوازية. فهذا الامر يجب ان يكون في عهدة وزارة الطاقة والمياه. فهذا الملف يجب ان يوضع على طاولة البحث بعيداً عن تأويل من هنا وتأويل من هناك. واعتبر ان هناك حملة كبيرة تشن على الوزير باسيل من قبل المتضررين من حملة مكافحة ومحاربة الفساد الا ان ذلك لن يثنينا عن مواصلة طريق الاصلاح ومحاسبة الفاسدين من أي فريق كانوا.

وتعليقاً على خطوة القاضي هاني حجار، لفتت المصادر نفسها إلى ضرورة معرفة الأسباب الموجبة التي دفعت القاضي حجار لطلب نقله من النيابة العامة العسكرية وبناء على ذلك فإن المعنيين سيأخذون القرار المناسب، مشيرة في الوقت عينه الى أن الامور دستورياً وقضائياً كانت تفترض ان يلجأ القاضي المذكور الى وزارة العدل بدل اللجوء الى الرئيس سعد الحريري.

على الخط نفسه استمرت يومي السبت والاحد حملة الردود والردود المضادة بين وزير الدفاع الوطني الياس بو صعب والأمين العام لتيار المستقبل أحمد الحريري. ونشر بوصعب، عبر «تويتر» فيديو للحريري مسرّب من زيارته الانتخابية لمفتي راشيا السابق الشيخ بسام الطراس في البقاع، وهو المشتبه به في تفجير معمل كسارة في زحلة، بحسب الفيديو. ويكشف الفيديو اتصالاً هاتفياً قام به الحريري برفقة معاون مفوض الحكومة القاضي هاني حلمي الحجار للتوسط لإنهاء ملف الشيخ الطراس خلال جلسة محاكمته. وكتب بوصعب: «لسانك حصانك منتهية». ليردّ الحريري من جهته، بنشر فيديو آخر عبر «تويتر» نقلاً عن شاشة الـOTV يبرز توقيف الطراس في مبنى فرع المعلومات للتحقيق معه بناء لإشارة القاضي الحجار. وكتب الحريري رداً على بوصعب: «معالي وزير الدفاع.. ليت القضاة الذين تدافع عنهم يملكون جرأة القاضي هاني الحجار تجاهنا وتجاه غيرنا.. «إن هنته هانك».. منتهية».

إلى ذلك، تبدأ اليوم لجنة المال والموازنة منُاقشة مشروع موازنة 2019 في جلسة تعقدها في المجلس النيابي، برئاسة النائب إبراهيم كنعان، وحضور وزير المال علي حسن خليل، تمهيداً لعرضه على الهيئة العامة لمجلس النواب. ورجحت مصادر نيابية لـ«البناء» أن تشهد جلسة اليوم شرحاً من وزير المال لسياسة الموازنة وفذلكتها على ان يبدأ العمل الجدي بعد الأعياد في جلسات ستكون يومية، معتبرة ان النقاشات ستكون جدية تمهيداً لجلسات الهيئة العامة، فهناك الكثير من البنود التي تفترض التعديل كضريبة الـ2 في المئة التي يفترض ان تلغى في الجلسة العامة خاصة أنها تحظى برفض من قوى سياسية اساسية لأنها تمسّ على وجه الخصوص الطبقة الفقيرة والمتوسطة بعيداً عن أي دراسة علمية.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى