مسرحية «ثلاث حكايا»… فرجة مسرحية كوميدية تراجيدية على مسرح الحمراء أيمن زيدان: المسرحية تعبير واضح وصريح في المرافعة عن البسطاء بكادر كوميدي تراجيدي

لورا محمود

عندما تذهب إلى المسرح لتشاهد «فرجة» مسرحيّة ممزوجة بالكوميديا الصادقة والوجع القريب من واقعك ويومك هذا يعني أن المسرح تحوّل إلى حاجة تغذّي الروح والبصر والسمع أيضاً، كيف لا ومَن يعمل بهذا الفنّ الصعب هو امتياز واستثناء يحمل عقلية إبداعية ابتكارية متجدّدة يصل بأسلوبه إلى قلب كل الجمهور المتلقي بكوميديا مضحكة وتراجيديا مبكية بقالب من البهجة والحسرة في آن واحد، بنص محبوك حبكة جيدة تربط حكايا العمل ببعضها وحواراً يتميّز بالنكتة المعبّرة عن حالات إنسانية من الواقع السوري وشخوصاً أيضاً واقعية تنبع من صميم الواقع الاجتماعي ومعاناة الإنسان وهمومه ومشاكله بعيداً عن التكرار والملل، فلا الكوميدي مبالغ فيه لمجرد الضحك ولا التراجيدي الحاضر الأكبر لدرجة العرض الكئيب هو عرض مسرحي متكامل بعنوان «3 حكايا» على مسرح الحمراء بدمشق من إخراج الفنان الكبير أيمن زيدان ومن إعداده بالتعاون من الكاتب محمود الجعفوري عن نصّ للكاتب والمخرج المسرحي الأرجنتيني أوزوالدو دراكون.

وفي تصريح لـ»البناء» قال مخرج العرض المسرحي «3 حكايا» الفنان والمخرج أيمن زيدان: النصّ للكاتب الأرجنتيني أوزوالدو دراكون أعدنا صياغته بالتعاون مع الكاتب محمود الجعفوري لنحوّله إلى ما يشبه المرافعة عن الناس البسطاء والدفاع عن هؤلاء الذين تسحلهم الحياة وتضطرهم الظروف القاسية إلى أن نجدهم في وضعيات لا إنسانية. وقد حاولنا أن نقدّم هذا كلّه في إطار مسرحي فرجوي نستخدم فيه تقريباً معظم عناصر المسرح. فمن الممكن أن تكون الرسالة أكثر تأثيراً إذا تمازجت مع الجانب الكوميدي الموجع في الصميم.

وعن فكرة أن يكون النصّ سورياً أو غير سوري قال زيدان: هذه الفكرة ليست دقيقة. المهم هو أن يكون العرض يلامس المتلقي أم لا، فكثير من الأحيان ممكن أن يكون شكسبير سوري أكثر من أي كاتب سوري كتب نصّاً متواضع المستوى، وأعتقد انه آن الأوان ان نخرج من هذه الدوامة الضيقة ونحاكم العرض. فالمسرح هو عرض وليس نصّاً أدبياً. هذا العرض قد يكون كما قلت لشكسبير ويكون سورياً بالفعل فليست جنسية الكاتب هي التي تسميه سورياً بل طبيعة المادة المطروحة والوجع المطروح وطريقة التنافر.

ونوه زيدان بأن هذا النوع من العروض المسرحيات صعب جداً. يحتاج لممثلين مسكونين بشغف المسرح وحبّه، فهناك كم من الجهد الهائل وهناك استخدام للدمى وتشخيص وشخصيات مختلفة، وكل هذا يتطلب ممثلين مسكونين بحب المسرح، لذلك تمّ اختيار مجموعة لديهم هذا الشغف لندافع عن بعضنا ومعاً عن هذا العرض.

وأضاف زيدان: إن سبب استخدام القناع والدمى في المسرحية، لأنهم أجزاء من الحياة وليست ثمة رسائل أريد إيصالها من خلالهم، بل هو شكل فرجوي، فهناك شخصيات تحمل مجموعة أنماط سواء الممرضة، الطبيب، رجل الأمن. وهذه الأنماط تشكّل حالة عامة ومنتشرة إضافةً إلى أن الدمى تحقّق حالة من الفرجة والإدهاش وحالة من الفصل وتتيح أحياناً فرصة للتأمل.

والتقت «البناء» مع أبطال العمل المسرحي الخمسة الذين تحدثوا عن تجربتهم مع المخرج أيمن زيدان وأدوارهم في المسرحية:

الممثل حازم زيدان قال: ثمّة ثلاث حكايا لثلاث شخصيات، ولكنها ليست السمة العامة للعرض. السمة العامة أن هناك مجموعة كبيرة وهائلة من الشخصيات يلعبها جميع ممثلي المسرحية لها أسلوب خاص، فهي ليست ثلاث حكايا منفصلة وحدها هي فرقة مسرحية جوالة تقرّر أن تقوم بتقديم وتشخيص ثلاث حكايا مختلفة بأسلوب وإطار واحد.

وأضاف زيدان: شخصيتي في هذه المسرحية مختلفة عن غيرها من الشخصيات، فأنا ألعب أكثر من شخصية واحدة أدخل وألعب دوراً وأخرج لأداء دور آخر. وهكذا لذا هو دور مختلف جداً. ونحن في المسرحية نقوم بدور المهرّجين المشخّصين نمزج بين التراجيديا والكوميديا. فهناك لحظات تراجيدية تارةً ولحظات كوميدية تارةً أخرى. وهذا المقصود بالمزج بين التراجيدي والكوميدي.

وبدورها الممثلة لمى بدور تحدّثت عن دورها الذي لا يحمل الكثير من الكوميديا، فهي تقوم بدور الزوجة، وقالت: هناك ثلاث قصص موجعة والكوميديا داخلة في المفاصل بين الحكايات الثلاث. فأنا حاملة للجانب الوجداني في المسرحية أكثر من الجانب الكوميدي.

وعن تجربتها مع الفنان أيمن زيدان أشارت بدور أن هناك الكثير من الدفء والحقيقة في العمل معه، وقالت: فنحن نلامس هذا الإنسان بكل تاريخه الكبير، وهناك حالة من الدهشة بدرجة خبرته وقدرته على إيجاد الحلول والاقتراحات. وهذا شي يعبّئ الروح ويدفئها.

أما الممثل قصي قدسية فدوره الأساسي في هذا العرض هو اللوحة الأولى وهي لوحة البائع الذي هو بالأصل عامل فقير يتحوّل لبائع نتيجة ضغط الحياة الاقتصادية والفقر وله حكاية تراجيدية في المسرحية، وهي ألم الأسنان الذي يعاني منه ويذهب إلى أكثر من طبيب ولا يستطيع تحمل نفقات العلاج إلى أن يموت هذا البائع بمشهد تراجيدي حقيقيّ، إضافةً إلى مجموعة الشخصيات التي يقوم بها في هذا العرض المسرحي.

وقال الفنان خوشناف ظاظا: مسرحية «ثلاث حكايا» عرض مميّز ومغاير عن العروض الأخرى. وهذه مشاركتي الخامسة مع المبدع أيمن زيدان وأنا أقوم بمجموعة شخصيات في الحكايا الثلاث تختلف من شخصية إلى أخرى.

أما الفنان مازن عباس فتحدث عن تجربته وقال: تجربتي مع الأستاذ أيمن مقصودة ومشغول عليها من قبلي وبالسنوات الأخيرة وبعد انحطاط النفوس والفنّ كان لا بدّ أن أعود إلى النقطة التي تشبه الهواجس التي كنتُ أحلم بها عندما كنتُ في المعهد العالي للفنون المسرحية.

يذكر أن الكاتب أوزوالدو داركون ولد في مستعمرة كولونيا بيرو في مقاطعة «إنتري ريوس» في الارجنتين، ثم انتقلت عائلته للعيش في بونيس أيرس في عام 1953 ترك دراغون دراسته الجامعية سعياً لإرواء شغفه في المسرح. فانضمّ إلى مسرح فاري موتشو سنة 1956، حيث عرض عمله الاول «الطاعون القادم من ميلوس»، ثم واصل تأليف أعمال جدليّة لمسرح فاري موتشو ومن بينها ثلاثيتة المسرحية العبثية «قصص تروى» والتي تتضمّن «ضربة شمس» و«حكاية صديقنا بانشو» و«قصة الرجل الذي صار كلباً»عمل على الاخراج المسرحي في كثير من بلدان أميركا اللاتينية وفي الولايات المتحدة دأب على كتابة أعمال ذات طابع سياسي ونال جائزة دار الأميركيتين عام 1962.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى