طارق خوري: هي أخطر بكثير من احتلال فلسطين وقيام الكيان الصهيوني وما يحصل هو تثبيت لهذا الكيان بإرادة سياسية رسمية عربية

اعتبر عضو مجلس النواب الأردني طارق سامي خوري «أنّ صفقة القرن أخطر بكثير من احتلال فلسطين عام 1948 وقيام الكيان الصهيوني قبل 70 سنة لأنّ ما يحصل هو تثبيت لهذا الكيان بإرادة سياسية رسمية عربية».

واعتبر خوري خلال محاضرة في بيت الثقافة والفنون في عمّان أنّ على الأردن «إعادة النظر في الكثير من السياسات الخارجية والداخلية وأن يكون أقلّ تبعية لدول الخليج التي دعمت الصفقة على حساب الكيان الأردني ومصالحه».

كما دعا إلى «إنهاء الخلافات الداخلية بين الأطراف الفلسطينية ومراجعة سياسات السلطة تجاه الكيان الصهيوني».

ورأى خوري «أنّ الواقع الراهن للأمة، على كافة الصعد، يجعلها خارج دائرة الفعل والقرار بسبب الجهل والتبعية والتخلف الذي أدّى إلى اقتتالنا على السماء دون الأرض ونتيجة لذلك سيطرت على مجتمعاتنا النزعات الطائفية والمذهبية، ما فاقم من الخسائر في الأرواح والثروات والبنى التحتية والممتلكات، والأهمّ من كلّ ذلك تمزيق الأمة وشرذمتها وانحطاطها، وفي الوقت ذاته، نجد أنّ أميركا وربيبتها في المنطقة، وبقوتهما الاقتصادية والعسكرية تخططان وتبرمجان ولديهما بدائل دائمة لخططهما في حال تعرقلت خطة بفعل صمود هنا أو بفعل ثوري هناك».

وقال خوري: «واهم من يعتقد للحظة واحدة أنّ أميركا دولة محايدة أو وسيط، فما بالك وبعض العربان يصفونها بالوسيط النزيه، إنّ أميركا دولة منحازة بالمطلق للكيان الصهيوني وداعمة له وهي، بحكم امتلاكها لحق النقض الفيتو في مجلس الأمن تقوم بتجيير كلّ القرارات الدولية لخدمة هذا الكيان».

أضاف: «ما تريده أميركا قابل للتنفيذ بحكم العمالة والخوف على الكرسي والزعامة والضعف أحياناً، وإذا تمنّع أحدهم فإنّ التلويح بالعصا أو باستخدام القوة العسكرية البلطجة حاضر. ومجرد أن يكون كوشنر الصهيوني العنصري واليهودي المتطرف عرّاباً لصفقة القرن صفقة إنهاء فلسطين عن الوجود كوسيط كما يحلو له وللبعض توصيفه، فهذا في حدّ ذاته إمعان في الإذلال والهوان الذي وصل إليه العرب، وبالرغم من ذلك فإنّ الحظّ لن يحالفه لأنه يجهل قوانين الصراع في المنطقة، اعتماداً على تاريخها خصوصاً في فلسطين المحتلة».

الوصاية الهاشمية

وتابع: «إنّ ما كشفه كوشنر يعتبر الجزء الأول مما يسمّى «صفقة القرن» أو «خطة ترامب للسلام» في البحرين أواخر الشهر الحالي، ولم يخلُ الأمر من التهديد المباشر للحكم الهاشمي في الأردن عبر التهديد بسحب الوصاية الدينية التاريخية للهاشمين على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، وما نقل السفارة الأميركية إلا رسالة بهذا الاتجاه رغم أنّ احتلال القدس، بالنسبة إليّ، هو كاحتلال أيّ قرية فلسطينية أخرى منسية ولذلك نحن مع تحرير كامل التراب الفلسطيني وصراعنا مع العدو صراع وجود، وللتنويه فإنّ الوصاية الهاشمية ليست تلك الوصاية المنصوص عليها في اتفاقية وادي عربة المذلة الباطلة، بل إنّ هذه الوصاية لها جذور تاريخية ضاربة في أعماق التاريخ وإنّ بني هاشم معنيون بالدفاع عن مهامهم ومسؤولياتهم الدينية والتاريخية».

ولفت إلى «أنّ البعض يعتقد أنّ الدول والشعوب المؤثرة في ما يخصّ مصير المنطقة هي تلك الدول الخليجية ذات الإمكانيات النفطية والاقتصادية، ولكن في الحقيقة والواقع إنّ الأردن وفلسطين برغم حالة الضعف وتردّي الأوضاع الاقتصادية فإنها هي من تقرّر مصير المنطقة بحكم الحقّ التاريخي وتمرُّس الشعب على مقاومة المحتلّ وإنّ دول الخليج العربي بالرغم من إمكانياتها الاقتصادية الضخمة والثروة النفطية لن يكون لها أدنى تأثير لأنها لا تحظى بأيّ قوة على الأرض وليس لها الاحترام الكافي الذي يؤهّلها لقيادة الشارع العربي نحو ما هو إيجابي، فما بالكم وهي تحاول بيع فلسطين ومقدساتها ومصير أمتها وكرامة شعبها»؟

لإلغاء اتفاقيات الذلّ والعار

واعتبر «أنّ صفقة القرن أخطر بكثير من احتلال فلسطين عام 1948 وقيام الكيان الصهيوني قبل 70 سنة، لأنّ ما يحصل هو تثبيت لهذا الكيان بإرادة سياسية رسمية عربية»، لافتاً إلى «أنّ الكيان الصهيوني يعوّل على صفقة القرن بأن تحقق له الاستقرار، لأول مرة، وهذه النظرية، إلى حدّ ما، ستحقق له ذلك بحكم الانفتاح وعمليات التطبيع مع دول الخليج، ولذلك فإنّ المطلوب مواجهة هذا المشروع بأيّ ثمن من خلال المقاومة المستمرة واستنزاف العدو على طريق وخطى الشهداء الأبطال عمر أبو ليلى وأشرف نعالوة وباسل الأعرج وغيرهم لإبقاء الاحتلال في حالة استنفار وعدم تمكينه من الاستقرار، كما أنّ ذلك لا يعفينا ولا يعفي أبناء أمتنا من اتخاذ خطوات شعبية لمجابهة التطبيع ودعم المقاومة وإجبار حكومات الأردن ومصر والسلطة الفلسطينية على إلغاء اتفاقيات كامب ديفيد وأوسلو ووادي عربة التي لم تجلب لشعوب المنطقة إلا الذلّ والعار».

وأعرب خوري عن أسفه «لأنّ حكومات الدول التي وقّعت اتفاقيات الذلّ والعار والدول العربية التي ترتبط بعلاقات وثيقة مع الولايات المتحدة الأميركية ومنها دول الخليج حاولت تسويق ثقافة الاستسلام وأصبحت تتصرّف على أساس أنّ إرداة أميركا وقرارها قدر لا يُردّ وغاب عنها أنّ إرادة الشعوب إذا فعلت تبقى هي الأقوى، كما غاب عن حكومات الدول العربية أنّ مساعي كثيرة لطمس جريمة اغتصاب فلسطين خلال الأعوام السبعين الماضية لم تنجح في تحقيق المُراد وبقيت القضية الفلسطينية عند أحرار العالم القضية المركزية الأولى».

وقال: «اليوم ومنذ تسلّم ترامب كرسي الرئاسة يتصاعد الحديث عن تصفية القضية الفلسطينية عبر عنوان «صفقة القرن» بما يلي:

ـ القدس وإعلانها عاصمة الكيان الصهيوني.

ـ إسقاط صفة المحتلّ عن كلّ الأراضي التي يحتلها الكيان الصهيوني كالجولان واعتبارها جزءاً منه.

ـ إسقاط مصطلح لاجئ فلسطيني من التداول وبالتالي إسقاط حق العودة .

ـ تزايد بناء المغتصبات.

ـ إغلاق مكتب منظمة التحرير في واشنطن.

ـ العمل جارٍ على تقليص خدمات «أونروا» وصولاً إلى إنهاء الوكالة كشاهد حيّ على التطهير العرقي الذي مارسه الصهاينة ضدّ الشعب الفلسطيني الأعزل.

ـ وقف المساعدات التي تتلقاها السلطة الفلسطينية، خاصة في ما يتعلق بدعم المستشفيات في القدس المحتلة. ويعمل على كلّ هذا أميركا والكيان الصهيوني وبعض أنظمة العرب الرسمية».

وفي المقابل، أكد خوري «أنّ هناك كتلة كبرى مقاومة لهذة الصفقة تستطيع إسقاطها وهذة الكتلة تعمل على تهيئة بيئة مؤاتية لتحقيق هذا الهدف».

وذكر خوري جملة أمور تؤكد قوة احتمال إسقاط الصفقة وهي:

ـ الإجماع الفلسطيني المُحكم والشامل على رفض التنازل عن الحقوق الوطنية في فلسطين.

ـ رفض دولي وإقليمي للصفقة حلّ الدولتين .

ـ تغيُّر قوة أميركا في مجلس الأمن بوجود الفيتو الروسي والصيني.

ـ مجموعة من الدول تردّد أنها لا تقبل بما يرفضه الفلسطينيون.

ـ الوهن والضعف في بنية أطراف الصفقة الثلاثي ترامب، نتنياهو، محمد بن سلمان

ـ عجز معسكر العدوان على سورية عن تحييد سورية عن الهمّ الإقليمي.

ـ اشتداد التماسك في محور المقاومة وتنامي قدراته العسكرية والسياسية.

ـ إحجام مصري أردني عن منح التسهيلات التنفيذية التى تتطلبها الصفقة لأنّها ترتّب عليهم أعباء، فبموجب الصفقة على مصر أن تعطي أرضاً في سيناء وعلى الأردن أن يفتح باب التوطين لمليوني فلسطيني الوطن البديل وبالتأكيد هذا مرفوض من مصر والأردن.

ـ الإطار العام لصفقة القرن وجوهرها مصالح الكيان الصهيوني فقط وهي لا تكترث لمصالح الفلسطينيين وحقوقهم.

ـ جوهر خطة ترامب قائم على إلغاء قرارت مجلس الأمن الدولي وقرارت الأمم المتحدة.

ـ الجيل الفلسطيني الجديد المنتفض الثوري الشجاع الجريء الذي لا يهاب المواجهة حتى الاستشهاد.

وختم خوري محاضرته بأنّ على الأردن «إعادة النظر في الكثير من السياسات الخارجية والداخلية وأن يكون أقلّ تبعية لدول الخليج التي دعمت الصفقة على حساب الكيان الأردني ومصالحه».

أما على الصعيد الفلسطيني، فرأى خوري أنه يجب «إنهاء الخلافات الداخلية بين الأطراف الفلسطينية ومراجعة سياسات السلطة تجاه الكيان الصهيوني».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى