لم يحدث قبلك

لم يحدث قبلك أن دعتني الأشجار لمراقصتها ولم تشاركني يوماً حزنها وصمتها الأزلي لا يزال ضجيج احتراقها اليوم يساكن رئتيّ.. ولم يحدث أن غفت كل تلك المياه على صدري زرقاء جداً بل أشدّ زرقةً من لهفة أصابعك لمواضع وجعي.. ولا سبحت آلاف الأسماك المضيئة مبتهجة والتفّت منتشيةً حول خاصرتي.. لم يحدث أيضاً أن تتحداك هواجس الليل فتشنق اسمك لتتطاير من جوفي أسرابٌ من الفراشات وتتوالد صغار العصافير على راحة كفي.. لم تمطر قبلاً غيومي الحبلى بك حمماً وزوابع من نار.. ولم ينتشِ الورد الغافي في أصيصه بزوبعةٍ ولم تغدُ أشواكه اللعينة هشةً وحمقاء حمقاء جداً كقلبي!! لم تقترف أبداً كل تلك الخيول التي تتزاحم في دمي صهيل حريتها على أرض جدباء كجلدك!! أخبرني الآن!! أخبرني مَن ينقذ امرأةً مسكونةً بالشعر مثلي تمتطي شهوة أوراقها في الخامسة فجراً؟؟!! مَن يدفع جزية تلك الوحوش التي لا تستيقظ إلا لتسخر من وحدتي؟؟ ومَن يحتوي أصابع امرأةٍ مسمومةٍ بكراسات النبيذ المولود من بين شفتيك..؟؟ هل تعلم يا حبيبي أن مخيلتي شيطانٌ آخر يمكنه أن يجعلك تتذوّق ملوحة غيابك المنتشرة في الهواء!! ومِن ثم يحملك على جناحي طائرٍ خرافيٍ لتشعر بخفة روحك الطافية على وجه السحاب فتقطف كرزاً من غيمٍ أسود محملٍ بذاكرة اليباس.. ومن ثم تركض وتركض على ثغر المسافة فتضحك عالياً لجنونك السماء..

ريم بندك

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى