شراكة حزب الله و«المستقبل» المقبلة أقوى من أيّ وقت مضى
روزانا رمّال
اذا كان الرئيس نبيه برّي يريد فصل الحوار بين حزب الله وتيار المستقبل عن مسار القضايا الإقليمية الكبرى كما صرح احد نواب كتلته، فإنّ رئيس المجلس القارئ الجيد لما جرى في فيينا، ومعه اللبنانيون، لا يمكنهم اعتبار انّ فك عقد اللقاء بين حزب الله و«المستقبل» نتيجة حكمة وإلهام أو قرار أحادي من تيار المستقبل، الذي ارتأى من خلالها اعتبار ان لا مناصّ من الحوار وان مصلحة لبنان لا تكمن الا فيه، وذلك بعد اربع سنوات من عمر الأزمة السورية التي أساءت إلى العلاقة بين الطرفين.
بعد فيينا تحمل الدول الإقليمية الفاعلة خلاصتها وتنصرف الى مراكز القرار فيها لدراستها كـ«إسرائيل» وتركيا والسعودية وقطر، فتأخذ كلّ دولة الشق الذي يهمّها منها، وما يمكن ان يؤثر على موقعها ومواقفها وسياساتها، او ما يمكن ان تعتبره تلك الدول «رسالة» موجهة إليها من فيينا، وبعد دراسة معمّقة والاطلاع على تصريحات الرؤساء الثلاثة أوباما وبوتين وروحاني عقب جولة المفاوضات، يستخلصون أمراً واحداً.
رئيس مجلس النواب اللبناني يلفت زواره الى إشارات إيجابية في شأن الاستحقاق الرئاسي داخلياً وخارجياً، داعياً إلى متابعة مسار المفاوضات الجارية في شأن الملف النووي الإيراني في فيينا، وكذلك فإنّ اللبنانيين أنفسهم ليسوا بحاجة دائماً الى ايّ مؤشر خارجي لكي يتحاوروا، والذي ربط الملف الرئاسي في لبنان بما يجري في فيينا، يمكنه ربط الملف أيضاً بمفاوضات حزب الله وتيار المستقبل، حسب النائب المعني او ربما أراد بري القول ان الامل دائما موجود.
لا يمكن لهذه الرغبة بإنجاح حوار بين فصيلين رئيسيين في البلاد ان يأخذ بري على عاتقه الشروع في تقريب وجهات النظر والتقريب او الوساطة، وتحمّل أيّ فشل فيها، وهو يعرف ان اي خيبة امل ستزيد الوضع صعوبة، خصوصاً أنّ هاتين الكتلتين تحديداً هما الأكثر تأثيراً وحسماً في مسار الحياة السياسية اللبنانية، لأنهما تتصدران واجهة الحلفين المتقابلين في فريقي 8 اذار و 14 آذار.
وفي المحصّلة كنا قد ذكرنا منذ لقاء الفيصل – ظريف الأول أنّ أولى بوادر اقتراب اللقاء بين السيد حسن نصرالله والرئيس سعد الحريري تلوح في الأفق لتتبعها مؤشرات داخلية أقوى بكثير من الشكوك المرافقة للقاء، والمعلومات المتضاربة حينها، وها هو الرئيس بري جاهز للزرع والقطاف كالعادة، فمن السذاجة مثلاً الاعتقاد بأنّ التمديد لمجلس النواب والتوافق بين حزب الله وتيار المستقبل ليسا مرتبطين بما يجري دولياً، وليسا مؤشرين أساسيين على انّ التقارب بين السعودية وايران بات اقرب من اي وقت مضى، وان الفريقين على يقين بأن الخلاف مع سورية شيء وخطر «داعش» على المنطقة وعلى السعودية تحديداً شيء آخر، وانه حان الوقت لتذليل العقبات، هذا طبعاً اذا أرادت السعودية ان تترجم محادثات فيينا والتقدم فيها خريطة الطريق الجديدة والتي على ما يبدو تسلّمتها الرياض على هذا الاساس.
مبادرة رئيس المجلس النيابي نبيه بري بشأن الحوار بين تيار المستقبل وحزب الله بدأت تأخذ مسارها الصحيح بجدول أعمال من دون شروط استباقية.
اليوم واكثر من اي وقت مضى فإنّ شراكة حزب الله وتيار المستقبل على قيادة مفاصل البلد ستكون أنجح وأقوى وأكثر من اي وقت مضى، فلبنان واحد من اصل الملفات الفرعية المتأثرة تلقائياً بسلة المفاوضات التي ترأسها الملف النووي الايراني، وصولاً الى مبادرة دي ميستورا في سورية والوضع في العراق ومستقبل خطة مكافحة الارهاب في المنطقة.
«توب نيوز»